على ما تفلت من يديك فاجزع على كل مالم يصل إليك. واستدلل على مالم يكن بما كان ، فإنما الامور أشباه ، ولا تكفرن ذانعمة ، فإن كفر النعمة من ألام الكفر.
واقبل العذر ، ولا تكونن ممن لا ينتفع من العظة إلا بما لزمه (١) فإن العاقل ينتفع بالادب ، والبهايم لا تتعظ إلا بالضرب ، اعرف الحق لمن عرفه لك رفيعا كان أو وضيعا ، واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين.
من ترك القصد جار ، ونعم حظ المرء القناعة ، ومن شر ما صحب المرء الحسد. وفي القنوط التفريط. والشح يجلب الملامة. والصاحب مناسب ، والصديق من صدق غيبه ، والهوى شريك العمى. ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة ، ونعم طاردالهم اليقين. وعاقبة الكذب الذم ، وفي الصدق السلامة ، وعاقبة الكذب شر عاقبة ، رب بعيد أقرب من قريب وقريب أبعد من بعيد ، والغريب من لم يكن له حبيب لا يعدمك من حبيب سوء ظن ، ومن حمى طنى (٢) ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ومن اقتصر على قدره كان أبقى له ، نعم الخلق التكرم ، وألام اللؤم البغي عند القدرة ، والحياء سبب إلى كل جميل ، وأوثق العرى التقوى ، وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله. ومنك من أعتبك (٣) ، والافراط في الملامة تشب نيران اللجاج ، وكم من دنف قدنجا (٤) وصحيح قد هوى. فقد يكون اليأس إدراكا إذا كان الطمع هلاكا ، وليس كل عورة [ تظهر ، ولاكل فريضة ] تصاب. وربما أخطأ البصير قصده ، وأصاب الاعمى رشده ، ليس كل من طلب وجد ، ولا كل من توقى
____________________
(١) وفى النهج « ممن لا تنفعه العظة الا اذا بالغت في أيلامه ».
(٢) حمى الشئ يحميه حميا وحمى وحماية : منعه ودفعه عنه وحمى القوم حماية : قام بنصر هم والمريض : ما يضره. وطنى اللديغ من لدغ العقرب : عوفى. وطنى فلانا : عالجه من طناه والمعنى من منع نفسه عما يضره نال العافية.
(٣) ولعل المعنى : من عليك من استرضاك ويؤيده ما في بعض نسخ الحديث : « سرك من أعتبك ».
(٤) الدنف ـ محركة ـ المريض الذى طال به المرض.