مالتعجبية فعلا دالا
على التعجب بجوهره ، ينبئ عن شدة تعجبه عليه السلام من
حال القمر وما دبره الله سبحانه فيه وفي أفلاكه بلطائف صنعه وحكمته ، وهكذا
كل من هو أشد اطلاعا على دقائق الحكم المودعة في مصنوعات الله سبحانه فهو
أشد تعجبا منها ، وأكثراستعظاما لها ، ومعلوم أن ما بلغ إليه علمه عليه السلام من
عجائب
صنعه جل وعلا ، ودقائق حكمته في خلق القمر ، ونضد أفلاكه ، وربطه ما ربطه به
من مصالح العالم السفلي ، وغير ذلك فوق ما بلغ إليه [ علم ] أصحاب الارصاد ومن
يحذوحذوهم من الحكماء الراسخين بأضعاف مضاعفة ، مع أن الذي اطلع عليه هؤلاء
من أحواله وكيفية أفلاكه وما عرفوه مما يرتبط به من امور هذا العالم امور كثيرة
يحار فيها ذواللب لسليم قائلا : ربنا ما خلقت هذا باطلا. وتلك الامور ثلاثة انواع
: الاول
ما يتعلق بكيفية أفلاكه وعددها ونضدها وما يلزمه من حركاتها من الخسوف
واختلاف التشكلات وتشابه حركة حامله حول مركز العالم لاحول مركزه ، ومحاذاة
قطر تدويره نقطة سوى مركز العالم ، إلى غير ذلك مما هو مشروح في كتب الهيئة.
الثانى
ما يرتبط بنوره من التغيرات في بعض الاجسام العنصرية كزيادة الرطوبات
في الابدان بزيادته ، ونقصانها بنصانه ، وحصول البحارين للامراض ، وزيادة مياه
البحار ، والينا بيع زيادة بينة في كل يوم من النصف الاول من الشهر ، ثم أخذها في
النقصان يوما فيوما في النصف الاخير منه ، وزيادة أدمغة الحيوانات وألبانها بزيادة
النور ، ونقصانها بنقصانه ، وكذلك زيادة البقول والثمار نموا ونضجا عند زيادة
نوره ، حتى أن المزاولين لها يسمعون صوتا من القثاء والقرع والبطيخ عند تمدده
وقت زيادة النور ، وكإبلاء نور القمر الكتان ، وصبغه بعض الثمار إلى غير ذلك من
الامور التي تشهد به التجربة. قالوا : وإنما اختص القمر بزيادة مانيط به من
أمثال هذه الامور بين سائر الكواكب لانه أقرب إلى عالم العناصر منها ، ولانه
مع قربه أسرع حركة فيمتزج نوره بأنوار جميع الكواكب ، ونوره أقوى من نورها
فيشاركها شركة غالب عليها فيما نيط بنورها من المصالح بإذن خالقها ومبدعها جل
شأنه. الثالث ما يتعلق به من السعادة والنحوسة ، وما يرتبط به من الامور التي هو