يعترفون (١) بأن هذه الأصنام لا قدرة لها على الخلق والإيجاد والتكوين.
والثانية الذين يقولون مدبر هذا العالم هو الكواكب وهؤلاء فريقان منهم من يقول إنها واجبة الوجود لذواتها (٢) ومنهم من يقول إنها ممكنة الوجود محدثة (٣) وخالقها هو الله تعالى إلا أنه سبحانه فوض تدبير هذا العالم الأسفل إليها وهم الذين ناظرهم الخليل (٤).
والثالثة من المشركين الذين قالوا لجملة هذا العالم بما فيه من السماوات والأرض إلهان أحدهما فاعل الخير وثانيهما فاعل الشر والمقصود من هذه الآية حكاية مذهب هؤلاء فروي عن ابن عباس أنه قال قوله تعالى « وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ » نزلت في الزنادقة الذين قالوا إن الله وإبليس أخوان فالله تعالى خالق النار والدواب والأنعام والخيرات وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب والشرور.
واعلم أن هذا القول الذي ذكره ابن عباس أحسن الوجوه المذكورة في هذه الآية لأن بهذا الوجه يحصل لهذه الآية مزيد فائدة مغايرة لما سبق ذكره في الآيات المتقدمة قال ابن عباس والذي يقوي هذا الوجه قوله تعالى « وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً » (٥) وإنما وصف بكونه من الجن لأن لفظ الجن مشتق من الاستتار والملائكة والروحانيون لا يرون بالعيون فصارت كأنها مستترة من العيون فبهذا (٦) أطلق لفظ الجن عليها.
__________________
(١) في المصدر : معترفون.
(٢) في المصدر : لذاتها.
(٣) في المصدر : ممكنة الوجود لذواتها محدثة.
(٤) في المصدر : وهؤلاء هم الذين حكى الله عنهم أن الخليل صلى الله عليه وسلم ناظرهم بقوله : لا أحب الآفلين.
(٥) الصافات : ١٥٨. قد سقطت هذه الآية عن قلمه الشريف ، وكان يلزم أن يذكرها تلو الآيات.
(٦) في المصدر : فبهذا التأويل.