الموت الطارئ على الحياة ، أو العدم الاصلي فانه قد يسمى موتا أيضا كما قال تعالى : « كنتم أمواتا فأحياكم » (١) وتقديمه على الاول لانه أدعى إلى حسن العمل وأقوى في ترك الدنيا ولذاتها ، وعلى الثاني ظاهر لتقدمه « ليبلوكم » أي ليعاملكم معاملة المختبر « أيكم » معفول ثان لفعل البلوى باعتبار تضمينه معنى العلم.
ووجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل ، لكمال الاحتياج إليه بعده وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية ، والحياة نعمة تقتضي الشكر ويقتدر بها على الاعمال الصالحة.
وإن اريد به العدم الاصلي فالمعنى أنه نقلكم منه وألبسكم لباس الحياة لذلك الاختبار ، ولما كان اتصافنا بحسن العمل يتحقق بكثرة العمل تارة وباصابته وشدة رعاية شرائطه اخرى نفى الاول بقوله « ليس يعني أكثركم عملا » لان مجرد العمل من غير خلوصه وجودته ليس أمرا يعتد به بل هو تضعيى للعمر ، وأثبت الثاني بقوله « ولكن أصوبكم عملا » لان صواب العمل وجودته وخلوصه من الشوائب ، ويوجب القرب منه تعالى ، وله درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها.
واسم ليس في قوله « ليس يعني » ضمير عائد إلى الله عزوجل أو ضمير شأن وجملة « يعني » خبرها.
ثم بين الاصابة وحصرها في أمرين بقوله « إنما الاصابة خشية الله والنية الصادقة » وذكر الخشية ثانيا لعله من الرواة أو النساخ ، فلست في بعض النسخ ولو صحت يكون معناه خشية أن لايقبل كما سيأتي في الخبر وهو غير خشية الله ، أو يقال : النية الصادقة مبتدأ والخشية معطوف عليه والخبر محذوف أي مقرونتان أو الخشية منصوب ليكون مفعولا معه فيكون الحاصل أن مدار الاصابة على الخشية وتلزمها النية الصادقة وفي بعض النسخ « والحسنة » أي كونه موافقا لامره تعالى ولا يكون فيه بدعة وفي أسرار الصلاة للشهيد الثاني رحمهالله والنية الصادقة الحسنة وهو أصوب.
____________________
(١) البقرة : ٢٨.