وخامسها أن المراد سأصرف عن إبطال آياتي والمنع من تبليغها هؤلاء المتكبرين.
«فاستكبروا» (١) اي عن اتباعها «وكانوا قوما مجرمين» اي معتادين الاجرام ، فلذلك تهاونوا في رسالة ربهم ، واجترؤا على ردها.
«ما نريك إلا بشرا مثلنا» (٢) اي لا مزية لك علينا تخصك بالنبوة ووجوب الطاعة «إلا الذين هم أراذلنا» اي أخساؤنا (٣) وقال علي بن إبراهيم : (٤) يعني المساكين والفقراء «بادي الرأي» اي ظاهر الرأي من غير تعمق من البدو أو أول الراي من البدء ، وإنما استرذلوهم لفقرهم ، فانهم لما لم يعلموا إلا ظاهرا من الحياة الدنيا كان الاحظ بها أشرف عندهم ، والمحروم أرذل «وما نرى لكم» أي لك ولمتبعيك «علينا من فضل» يؤهلكم للنبوة ، واستحقاق المتابعة «بل نظنكم كاذبين» أنت في دعوى النبوة وإياهم في دعوى العلم بصدقك.
«وما أنا بطارد الذين آمنوا» (٥) يعني الفقراء ، وهو جواب لهم حين سألوا طردهم «إنهم ملاقوا ربهم» يلاقونه ويفوزون بقربه فيخاصمون طاردهم فكيف أطردهم «ولكني اريكم قوما تجهلون» الحق وأهله ، وتتسفهون عليهم بأن تدعوهم أراذل «من ينصرني من الله» يدفع انتقامه «إن طردتهم» وهم بتلك المثابة ، «أفلا تذكرون» لتعرفوا أن التماس طردهم وتوفيق الايمان عليه ليس بصواب.
«ولا اقول لكم عندي خزائن الله» (٦) اي خزائن رزقه حتى جحدتم فضلي «ولا أعلم الغيب» أي ولا أقول : أنا أعلم الغيب ، حتى تكذبوني استبعادا أو
____________________
(١) يونس : ٧٥.
(٢) هود : ٢٧.
(٣) مجمع البيان ج ٥ ص ١٥٤. انوار التنزيل : ١٩٣.
(٤) تفسير القمي : ٣٠١.
(٥) هود : ٢٩.
(٦) هود : ٣١.