هذا القمح ، ونسائج هذا القز ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخير الاطعمة ، ولعل بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ، أو أن أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرى ، فأكون كما قال القائل :
وحسبك داء أن تبيت ببطنة |
|
وحولك أكباد تحن إلى القد |
إلى آخر مامر مشروحا في كتاب الفتن (١).
٣٨ ـ عدة الداعى : روي أن نوحا عليهالسلام عاش ألفي عام وخمسمائة عام ومضى من الدنيا ولم يبن فيها بيتا ، وكان إذا أصبح يقول : لا امسي وإذا أمسى يقول : لا اصبح ، وكذلك نبينا صلىاللهعليهوآله خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة.
وأما إبراهيم عليهالسلام فكان لباسه الصوف وأكله الشعير ، وأما يحيى عليهالسلام فكان لباسه الليف وأكله ورق الشجر ، وأما سليمان عليهالسلام فقد كان مع ماهو فيه من الملك يلبس الشعر ، وإذا جنه الليل شد يديه إلى عنقه فلا يزال قائما حتى يصبح باكيا ، وكان قوته من سفائف الخوص ، يعملها بيده.
وروي أن نبينا صلىاللهعليهوآله أصابه يوما الجوع ، فوضع صخرة على بطنه ، ثم قال : ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين ، ألا رب نفس كاسية ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة ، ألا رب متخوض متنعم فيما أفاء الله على رسوله ماله في الآخرة من خلاق ، ألا إن عمل أهل الجنة حزنة بربوة ألا إن عمل أهل النار كلمة سهلاء بشهوة ، ألا رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا يوم القيامة.
وقال سويد بن غفلة : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام بعد مابويع بالخلافة وهو جالس على حصير صغير ، وليس في البيت غيره ، فقلت : يا أمير المؤمنين بيدك بيت المال ولست أرى في بيتك شيئا مما يحتاج إلى البيت؟ فقال عليهالسلام : يا ابن
____________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٢.