بيان : الآية في سورة البقرة هكذا «إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم * أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما اصبرهم على النار» (١).
وذكر البيضاوي قريبا مما ورد في الخبر قال : تعجب من حالهم في الالتباس بموجبات النار من غير مبالاة و «ما» تامة مرفوعة بالابتدا ، وتخصيصها كتخصيص شر أهر ذا ناب ، أو استفهامية وما بعدها الخبر أو موصولة وما بعدها صلة والخبر محذوف (٢).
واقول : يعضده قوله تعالى في الآية السابقة : «ما يأكلون في بطونهم إلا النار» وقال البيضاوي فيه : إما في الحال لانهم أكلوا ما يلتبس بالنار ، لكونها عقوبة عليه ، فكأنهم أكلوا النار ، أو في المآل اي لا يأكلون يوم القيامة إلا النار انتهى.
واقول : مثله قوله صلىاللهعليهوآله : قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفئوها بصلاتكم.
وقال الطبرسي رحمه الله : فيه أقوال : أحدها أن معناه ما أجرأهم على النار ذهب إليه الحسن وقتادة ورواه علي بن إبراهيم (٣) باسناده عن ابي عبدالله عليهالسلام والثاني ما أعملهم بأعمال أهل النار ، عن مجاهد وهو المروي عن ابي عبدالله عليهالسلام والثالث ما أبقاهم على النار [ كما يقال : ما أصبر فلانا على الحبس ، عن الزجاج والرابع ما أدومهم على النار اي ما أدومهم على عمل أهل النار ] (٤) كما يقال : ما أشبه سخاءك بحاتم أي بسخاء حاتم وعلى هذا الوجه ، فظاهر الكلام التعجب ، والتعجب لا يجوز على القديم سبحانه ، لانه عالم بجميع الاشياء لا يخفى عليه شئ ، والتعجب إنما يكون
____________________
(١) الاية : ١٧٤ ١٧٥.
(٢) انوار التنزيل : ٤٧ ، وفيه «في الالتباث» بدل «في الالتباس».
(٣) تفسير القمى ص ٥٥.
(٤) راجع شرح الكافي ج ٢ ص ٢٤٣.