بقلبه فكأنه نزل به على قلبه وقيل معناه لقنك الله حق تلقينه (١) وثبته على قلبك وجعل قلبك وعاء له (٢).
وقال البيضاوي : القلب إن أراد به الروح فذاك وإن أراد به العضو فتخصيصه لأن المعاني الروحانية إنما تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ثم تتصعد إلى الدماغ فينتقش بها لوح المتخيلة والروح الأمين جبرئيل فإنه أمين على وحيه « لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ » عما يؤدي إلى عذاب من فعل أو ترك (٣).
« عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى » قال الطبرسي رحمهالله يعني به جبرئيل عليه السلام أي القوي في نفسه وخلقه « ذُو مِرَّةٍ » أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي وقال من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود فرفعها إلى السماء ثم قلبها ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى أهلكوا (٤) وقيل معناه ذو صحة وخلق حسن عن ابن عباس وغيره وقيل شديد القوى في ذات الله « ذُو مِرَّةٍ » أي صحة في الجسم سليم من الآفات والعيوب وقيل « ذُو مِرَّةٍ » أي ذو مرور في الهواء ذاهبا وجائيا نازلا وصاعدا « فَاسْتَوى » جبرئيل على الصورة التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد صلى الله عليه واله « وَهُوَ » كناية عن جبرئيل أيضا « بِالْأُفُقِ الْأَعْلى » يعني أفق المشرق والمراد بالأعلى جانب المشرق وهو فوق جانب المغرب في صعيد الأرض لا في الهواء. قالوا إن جبرئيل عليه السلام كان يأتي النبي صلى الله عليه واله في صورة الآدميين فسأله رسول الله صلى الله عليه واله أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها فأراه نفسه مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء أما في الأرض ففي الأفق الأعلى وذلك أن محمدا صلى الله عليه واله كان بحراء فطلع له جبرئيل عليه السلام من المشرق فسد الأفق إلى المغرب فخر
__________________
(١) في المصدر : حتى تلقيته.
(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٠٤.
(٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ، ص ١٨٨.
(٤) هلكوا ( خ ).