الذي لك عليه. لقد خاطر من استغنى برأيه (١).
[ و ] التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم. ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقف الخطاء (٢). ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول (٣). ومن حصر شهوته فقد صان قدره. ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته (٤). وفي تقلب الاحوال علم جواهر الرجال. والايام توضح لك السرائر الكامنة. وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة (٥). ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة. وأشرف الغنى ترك المنى. والصبر جنة من الفاقة. والحرص علامة الفقر. والبخل جلباب المسكنة. والمودة قرابة مستفادة. ووصول معدم خير من جاف مكثر (٦).
والموعظة كهف لمن وعاها. ومن أطلق طرفه كثر أسفه (٧). ومن ضاق خلقه
____________________
(١) يقال : خاطر بنفسه عرضها للخطر أى أشرف نفسه للهلاك.
(٢) أى استشار الناس واقبل نحو آرائهم ولا حظها واحدا واحدا وتفكر فيها فمن طلب الاراء من وجوهها الصحيحة انكشف له مواقع الخطاء واحترس منه.
(٣) أى حكم القول بعد الة رأيه وصوابه.
(٤) أمنه ـ بالفتح ـ أى أمن قومه من شره ، ويحتمل بالمد من باب الافعال أى آمن من شر قومه أوعد قومه أمينا ونال الحاجة التى توهم حصولها في اطلاق اللسان.
(٥) يقال : خطف البرق البصر : استلبه بسرعة وذهب به. والمستمتع : المنتفع و المتلذذ ، يعنى لا ينفعك ما يبصر وما يسمع كالبرق الخاطف بل ينبغى أن تواظب وتستضئ دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلمات الجهل ، ويحتمل أن يكون المراد لا ينفع ما يبصر وما يسمع من الايات والمواعظ مع الانغماس في ظلمات المعاصى والذنوب.
(٦) قد مضى هذه العبارة وبيان ما فيها في وصيته عليهالسلام لابنه الحسين سلام الله عليه ويحتمل أيضا أن يكون المراد أن الفقير المتودد خير من الغنى المتجافى. قوله : « وعاها » أى حفظها وجمعها.
(٧) الطرف ـ بسكون الراء : العين. و ـ بالتحريك : اللسان أى ومن اطلق عينه ونظره كثر أسفه. وفى الروضة بعد هذا الكلام هكذا « وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو احسان ».