فلما أذن الله لمحمد صلىاللهعليهوآله في الخروج من مكة إلى المدينة بنى الاسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام شهر رمضان ، وأنزل عليه الحدود ، وقسمة الفرائض ، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار ، لمن عمل بها ، و أنزل في بيان القاتل « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما » (١) ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عزوجل « إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لايجدون وليا ولانصيرا » (٢) وكيف يكون في المشية وقد ألحق به ـ حين جزاه جهنم ـ الغضب واللعنة وقد بين ذلك من الملعونون في كتابه؟ وأنزل في مال اليتيم من أكله ظلما « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا » (٣) وذلك أن آكل مال اليتيم يجئ يوم القيامة والنار تلتهب في بطنه ، حتى يخرج لهب النار من فيه ، يعرف أهل الجمع أنه آكل مال اليتيم.
وأنزل في الكليل « ويل للمطففين » ولم يجعل الويل لاحد حتى يسميه كافرا قال الله تعالى : « فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم » (٤) وأنزل في العهد إن الذين يشترون بعهدالله وأيمانهم ثمنا قليلا اولئك لاخلاق لهم في الاخرة « ولايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة ولايزكيهم ولهم عذاب أليم » (٥) والخلاق النصيب ، فمن لم يكن له نصيب في الاخرة فبأي شئ يدخل الجنة وأنزل بالمدينة « الزاني لاينكح إلا زانية أومشركة والزانية لاينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين » (٦) فلم يسم الله الزاني مؤمنا ولا الزانية مؤمنة ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس يمتري فيه أهل العلم أنه قال : لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، فانه إذا فعل ذلك خلع عنه الايمان
____________________
(١) النساء : ٩٣. (٢) الاحزاب : ٦٤ و ٦٥.
(٣) النساء : ١٦٩. (٤) مريم : ٣٧.
(٥) آل عمران : ٧٧. (٦) النور : ٣.