أشد سكرا منه يقول الله تعالى : « صم بكم عمي فهم لا يرجعون » (١) ويقول : « إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا * وإن لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا » (٢).
يا ابن مسعود الدنيا ملعونة ملعون من فيها ، ملعون من طلبها وأحبها ونصب لها وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى « كل من عليها فان ويبقى * وجه ربك ذو الجلال والاكرام » (٣) ، وقوله « كل شئ هالك إلى وجهه » (٤).
يا ابن مسعود إذا عملت عملا فاعمل لله خالصا لانه لا يقبل من عباده الاعمال إلا ما كان خالصا فانه يقول « وما لاحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى * ولسوف يرضى » (٥).
يا ابن مسعود دع نعيم الدنيا وأكلها وحلاوتها ، وحارها وباردها ، ولينها ، و طيبها ، وألزم نفسك الصبر عنها فانك مسؤول عن ذلك كله قال الله تعالى : « ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم » (٦).
يا ابن مسعود فلا تلهينك الدنيا وشهواتها فان الله تعالى يقول : « أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون » (٧).
يا ابن مسعود إذا عملت عملا من البر وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا فانه يقول « فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا » (٨).
يا ابن مسعود إذا مدحك الناس فقالوا : إنك تصوم النهار وتقوم الليل وأنت على غير ذلك فلا تفرح بذلك فان الله تعالى يقول : « لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بمالم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم » (٩).
____________________
(١) البقرة : ١٧. (٢) الكهف : ٦ و ٧. (٣) الرحمن ٢٦ و ٢٧.
(٤) القصص : ٨٨. (٥) الليل : ١٩ ـ ٢١.
(٦) التكاثر : ٨. (٧) المؤمنون : ١١٥.
(٨) الكهف : ١٠٥.
(٩) آل عمران : ١٨٥ ، والمفازة : المنجاة أى فائزين بالنجاة.