إنّي صنعت لكم
طعاماً يا معشر قريش وإنّي اُحبّ أن تحضروا كلّكم صغيركم وكبيركم ، وحرّكم وعبدكم.
فقال له رجل منهم : يا بحيراء إنّ لك
اليوم لشأناً ، ما كنت تصنع لنا هذا الطعام وقد كنّا نمرّ بك كثيراً ، فما شأنك
اليوم؟
فقال له بحيراء : صدقت قد كان ما تقول ،
ولكنّكم ضيفٌ ، وقد أحببت أن اُكرمكم وأصنع لكم طعاماً تأكلون منه كلّكم.
فاجتمعوا إليه وتخلّف رسول الله صلّى
عليه وآله وسلّم من بين القوم لحداثة سنّه في رحال القوم تحت الشجرة ، فلمّا رأى
بحيراء القوم لم يجد الصفة التي يعرف فقال : يا معشر قريش لا يتخلّف أحد منكم عن
طعامي هذا.
قالوا له : ما تخلّف عنّا أحد ينبغي له
أن يأتيك إلاّ غلامٌ هو أحدث القوم سنّاً تخلّف في رحالهم.
قال : فلا تفعلوا ، اُدعوه حتّى يحضر
هذا الطعام معكم.
فقال رجل من قريش مع القوم : واللات
والعزّى إنّ هذا اللوم بنا أن يتخلّف ابن عبد المطّلب عن الطعام من بيننا.
قال : ثمّ قام إليه فاحتضنه ثمّ أقبل به
حتّى أجلسه مع القوم ، فلمّا رآه بحيراء جعل يلحظه لحظاً شديداً وينظر إلى أشياء
من جسده قد يجدها عنده في صفته ، حتّى إذا فرغ القوم من الطعام وتفرّقوا قام
بحيراء فقال له : يا غلام أسألك باللات والعزّى إلاّ أخبرتني عمّا أسألك عنه ، وإنّما
قال ذلك بحيراء لاَنّه سمع قومه يحلفون بهما.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تسألني باللات والعزّى ، فوالله
ما أبغضت كبغضهما شيئاً قطّ.
فقال بحيراء : فوالله إلاّ أخبرتني عمّا
أسألك.