يجب علىٰ المؤمن أن يأخذ بالاتّباع « إتّباع السُنّة » ، وأن يرفض الابتداع ، وفريق آخر يسلّم بتغيّر البيئة والأحوال (١) .
فهناك إذاً توجه متطرّف في فهم « البدعة » وإعطائه معنىً شاملاً وواسعاً ، مناقضاً للمعنىٰ الوارد في القرآن والسُنّة النبوية الشريفة ، ومناقضاً أيضاً لمنطق العقل وسُنّة الخلق ، فهذا الاتجاه كما قلنا يطبّق مفهوم البدعة علىٰ كل أمر حادث في حياة المسلمين ويوسع دلالتها إلىٰ مختلف شؤون الحياة بدعاوىٰ الحرص علىٰ الدين والتقيد والاتّباع للسُنّة النبوية المطهّرة .
وهذا اللون من الفهم المغلوط والتفكير السقيم لا يعني سوىٰ الانغلاق الكامل عن الحياة ، والانزواء المطبق الذي يعزل الشريعة عن التفاعل مع حياة الناس ، بل وقيادتهم في خضم الصراعات الكبرىٰ التي تواجهها الإنسانية .
ولكي يقف القارىء الكريم علىٰ الفهم المغلوط لمفهوم البدعة ، نورد له في هذا الباب جملة من الحوادث والروايات لرجال وأشخاص فهموا البدعة علىٰ أنّها كل أمر حادث لم يكن في عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم .
١ ـ جاء في ( الاعتصام ) أنَّ أبا نعيم الحافظ روىٰ عن محمد بن أسلم أنّه وُلد له ولد ، قال ـ محمد بن القاسم الطوسي ـ فقال : اشترِ لي كبشين عظيمين ، ودفع لي دراهم فاشتريت له ، وأعطاني عشرة أُخرىٰ ، وقال لي : اشتر بها دقيقاً ولا تنخله ، واخبزه !
__________________
(١) دائرة المعارف الإسلامية ، دار المعرفة ٣ : ٤٥٦ .