شريعة عيسى عامة ماكانوا عليه ، وإن كان الذي جاء به النبيون من التوحيد وسائر الاصول باقيا لم يتغير ، أو المعنى أدخله الله النار وإن كان منه الاقرار بماجاء به النبيون وهو التوحيد ونفي الشرك ، وقوله « أن لايشركوا » عطف بيان أو بدل للموصول ، وعلى الوجهين يحتمل كون كان تامة وناقصة ، وقيل : الموصول اسم كان وأن لايشركوا خبره ، وله أيضا وجه وإن كان بعيدا.
قوله عليهالسلام : « عشر سنين » أقول : هذا مخالف لما مر في تاريخ النبي صلىاللهعليهوآله ولما هو المشهور من أنه صلىاللهعليهوآله أقام بعد البعثة بمكة ثلاث عشرة سنة فقيل : هو مبني على إسقاط الكسور بين العددين وهو بعيد في مثل هذا الكسر والذي سنح لي أنه مبني على ما يظهر من الاخبار أنه لما نزل « وأنذر عشيرتك الاقربين » (١) وكان أول بعثته دعا بني عبدالمطلب وأظهر لهم رسالته ، ودعاهم إلى بيعته ، والايمان به ، فلم يؤمن به إلا علي عليهالسلام ثم خديجة رضياللهعنها ، ثم جعفر رضياللهعنه ، وكان على ذلك ثلاث سنين حتى نزل « فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين » (٢) فدعا الناس إلى الاسلام فلذا لم يعد عليهالسلام تلك الثلاث سنين من أيام البعثة لانها لم تكن بعثة عامة مؤكدة ، وقد مرت الاخبار في المجلد الثالث (٣) في ذلك ويحتمل أن يكون مبنيا على إسقاط سني الهجرة إلى شعب أبي طالب أو إسقاط الثلاث سنين بعد وفاة أبي طالب رضياللهعنه لعدم تمكنه في هاتين المدتين من التبليغ كما ينبغي ، لكنهما بعيدان ، والاظهر ماذكرنا أولا.
قوله عليهالسلام : « يشهد أن لا إله إلا الله » الظاهر أن المراد به الشهادة القلبية بالتوحيد والرسالة وما يلزمهما فقط ، أومع الاقرار باللسان أوعدم الانكار الظاهري لامجرد الاقرار باللسان ، بقرينة قوله « وهو إيمان التصديق » وقد عرفت أن الايمان الظاهري فقط لاينفع في الاخرة وإن احتمل التعميم ويكون قوله « إلا من أشرك بالرحمن » أي قلبا استثناء منه فيرجع إلى ماذكرنا أولا ، وعلى الاول
____________________
(١) الشعراء : ٢١٤.
(٢) الحجر : ٩٤. (٣) يعنى كتاب المرآت.