الرحم ولا أصنع ذلك إلا لله فيذكر ذلك مني واحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يقل شيئا فنزلت الآية ، قال عطا : عن ابن عباس إن الله تعالى قال : ولايشرك ( بعبادة ربه أحدا ولم يقل ولا يشرك ) به لانه أراد العمل الذي يعمل له ، ويحب أن يحمد عليه ، قال : ولذلك يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيلا يعظمه من يصله بها.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : قال الله عزوجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه برئ ، فهو للذي أشرك ، أورده مسلم في الصحيح وروي عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا : سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ، ومن صام صوما يرائي به ، فقد أشرك ، ثم قرأ هذه الآية ، وروي أن أبا الحسن الرضا عليهالسلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء ، فقال : لاتشرك بعبادة ربك أحدا ، فصرف المأمون الغلام ، وتولى إتمام وضوئه بنفسه وقيل : إن هذه الآية آخر آية نزلت من القرآن انتهى (١).
وأقول : الرواية الاخيرة تدل على أن المراد بالشرك هنا الاستعانة في العبادة ، وهو مخالف لسائر الاخبار ، ويمكن الجمع بحملها على الاعم منها فان الاخلاص التام هو أن لايشرك في القصد ولا في العمل غيره سبحانه.
« إنه كان مخلصا » (٢) في المجمع أخلص العبادة لله أو أخلص نفسه لاداء الرسالة « وقربناه نجيا » أي مناجيا كليما قال ابن عباس : قربه الله وكلمه ، ومعنى هذا التقريب أنه أسمعه كلامه وقيل : قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتبت به التوراة ، وقيل : وقربناه أي ورفعنا منزلته وأعلينا محله حتى صار محله منا في الكرامة والمنزلة محل من قربه مولاه في مجلس كرامته ، فهو تقريب كرامة واصطفاء لاتقريب مسافة وإدناء ، إذ هو سبحانه لايوصف بالحلول في مكان فيقرب
____________________
(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٩٩ ومابين العلامتين أضفناه من المصدر.
(٢) مريم : ٥١.