ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا ، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار. ألا وإنكم في أيام مهل من ورائه أجل (١) يحثه [ ال ] عجل. فمن أخلص لله عمله في أيامه قبل حضور أجله نفعه عمله ، ولم يضره أجله. ومن لم يعمل في أيام مهلمه ضره أمله ، ولم ينفعه عمله.
عبادالله! افزعوا إلى قوام دينكم (٢) بإقام الصلاة لوقتها. وإيتاء الزكاة في حينها والتضرع والخشوع. وصلة الرحم ، وخوف المعاد. وإعطاء السائل ، وإكرام الضعفة [ والضعيف ] (٣) وتعلم القرآن والعمل به ، وصدق الحديث ، والوفاء بالعهد وأداء الامانة إذا ائتمنتم ، وارغبوا في ثواب الله وارهبوا عذابه ، وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم. وتزودوا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم. واعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز بالخير من قدم الخير. أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.
٣ ـ من مناقب ابن الجوزي (٤) الخطبة المنبرية :
____________________
اليها يحصل له اليقين بفنائها. والطلاع من أطلاع من أطلع على فلان أى أشرف وأتاه ويفهم منه الاتيان بفجأة. وفى النهج « ان الدنيا قد آذنت بوداع والاخرة قد أشرفت باطلاع ألا وان اليوم المضمار وغدا السباق » والمضمار : الموضع الذى تضمر فيه الخيل. وتضميره أن تربط ويكثر علفها وماؤها حتى تسمن ثم يقلل علفها وماؤها وتجرى في الميدان حتى تهزل وذلك في مدة أربعين يوما وهذه المدة أيضا تسمى المضمار. والسباق : المسابقة واجراء الخيل في مضمار فتسابق فيه. والسبقة ـ بفتح فسكون ـ : المرة من السبق ـ وبفتحتين ـ : الغاية المحبوبة التى يحب السابق أن يصل اليها. و ـ بضم فسكون ـ : ما يترا هن عليه المتسابقون وهذا الكلام على سبيل الاستعارة أى العمل في الدنيا للاستباق في الاخرة.
(١) المهل ـ بالفتح ـ : المهلة. وأيضا. الرفق. وفى النهج « أمل ». أى الامل في البقاء واستمرار الحياة.
(٢) الافزاع : الاخافة ، الاغاثة وازالة الفزع « ضد ».
(٣) في بعض النسخ « الضعيفة والضعيف ».
(٤) المصدر ص ٧٠.