إذ ثمرته الخلود في الجنة ، وعدمه يوجب الخلود في النار ، بخلاف العمل.
الثاني أن المراد أن النية بدون العمل خير من العمل بدون النية ، ورد بأن العمل بدون نية لا خير فيه أصلا ، وحقيقة التفضيل تقتضي المشاركة ، ولو في الجملة.
الثالث مانقل عن ابن دريد وهو أن المؤمن ينوي خيرات كثيرة لايساعده الزمان على عملها ، فكان الثواب المترتب على نياته أكثر من الثواب المترتب على أعماله.
الرابع ماذكره بعض المحققين وهو أن المؤمن ينوي أن يوقع عباداته على أحسن الوجوه لان إيمانه يقتضي ذلك ، ثم إذا كان يشتغل بها لايتيسر له ذلك ، ولا يتأتى كما يريد ، فلا يأتي بها كما ينبغي ، فالذي ينوي دائما خير من الذى يعمل في كل عبادة ، وهذا قريب من المعنى الاول ويمكن الجمع بينهما ويؤيدهما الخبر الثالث والخامس (١) ومارواه الصدوق ره في علل الشرائع بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام أنه كان يقول نية المؤمن خير من عمله ، وذلك لانه ينوي من الخير مالايدركه ، ونية الكافر شر من عمله ، وذلك لان الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر مالايدركه ، وباسناده عن أبي عبدالله عليهالسلام أنه قال له زيد الشحام : إني سمعتك تقول : نية المؤمن خير من عمله ، فكيف تكون النية خيرا من العمل؟ قال : لان العمل إنما كان رئاء المخلوقين ، والنية خالصة لرب العالمين ، فيعطي عزوجل على النية مالا يعطي على العمل ، قال أبوعبدالله عليهالسلام : إن العيد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل ، فتغلبه عينه فينام ، فيثبت الله له صلاته ويكتب نفسه تسبيحا ويجعل نومه صدقة (٢).
الخامس أن طبيعة النية خير من طبيعة العمل ، لانه لايترتب عليها عقاب أصلا بل إن كانت خيرا اثيب عليها ، وإن كان شرا كان وجودها كعدمها
____________________
(١) يعنى الحديث الثالث والخامس في باب نية الكافي ، وهو كذلك في مانحن فيه.
(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٢١١ ، وسيجئ تحت الرقم ١٨ و ١٩.