ورع كالكف عن محارم الله ، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله عزوجل ، يا بني العقل خليل المرء ، والحلم وزيره ، والرفق والده ، والصبر من خير جنوده.
يا بني إنه لا بد للعاقل من أن ينظر في شأنه ، فليحفظ لسانه ، وليعرف أهل زمانه.
يا بني إن من البلاء الفاقة ، وأشد من ذلك مرض البدن ، وأشد من ذلك مرض القلب ، وإن من النعم سعة المال ، وأفضل من ذلك سعة البدن ، وأفضل من ذلك تقوى القلوب.
يا بني للمؤمن ثلاث ساعات ، ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلوفيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل ، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث (١) : مرمة لمعاش ، أو خطوة لمعاد ، أولذة في غير محرم.
٢٩ ـ ما : (٢) عن المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم أبى علي قال : حدثني عم أبي الحسين بن موسى ، عن أبيه ، عن موسى عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : أن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وإن كان محسنا ولا يمسى إلا خائفا وإن كان محسنا ، لانه بين أمرين : بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به ، وبين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات.
ألا وقولوا خيرا تعرفوا به ، واعلموا به تكونوا من أهله ، صلوا أرحامكم وإن قطعوكم ، وعودوا بالفضل على من حرمكم ، وأدوا الامانة إلى من ائتمنكم ، وأوفوا بعهد من عاهدتم ، وإذا حكمتم فاعدلوا.
٣٠ ـ ما : (٣) روي أن أمير المؤمنين عليهالسلام خرج ذات ليلة من المسجد وكانت ليلة قمراء فأم الجبانة (٤) ولحقه جماعة يقفون أثره فوقف عليهم ثم قال : من أنتم؟
____________________
(١) شخص ـ بفتحتين ـ شخوصا : خرج من موضع إلى موضع.
(٢) الامالى ج ١ ص ٢١١.
(٣) المصدر ج ١ ص ٢١٩.
(٤) أم الامر : قصده. والجبانة بشد الباء مواضع بالكوفة وأهلها يسمون المقبرة