وشقوة ، وجنة ونار ، لن يجتمع الحق والباطل في قلب امرء قال الله تعالى : « ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه » (١).
وإنما هلك الناس حين ساووا بين أئمة الهدى وبين أئمة الكفر ، وقالوا : إن الطاعة مفروضة لكل من قام مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم برا كان أو فاجرا ، فاتوا من قبل ذلك (٢) قال الله سبحانه : « أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون » (٣) وقال الله تعالى : « هل يستوي الاعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور » (٤) فقال : فيمن سموهم من أئمة الكفر بأسماء أئمة الهدى ممن غصب أهل الحق ماجعله الله لهم ، وفيمن أعان أئمة الضلال على ظلمهم « إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان » (٥) فأخبرهم الله سبحانه بعظيم افترائهم على جملة أهل الايمان بقوله تعالى « إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بآيات الله » (٦) وقوله تعالى : « ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله » (٧) وبقوله سبحانه : « أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لايستوون » (٨) وبقوله تعالى : « أفمن كان على بينة من ربه كمن هو أعمى » (٩) فبين الله عزوجل بين الحق والباطل في كثير من آيات القرآن ، ولم يجعل للعباد عذرا في مخالفة أمره بعد البيان والبرهان ، ولم يتركهم في لبس من أمرهم ، ولقد ركب القوم الظلم والكفر
____________________
(١) الاحزاب : ٤.
(٢) أى أتى هلاكهم من قبل ذلك ، يقال : اتى ـ كعنى ـ فلان من مأمنه : أى جاءه الهلاك من جهة أمنه.
(٣) القلم : ٣٥. (٤) الرعد ١٦.
(٥) الاعراف : ٧١. (٦) النحل : ١٠٥.
(٧) القصص : ٥٠. (٨) السجدة : ١٨.
(٩) صدرالاية في سورة القتال : ١٤ ونصها : « أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوائهم » وذيله في سورة الرعد : ١٩ ونصها : أفمن يعلم أنما انزل اليك من ربك الحق كمن هو أعمى انما يتذكر اولوا الالباب ، والظاهر أن ما بينهما سقط من النسخ.