كلمه علم أنه مبطل ، وأنه من جملة السحرة أوالكهنة أو ممن يأتيه رئي الجن (١) أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به ، فلما سمع منه قوله « الدخ » زبره وقال : اخسأ فلن تعد وقدرك.
يريد أن ذلك شئ ألقاه إليه الشيطان ، وليس ذلك من قبل الوحي وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها ، وذلك معنى قوله : يأتيني صادق وكاذب فقال له عند ذلك : خلط عليك.
والجملة من أمره أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده « ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بيتة » وقد افتتن قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم واهلكوا ، ونجا من هداه الله وعصمه انتهى كلامه.
أقول : اختلفت العامة في أن ابن الصياد هل هو الدجال أو غيره ، فذهب جماعة منهم إلى أنه غيره ، لما روي أنه تاب عن ذلك ، ومات بالمدينة ، وكشفوا عن وجهه حتى رأوه الناس ميتا ورووا عن أبي سعيد الخدري أيضا ما يدل على أنه ليس بدجال.
وذهب جماعة إلى أنه هوالدجال ، رووه عن ابن عمر وجابر الانصاري (٢)
____________________
(١) رئى الجن : جنى يرى نفسه للكهنة ويلقى اليهم آراءه وأخباره. ومثله رئى القوم لصاحب رأيهم الذى يرجعون اليه.
(٢) ترى تلك الروايات في كتب القوم ابواب الفتن والملاحم باب خروج الدجال كما في سنن أبى داود ج ٢ ص ٤٣٠ ـ إلى ـ ٤٣٥ ومشكاة المصابيح ( ط ـ كراجى ) ص ٤٧٢ إلى ـ ٤٧٩.
فما نقله المصابيح عن أبى سعيد الخدرى : انه قال صحبت ابن صياد إلى مكة فقال لى : ما لقيت من الناس؟ يزعمون انى ادجال! ألست رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول انه لا يولد له ، وقد ولد لى ، أليس قد قال هو كافر؟ وأنا مسلم ، أو ليس قد قال لا يدخل المدينة ولا مكة وقد أقبلت من المدينه وأنا اريد مكة.
ومات نقله عن ابن عمر : أنه قال : عن نافع قال كان ابن عمر يقول : والله ما أشك أن المسيح الدجال هو ابن صياد ، رواه أبوداود والبيهقى في كتاب البعث والنشور.