قال عليهالسلام : مرارة الدنيا حلاوة الآخرة ، وحلاوة الدنيا مرارة الآخرة (١).
وقال عليهالسلام : الناس في الدنيا عاملان : عامل في الدنيا للدنيا ، قد شغلته دنياه عن آخرته ، يخشى على من يخلف الفقر ، ويأمنه على نفسه ، فيفنى عمره في منفعة غيره ، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها ، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل فأحرز الحظين معا ، وملك الدارين جميعا ، فاصبح وجيها عند الله لا يسأل الله شيئا فيمنعه (٢).
وقال عليهالسلام : الناس أبناء الدنيا ، ولا يلام الرجل على حب أمه (٣).
وقال عليهالسلام : يا أيها الناس متاع الدنيا حطام موبئ (٤) فتجنبوا مرعاه قلعتها أحظى من طمأنينتها ، وبلغتها أزكى من ثروتها ، حكم على مكثريها بالفاقة وأعين من غنى عنها بالراحة ، من راقه زبرجها أعقبت ناظريه كمها (٥) ومن استشعر الشغف بها ملات ضميره أشجانا ، لهن رقص على سويداء قلبه ، هم يشغله ، وهم يحزنه ، كذلك حتى يؤخذ بكظمه (٦) فيلقى بالفضاء منقطعا أبهراه ، هينا على الله فناؤه ، وعلى الاخوان إلقاؤه ، وإنماينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار
____________________
(١) نهج البلاغة الرقم ٢٥١ من الحكم.
(٢) نهج البلاغة الرقم ٢٦٩ من الحكم.
(٣) نهج البلاغة الرقم ٣٠٣ من الحكم.
(٤) الموبئ الكثير الوباء ومرعى وبئ : أي مرتع اذا سرح فيه الدواب أصابها الوباء والطاعون. وقوله «قلعتها أحظى من طمأنينتها» القلعة : النزوع والعزلة أي الكف منها اسعد وأحظى من أن تطمئن وتركن اليها.
(٥) الكمه محركة العمى ، فان حب زبرجها وزينتها يعمى البصر عن رؤية عاقبتها.
(٦) الكظم محركة الحلقوم ، أو مخرج النفس ، والاخذ بالكظم كناية عن الخنق والابهر : عرق مستبطن الصلب اذا انقطع لم يبق صاحبه ، وفي الصحاح : وهما أبهران يخرجان من القلب ثميتشعب منهما سائر الشرائين ، وقيل : هما الوريدان.