البقرة في اللبة فما ترى في أكل لحمها فسكت هنيئة ثم قال قال الله « فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ » لا تأكل إلا من [ ما ] ذبح من مذبحه (١).
أقول وقد مضى تفسير آية المائدة وتدل على وجوب التذكية وحرمة ما ذكي بغير اسم الله من الأصنام وغيرها وسيأتي في الأخبار تفسيرها.
« فَكُلُوا » قال الطبرسي رحمهالله إن المشركين لما قالوا للمسلمين أتأكلون ما قتلتم أنتم ولا تأكلون ما قتل ربكم فكأنه سبحانه قال لهم أعرضوا عن جهلكم فكلوا والمراد به الإباحة وإن كانت الصيغة صيغة الأمر « مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » يعني ذكر الله (٢) عند ذبحه دون الميتة وما ذكر عليه اسم الأصنام والذكر هو قول بسم الله وقيل هو كل اسم يختص الله سبحانه به أو صفة تختصه كقول باسم الرحمن أو باسم القديم أو باسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه وما يجري مجراه والأول مجمع على جوازه والظاهر يقتضي جواز غيره لقوله سبحانه « قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » (٣)
« إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ » يعني إن كنتم مؤمنين بأن عرفتم الله ورسوله وصحة ما أتاكم به من عند الله فكلوا ما أحل دون ما حرم وفي هذه الآية دلالة على وجوب التسمية على الذبيحة وعلى أن ذبائح الكفار لا يجوز أكلها لأنهم لا يسمون الله عليها ومن سمى منهم لا يعتقد وجوب ذلك ولأنه يعتقد أن الذي يسميه هو الذي أبد شرع موسى أو عيسى فإذن لا يذكرون الله حقيقة « وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » تقديره أي شيء لكم في أن لا تأكلوا فيكون ما للاستفهام وهو اختيار الزجاج وغيره من البصريين ومعناه ما الذي يمنعكم أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عند ذبحه وقيل معناه ليس لكم أن لا تأكلوا فيكون ما للنفي « وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ » أي بين لكم « ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ » قيل هو ما ذكر في سورة المائدة من قوله « حُرِّمَتْ
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ١٣٢.
(٢) يعني ذكر اسم الله.
(٣) الإسراء : ١١٠.