شبه بها الدين لانه طريق إلى ما هو سبب الحياة الابدية ، وقرئ بفتح الشين « ومنهاجا » وطريقا واضحا في الدين من نهج الامر إذا وضح ، واستدل به على أنا غير متعبدين بالشرائع المتقدمة انتهى.
وقال الراغب : الشرع نهج الطريق الواضح يقال شرعت له طريقا ، والشرع مصدر ، ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرعة وشريعة ، واستعير ذلك للطريقة الالهية من الدين قال تعالى : « لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا » (١) فذلك إشارة إلى أمرين أحدهما ماسخرالله تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح عباده وعمارة بلاده ، وذلك المشار إليه بقوله : « ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا » (٢) الثاني ماقيض له من الدين وأمره به ليتحراه اختيارا مما يختلف فيه الشرائع ، ويعترضه النسخ ، ودل عليه قوله « ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها » (٣) قال ابن عباس : الشرعة ماورد به القرآن ، والمنهاج ماورد به السنة وقوله « شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا » الاية فاشارة إلى الاصول التي تتساوى فيها الملل ولايصح عليها النسخ كمعرفة الله ونحو ذلك من نحو مادل عليه قوله « ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر » (٤) قال بعضهم : سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء ، من حيث أن من شرع فيها على الحقيقة [ المصدوقة ] روي وتطهر قال : وأعني بالري ماقال بعض الحكماء : كنت أشرب فلا أروى ، فلما عرفت الله رويت بلاشرب ، وبالتطهر ما قال تعالى : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » (٥) انتهى.
والشرعة والمنهاج متقاربان في المعنى كما أن اللفظين اللذين فسرهما عليهالسلام بهما أيضا متقاربان ، فيحتمل أن يكونا تفسرين لكل منهما أو يكون
____________________
(١) المائدة : ٥١. (٢) الزخرف : ٣٢.
(٣) الجاثية : ١٨. (٤) النساء : ١٣٦.
(٥) مفردات غريب القرآن ص ٢٥٨.