أهل الحديث ، وجماعة من أهل الكلام والنظر فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلا ثم مضيت بهم فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لاعلمه بمكانهم ، ففعلوا فأعلمته فأمرني بادخالهم ففعلت فدخلوا وسلموا فحدثهم ساعة ، وآنسهم.
ثم قال إني اريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة فمن كان حاقنا أوله حاجة فليقم إلى قضاء حاجته ، وانبسطوا وسلوا أخفافكم وضعوا أرديتكم ، ففعلوا ما إمروا به ، فقال : يإ أيها اليوم إنما استحضرتكم لاحتج بكم عند الله عزوجل فاتقوا الله وانظروا لانفسكم وإمامكم ولا تمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ، ورد الباطل على من أتى به ، وأشفقوا على أنفسكم من النار ، وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه ، وإيثار طاعته ، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه الله عليه فناظروني بجميع عقولكم.
إني رجل أزعم أن عليا خير البشر بعد النبي صلىاللهعليهوآله فان كنت مصيبا فصوبوا قولي ، وإن كنت مخطئا فردوا علي ، وهلموا ، فان شئتم سألتكم ، وإن شئتم سألتموني ، فقال له الذين يقولون بالحديث : بل نسألك فقال : هاتوا وقلدوا كلامكم رجلا منكم ، فاذا تكلم فان كان عند أحدكم زيادة فليزد ، وإن أتى بخلل فسددوه.
فقال قائل منهم : أما نحن فنزعم أن خير الناس بعد النبي صلىاللهعليهوآله أبوبكر من قبل أن الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول صلىاللهعليهوآله قال : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فلما أمرني الرجمة بالاقتداء بهما ، علمنا أنه لم يأمر بالاقتداء إلا بخير الناس.
فقال المأمون : الروايات كثيرة ولا بد من أن يكون كلها حقا أو كلها باطلا أو بعضها حقا وبعضها باطلا ، فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا ، من قبل أن بعضها ينقض بعضا ولو كانت كلها باطلا في بطلانها بطلان الدين ، ودروس الشريعة ، فلما بطل الوجهان ، ثبت الثالث بالاضطرار ، وهو أن بعضها حق وبعضها