احتكارا ، اولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم.
الثلاثون : عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله تعالى ، وأن تحمدهم على رزق الله تعالى ، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ، إن رزق الله لا يجره حرص حريص ، ولا يرده كراهة كاره إن الله تبارك اسمه بحكمته جعل الروح والفرح في الرضا واليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. إنك إن تدع شيئا لله إلا أتاك الله خيرا منه ، وإن تأتي شيئا تقربا إلى الله تعالى إلا أجزل الله لك الثواب عنه فاجعلوا همتكم الاخرة لا ينفد فيها ثواب المرضي عنه ، ولا ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه.
الحادى والثلاثون : عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس شئ تباعدكم من النار إلا وقد ذكرته لكم ، ولا شئ يقربكم من الجنة إلا وقد دللتكم عليه ، إن روح القدس نفث في روعي أنه لن يموت عبد منكم حتى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب فلا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئا من فضل الله بمعصيته فانه لن ينال ما عند الله إلا بطاعته ، ألا وإن لكل أمرء رزقا هو يأتيه لا محالة ، فمن رضي به بورك له فيه ووسعه ، ومن لم يرض به لم يبارك له فيه ، ولم يسعه ، إن الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله.
الثانى والثلاثون : عن عيسى بن عمر ، عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقول في خطبة أحد العيدين : الدنيا دار بلاء ومنزل بلغة وعناء (١) قد نزعت عنها نفوس السعداء ، وانتزعت بالكرة من أيدي الاشقياء ، فأسعد الناس بها أرغبهم عنها وأشغلهم بها أرغبهم فيها ، فهي الغاشة لمن استنصحها (٢) والمغوية لمن أطاعها ، والخاترة لمن انقاد إليها (٣) ، والفائز من أعرض عنها ، والهالك من هوى فيها ، طوبى لعبد
____________________
(١) البلغة والبلاغ : ما يكفى من العيش ولا يفضل. والعناء : التعب.
(٢) الغاش فاعل من غشه يغشه ، واستنصحه اى عده نصيحا.
(٣) الخاتر : الغادر.