كنت أنسيت أن امي قالت لي في المنام إذا بلغت هذه السنة اعتللت العلة التي قد ذكرتها حتى قال لي أبوالحسين الصوفي ، فحين سمعت الكلام حدثت لي في نفسي في الحال قوة لم يكن من قبل ، فقلت : أقعدوني ، فجاء الغلمان فأمسكوني حتى جلست على الفراش ، وقلت لابي الحسين : اجلس وأعد الحديث ، فقد قويت نفسي فأعاده فتولدت لي شهوة الطعام فاستدعيت الاطباء ، فأشاروا بتناول غذاء وصفوه عمل في الحال وأكلته ، ولم تنقض الحال في اليوم حتى بان لي في الصلاح أمرعظيم ، و أقبلت العافية فركبت وعاودت عاداتي في اليوم الذي قال أبوالحسين في المنام أن أركب فيه ، وكان عضد الدولة يحدثني وأبوالحسين يقول : كذا والله كان ، وكذا قلت لمولانا ، و : اعيذ بالله ما أحسن حفظه وذكر ماجرى حرفا بحرف. ثم قال : ما فاتني في نفسي من هذا المنام شئ ، كنت أشتهي الاشياء ، كنت أشتهي أن يكون فيه مثبتا وشيئا [ كنت ] أشتهي أن لايكون فيه. فقلت : يبلغ الله مولانا آماله ويحدث له كل ما يسر به ، ويصرف عنه كل ما لايؤثر كونه. ولم أزد على الدعاء ، فعلم غرضي وقال : أما الذي كنت أشتهي أن لايكون فيه فهو أنه وقف على أني أملك حلبا ، ولو كان عنده أني أملك شيئا مما تجاوز حلبا لقاله ، وكأني أخاف أن يكون هذا غاية حدي من تلك الناحية ، حتى أنه جاءني الخبر بأن سيف الدولة أظهر الدعوة لي بحلب وأعماله ، ودخل تحت طاعتي ، فذكرت المنام فتنغص علي لاجل هذا الاعتقاد. وأما الذي كنت أشتهي أن يكون فيه فهو أني أعلم من هذا الذي يملك من ولدي ، ويستقل (١) الملك على يديه ، فدعوت له و قطعت الحديث بعدها بنحو سنتين ، وما تجاوزت دعوته أعمال حلب بوجه ولاسبب.
قال : وروى الحاكم النيسابوري في تاريخه بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال : بعث تبع إلى مكة لنقل البيت إليه ، قال : فابتلي بجسده فقال لمنجميه : انظروا فنظروا فقالوا : لعلك أردت بيت الله بشئ ، قال : نعم ، أردت أن ينقل إلي ، قالوا إذا لايكون ، ولكن اكسه وردهم من ذلك ، فردهم عن ذلك وكساه فبرأ « انتهى »
____________________
(١) يستقر ( ظ ).