إختيار معرفة الرّجال - ج ٢

السيّد محمّد باقر الحسيني الاسترآبادي

إختيار معرفة الرّجال - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد باقر الحسيني الاسترآبادي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨
الجزء ١ الجزء ٢

وأنا على الباب فدخلتني رقة على الصبية فبكيت ودعوت ، فخرج بالجباير فتناول بيد الصبية فلم يربها شيئا ، ثم نظر الى الاخرى فقال : ما بها شي‌ء ، قال : فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : يا أبا حمزة وافق الدعاء الرضاء فاستجيب لك في أسرع من طرفة عين.

______________________________________________________

يد ابني فقرأت عليه ومسحت الكسر ، فاستوى الكسر باذن الله.

فنزل يحيى بن عبد الله ولم ير شيئا فقال : ناولني اليد الاخرى فلم ير كسرا ، فقال : سبحان الله أليس عهدي به كسرا قبيحا فما هذا؟ أما أنه ليس بعجب من سحركم معاشر الشيعة!

فقلت : ثكلتك أمك ليس هذا بسحر ، بل اني ذكرت دعاء سمعته من مولاي علي بن الحسين عليهما‌السلام فدعوت به فقال : علمنيه فقلت : ابعد ما سمعت ما قلت لا ولا نعمة عين لست من أهله.

قال حمران بن أعين فقلت لأبي حمزة نشدتك بالله الا ما أوردتناه فقال : سبحان الله ما ذكرت ما قلت الا أنا أفيدكم اكتبوا : بسم الله الرحمن الرحيم يا حي قبل كل حي ، يا حي بعد كل حي الدعاء بطوله الى آخره (١).

قلت : ونحن في المعلقات على مهج الدعوات أوردنا لهذا الدعاء اعتصاما يقرء قبله فليؤخذ من هناك.

قوله (ع) : وافق الدعاء الرضاء‌

أي وافق الدعاء ارادة الله تعالى ومشيته لطلبتك ، ورضاه عز وجل بها لخيريتها التي تتوضاها العناية الاولى في انساق نظام الكل ، وموافاتها حد سلسلة الاسباب المترتبة المتأدية اليها في ترتيب نظام الوجود ، فاستجيب لك في أسرع من طرفة عين.

__________________

(١) مهج الدعوات : ١٦٥‌

٤١

٣٥٦ ـ حدثني محمد بن اسماعيل ، قال : حدثنا الفضل ، عن الحسن بن محبوب ، عن على بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : ما فعل أبو حمزة الثمالي؟ قلت : خلفته عليلا ، قال : اذا رجعت اليه فأقرئه مني السلام واعلمه أنه يموت في شهر كذا في يوم كذا.

قال أبو بصير : قلت جعلت فداك والله لقد كان فيه انس وكان لكم شيعة ، قال : صدقت ما عندنا خير لكم من شيعتكم معكم قال : ان هو خاف الله وراقب نبيه وتوقى الذنوب ، فاذا هو فعل كان معنا في درجتنا ، قال علي : فرجعنا تلك السنة فما لبث أبو حمزة الا يسيرا حتى توفي.

٣٥٧ ـ وجدت بخط أبي عبد الله محمد بن نعيم الشاذاني ، قال : سمعت الفضل ابن شاذان ، قال : سمعت الثقة ، يقول : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : أبو حمزة الثمالي في زمانه كلقمان في زمانه ، وذلك أنه قدم أربعة منا ؛ على بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وبرهة من عصر موسى بن جعفر عليه‌السلام ، ويونس بن عبد الرحمن كذلك هو سلمان في زمانه.

______________________________________________________

وهذا اشارة منه عليه‌السلام الى كنه مسألة استجابة الدعاء ، وذلك من غامضات المسائل في علم ما فوق الطبيعة ، والقبس العاشر من كتابنا القبسات ، حيز البحث عن مر الحق في ذلك على السبيل القويم والصراط المستقيم ، وأنه بتحقيق حق القول هنالك لزعيم.

قوله (ع) : قال صدقت ما عندنا خير لكم من شيعتكم‌

يعني ما عندنا خير لكم وأصلح لشأنكم من أن يكون معكم شيعتكم ، اي أصحابكم ومشاركوكم في دين التشيع ، ولا يكون معكم أحد من مخالفيكم في الدين ثم قال عليه‌السلام : ان هو خاف الله وراقبه ونبيه ، يعني ان كان الذي معكم من شيعتكم ممن قد خاف الله وراقبه وراقب نبيه وتوقى الذنوب ، أي وذكر الله تعالى ورآه‌

٤٢

في عقبة بن بشير الاسدى‌

٣٥٨ ـ حمدويه وابراهيم ، قالا : حدثنا ايوب بن نوح ، قال : اخبرنا حنان ابن عقبة بن بشير الاسدي ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فقلت له : اني في الحسب الضخم من قومي ، وان قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا ان يعرفوني عليهم فما ترى لي؟

قال ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : تمن علينا بحسبك أن الله تعالى رفع بالايمان من كان الناس سموه وضيعا اذا كان مؤمنا ، ووضع بالكفر من كان يسمونه شريفا اذا كان كافرا ، فليس لأحد على أحد فضل الا بتقوى الله.

واما قولك ان قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا أن يعرفوني عليهم : فان كنت تكره الجنة وتبغضها فتعرف على قومك يأخذ سلطان جائر بامرئ مسلم يسفك دمه فتشركهم في دمه ، وعسى ان لا تنال من دنياهم شيئا.

في اسلم المكى مولى محمد بن الحنفية (ع)

٣٥٩ ـ حدثني حمدويه ، قال : حدثني أيوب بن نوح ، قال : حدثنا صفوان ابن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن سلام بن سعيد الجمحي ، قال : حدثنا أسلم مولى محمد بن الحنفية ، قال : كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام جالسا مسندا ظهري الى زمزم ، فمر علينا محمد بن عبد الله بن الحسن وهو يطوف بالبيت ، فقال أبو جعفر : يا أسلم أتعرف هذا الشاب؟ قلت : نعم هذا محمد بن عبد الله بن الحسن.

______________________________________________________

رقيبا عليه وكذلك نبيه عليه‌السلام ، كما قد ورد في الحديث ان أعمال الامة تعرض عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وفي المغرب : رقبه رقبة انتظره من باب طلب وراقبه مثله ، ومنه راقب الله اذا خافه ، لان الخائف يرقب العقاب ويتوقعه (١).

وفي بعض النسخ : وان هو خاف الله وراقب نبيه ، والأصحّ الاول.

__________________

(١) المغرب : ١ / ٢١٥‌

٤٣

قال : أما أنه سيظهر ويقتل في حال مضيعة ، ثم قال : يا أسلم لا تحدث بهذا الحديث أحدا فانه عندك أمانة ، قال : فحدثت به معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما أخذ علي.

قال : وكنا عند أبي جعفر عليه‌السلام غدوة وعشية أربعة من أهل مكة فسأله معروف عن هذا الحديث ، فقال : أخبرني عن هذا الحديث الذي حدثنيه فأني أحب أن أسمعه منك ، قال : فالتفت الى أسلم ، فقال له أسلم : جعلت فداك أني أخذت عليه مثل الذي أخذته علي ، قال ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكا ، والربع الاخر أحمق.

٣٦٠ ـ حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عبد الحميد ، عن يونس بن يعقوب قال : سئل أسلم المكي ، عن قول محمد بن الحنفية ، لعامر بن واثلة : لا تبرح مكة حتى تلقاني أو صار أمرك أن تأكل القضة؟ فقال أسلم تعجبا : مما روى عن محمد يا نظر الخياط وهو معهم.

وقال : ألست شاهدنا حين حدثنا عامر بن واثلة أن محمد بن الحنفية قال له يا عامر ان الذي ترجو انما خروجه بمكة ، فلا تبرحن مكة حتى تلقي الذي تحب ، وان صار أمرك الى أن تاكل القضة ، ولم يكن على ما روي أن محمدا قال لا تبرح حتى تلقاني.

______________________________________________________

في اسلم المكى مولى محمد بن الحنفية

قوله : أن تأكل القضة‌

القضة بكسر القاف وتخفيف الضاد المعجمة كعضة من أضعف النبات.

قال في الصحاح : قضة مخففة نبت ينبت في السهل (١).

__________________

(١) الصحاح : ٦ / ٢٤٦٤‌

٤٤

في الكميت بن زيد‌

٣٦١ ـ حدثني حمدويه وابراهيم ، قالا : حدثنا محمد بن عبد الحميد العطار ، عن أبي جميلة ، عن الحارث بن المغيرة ، عن الورد بن زيد ، قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلنى الله فداك قدم الكميت ، فقال : أدخله ، فسأله الكميت عن الشيخين؟ فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : ما أهريق دم ولا حكم يحكم غير موافق لحكم الله وحكم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحكم علي عليه‌السلام الا وهو في أعناقهما ، فقال الكميت : الله اكبر الله اكبر حسبي حسبي.

٣٦٢ ـ طاهر بن عيسى ، قال : حدثني جعفر بن أحمد ، قال : حدثني أبو الحسين صالح بن أبي حماد الرازي ، قال : حدثنا محمد بن الوليد الخراز ، عن يونس بن يعقوب ، قال : أنشد الكميت أبا عبد الله شعره :

أخلص الله في هواى فما أغر

ق نزعا وما تطيش سهامى

______________________________________________________

وفي القاموس : القضة كعدة نبتة (١).

واما تفسيرها بصغار الحصى فلست أجد له مأخذا ، وما جاء بمعنى الصغار من الحصى ، فبالتشديد من المضاعف.

في القاموس : القضة بالكسر عذرة الجارية ، وأرض ذات حصى ، أو منخفضة وترابها رمل ، والى جانبها متن مرتفع ، والحصى الصغار وتفتح في الكل (٢).

وفي النهاية : القض كبار الحصى والقضيض صغارها (٣).

في الكميت بن زيد

قوله : فما أغرق نزعا الخ‌

اغراق النازع وتغريقه في القوس بمعنى ، وهو استيفاء مدها.

__________________

(١) القاموس : ٤ / ٣٧٩‌

(٢) القاموس : ٢ / ٣٤٢‌

(٣) نهاية ابن الاثير : ٤ / ٧٦‌

٤٥

______________________________________________________

في مجمل اللغة : أغرقت النبل مددته غاية المد.

وفي القاموس : أغرق النازع في القوس اغراقا استوفي مدها كغرق فيها تغريقا ، ونزع في القوس نزعا ونزوعا مدها ، وعاد السهم الى النزعة رجع الحق الى أهله. والطيش النزق والخفة وذهاب العقل وجواز السهم الهدف ومجاوزته اياه يقال : طاش يطيش فهو طائش وطياش قاله صاحب القاموس وغيره (١).

ثم في أكثر النسخ أخلص الله في هواي فما أغرق نزعا وما تطيش سهامي ، على صيغة الماضي بفتح همزة القطع من باب الافعال ورفع « الله » على الفاعلية ، وادخال الهمزة المضمومة والغين الساكنة من صيغة أغرق للمتكلم من الاغراق ، في المصراع الاول وابتداء المصراع الثاني من الراء المكسورة والقاف.

فاعترض عليه أبو عبد الله عليه‌السلام وقال له : لا تقل هكذا ، بل قل قد مكان « ما » وأما أن « قد » التحقيقية انما يكون مدخولها الماضي دون المضارع ، فاكثري لا تأتي على اللزوم والوجوب.

وفي طائفة من النسخ « أخلص لله » على المتكلم من خلص يخلص خالصة وخلوصا ، فيتغير تقطيع الوزن من فاعلاتن الى مفتعلاتن.

وفي التنزيل الكريم ( وَالنّازِعاتِ غَرْقاً ) (٢) صفة ملائكة الموت ، فانهم ينزعون أرواح الكفار والفجار من أعماق أبدانهم وأقاصيها وأناملها وأظفارها غرقا ، أي اغراقا شديدا في النزع ، لشدة توغلهم في علائق الاجساد وغواشي الابدان ، أو صفة النفوس الفاضلة حال المفارقة ، فانها تنزع علاقتها عن الابدان بالارادة والطبيعة غرقا أي نزعا شديدا لشدة اعتلاقها بعالم الملكوت ، وكمال تبالغها في النشاط بالسباق‌

__________________

(١) القاموس : ٣ / ٢٧١ و ٨٨ و ٢ / ٢٧٧.

(٢) أول سورة النازعات.

٤٦

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تقل هكذا ولكن قل ـ قد أغرق نزعا وما تطيش سهامي.

٣٦٣ ـ نصر بن صباح ، قال : حدثني اسحاق بن محمد البصري ، قال : حدثني محمد بن جمهور العمي ، قال : حدثنا موسى بن بشار الوشّاء ، عن داود بن النعمان ، قال : دخل الكميت فأنشده ، وذكر نحوه ثم قال في آخره : ان الله عز وجل‌

______________________________________________________

الى حظائر القدس.

أو صفة النجوم وسائر المتحركات بحركة الفلك الاقصى ، فانها تنزع من المشرق الى المغرب غرقا شديدا في النزع من كمال السرعة ، فانها تقطع من مقعر الفلك الاقصى من مقدار ما يقول الانسان واحده باسكان الدال ، ألفا وسبعمائة واثنتين وثلاثين فرسخا ، والله سبحانه يعلم ما يقطعه من محدبه وقتئذ.

وقد أوردنا برهان ذلك في كتاب قبسات الحق اليقين ، وفي المعلقات على زبور آل محمد عليه وعليهم السلام والتسليم.

قوله : محمد بن جمهور العمى (١)

في كتاب النجاشي : محمد بن جمهور العمي (٢).

وفي الفهرست : محمد بن الحسن بن جمهور العمي البصري ، له كتب جماعة قد عدها وعد منها الرسالة المذهبة عن الرضا عليه‌السلام ، وهي الرسالة المكرمة الرضوية المعروفة بالذهبية في الطب (٣) ، عملها عليه‌السلام للمأمون اجابة لالتماسه (٤).

والعمي باهمال العين المفتوحة وتشديد الميم ، نسبة الى قبيلة بني العم.

قال في جامع الاصول : العمي بفتح العين وتشديد الميم منسوب الى مرة بن‌

__________________

(١) وفي المطبوع من الرجال : القمى‌

(٢) رجال النجاشى : ٢٦٠‌

(٣) توجد نسخة خطية منها في مكتبتنا.

(٤) الفهرست : ١٧٢‌

٤٧

يحب معالي الامور ويكره سفسافها.

فقال الكميت : يا سيدي أسألك عن مسألة وكان متّكئا فاستوى جالسا وكسر في صدره وسادة ثم قال : سل ، فقال : أسألك عن الرجلين؟ فقال : يا كميت بن زيد ما أهريق في الإسلام محجمة من دم ، ولا اكتسب مال من غير حله ، ولا نكح فرج حرام الا وذلك في أعناقهما الى يوم يقوم قائمنا ، ونحن معاشر بني هاشم نأمر‌

______________________________________________________

وائل بن عمرو بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس ، ويقال لولده مرة : بنو العم والنسب اليهم العمي.

قوله : ان الله عز وجل يحب معالى الامور ويكره سفسافها‌

وفي كلام الحكماء خير الامور في عالم المحسوس أوسطها ، وفي عالم المعقول أعلاها.

قال ابن الاثير في النهاية : في الحديث « ان الله يحب معالي الامور ويبغض سفسافها » وفي حديث آخر « ان الله رضي لكم مكارم الاخلاق وكره لكم سفسافها ».

السفساف : الامر الحقير والردي من كل شي‌ء ، وهو ضد المعالي والمكارم وأصله ما يطير من غبار الدقيق اذا نخل والتراب اذا اثير.

وفي حديث فاطمة بنت قيس « اني أخاف عليك سفاسفه » هكذا أخرجه أبو موسى في السين والفاء ولم يفسره ، وقال : ذكره العسكري بالفاء والقاف ولم يورده أيضا في السين والقاف.

والمشهور المحفوظ في حديث فاطمة انما هو « اني أخاف عليك قسقاسته » بالقافين قبل السينين ، فأما سفاسفه بالفاء فلا أعرفه (١).

قوله (ع) : ما أهريق في الإسلام محجمة من دم‌

« أهريق » بضم الهمزة وفتح الهاء على ما لم يسم فاعله من باب الافعال ، و‌

__________________

(١) نهاية ابن الاثير : ٢ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤.

٤٨

كبارنا بسبهما والبراءة منهما.

٣٦٤ ـ نصر بن الصباح ، قال : حدثني أبو يعقوب اسحاق بن محمد البصري ، قال : حدثني جعفر بن محمد بن الفضيل ، قال : حدثني جعفر بن علي الهمداني ، قال : حدثني درست بن أبي منصور ، قال : كنت عند أبي الحسن موسى عليه‌السلام وعنده الكميت ابن زيد ، فقال للكميت أنت الذي تقول : فالآن صرت على أمية والامور الى مصائر؟ قال : قد قلت ذاك فو الله ما رجعت عن أيمان واني لكم لموال ولعدوكم لقال ولكني قلته على التقية ، قال : أما لئن قلت ذلك أن التقية تجوز في شرب الخمر.

______________________________________________________

الجمع بين العوض وهي الهاء والمعوض عنها وهي الهمزة واسكان الهاء لغة نقلها الجوهري (١) وغيره.

و « محجمة من دم » مرفوعة على الاقامة مقام الفاعل.

وهنالك تفصيل أوردناه في المعلقات على الفقيه ، وفي المعلقات على الاستبصار.

قوله (ع) : ان التقية تجوز في شرب الخمر‌

روايات أصحابنا وأقوالهم في جواز التقية في شرب الخمر وعدمها مختلفة ، فالصدوقان رضوان الله تعالى عليها قالا : بالمنع ، فعندهما لا تقية في شرب الخمر ، ولا في المسح على الخفين ، ولا في متعة الحج ، كما لا تقية في الدماء ، والشيخ وأتباعه رحمهم‌الله تعالى قالوا بالجواز عند مخافة القتل.

قال شيخنا الشهيد في الذكرى : قال الصدوقان : عن العالم عليه‌السلام ثلاث لا أتقي فيهن أحدا ، شرب المسكر والمسح على الخفين ومتعة الحج ؛ وهو في الكافي والتهذيب بسند صحيح عن زرارة قال : قلت له : أفي مسح الخفين تقية؟ قال : ثلاث لا أتقي فيهن أحدا : شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج ، وتأوله زرارة ـ رحمه‌الله ـ بنسبته الى نفسه عليه‌السلام ، ولم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا ، وتأوله‌

__________________

(١) الصحاح : ٤ / ١٥٧٠‌

٤٩

٣٦٥ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن الحسن ، عن العباس ابن عامر القصباني ، وجعفر بن محمد بن حكيم ، قال : حدثنا ابان بن عثمان ، عن عقبة بن بشير الاسدي ، عن كميت بن زيد الاسدي ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فقال : والله يا كميت لو أن عندنا مالا أعطيناك منه ، ولكن لك ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحسان : لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنا.

______________________________________________________

الشيخ بالتقية لأجل مشقة يسيرة لا تبلغ الى الخوف على النفس أو المال ، لما مر من جواز ذلك للتقية.

قلت : ويمكن أن يقال : ان هذه الثلاث لا يقع الانكار فيها من العامة غالبا ، لأنهم لا ينكرون متعة الحج وأكثرهم يحرم المكسر ، ومن خلع خفه وغسل رجليه فلا انكار عليه ، والغسل أولى منه عند انحصار الحال فيهما ، وعلى هذا يكون نسبته الى غيره كنسبته الى نفسه عليه‌السلام في أنه لا تقية فيه ، واذا قدر خوف ضرر نادر جازت التقية انتهى كلام الذكرى (١).

قلت : فاذن قول أبي الحسن عليه‌السلام للكميت يحتمل أن يكون على وجوه ثلاثة : الاول : على مذهب الصدوقين أنه عليه‌السلام قال له : انك اذا قلت ذلك على التقية وجازت التقية في زعمك في ذلك فيلزمك أن يكون عندك أنه تجوز التقية في شرب الخمر فان ذلك أكبر اثما عند الله وأعظم مفسدة في الدين من شرب الخمر.

الثاني : على مسلك الذكرى كأنه عليه‌السلام يقول : كما لا يصح أن التقية يجوز في شرب الخمر ، اذ من المعلوم أنه ليس يقتل أحد أحدا على اجتناب شرب الخمر كذلك لا يصح جواز التقية فيما قلت ، فانك لو كنت لم تقل ما قلت ولم تمدح بني أمية بما مدحت لم يكن أحد يقتلك على ذلك أو يأخذ منك مالا ، فقوله عليه‌السلام « ان التقية تجوز في شرب الخمر » على هذين الوجهين مصبوب في قالب الانكار ، أو الاستفهام الانكاري.

__________________

(١) الذكرى : ٩٠‌

٥٠

٣٦٦ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن حنان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، قال : دخل الكميت بن زيد على أبي جعفر عليه‌السلام وأنا عنده ، فأنشده : من لقب متيم مستهام ، فلما فرغ منها قال للكميت : لا تزال مؤيدا بروح القدس ما دمت تقول فينا.

______________________________________________________

الثالث : على قول الشيخ وأتباعه يعني عليه‌السلام : انك اذا قلت ذلك على التقية فلا جناح عليك ، فان التقية تجوز في شرب الخمر اذا ما خيف على النفس أو المال وكذلك تجوز فيما قلته ، وعلى هذا فالكلام في سياق الاثبات والتقرير دون الانكار والتعيير ، وهذا أبعد الوجوه فليعرف.

قوله : من لقلب متيم مستهام‌

هذا اول مصراعي المطلع ووزن تقطيعه فاعلاتن مفاعلن ، فتجب مراعاتها في سائر الابيات على ما قد وقعت فيها من الزحافات.

و « المتيم » بفتح التاء المثناه من فوق وتشديد الياء المثناة من تحت على اسم المفعول من باب التفعيل ، يقال : تيمه الحب وتامه أيضا.

قال في الصحاح : معنى تيم الله عبد الله ، وأصله من قولهم تيمه الحب أي عبده وذلّله ، فهو متيم ويقال : أيضا تامته (١).

وفي أساس البلاغة : هو تيم الله أي عبد الله ، ومن المجاز تامت فلانة قلبه وتيمته وهو متيم ، وقرأت شعر المتيمين (٢).

و « المستهام » اسم المفعول من باب الاستفعال من هام يهيم هيما وهيمانا اذا تحير من الحب والعشق.

في القاموس : والهيام بالضم كالجنون من العشق وقلب مستهام هايم (٣).

__________________

(١) الصحاح : ٥ / ١٨٧٩‌

(٢) أساس البلاغة : ٦٦‌

(٣) القاموس : ٤ / ١٩٣‌

٥١

٣٦٧ ـ علي بن محمد بن قتيبة ، قال. حدثني أبو محمد الفضل بن شاذان ، قال : حدثنا أبو الشيخ عبد الله بن مروان الجواري ، قال : كان عندنا رجل من عباد الله الصالحين ، وكان راوية شعر الكميت يعني الهاشميات ، وكان سمع ذلك منه ، وكان عالما بها ، فتركه خمسا وعشرين سنة لا يستحل روايته وانشاده ثم عاد فيه ، فقيل له : ألم تكن زهدت فيها وتركتها؟ فقال : نعم ولكني رأيت رؤيا دعتني الى العود فيه.

فقيل له : وما رأيت؟ قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، وكأنما أنا في المحشر فدفعت إلي مجلة ، قال أبو محمد : فقلت لأبي الشيخ : وما المجلة؟ قال : الصحيفة ، قال : فنشرتها فاذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم أسماء من يدخل الجنة من محبي علي بن أبي طالب ، قال : فنظرت في السطر الاول فاذا أسماء قوم لم أعرفهم ، ونظرت في السطر الثاني فاذا هو كذلك ، ونظرت في السطر الثالث أو الرابع فاذا فيه والكميت ابن زيد الاسدي ، قال : فذلك دعاني الى العود فيه.

في الحكم بن عيينة‌

٣٦٨ ـ حدثني أبو الحسن وأبو اسحاق حمدويه وابراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا الحسن بن موسى الخشاب الكوفي ، عن جعفر بن محمد بن حكيم ، عن ابراهيم بن عبد الحميد ، عن عيسى بن أبي منصور ، وأبي أسامة ، ويعقوب الاحمر قالوا : كنا جلوسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدخل زرارة بن أعين ، فقال له : ان الحكم ابن عيينة روى عن أبيك أنه قال له : صل المغرب دون المزدلفة ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام بأيمان ثلاثة : ما قال أبي هذا قط ، كذب الحكم بن عيينة على أبي عليه‌السلام.

______________________________________________________

وفي الاساس : رجل هيمان عطشان وقوم هيمي ، وقد هام يهيم ، وابل هيام عطاش وبها هيام ، ومن المجاز وهو هايم بفلانه ومستهام ، وقد هام بها وتهيمته ، وبه هيام وهو الجنون من العشق (١).

__________________

(١) أساس البلاغة : ٧٠٩‌

٥٢

٣٦٩ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن محمد بن فيروزان القمي ، قال : أخبرني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن العباس بن معروف ، عن الحجال ، عن أبي مريم الانصاري ، قال ، قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : قل لسلمة بن كهيل والحكم ابن عيينة شرقا أو غربا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت.

٣٧٠ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، قال : حدثني العباس بن عامر ، وجعفر بن محمد بن حكيم ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شهادة ولد الزنا أتجوز؟ قال : لا ، فقلت : ان الحكم بن عيينة يزعم أنها تجوز ، فقال : اللهم لا تغفر ذنبه ، قال الله للحكم ( إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) (١) فليذهب الحكم يمينا وشمالا ، فو الله لا يوجد العلم الا في أهل بيت نزل عليهم جبريل عليه‌السلام.

وحكي عن علي بن الحسن بن فضال أنه قال : كان الحكم من فقهاء العامة ، وكان أستاذ زرارة وحمران والطيار قبل أن يروا هذا الامر ، وقيل : انه كان مرجيا.

في أبى الفضل سدير بن حكيم وعبد السلام بن عبد الرحمن‌

٣٧١ ـ حدثنا محمد بن مسعود ، قال : حدثنا علي بن محمد بن فيروزان ، قال : حدثني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن عذافر ، عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر عنده سدير فقال : سدير عصيدة بكل لون.

______________________________________________________

في أبى الفضل سدير بن حكيم وعبد السلام بن عبد الرحمن

قوله : سدير عصيدة بكل لون‌

يحتمل الحمل على المدح وعلى الذم ، والعصيدة في الاصل رقيق يلت بالسمن ويطبخ قاله ابن الاثير في النهاية (٢).

__________________

(١) سورة الزخرف : ٤٤‌

(٢) نهاية ابن الاثير : ٣ / ٢٤٦‌

٥٣

٣٧٢ ـ حدثنا علي بن محمد القتيبي ، قال : حدثنا الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن بكر بن محمد الازدي ، قال : وزعم لي زيد الشحام ، قال : اني لا طوف حول الكعبة وكفي في كف أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : ودموعه تجري على خديه ، فقال : يا شحام ما رأيت ما صنع ربي إلي ، ثم بكى ودعا ، ثم قال لي : يا شحام اني طلبت الى الهي في سدير وعبد السلام بن عبد الرحمن وكانا في السجن فوهبهما لي وخلي سبيلهما.

______________________________________________________

وقال ابن فارس في مجمل اللغة : وسميت بذلك لأنها تعصد أي تلفت وتلوي ، ومنه قيل : للذي يلوي رأسه عاصد.

قوله : وزعم لى زيد الشحام‌

من الزعامة بمعنى الضمان والكفالة ، أي وضمن وتكفل لي صحة ما يرويه ومنه في حديث علي عليه‌السلام « ذمتي رهينة ( وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) » أي كفيل.

أو من الزعم بمعنى التكلم والتحدث على سبيل الظن أو الشك دون الجزم واليقين ، أي وحدثني به وهو شاك في أنه في سدير وعبد السلام أو في حق غيرهما ، او يعلم أن أحدهما سدير وليس يستيقن أن الاخر منهما عبد السلام بن عبد الرحمن أو غيره.

٥٤

في معروف بن خربوذ المكى‌

٣٧٣ ـ ذكر أبو القاسم نصر بن الصباح ، عن الفضل بن شاذان ، قال : دخلت على محمد بن أبي عمير ، وهو ساجد فأطال السجود ، فلما رفع رأسه وذكر له طول سجوده ، قال : كيف ولو رأيت جميل بن دراج؟ ثم حدثه أنه دخل على جميل بن دراج فوجده ساجدا فأطال السجود جدا فلما رفع رأسه : قال محمد بن أبى عمير أطلت السجود ، فقال : لو رأيت معروف بن خربوذ.

٣٧٤ ـ طاهر بن عيسى ، قال : وجدت في بعض الكتب عن محمد بن الحسن ، عن اسماعيل بن قتيبة ، عن أبي العلاء الخفاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا وجه الله أنا جنب الله ، وأنا الاول ، وأنا الاخر ، وأنا الظاهر ، وأنا الباطن ، وأنا وارث الارض ، وأنا سبيل الله وبه عزمت عليه ، فقال معروف بن خربوذ : ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلو.

٣٧٥ ـ جعفر بن معروف ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن جعفر بن‌

______________________________________________________

في معروف بن خربوذ المكى

قوله : جعفر بن معروف‌

الطريق صحي بعبد الله بن بكير ، فانه وان كان فطحيا فهو من اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، فما قاله السيد بن طاوس من القدح في الطريق بابن بكير لفطحيته وبجعفر بن معروف ، لطعن ابن الغضائري فيه لا تعويل عليه.

وقد أسمعناك فيما سلف أن جعفر بن معروف الذي قال ابن الغضائري أن في مذهبه ارتفاعا ، هو أبو الفضل السمرقندي يروي عنه العياشي ، وجعفر بن معروف هذا الذي يروي عنه أبو عمرو الكشي ، هو أبو محمد بن أهل كش كان وكيلا مكاتبا ، وهو من المشيخة الاجلاء لا غميزة فيه اصلا.

٥٥

بشير ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مروان ، قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه‌السلام أنا ومعروف بن خربوذ ، فكان ينشدني الشعر وأنشده ويسألني وأسأله وأبو عبد الله عليه‌السلام يسمع ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لان يمتلي جوف الرجل قيحا خير له من أن يمتلي شعرا ، فقال معروف : انما يعنى بذلك الذي يقول الشعر فقال : ويلك أو ويحك قد قال ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣٧٦ ـ طاهر قال : حدثني جعفر ، قال : حدثني الشجاعي ، عن محمد بن الحسين ، عن سلام بن بشير الرياني ، وعلي بن ابراهيم التيمي ، عن محمد الاصبهاني ، قال : كنت قاعدا مع معروف بن خربوذ بمكة ونحن جماعة ، فمر بنا قوم على حمير معتمرون من أهل المدينة ، فقال لنا معروف : سلوهم هل كان بها خبر؟ فسألناهم فقالوا : مات عبد الله بن الحسن ، فأخبرناه بما قالوا.

قال ، فلما جاوزوا مر بنا قوم آخرون ، فقال لنا معروف : فسئلوهم هل كان بها خبر فسألناهم فقالوا : كان عبد الله بن الحسن أصابته غشية وقد أفاق ، فاخبرناه بما قالوا.

فقال : ما أدري ما يقول هؤلاء وأولئك ، أخبرني ابن المكرمة ـ يعني أبا عبد الله عليه‌السلام ـ ان قبر عبد الله بن الحسن وأهل بيته على شاطئ الفرات ، قال فحملهم أبو الدوانيق فقبروا على شاطئ الفرات.

في الفضيل بن يسار‌

٣٧٧ ـ حدثنا حمدويه وابراهيم ، قالا : حدثنا محمد بن عيسى ، عن ابراهيم ابن عبد الله ، قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام اذا رأى الفضيل بن يسار قال : ( بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ )

______________________________________________________

قوله : عن محمد بن مروان‌

هو محمد بن مروان البصري من ولد أبي الاسود الدؤلي على ما ستعرفه في ترجمته من ذي قبل.

٥٦

من أحب أن ينظر رجلا من أهل الجنة فلينظر الى هذا.

٣٧٨ ـ ابراهيم بن محمد بن عباس ، قال : حدثني أحمد بن ادريس المعلم القمي ، قال : حدثني محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثني الحسن بن علي بن النعمان ، عن العباس بن عامر ، عن أبان بن عثمان ، عن فضيل بن عثمان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الارض لتسكن الى الفضيل بن يسار.

٣٧٩ ـ الحسين ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن فضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما يمنعني من لقائك الا اني ما أدري ما يوافقك من ذلك؟ قال ، فقال : ذلك خير لك.

٣٨٠ ـ عبد الله بن محمد ، قال : حدثني الحسن بن علي الوشاء ، عن خلف بن حماد عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان أبو جعفر عليه‌السلام اذا دخل عليه الفضيل ابن يسار يقول : بخ بخ ( بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ) ، مرحبا بمن تأنس به الارض.

حدثني علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، ومحمد بن مسعود ، قال : كتب إلي الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن عدة من أصحابنا ، قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام اذا نظر الى الفضيل بن يسار مقبلا قال : ( بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ). وكان يقول : ان فضيلا من أصحاب أبي ، وأني لأحب الرجل أن يحب أصحاب أبيه.

٣٨١ ـ علي بن محمد ، قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن علي الهمداني ، عن علي بن اسماعيل التيمي ، قال : حدثني ربعي بن عبد الله ، قال : حدثني غاسل الفضيل بن يسار ، قال : اني لأغسل الفضيل بن يسار وأن يده لتسبقني الى عورته ، فخبرت بذلك أبا عبد الله عليه‌السلام فقال لي : رحم الله الفضيل بن يسار ، وهو منا أهل البيت.

٣٨٢ ـ حمدويه وابراهيم ، قالا : حدثنا العبيدي ، عن ابن أبي عمير ، عن اسماعيل البصري ، عن أبي غيلان ، قال : أتيت الفضيل بن يسار ، فأخبرته أن محمدا وابراهيم ابني عبد الله بن الحسن قد خرجا ، فقال لي : ليس أمرهما بشي‌ء قال :

٥٧

فصنعت ذلك مرارا ، كل ذلك يرد علي مثل هذا الرد.

قال ، قلت : رحمك الله قد أتيتك غير مرة أخبرك فتقول ليس أمرهما بشي‌ء أفبرأيك تقول هذا؟ قال ، فقال : لا والله ، ولكن سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان خرجا قتلا.

في محمد بن مروان البصرى‌

٣٨٣ ـ حكى العباسي عن علي بن الحسن بن فضال ، قال : كان محمد بن مروان يسكن البصرة وكان أصله الكوفة ، وليس هو الذي روى تفسير الكلبي ، ذلك يسمى محمد بن مروان السدي.

وقال حمدويه : حدثني بعض من رأيته قال : محمد بن مروان من ولد أبي الاسود الدؤلي.

______________________________________________________

في محمد بن مروان البصرى‌

محمد بن مروان البصري ذكره الشيخ في أصحاب أبي جعفر الباقر ، وفي أصحاب أبي عبد الله الصادق عليهما‌السلام وقال : حدث عنه أسيد بن زيد (١).

والذهبي في مختصره قال : محمد بن مروان الذهلي الكوفي ، أبو جعفر عن أبي حازم الاشجعي ، وعنه أبو أحمد الزبيري وأبو نعيم ، وذكر أيضا محمد بن مروان بن قدامة أبو بكر العقيلي العجلي البصري ، عن يونس بن عبيد.

قوله : من ولد أبى الاسود الدؤلى‌

الدؤلي ـ بضم الدال وفتح الهمزة ـ نسبة الى دؤل بضم الدال وكسر الهمزة وفتحها في النسبة من تغييرات النسب ، واسم أبي الاسود الدئلي في الاشهر عند الاكثر ظالم بن عمرو الدؤلي المنسوب الى الدؤل بن عبد مناة بن كنانة.

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٣٦ و ٣٠١‌

٥٨

______________________________________________________

قال في المغرب : أبو حاتم سمعت الاخفش يقول : الدؤل بضم الدال وكسر الواو المهموزة ، دويبة صغيرة شبيهة بابن عروس ، قال : ولم أسمع بفعل في الاسماء والصفات غيره ، وبه سميت قبيلة أبي الاسود الدؤلي ، وانما فتحت الهمزة استثقالا للكسرة مع ياءي النسب كالنمري في نمر.

والدول بسكون الواو غير مهموز الدول بن حنيفة بن لجيم بن صعب ، واليهم ينسب الدولي.

والديل بكسر الدال في تغلب وفي عبد القيس أيضا ، واليهم ينسب ثور بن يزيد الديلي ، وسنان بن أبي سنان الديلي ، وكلاهما في السير. وفي نفي الارتياب سنان بن أبي سنان الدولي ، وفي متفق الجوز قي كذلك ، وفي كتاب الكنى للحنظلي أبو سنان الدولي ويقال الديلي (١) انتهى كلام المغرب.

وفي جامع الاصول : هو أبو الاسود ظالم بن عمرو بن سفيان ، وقيل : ظالم ابن عمرو بن جندل بن سفيان ، وقيل : ظالم بن سارق ، وقيل : سارق بن ظالم ، وقيل : عمرو بن ظالم الدؤلي ، وقيل : الديلي ، من سادات التابعين وأعيانهم ، سمع عمرو عليا ، روى عنه ابنه أبو حرب وعبد الله بن بريدة ، شهد مع علي بن أبي طالب صفين وولي البصرة لابن عباس ، وهو أول من تكلم في النحو بعد علي ، مات بالبصرة في الطاعون الجارف سنة سبع وستين ، وكان قد أسن.

وفي الصحاح : ولا نعلم اسما جاء على فعل غير هذا ، والى المسمى بهذا الاسم نسب أبو الاسود الدؤلي ، الا أنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النسبة ، استثقالا لتوالي الكسرتين مع ياءي النسب ، كما قالوا في النسبة الى نمر نمري.

وربما قالوا : أبو الاسود الدولي قلبوا الهمزة واوا ، لان الهمزة اذ انفتحت‌

__________________

(١) المغرب : ١ / ١٧٣‌

٥٩

في سعد الاسكاف‌

٣٨٤ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، ومحمد ابن مسعود ، قال : حدثني محمد بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، قال : حدثني الحسن بن علي بن يقطين ، عن حفص بن محمد المؤذن ، عن سعد الاسكاف قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام اني أجلس فأقص وأذكر حقكم وفضلكم ، قال : وددت أن على كل ثلاثين ذراعا قاصا مثلك.

قال حمدويه : سعد الاسكاف وسعد الخفاف وسعد بن طريف واحدا. قال نصر : وقد أدرك علي بن الحسين ، قال حمدويه : وكان ناووسيا وفد على أبي عبد الله عليه‌السلام.

______________________________________________________

وكانت قبلها ضمة فتخفيفها أن تقلبها واوا محضة ، كما قالوا في جؤن جون وفي مؤمن مون.

وقال ابن الكلبي هو أبو الاسود الديلي فقلب الهمزة ياء حين انكسرت الدال لتسلم الياء ، كما تقول : قيل وبيع.

قال : واسمه ظالم بن عمرو بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن كنانة ، قال الاصمعي : أخبرنى عيسى بن عمر قال : الديل بن بكر الكناني انما هو الدئل فترك أهل الحجاز الهمزة انتهى كلامه (١).

وبالجملة أبو الاسود الدؤلي من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين والسبطين والسجاد عليهم‌السلام وأجلائهم.

في سعد الاسكاف‌

الاسكاف بالكسر في أساس البلاغة : هو اسكاف من الاساكفة وهو الخراز وقيل : كل صانع (٢).

__________________

(١) الصحاح : ٤ / ١٦٩٤‌

(٢) أساس البلاغة : ٣٠٣‌

٦٠