الشديد الذي قد يتجاوز المتعارف يصدر احياناً من الاب لجهله وقصر نظره (١).
لقد كان بين الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين ابنته فاطمة عليهاالسلام تعاطف شديد ، وبلغ من حبها لأبيها ايضاً ومن حزنها عليه ، انها مازالت معصبة الرأس ، ناحلة الجسد ، مهيضة الركن ، باكية العين ، محرقة القلب ، وانها لم تُرَ بعد وفاته كاشرة ولا ضاحكة. قيل : وبكت حتى نادى بها اهل المدينة فقالوا لها : آذيتنا بكثرة بكائك ، فجعلت تأتي قبور الشهداء في كل اسبوع مرتين فتقول : ها هنا كان الرسول ، وها هنا كان المشركون. ( لقد كان يسأل النبي في قضية فيجيب : لنأخذ اولا رأي فاطمة. هكذا كان لفاطمة رأي في تربية صحيحة كانت لشخصيتها فيها تلك التنمية ) (٢).
وعن الصادق عليهالسلام : انها كانت تصلي هناك وتدعو ، وانها ظلت على ذلك حتى ماتت ، وقد تكون الزهراء مثلاً اعلى في الصبر على المكاره واحتمال الحرمان حتى الجوع والعطش. مرضت يوماً فدخل عليها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يعودها ، فسألها كيف تجدينك يا بنية؟ قالت : اني موجعة ، وانه ليزيدني اني مالي طعام آكله. قال علي عليهالسلام : ان فاطمة استقت بالقربة حتى اثرت في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها واوقدت النار تحت القدر حتى
__________________
(١) فاطمة الزهراء المرأة النموذجية في الاسلام / ابراهيم الاميني ترجمة : علي جمال الحسيني ص ٩٥.
(٢) فاطمة الزهراء وتر في غمد / سليمان كتاني / ص ١١٤.