أن يبعثك ربك مقاما محمودا » (١) فذلك أمر اختص الله به نبيه وأكرمه به ليس لاحد سواه وهو لمن سواه تطوع فإنه يقول : « ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم (٢) » فوفر ما تقربت به إلى الله وكرمه أد فرائضه إلى الله كاملا غير مثلوب ولا منقوص (٣) بالغا ذلك من بدنك ما بلغ. فإذا قمت في صلاتك بالناس فلا تطو لن ولا تكونن منفرا ولا مضيعا (٤) فان في الناس من به العلة وله الحاجة ، وقد سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله حين وجهني إلى اليمن : كيف اصلي بهم؟ فقال : « صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما ».
وبعد هذا (٥) فلا تطولن احتجابك عن رعيتك. فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق ، وقلة علم بالامور. والاحتجاب يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ، ويعظم الصغير ، ويقبح الحسن ، ويحسن القبيح ، ويشاب الحق بالباطل (٦) وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الامور و ليست على القول سمات (٧) يعرف بها الصدق من الكذب ، فتحصن من الادخال في الحقوق بلين الحجاب (٨) فإنما أنت أحد رجلين : إما امرء سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك ، من واجب حق تعطيه؟ أو خلق كريم تسديه؟ وإما مبتلى
____________________
(١) سورة الاسراء : ٨١.
(٢) سورة البقرة : ١٥٣. وفى النهج [ ووف ما تقربت ].
(٣) المثلوب : المعيوب. وفى النهج « المثلوم » أى المخدوش. وبالغا أى وان بلغ من اتعاب بدنك أى مبلغ.
(٤) أى بالتطول والتنقص. والمطلوب المتوسط.
(٥) وفى النهج « وأما بعد ».
(٦) يشاب : يخلط.
(٧) سمات : جمع سمة ـ بكسر السين ـ : العلامة. وفى النهج « وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب ».
(٨) الادخال في الحقوق : الافساد فيها. ومن المحتمل « الادغال في الحقوق ».