مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-118-4 /
الصفحات: ٣٧٢
![]() |
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد
وآله الطيبين الطاهرين
١ ـ أصول الدين وفروعه كلٌّ موحد
تعارف العلماء القدماء على تقسيم الدين إلى : أصول وفروع ، وكثر التعبير في عصرنا بأن الدين يتكون من عقيدة وشريعة ، واستعمل بعضهم عبارة : النظرية والتطبيق...
ومن الواضح أنها تقسيماتٌ تقريبية ، من أجل التمييز بين المسائل التي تبين نظرة الاِسلام إلى الكون والحياة والاِنسان ، والمسائل التي تبين أحكام الشريعة الاِسلامية لتنظيم سلوك الاِنسان وحياته.
وإلا فلو نظرنا بعمق إلى الاِسلام لوجدنا أحكامه الشرعية عقائد يجب الاِيمان بها وعقد القلب عليها ، وعقائده أحكاماً شرعية أوحى بها الله تعالى وأوجب الاِعتقاد بها ، أو هدى إليها العقول وأمضاها.
إن الاِسلام كلٌّ موحدٌ مترابط ، وعقائده وشرائعه أركانٌ لحقيقة واحدة ، جعلها الله تعالى في أبعاد متعددة ، لاَنها تنزلت لبناء شخصية هذا الاِنسان ذات الاَبعاد المتعددة ، وبناء حياته ذات الاَبعاد المتعددة أيضاً.
ومسائل الاِسلام العقيدية لا تقل في أهميتها وضرورتها عن مسائله الفقهية ، بل إن معرفة العقائد متقدمة رتبةً على معرفة الشرائع ، لاَنها أساسها والمؤثرة في فهمها وتطبيقها.
٢ ـ اهتمام مراجع الدين بالاَصول والفروع
وبسبب هذا الترابط بين العقائد والاَحكام كان اهتمام النبي وأهل بيته ، صلى الله عليه وعليهم ، ببناء عقائد المسلمين موازياً لاهتمامهم بتعليمهم أحكام الشريعة ... وعلى خطهم سار فقهاء مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، فكانوا حَفَظَةَ علوم الاِسلام وحُرَّاسَ عقيدته وشريعته ، وعملوا في تعليم الاَمة عقيدتها وشريعتها معاً ، وألفوا في العقائد والفقه مئات الكتب .. وكانوا يضاعفون جهودهم وينوعون وسائلهم عندما يتطلب الاَمر ذلك ، أو تحدث انحرافات ، أو تظهر شبهات.
وشعوراً بأهمية البحوث العقائدية في عصرنا ، فقد أمر
سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني مد ظله
بإنشاء ( مركز المصطفى للدراسات الاِسلامية ) من أجل البحوث والدراسات العقائدية ، ومواجهة الشبهات التي تثار حول هذه المسألة أو تلك من عقائد الاِسلام ومذهب أهل البيت عليهمالسلام.
وقد توفقنا والحمد لله إلى تحقيق خطوة متواضعة في تدوين العقائد المقارنة من مصادرنا ومصادر إخواننا السنة ، في عدة مجلدات ، وها نحن نقدم منها المجلد الاَول الذي يشمل مسائل : الفطرة ، المعرفة ، الرؤية ، التشبيه ، التجسيم. ونرجو الله تعالى أن يوفقنا لاِخراج بقية مجلداته.
كما يجري العمل حسب أمر سيدنا المرجع مد ظله في تكوين ( بنك معلومات عقائدي) وذلك باستخراج المسائل العقائدية الحيوية التي يحتاجها المسلمون في عصرنا من أمهات المصادر ، وتبويبها وتقديمها في برنامج كمپيوتري لتسهيل الرجوع إليها ، ونأمل أن نتوفق لاِتمام هذا العمل بعون الله تعالى.
٣ ـ العرض المقارن
هدفنا الاَول من هذه المجلدات التي قد تصل إلى خمسة ، أن نعرض المواد العلمية الاَساسية لمسائل العقيدة الاِسلامية من مصادرها المعتمدة عند المذاهب المختلفة ، عرضاً مقارناً ، لاَن هذا المنهج يساعد الباحث على رؤية المسألة على طبيعتها ، وتفاوت الآراء فيها وأساليب معالجتها ، ويغنيه عن الرجوع إلى مئات المصادر التي بذلنا جهداً واسعاً في مطالعتها وتبويبها.
٤ ـ التسلسل المنطقي والتاريخي
من الاَمور التي حرصنا عليها في عرض هذه المواد ، أن نقدمها في تسلسل منطقي وتاريخي والمشتغلون في المسائل العقائدية يعرفون أنها مسائل متفاوتة في صعوبتها وسهولتها وطواعيتها للعرض الميسر وَشِمَاسِهَا ، وأن بعضها يتعسر اكتشاف تسلسلها التاريخي أو يتعذر .. وأن الاجتهادات تختلف في بدايتها وتطورها ، وأساليب تقديمها.
ولكنا بذلنا في هذه المجلدات جهدنا ، وتحرّينا فيها وسعنا ، لكي نقدمها في عرض شامل متكامل ، فنوفر على الباحث وقته ، ونيسر له أن يطلع على مواد المسألة المتنوعة ، ثم يختار منها لموضوعه ما شاء.
٥ ـ المنهج الكلامي أو الحديثي
كانت أساليب الناس ومؤلفاتهم بشكل عام في صدر الاِسلام ، متأثرةً بالاَسلوب القرآني الفريد المعجز ، مرصعةً بآياته ، وموشحةً بالاَسلوب النبوي السهل الممتنع ، الذي هو جوامع الكلم ..
ثم دخلت ثروات الثقافات الاَخرى ، خاصة الثقافة اليونانية من منطق وفلسفة ،
والفارسية من فلك وأدبيات ، فتأثر بها المجتمع الاِسلامي عموماً وتولدت بسببها شُبَهٌ جديدة على عقائد الاِسلام ومفاهيمه ، فجاءت ردود علماء المسلمين عليها بذلك الاَسلوب الجديد ، الذي تميز بأنواع من المصطلحات والتعمق .. والتعقيد.
وفي هذا الجو نما علم الكلام واتسع ، وعلى هذاالمنوال تابع مسيرته عبر القرون فجاءت الثروة الكلامية الكبيرة التي يملكها المسلمون ممزوجةً في كثير من الاَحيان بالفلسفة والمنطق والجدل ، ومصبوبة في قوالبها ، وإن كانت مبنية من لبنات القرآن والحديث والسيرة.
وبسبب ذلك تكوَّن عند أهل المذاهب السنية اتجاهان في المسائل العقائدية ، عرفا باسم : المنهج الحديثي ، والمنهج الكلامي .. وجاء الفرق بين المنهجين في الشكل وفي المضمون معاً.
فالمنهج الحديثي الذي يسمونه مذهب أهل الحديث والاَثر ، يعتمد على مواد الحديث وتفسيرات الرواة والعلماء المقبولين عند هذا المذهب أو ذاك ، بينما يعتمد المنهج الكلامي على أحكام العقل ومسائل المنطق والفلسفة ، ويلائم بينها وبين الاَحاديث ، أو يحاكم الاَحاديث على أساسها.
وقد مثَّل المنهج الحديثي الاَشاعرة ، وتَطَرَّفَ منهم مجسمة الحنابلة ، كما مثَّل المنهج الكلامي المعتزلة ، وَتَطَرَّفَ ورثتهم في عصرنا من المتأثرين بفلسفة الغرب وثقافته.
أما الشيعة فلم يكن عندهم فرق في المضمون بين المنهجين ، ولم يواجهوا تعارضاً بين الاَحاديث وأحكام العقل ، وانحصر الفرق عندهم بين المنهج الحديثي والمنهج الكلامي بالشكل وحده.
وقد رجحنا أن نقدم العقائد الاِسلامية بأسلوب يغلب فيه الطابع الحديثي على
الطابع الكلامي الفلسفي ، وجعلنا هدفنا الاَول بحث آيات القرآن الكريم والاَحاديث الشريفة وآراء العلماء المعتمدين عند المذاهب ، لاَن هذه اللغة أوسع قبولاً عند المسلمين ، وأكثر أصالة أيضاً.
على أن اختيار هذا المنهج لا يقلل من قيمة البحوث الكلامية الفلسفية ونفعها ، بل وضرورتها ، فقد طَعَّمنا فيها المسائل ، واخترنا عدداً منها في مواضعها المناسبة.
٦ ـ التوثيق من مصادر الدرجة الاَولى
يلاحظ القاريَ والباحث أنا سعينا في هذه البحوث إلى توثيق نصوصها من مصادر الدرجة الاَولى مهما أمكن ، ونعني بالدرجة الاَولى الاَكثر اعتماداً عند المذاهب ، والاَقدام تأليفاً .. فإن من مشكلات البحوث العقائدية المعاصرة أن فيها الكثير من كلام المؤلف وتحليله وتنظيره ، والقليل من توثيق أفكاره من المصادر ، خاصة عندما ينسب فكرةً أو عقيدةً إلى فئة ، أو رأياً إلى شخص .. كما توجب الاَصول الاَولية للبحث العلمي.
٧ ـ الاَمانة العلمية والاِنصاف
والاَمانة العلمية صفةٌ ضروريةٌ للباحثين وليست كمالية ، وهي تَتْبَع حالة الباحث الدينية والاِنسانية .. فتراها قويةً عند الاَتقياء ، وأصحاب الفطرة السليمة ، ضعيفةً عند ضعاف الدين ، والشخصية.
كما أن الدقة في فهم آراء الآخرين وتفسيرها ، تتبع حالة الفهم والاِنصاف عند الباحث ، وقدرته على القضاء العادل وتجاوز الذات.
ونحن ندعي أننا حرصنا في هذه البحوث الحساسة على الاَمانة في النقل ، والدقة في الفهم ، والاِنصاف في التفسير ، ثم لا نبريَ أنفسنا من الاِشتباه والزلل ، ونشكر من يلفتنا الى خطأ وينفعنا في مطلب .. فالعصمة لله تعالى ، ولمن خصهم بها من الاَنبياء والاَوصياء ، صلوات الله وسلامه عليهم.
٨ ـ بين علم الكلام والمذهب الكلامي
يتحدث بعض الباحثين في المسائل العقائدية عن الموضوعية والاَكاديمية والتجرد عن الذاتية في بحوثهم ، ومع ذلك يقع في الميل والتحيز ، وربما في التجني على من يخالفه!
والاِنصاف أن من يختار موضوعاً عقائدياً ويُدَوِّن مسائله ويقدمها للباحثين والقراء ، لابد أن يكون صاحب هدف ورأي فيها .. ولا عيب على باحثٍ أن يكون صاحب مذهبٍ في بحثه الكلامي أو الفلسفي أو الفقهي ، مادام أميناً في نقله ، منصفاً في بحثه.
ولا نظن منصفاً ينتقدنا في هذا العمل العقائدي المقارن ، فيقول لماذا عرضتم آراء مذهب أهل البيت مع آراء بقية المذاهب ، مع أن سيرة المؤلفين من السلف أن يهملوا آراء هذا المذهب ، أو يتحاملوا عليه!
فقد مضى عهد الحساسية من أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم ، وآن للباحثين أن يفهموا وجهة نظر أهل بيت نبيهم صلىاللهعليهوآله في عقائد الاِسلام.
لقد تربى أكثرنا في المعاهد الدينية بين مصادر علم الكلام والتفسير على سماع آراء عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والحسن البصري ، ومقاتل ، وابن واصل ، وابن عطاء ، والجبائي ، والاَشعري ، والباقلاني ، والطحاوي ، ومن قلدهم من المتأخرين والمعاصرين .. حتى كأنه لا يوجد علم إلا عند هؤلاء ، وكأن بيت نبي هذه الاَمة صلىاللهعليهوآله قد انطفأ بوفاته إلى الاَبد فلم يكن له آلٌ ولا عِتْرة ، وكأن الله تعالى لم يخبر نبيه بأن أهل بيته باقون إلى يوم القيامة ، وبأنهم مرجع الاَمة مع القرآن ، كما في الحديث الصحيح :
( إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تاركٌ فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الاَرض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروني بِمَ تخلفوني فيهما ) رواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ١٧ وغيره.
أما أجيال الاَمة السابقة فقد ذهبوا إلى ربهم وحاسبهم كيف خَلَفوُا نبيه في أهل بيته .. وعلينا نحن أن نريه صلىاللهعليهوآله كيف نخلفه فيهم .. وإن من أبسط حسن خلافته فيهم أن نفهم ما قالوه في عقائد الاِسلام وشريعته.
اللهم اجعل رسولك أحب إلينا من أنفسنا ، وآله وقرابته أحب إلينا من قرابتنا ، وكلامهم أحب إلينا من كلام غيرهم.
شكر وتقدير
في الختام نسجل شكرنا الجزيل للاَخوة الباحثين والفنيين الذين يعملون في هذا المركز ، ويساهمون بجهودهم المشكورة في إعداد أكبر موسوعة عقائدية مقارنة.
ونختم بالشكر لسماحة الاَخ العلامة السيد جواد الشهرستاني وكيل السيد المرجع دام ظله ، الذي قام بتأسيس هذا المركز ، وواصل الاِهتمام به حتى يحقق هدفه المبارك إن شاء الله.
ونسأل الله تعالى أن يحفظ سيدنا المرجع ذخراً للاِسلام والمسلمين ، وأن يوفقنا لخدمة شريعة سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين ، صلوات اللّه وسلامه عليهم.
|
مركز المصطفى للدراسات الاِسلامية علي الكوراني العاملي |
الباب الأَول
الفطرة والمعرفة
الفصل الاَول
الفطرة
هذا الباب بمثابة المقدمة لبقية أبواب العقائد ، وفيه بحوث كثيرة ، لكن أصوله بشكل عام موضع اتفاق بين المسلمين ، لذلك تَتَبعنا مواد موضوعاته من المصادر المختلفة ، وقمنا بتنظيمها وتبويبها موضوعياً تحت عناوين مناسبة ، ليسهل على الباحث الرجوع إليها ، وبسطنا القول أحياناً في بعض موضوعاته التي قدرنا أنها تحتاج إلى ذلك.
آيات فطرة السماوات والكون
وقد أوردنا في أول الفصل الاَول منه آيات فطرة الكون ، لاَنها تنفع في فهم فطرة الاِنسان:
ـ فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريَ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والاَرض حنيفاً وما أنا من المشركين. الاَنعام ٧٨ ـ ٧٩
ـ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والاَرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ، قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين. إبراهيم ـ ١٠
ـ قال بل ربكم رب السماوات والاَرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين. وتالله لاَكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين. الاَنبياء ٥٦ ـ ٥٧
يا قوم لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون. ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين. هود ٥١ ـ ٥٢
ـ فاطر السماوات والاَرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الاَنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. الشورى ـ ١١
ـ الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور. الملك ـ ٣
ـ الحمد لله فاطر السماوات والاَرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ، يزيد في الخلق ما يشاء ، إن الله على كل شيء قدير. فاطر ـ ١
ـ قل اللهم فاطر السماوات والاَرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. الزمر ـ ٤٦
ـ قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والاَرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ، ولا تكونن من المشركين. الاَنعام ـ ١٤
ـ إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والاَرض حنيفاً وما أنا من المشركين. الاَنعام ـ ٧٩
ـ رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاَحاديث فاطر السماوات والاَرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين. يوسف ـ ١٠١
انفطار الكون عند القيامة
ـ إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت. وإذا البحار فجرت. وإذا القبور بعثرت. علمت نفس ما قدمت وأخرت. الاِنفطار ١ ـ ٥
ـ فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيبا. السماء منفطر به كان وعده مفعولا. إن هذه تذكرة فمن شاء إتخذ إلى ربه سبيلا. المزمل ١٧ ـ ١٩
تكاد السماوات تتفطر من عظمة الله
ـ تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ، ألا إن الله هو الغفور الرحيم. الشورى ـ ٥ وقال في بحار الاَنوار ج ٧٠ ص٣٤٦ : تكاد السموات يتفطرن ، أي يتشققن من عظمة الله ، وروى علي بن إبراهيم عن الباقر عليهالسلام : أي يتصدعن من فوقهن. انتهى. وروى نحوه السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٣
تكاد السماوات تتفطر من الاِفتراء على الله
ـ تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الاَرض وتخر الجبال هدا. أن دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا. إن كل من في السماوات والاَرض إلا آتي الرحمن عبدا. لقد أحصاهم وعدَّهم عدا. مريم ٩٠ ـ ٩٣
فطرة الله التي فطر الناس عليها
ـ فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين. من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون. الروم ـ ٣٠ ـ ٣٢
ـ وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا ، قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق
ويعقوب والاَسباط ، وما أوتي موسى وعيسى ، وما أوتي النبيون من ربهم ، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ، وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون. قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون. البقرة ١٣٥ ـ ١٣٩
ـ إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون. هود ـ ٥١
ـ وإذ قال إبراهيم لاَبيه وقومه إنني براء مما تعبدون. إلا الذي فطرني فإنه سيهدين. وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون. الزخرف ٢٦ ـ ٢٨
ـ وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون. وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون. أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لاتغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون. يس ٢٠ ـ ٢٣
ـ قالوا آمنّا برب هارون وموسى. قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ، فلاَقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاَصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى. قالوا لن نؤثرك على ماجاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. طه ٧٠ ـ ٧٢
الفطرة الاَولى والفطرة الثانية
ـ وقالوا أإذا كنا عظاماً ورفاتاً أإنا لمبعوثون خلقاً جديداً. قل كونوا حجارةً أو حديدا. أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا ، قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو ، قل عسى أن يكون قريباً. يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً. الاِسراء ٥١ ـ ٥٢
فطرة الناس على معرفة الله تعالى وتوحيده
ـ نهج البلاغة ج ١ ص ٢١٥
١١٠ ـ ومن خطبة له عليهالسلام : إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه
وتعالى ، الاِيمان به وبرسوله ، والجهاد في سبيله فإنه ذروة الاِسلام ، وكلمة الاِخلاص فإنها الفطرة ، وإقام الصلاة فإنها الملة. انتهى. ورواه في الفقيه ج ١ ص ٢٠٥
ـ الكافي ج ٢ ص ١٢
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال قلت : فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ قال : التوحيد.
ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : فطرة الله التي فطر الناس عليها ، ما تلك الفطرة؟ قال : هي الاِسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال : ألست بربكم؟ وفيهم المؤمن والكافر.
ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : حنفاء لله غير مشركين به؟ قال : الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها. لا تبديل لخلق الله؟ قال : فطرهم على المعرفة به.
ـ المحاسن للبرقي ج ١ ص ٢٤١
عنه ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : حنفاء لله غير مشركين به ، ما الحنيفية؟ قال : هي الفطرة التي فطر الناس عليها ، فطر الله الخلق على معرفته.
ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله عز وجل : فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ قال : فطرهم جميعاً على التوحيد.
ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ابن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قول الله عز وجل : فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ قال : فطرهم على التوحيد.
ـ عنه ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت أباعبدالله عليهالسلام عن قول الله : وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى. قال : ثبتت المعرفة في قلوبهم ونسوا الموقف وسيذكرونه يوماً ما ، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه.
ورواه في علل الشرائع ج ١ ص ١١٧ ، ورواه في تفسير القمي وفيه : فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله : فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل.
ـ التوحيد للصدوق ص ٣٢٨ ـ ٣٣٠
روى الصدوق عشر روايات تحت عنوان ( باب فطرة الله عز وجل الخلق على التوحيد ) وقد تقدم أكثرها ، وجاء في السابعة منها (التوحيد ومحمد رسول الله وعلي أمير المؤمنين ).
ـ معاني الاَخبار للصدوق ص ٣٥٠
محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عز وجل : حنفاء لله غير مشركين به ، وقلت : ما الحنفية؟ قال : هي الفطرة. انتهى. ورواه في بحار الاَنوار ج ٣ ص ٢٧٦ ، وروى عدداً وافراً من هذه الاَحاديث ج ٣ ص ٢٧٦ وج ٥ ص ١٩٦ وص ٢٢٣ ، والحلي في مختصر بصائر الدرجات ص ١٥٨ ـ ١٦٠ ، والحويزي في تفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٩٦ وج ٤ ص ١٨٦ .... وغيرهم.
الفطرة حالة استعداد لا تعني الاِجبار وسلب الاِختيار
ـ نهج البلاغة ج ١ ص ١٢٠
اللهم داحي المدحوات وداعم المسموكات ، وجابل القلوب على فطرتها ، شقيها وسعيدها ، إجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل.
ـ علل الشرائع ج ١ ص ١٢١
أبي ، قال حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال : قلت لاَبي عبدالله عليهالسلام : أيكون الرجل مؤمناً قد ثبت له الاِيمان ينقله الله بعد الاِيمان إلى الكفر؟ قال : إن الله هو العدل ، وإنما بعث الرسل ليدعو الناس إلى الاِيمان بالله ، ولا يدعو أحداً إلى الكفر.
قلت فيكون الرجل كافراً قد ثبت له الكفر عند الله فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الاِيمان؟ قال : إن الله عز وجل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها لا يعرفون إيماناً بشريعة ولا كفراً بجحود ، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الاِيمان بالله ، حجةً لله عليهم ، فمنهم من هداه الله ، ومنهم من لم يهده. انتهى. ورواه في الكافي ج ٢ ص ٤١٦ ، وجاء في هامشه :
قال المجلسي رحمهالله : الظاهر أن كلام السائل استفهام ، وحاصل الجواب : أن الله خلق العباد على فطرة قابلة للاِيمان وأتم على جميعهم الحجة بإرسال الرسل وإقامة الحجج ، فليس لاَحد منهم حجة على الله في القيامة ، ولم يكن أحد منهم مجبوراً على الكفر لا بحسب الخلقة ولا من تقصير في الهداية وإقامة الحجة ، لكن بعضهم استحق الهدايات الخاصة منه تعالى فصارت مؤيدة لاِيمانهم ، وبعضهم لم يستحق ذلك لسوء اختياره ، فمنعهم تلك الاَلطاف فكفروا ، ومع ذلك لم يكونوا مجبورين ولا مجبولين بعد ذلك من الاِيمان إلى الكفر.
ـ تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٤
ـ عن مسعدة عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله : كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.
فقال : كان ذلك قبل نوح. قيل : فعلى هدى كانوا؟ قال : بل كانوا ضلالاً ، وذلك أنه لما انقرض آدم وصالح ذريته بقي شيث وصيه لا يقدر على إظهار دين الله الذي كان عليه آدم وصالح ذريته ، وذلك أن قابيل تواعده بالقتل كما قتل أخاه هابيل ،
فسار فيهم بالتقية والكتمان ، فازدادوا كل يوم ضلالاً حتى لم يبق على الاَرض معهم إلا من هو سلف ، ولحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد الله ، فبدا لله تبارك وتعالى أن يبعث الرسل ، ولو سئل هؤلاء الجهال لقالوا : قد فرغ من الاَمر وكذبوا إنما هي ( هو ) أمر يحكم به الله في كل عام ، ثم قرأ : فيها يفرق كل أمر حكيم ، فيحكم الله تبارك وتعالى ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك.
قلت : أفضلالاً كانوا قبل النبيين أم على هدى؟
قال : لم يكونوا على هدى ، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله ، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله ، أما تسمع يقول إبراهيم : لئن لم يهدني ربي لاَكونن من القوم الضالين ، أي ناسياً للميثاق. انتهى. ورواه في تفسير نور الثقلين ج ١ ص ٧٣٦
ـ تفسير التبيان ج ٢ ص ١٩٥
فإن قيل : كيف يكون الكل كفاراً مع قوله : فهدى الله الذين آمنوا؟
قلنا : لا يمتنع أن يكونوا كلهم كانوا كفاراً ، فلما بعث الله إليهم الاَنبياء مبشرين ومنذرين اختلفوا ، فآمن قوم ولم يؤمن آخرون.
وروي عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله ، لا مهتدين ولا ضلالاً ، فبعث الله النبيين ....
ـ بحار الاَنوار ج ٦٥ ص ٢٤٦
وقال النيسابوري : إعلم أن جمهور الحكماء زعموا أن الاِنسان في مبدأ فطرته خال عن المعارف والعلوم ، إلا أنه تعالى خلق السمع والبصر والفؤاد وسائر القوى المدركة حتى ارتسم في خياله بسبب كثرة ورود المحسوسات عليه حقائق تلك الماهيات وحضرت صورها في ذهنه. ثم إن مجرد حضور تلك الحقائق إن كان كافياً في جزم الذهن بثبوت بعضها لبعض أو انتفاء بعضها عن بعض فتلك الاَحكام علوم