انساب فكأنّ الأرض ابتلعته ، وعاد أمير المؤمنين عليهالسلام إلى خطبته فتممها ، فلمّا فرغ منها ونزل اجتمع الناس إليه يسألونه عن حال الثعبان ، فقال لهم : «إنّما هو حاكم من حكّام الجنّ التبست عليه قضيّة فصار إليّ يستفتيني عنها ، فافهمته إيّاها ودعا إليَّ بخير وانصرف»(١).
ومن ذلك : حديث الحيتان وكلامهم له في فرات الكوفة ، وذلك أنّ الماء طغى في الفرات حتّى أشفق أهل الكوفة من الغرق ، ففزعوا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فركب بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخرج الناس معه حتّى أتى شاطىء الفرات فنزل عليهالسلام وأسبغ الوضوء وصلّى ، والناس يرونه ، ودعا الله عزّ وجلّ بدعوات سمعها أكثرهم ، ثمّ تقدّم إلى الفرات متوكّئاً على قضيب بيده حتّى ضرب به صفحة الماء وقال : «انقص بإذن الله ومشيئته» فغاض الماء حتّى بدت الحيتان من قعره ، فنطق كثير منها بالسلام عليه بإمرة المؤمنين ولم ينطق منها اصناف من السمك وهي الجرّيّ والمارماهي ، فتعجّب الناس لذلك ، وسألوه عن علّة نطق ما نطق وصمت ما صمت ، فقال : «أنطق الله لي ما طهر من السمك ، وأصمت عنّي ما نجس وحرم»(٢).
وهذا الخبر مستفيض أيضاً كاستفاضة كلام الذئب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتسبيح الحصى في كفّه وأمثال ذلك.
ومن ذلك : ما جاء في الآثار عن ابن عبّاس قال : لمّا خرج النبيّ
_________
(١) ارشاد المفيد ١ : ٣٤٨ ، روضة الواعظين : ١١٩ ونحوه في بصائر الدرجات ١١٧ ، واثبات الوصية : ١٢٩ ، وبشارة المصطفى : ١٦٤ ، والفضائل لابن شاذان : ٧٠.
(٢) ارشاد المفيد١ : ٣٤٧ ، روضة الواعظين : ١١٩ ، مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٣٣٠ ، ومختصراً في خصائص الرضي : ٥٨ ، واثبات الوصية : ١٢٨ ، ونحوه في فضائل ابن شاذان : ١٠٦ ، وكشف الغمة ١ : ٢٧٥.