عن امرء دخيله (١) رب باحث عن حتفه (٢) لا يشوبن بثقة رجاء (٣) وما كل ما يخشى يضر ، ولرب هزل قدعاد جدا ، من أمن الزمان خانه ، ومن تعظم عليه أهانه ، ومن ترغم عليه أرغمه ، ومن لجأ إليه أسلمه ، وليس كل من رمى أصاب ، وإذا تغير السلطان تغير الزمان ، خير أهلك من كفاك ، المزاح تورث الضغائن ، أعذر من اجتهد ، وربما أكدى الحريص (٤).
رأس الدين صحة اليقين ، تمام الاخلاص تجنب المعاصي ، خير المقال ما صدقه الفعال ، السلامة مع الاستقامة ، والدعاء مفتاح الرحمة ، سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار ، وكن عن الدنيا على قلعة (٥) احمل من أدل عليك (٦) واقبل عذر من اعتذر إليك ، وخذا العفو من الناس ، ولا تبلغ من أحد مكروها (٧) وأطع أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك ، وعود نفسك السماح (٨) وتخير لها من كل خلق أحسنه ، فان الخير عادة.
وإياك أن تكثر من الكلام هذرا وأن تكون مضحكا وإن حكيت ذلك عن غيرك وأنصف من نفسك ، واياك ومشاورة النساء فان رأيهن إلى الافن ، وعزمهن إلى الوهن (٩) واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن فان شدة الحجاب خير لك
____________________
(١) الدخيل من دخل في قوم وانتسب اليهم وليس منهم. ودخيل الرجل داخلته ودخيلة المرء : باطنه وضميره.
(٢) الباحث الحافر. والحتف : الموت أى كم من حافر قبره بيده. يضرب لمن يطلب مايؤدى أى هلاكه.
(٣) في بعض نسخ الحديث والتحف « لا تشترين بثقة رجاء ».
(٤) أكدى الرجل أى لم يظفر بحاجته.
(٥) أى على رحلة وعدم سكونك للتوطن.
(٦) أدل عليه وثق بمحبته فأفرط عليه ، واجترأ عليه والمراد هنا المعنى الثانى.
(٧) في التحف « ولا تبلغ إلى أحد مكروهه ».
(٨) أى صير نفسك معتادة بالسماحة والجود.
(٩) الافن ـ بالتحريك ـ : ضعف الرأى. الواهن : الضعف.