غير خائف منهم ولو بقوا على هيئتهم لأتيت على آخرهم وقد كفى الله كيدهم وكفى المسلمين شرهم وسيسبقني بقيتهم إلى النبي صلىاللهعليهوآله فيؤمنون به وانصرف أمير المؤمنين عليهالسلام بمن معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره الخبر فسري عنه ودعا له بخير وقال له قد سبقك يا علي إلي من أخافه الله بك فأسلم وقبلت إسلامه (١).
٤٤ ـ الإرشاد : وهذا الحديث روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا منه والمعتزلة لميلها إلى مذهب البراهمة تدفعه ولبعدها عن معرفة الأخبار تنكره وهي سالكة في ذلك طريق الزنادقة فيما طعنت به في القرآن وما تضمنه من أخبار الجن وإيمانهم بالله ورسوله وما قص الله تعالى من نبئهم في القرآن في سورة الجن وقولهم « إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً » إلى آخر ما تضمنه الخبر عنهم في هذه السورة.
وإذا بطل اعتراض الزنادقة (٢) في ذلك مع إعجاز القرآن والأعجوبة الباهرة فيه كان مثل ذلك ظهور بطلان طعون المعتزلة في الخبر الذي رويناه لعدم استحالة مضمونه في العقول وفي مجيئه من طريقين مختلفين وبرواية فريقين متباينين برهان صحته وليس في إنكار من عدل عن الإنصاف في النظر من المعتزلة والمجبرة قدح فيما ذكرناه من وجوب العمل عليه كما أنه ليس في جحد الملاحدة وأصناف الزنادقة واليهود والنصارى والمجوس والصابئين ما جاء في صحته من الأخبار بمعجزات النبي صلىاللهعليهوآله كانشقاق القمر وحنين الجذع وتسبيح الحصى في كفه وشكوى البعير وكلام الذراع ومجيء الشجرة وخروج الماء من بين أصابعه عليهالسلام في الميضاة (٣) وإطعام الخلق الكثير من الطعام القليل قدح في صحتها وصدق رواتها وثبوت الحجة بها.
وساق الكلام إلى قوله ولا زال أجد الجاهل من الناصبة والمعاند يظهر التعجب من الخبر بملاقاة أمير المؤمنين عليهالسلام الجن وكفه شرهم عن النبي صلىاللهعليهوآله وأصحابه و
__________________
(١) إرشاد المفيد : ١٨١ ( ط ١ ) و ١٦٠ ( ط آخوندى ) إعلام الورى ١٨٢.
(٢) في المصدر زيادة : بتجويز العقول وجود الجن وإمكان تكليفهم وثبوت ذلك.
(٣) الميضاة بالقصر وكسر الميم وقد تمد : مطهرة كبيرة يتوضأ منها.