قوله « مستشهد بحدوث الاشياء على أزليته ».
« لا تصحبه الاوقات » يحتمل وجهين : أحدهما نفي المصاحبة على الدوام بل وجوده سابق على الازمان كالزمانيات (١) كما قال : « سبق الاوقات كونه » و ثانيهما نفي الزمانية عنه سبحانه مطلقا كما ذهب إليه الحكماء من أن الزمان نسبة المتغير إلى المتغير ولا يكون فيما لا تغير فيه أصلا ، فالمراد بسبق كونه على الاوقات عدم لحوقها له وامتناع مقارنته سبحانه لها ، وربما يؤيد ذلك بقوله عليهالسلام « وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ » فإنه عليهالسلام استدل على عدم جريان السكون والحركة عليه بأنه موجدهما فلا يكونان من صفاته الكمالية ، لان الفعل لا يكون كمالا للفاعل واتصافه بهما لا على وجه الكمال يوجب التغير أو النقص وهذا جار في الزمان أيضا.
وكذا قوله « ويعود فيه ما هو أبداه » أي أظهره ، فقيل : المعنى أنه سبحانه أظهر الحركة والسكون فكانا متأخرين عنه ذاتا ، فلو كانا من صفاته لزم أن يعود المتأخر ويصير متقدما لان صفاته سبحانه عين ذاته فلا يجوز خلوه عنها في مرتبة الاظهار والايجاد ، « ويحدث فيه ما هو أحدثه » لان الشئ لايكون فاعلا وقابلا لشئ واحد ، أو لما مر من لزوم الاستكمال بغيره والنقص في ذاته.
____________________
(١) فناظر إلى إثبات قدمه وعلى كل حال فلا يستفاد من كلامه عليهالسلام أن ما يحتاج إلى العلة ينحصر في الحادث الزمانى بحيث لو فرض ممكن غير حادث زمانا لم يحتج إلى الواجب فتأمل.
وأما تحقيق القول في أن ملاك الاحتياج إلى العلة هل هو الحدوث أو الامكان فله محل آخر.
وأما النكتة في جعله عليهالسلام « الدال » صفة له سبحانه لا لخلقه مع أن الظاهر أن الخلق يدل بحدوثه على قدم الواجب فهى أن الذى يدل الناس إلى الحق حقيقة هو الحق سبحانه كما في الدعاء المأثور « وأنت دللتنى عليك ودعوتنى إليك » ويدل على ذلك روايات كثيرة و أدعية ماثورة ووجوه عقلية يضيق المجال عن ذكرها.
(١) يعنى أن الزمانيات تصحب الزمان مادامت موجودة لكن وجود الواجب غير مقارن للزمان دائما ، لانه تعالى كان موجودا ولم يكن زمان فلما خلق الزمان صار مقارنا له ، وأما الحكماء فينفون مقارنته سبحانه للزمان مطلقا ، لان الزمان أمر تدريجى لا يقارنه إلا ما شأنه الحركة والتغير وهو الجسم لا غير ، ودلالة كلامه عليهالسلام على مقالتهم لاغبار عليه.