فليرفع إليك امورهم ، ثم اعمل فيهم بالاعذار إلى الله يوم تلقاه ، فإن هؤلاء أحوج إلى الانصاف من غير هم وكل فأعذر إلى الله في تأدية حقه إليه ، وتعهد أهل اليتم والزمانة والرقة في السن ، ممن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه ، فاجرلهم أرزاقا فإنهم عبادالله فتقرب إلى الله بتخلصهم ، وضعهم مواضعهم في أقواتهم وحقوفهم ، فإن الاعمال تخلص بصدق النيات ، ثم إنه لا تسكن نفوس الناس أو بعضهم إلى أنك قد قضيت حقوقهم بظهر الغيب دون مشافهتك بالحاجات (١) وذلك على الولاة ثقيل. والحق كله ثقيل. وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة (٢) فصبروا نفوسهم ووثقوا بصدق موعود الله لمن صبر واحتسب فكن منهم واستعن بالله واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك وذهنك من كل شغل ، ثم تأذن لهم عليك وتجلس لم مجلسا تتواضع فيه لله الذي رفعك وتقعد عنهم جندك وأعوانك (٣) من أحراسك وشرطك تخفض لهم في مجلسك ذلك جناحك وتلين لهم كنفك (٤) في مراجعتك ووجهك حتى يكلمك متكلمهم غير متعتع (٥) ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول في غير موطن : « لن تقدس امة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع ». ثم احتمل الخرق منهم والعي (٦) ونح عنك الضيق
____________________
(١) المشافهة : المخاطبة بالشفه أى من فيه إلى فيه إلى فيه والمراد حضورهم.
(٢) في بعض النسخ « العافية ».
(٣) تأمر بأن يقعد عنهم ولا يتعرض لهم. والاحراس : جمع حارس وهو من يحرس الحاكم من وصول المكروه اليه. أى أعوان الحاكم. والشرط ـ بضم ففتح ـ : جمع شرطة ـ بضم فسكون ـ وهم طائفة من أعوان الولاة وسمعوا بذلك لانهم اعلموا أنفسهم بالعلامات يعرفون بها. وهم المعرفون الان بالضابطة.
(٤) الكنف ـ بالتحريك ـ الجانب ، الظل.
(٥) التعتعة في الكلام : التردد فيه من عى أو عجز والمراد غير خائف منك ومن أعوانك وفى النهج « غير متتعتع » في الموضعين ولعله أصح.
(٦) الخرق ـ بالضم ـ : العنف. والعى بالكسر ـ : العجز عن النطق أى اطق واصبر ، لا تضجر من هذا ولا تغضب لذاك.