الذي لا يصدق عليه القبلية ليمكن أن يكون شئ [ ما ] قبله ، والآخر الذي لا يصدق عليه البعدية الزمانية ليمكن أن يكون شئ ما بعده. وقد يحمل على وجه آخر وهو أنه لم يكن سبقه عدم فيقال إنه مسبوق بشئ من الاشياء إما المؤثر فيه أو الزمان المقدم عليه ، وأنه ليس بذات يمكن فناؤها وعدمها فيكون بعده شئ من الاشياء إما الزمان أو غيره. ويمكن أن يكون المراد بالقبل الزمان المتقدم سواء كان أمرا موجودا أو موهوما ، وبالشئ موجودا من الموجودات أي ليس قبله زمان حتى يتصور تقدم موجود عليه ، وكذا بقاء موجود بعده.
« والرادع أناسي الابصار عن أن تناله أو تدركه » الاناسي بالتشديد جمع « إنسان » وإنسان العين المثال الذي يرى في السواد ، ولا يجمع على « اناس » كما يجمع الانسان بمعنى البشر عليه. وقيل : الاناسي جمع « إنسان العين » مشدد ، و الآخر يشدد ويخفف وقرء « أناسي كثيرا » بالتخفيف. وردعها أي منعها كناية عن عدم إمكان إحساسها له ، لانه سبحانه ليس بجسم ولا جسماني ولا في جهة ، ونلت الشئ أصبته وأدركته : أي تبعته فلحقته ، والمراد بالنيل الادراك التام وبالادراك غيره ، ويتمل العكس ، وأن يكون العطف لتغاير اللفظين أو يكون إشارة إلى جهتين لامتناع الرؤية ، فالنيل إشارة إلى استلزام كونه ذاجهة وجسمانيا ، والادراك إلى أنه يستلزم وجود كنه ذاته في الاذهان وهو ممتنع كما أشرنا إليه في كتاب التوحيد.
« ما اختلف عليه دهر » ظاهره نفي الزمانية عنه تعالى ، ويحتمل أن يراد به جريانه على خلاف مراده أحيانا وعلى وفق إرادته أحيانا حتى يلحقه ما يلحق الخلق من الشدة والرخاء ، والنعم والبؤس ، والصحة والسقم ونحو ذلك.
« ولو وهب ما تتقست » استعار التنفس هنا لابراز المعادن ما يخرج منهما كما يخرج الهواء من تنفس الحيوان « وضحكت عنه » أي تفتحت وانشقت حتى ظهر ويقال للطلع حين تنشق « الضحك » بفتح الضاد ، وقد مربيان لطف تلك التشبيهات.
« والفلز » بكسر الفاء واللام وتشديد الزاي : الجواهر المعدنية كالذهب