ولذلك كلّه كانت التأكيدات النبوية علىٰ محاربة هوىٰ النفس ، لأنّ من تمكن من نفسه وسيطر علىٰ هواه يكون في منجاة من كل أنواع الضلالة والهلكة .
إنّ من أسباب نشوء البدع : التسليم لمن هو دون المعصوم ، وجعله في مصاف مصادر التشريع ، لأن غير المعصوم يصيب ويخطىء ، وقد يكذب أحياناً فيكون التسليم لقوله واتّباعه سبباً للانحراف والابتداع والكذب علىٰ الله ورسوله .
إنَّ النبي الأكرم محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتم النبيين ، وكتابه القرآن الكريم خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع ، فلا حكم إلّا ما حكم به ، ولا سُنّة إلّا ما سنّهُ ، والخروج عن هذا الاطار يمهد الطريق للمبتدعين .
قال الإمام الباقر عليهالسلام : « يا جابر إنّا لو كنّا نحدِّثكم برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ولكنّا نحدِّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يكنز هؤلاء ذهبهم وورقهم » (١) .
إنَّ هناك ظاهرة في حياة أئمة أهل البيت علیهمالسلام تستحق التأمل ، وهي أنّ أي واحد منهم لم يتلق العلم كما يتلقاه الناس بالتطواف علىٰ المدن والحواضر والمدارس وحلقات الحديث ، بل إنّهم يتوارثون العلم أباً عن جدٍ حتىٰ يتصلون بعلمهم برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي شواهد حياتهم ما يبعث العجب للدارس المحايد ، حتىٰ لقد تمكن الامام الجواد عليهالسلام من أن يُفحم
__________________
(١) بصائر الدرجات ، لابن فروخ الصفار : ٣١٨ / ١ باب ١٤ . والاختصاص ، للمفيد : ٢٨٠ طبعة مؤسّسة الأعلمي ـ بيروت .