وأمّا الحسن بن الحسن عليهماالسلام فكان جليلاً فاضلاً ، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين عليهالسلام ، دخل على عبدالملك بن مروان محرشاً (١) على الحجّاج فقال له عبدالملك بعد أن رحّب به وأحسن مسألته : لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد وكان عنده يحيى بن اُمّ الحكم وقد وعده أن ينفعه عنده.
فقال يحيى : وما يمنعه يا أمير المؤمنين؟ شيّبته أمانيّ أهل العراق ، تفد عليه الوفود يمنّونه الخلافة.
فاقبل عليه الحسن وقال : بئس ـ والله ـ الرفد رفدت ، ليس كما قلت ، ولكنّا أهل بيت يسرع إلينا الشيب.
فأقبل عليه عبدالملك وقال : هلّم ما قدمت له.
فقال : إنّ الحجّاج يقول : أدخل عمر بن عليّ معك في صدقة أبيك.
فقال عبد الملك : ليس ذلك له ، اكتب إليه كتاباً لا يجاوزه.
فكتب إليه وأحسن صلة الحسن وأكرمه ، فلمّا خرج من عنده لقيه يحيى بن اُمّ الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره فقال له يحيى : أيهاً عنك ، فوالله لا يزال يهابك ، ولولا هيبتك لم يقض لك حاجة ، وما ألوتك رفداً (٢).
وروي : أنه خطب إلى عمّه الحسين عليهالسلام إحدى ابنتيه ، فقال له الحسين عليهالسلام : «يا بنيّ اختر أحبّهما إليك » فاستحيى الحسن فقال له الحسين عليهالسلام : «فإنّي قد اخترت لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثرهما
_________
(١) الحرش : اغراء الانسان ليقع بقرنه ، وحرش بينهم : افسد واغرى بعضهم ببعض. «انظر : لسان العرب ٦ : ٢٧٩».
(٢) ارشاد المفيد ٢ : ٢٣ ، أنساب الأشراف ٣ : ٧٣ | ٨٥.