من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق « واعتصموا بالله » وثقوا به وتمسكوا بدينه « وأخلصوا دينهم لله » لايريدون بطاعته إلا وجهه « فاولئك مع المؤمنين » ومن عدادهم في الدارين.
« وجهت وجهي » (١) أي نفسي أو وجه قلبي أو قصدي « حنيفا » أي مخلصا مائلا عن الشرك إلى الاخلاص « وما أنا من المشركين » لا بالشرك الجلي ولا بالشرك الخفي.
« قل إن صلوتي » (٢) الخطاب للرسول صلىاللهعليهوآله « ونسكي » قال في المجمع : قيل : أي ديني وقيل : عبادتي وقيل : دبيحتي للحج والعمرة « ومحياى ومماتى » أي حياتي وموتي « لله رب العالمين » وإنما جمع بين صلاته وحياته وأحدهما من فعله والآخر من فعل الله ، فانهما جميعا بتدبير الله تعالى ، وقيل : معناه صلاتي ونسكي له عبادة وحياتي ومماتي له ملكا وقدرة ، وقيل : إن عبادتي له لانها بهدايته ولطفه ، ومحياي ومماتي له ، لانهما بتدبيره وخلقه ، وقيل : معنى قوله : « محياي ومماتي لله » أن الاعمال الصالحة التي تتعلق بالحياة في فنون الطاعات وما يتعلق بالممات من الوصية والختم بالخيرات لله ، وفيه تنبيه على أنه لاينبغي أن يكون الانسان حياته لشهوته ومماته لورثته « لاشريك له » أي لا ثاني له في الالهية ، وقيل : لاشريك له في العبادة ، وفي الاحياء والاماتة « وبذلك امرت » أي وبهذا أمرني ربي « وأنا أول المسلمين » من هذه الامة انتهى (٣).
وأقول : يمكن أن يكون المراد بقوله : « محياي ومماتي لله » أني جعلت إرادتي ومحبتي موافقتين لارادة الله ومحبته في جميع الامور ، حتى في الحياة والممات ، فان أراد الله حياتي لا أطلب الموت ، وإذا أراد موتي لا أكرهها ولا أشتهي الحياة.
« يريدون وجهه » (٤) قال الطبرسي رحمهالله : يعني يطلبون ثواب الله
____________________
(١) الانعام : ٧٩. (٢) الانعام : ١٦٣.
(٣) مجمع البيان ج ٤ ص ٣٩١. (٤) الانعام : ٥٢.