لها من صنوف الآفات فهذا كلام ذكره محققو الفلاسفة وإذا كان الأمر كذلك علمنا أن الذي وردت به الشريعة أمر معقول مقبول عند الكل فكيف يمكن استنكاره من الشريعة؟
فإن قيل (١) ما الفائدة في اختصاص هؤلاء الملائكة مع بني آدم وتسليطهم عليهم؟
قلنا : فيه وجوه :
الأول : أن الشياطين يدعون إلى الشرور والمعاصي وهؤلاء الملائكة يدعون إلى الخيرات والطاعات.
الثاني : قال مجاهد ما من عبد إلا ومعه ملك موكل يحفظه من الجن والإنس والهوام في نومه ويقظته.
الثالث : أنا نرى أن الإنسان قد يقع في قلبه داع قوى من غير سبب ثم يظهر بالأخرة أن وقوع تلك الداعية في قلبه كان سببا من أسباب مصلحته (٢) وخيراته وقد ينكشف أيضا بالأخرة أنه كان سببا لوقوعه في آفة أو معصية ومفسدة فظهر أن الداعي إلى الأمر الأول كان مريدا للخير والراحة وإلى الأمر الثاني كان مريدا للفساد والمحنة والأول هو الملك الهادي والثاني هو الشيطان المغوي.
الرابع : أن الإنسان إذا علم أن الملائكة تحصي عليه أعماله كان إلى الحذر من المعاصي أقرب لأن من آمن يعتقد جلالة الملائكة وعلو مراتبهم فإذا حاول الإقدام على معصية واعتقد أنهم يشاهدونها زجرة الحياء منهم عن الإقدام عليها كما يزجره إذا حضر (٣) من يعظمه من البشر وإذا علم أن الملائكة (٤) يكتبونها كان الردع أكمل.
__________________
(١) في المصدر : ثم في اختصاص هؤلاء الملائكة وتسلطهم على بني آدم فوائد كثيرة سوى التي مر ذكرها من قبل. الأول ...
(٢) في المصدر : مصالحه.
(٣) في المصدر : كما يزجره عنها إذا حضره ...
(٤) في المصدر : وإذا علم ان الملائكة تحصى عليه الاعمال كان ذلك أيضا رادعا له عنها ، وإذا علم أن الملائكة يكتبونها ...