السلام من نحو الفرات ، واضطربوا ساعة ، فصرع مسلم بن عوسجة الأسديَ رحمهالله وانصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وانقطعت الغبرة فوجدوا مسلماً صريعاً ، فسعى إليه الحسين عليهالسلام فإذا به رمق فقال له : «رحمك الله يا مسلم مِنهُم مَن قَضى نحبَة (وَمنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدّلوا تَبدِيلا)(١).
وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة ، وحمل على الحسين عليهالسلام وأصحابه من كلّ جانب ، وقاتلهم أصحاب الحسين عليهالسلام قتالاً شديداً ، وأخذت خيلهم تحمل ـ وإنّما هي اثنان وثلاثون فارساً ـ فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة إلاّ كشفته.
فلما رأى ذلك عروة بن قيس ـ وهو على خيل الكوفة ـ بعث إلى عمر ابن سعد : أما ترى ما تلقى خيلي منذ اليوم من هذه العدّة اليسيرة ، فابعث إليهم الرجال الرماة ، فبعث إليهم بالرماة ، فعقر بالحرّ بن يزيد فرسه فنزل عنه وهو يقول :
إن تَعقروا بي فآنا ابنُ الحُرّ |
|
أشجَعُ مِن ذِي لِبَدٍ هِزبَرِ |
فجعل يضربهم بسيفه ، وتكاثروا عليه حتّى قتلوه.
وقاتل أصحاب الحسين عليهالسلام أشدّ قتال ، حتّى أنتصف النهار فلمّا رأى الحصين بن نمير ـ وكأن على الرماة ـ صبر أصحاب الحسين عليهالسلام تقدّم إلى أصحابه ـ وكانوا خمسمائة نابل ـ : أن يرشقوا أصحاب الحسين عليهالسلام بالنبل فرشقوهم ، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وجرحوا الرجال حتى ارجلوهم ، واشتدّ القتال بينهم ساعة.
وجاءهم شمر بن ذي الجوشن لعنه الله في اصحابه ، فحمل عليهم
__________________
(١) الأحزاب ٣٣ : ٢٣.