منتهى المقال في أحوال الرّجال - المقدمة

منتهى المقال في أحوال الرّجال - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : رجال الحديث
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٣

وقساوة الظروف التي كانت تحيطه ، بيد أن ذلك لم يقعد به رحمه‌الله تعالى عن الكتابة والابداع والتأليف ، كشأن غيره من علمائنا الأبرار رحمهم‌الله تعالى ، من الذين عاشوا في مثل تلك المصاعب والمشاق ، فتركوا تراثا ضخما ، وآثارا رائعة تدل على طول باع ، وقدرة كبيرة.

والمعروف أن المصنّف قد عاصر فترة زمينة حسّاسة أبرز سماتها الصراع الفكري المحتدم آنذاك بين الأصوليين والأخباريين ، وإلى ذلك يشير قوله في ترجمة أستاذه الوحيد البهبهاني :

وقد كانت بلدان العراق ـ سيّما المشهدين الشريفين ـ مملوءة قبل قدومه من معاشر الأخباريين ، بل ومن جهّالهم والقاصرين ، حتّى أنّ الرجل منهم كان إذا أراد حمل كتاب من كتب فقهائنا ـ رضي الله تعالى عنهم ـ حمله بمنديل. إلى آخر كلامه.

وقد حدثت في أيامه فتنة كبيرة بين الأصوليين والأخباريين ، إذ إنّ مير محمّد الأسترآبادي ألّف كتابا باسم : الفوائد المدنيّة ، في الردّ على الأصوليّين.

فألّف السيّد دلدار علي النقوي ـ المتوفّى سنة ١٢٣٥ ه‍ ، وتلميذ السيّد محمّد مهدي بحر العلوم ـ في الردّ على الأسترآبادي كتابا باسم :

أساس الأصول.

ثمّ ألّف ميرزا محمّد بن عبد النبيّ النيسابوري الأخباري كتابا باسم :

معاول العقول لقلع أساس الأصول ، في الردّ على دلدار علي النقوي. ممّا أدّى إلى قتله ـ أي الميرزا محمّد الاخباري ـ على أيدي جماعة من الأصوليين في بلدة الكاظمين وذلك سنة ١٢٣٢ ه‍.

وألّف في تلك الفترة تلميذ السيّد دلدار علي النقوي كتاب : مطارق الحقّ واليقين في كسر معاول الشياطين ، في الردّ على الميرزا محمّد أيضا.

٤١

وكذلك نرى أنّ المصنّف ـ أعني الشيخ أبي عليّ الحائري ـ كانت أوّل تآليفه في الردّ على الأخباريين ، إذ ألّف كتاب : عقد اللآلئ البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة ، والمقصود منها الأخباريّين ، وقد ألّفه قبل تأليف كتاب المنتهى بعشرين سنة أي في حدود سنة ١١٧٤ ه‍.

أساتذته :

تتلمذ الشيخ المصنّف على جماعة من علماء عصره ونواميس دهره مثل :

١ ـ الآقا محمّد باقر بن محمّد أكمل الوحيد البهبهاني رحمه‌الله.

وقد عبّر عنه في ديباجة المنتهى : بالأستاذ العلاّمة.

وقال في ترجمته : محمّد بن محمّد أكمل ، المدعو بباقر ، أستاذنا العلاّمة ، وشيخنا الفاضل الفهّامة ـ دام علاه ومدّ في بقاه ـ علاّمة الزمان ، ونادرة الدّوران ، عالم عرّيف ، وفاضل غطريف ، ثقة وأيّ ثقة ، ركن الطائفة وعمادها ، وأورع نسّاكها وعبّادها ، مؤسّس ملّة سيّد البشر في رأس المائة الثانية عشر ، باقر العلم ونحريره ، والشاهد عليه تحقيقه وتحبيره ، جمع فنون الفضل فانعقدت عليه الخناصر ، وحوى صنوف العلم فانقاد له المعاصر. إلى آخر كلامه.

٢ ـ السيّد عليّ بن محمّد بن عليّ الطباطبائي ـ صاحب رياض المسائل ـ وابن أخت الأستاذ العلاّمة الوحيد ، وصهره على بنته.

قال عنه المصنّف في المنتهى :

ثقة عالم عرّيف ، وفقيه فاضل غطريف ، جليل القدر ، وحيد العصر ، حسن الخلق ، عظيم الحلم ، حضرت مدّة مجلس إفادته ، وتلطّفت برهة على تلامذته ، فإن قال لم يترك مقالا لقائل ، وإن صال لم يدع نصالا‌

٤٢

لصائل. إلى آخره.

وقد عبّر عنه في المنتهى : بالسيّد الأستاذ.

٣ ـ ويظهر من الديباجة أيضا بأنّ من مشايخه السيّد محسن ابن السيّد حسن بن مرتضى الكاظمي الأعرجي ، حيث قال :

وذكرت ما ذكره مولانا المقدّس الأمين الكاظمي في مشتركاته ، لئلاّ يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلى كتاب آخر من كتب الفن ، وإن كان ما ذكرته من القرائن يغني في الأكثر عن ذلك.

إلاّ أنّي امتثلت في ذلك أمر السيّد السند ، والركن المعتمد ، المحقّق المتّقي مولانا السيّد محسن البغدادي النجفي الكاظمي.

وهو المراد في هذا الكتاب ببعض أجلاّء العصر ، حيثما أطلق.

٤ ـ ويظهر أيضا أنّ من أساتذته السيّد مهدي بحر العلوم. حيث قال في الديباجة :

وإذا قلت بعض أفاضل العصر ، فالمراد أفضل فضلائه ، وأجلّ علمائه ، نادرة العصر ، ويتيمة الدهر ، السيّد البهيّ ، والمولى الصفيّ ، سيّدنا المهدي الطباطبائي النجفي دام ظلّه وزيد فضله.

ويظهر ذلك أيضا من المحدث النوري في خاتمة المستدرك حيث قال ـ بعد أن ذكر الشيخ أبا عليّ الحائري ـ :

عن الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، ولعلّه يروي عن سائر أساتيذه ومعاصريه كالعلاّمة الطباطبائي ، وصاحب الرياض ، وغيرهما (١).

ويروي عنه كما جاء في المستدرك أيضا.

العالم العامل التقيّ الشيخ عبد العلي الرشتي. الذي يروي عنه‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٠٢.

٤٣

الحاج المولى عليّ ابن ميرزا خليل الطهراني.

مؤلّفاته وكتبه :

قال المصنّف في ترجمة نفسه في باب الكنى : وقد تطفّلت على المشتغلين ، ونظمت نفسي في سلك المؤلّفين ، مع أنّي لست من أهل تلك الدرج ، إلاّ أنّه قد ينظم مع اللؤلؤ السبج ، وممّا كتبته. ثمّ أورد أسماء تلك الكتب ، نذكرها مع شرح ميسّر عنها :

١ ـ عقد اللآلئ البهيّة في الردّ على الطائفة الغبيّة ، وهي رسالة في الردّ على الأخباريين ، وقد ألّفها قبل كتابه المنتهى بعشرين سنة.

وقد عبّر عنها الميرزا محمّد النيشابوري في رجاله : الرسالة البهيّة في الردّ على الطائفة الغويّة (١).

٢ ـ ترجمة رسالة مناسك الحجّ ، الفارسيّة إلى اللّغة العربيّة ، لاستاذه الآقا محمّد باقر البهبهاني.

٣ ـ ترجمة الرسالة الوسطى ، من الرسائل الخمس في مناسك الحجّ ، للآقا محمّد عليّ بن محمّد باقر البهبهاني ـ والتي كلّها بالفارسيّة ـ إلى اللّغة العربيّة.

٤ ـ رسالة في واجبات الحجّ ومحرّماته وبعض مكروهاته ومستحبّاته ، والتي انتخبها ولخّصها من شرح المختصر النافع لاستاذه السيّد علي الطباطبائي صاحب كتاب رياض المسائل.

٥ ـ كتاب زهر الرياض ، باللّغة الفارسيّة ، وهو في الطهارة والصّلاة والصوم ، انتخبها أيضا من شرح المختصر النافع لاستاذه السيّد الطباطبائي‌

__________________

(١) الدريعه : ١١ / ١٣٣ ، ١٥ / ٢٩٥.

٤٤

الموسوم بـ : رياض المسائل ، فاختار اسم الكتاب مطابقا للأصل.

وقد ترجمه إلى لغة الاردو مهدي حسين مولوي.

وقال في الذريعة : إنّه في بعض المواضيع جاء باسم : زهرة ، بالتاء (١).

٦ ـ كتاب : العذاب الواصب على الجاحد والناصب ، أو : معائب النواصب ، ردّا على كتاب : نواقض الروافض ، الذي ألّفه الميرزا مخدوم الشريفي ، ابن بنت السيّد المير سيّد شريف الجرجاني ، وهو في ثلاث مجلّدات.

قال في أوّله : إنّي وقفت على رسالة مروية ومقالة عميّة مسماة بـ : نواقض الروافض لابن بنت الشريف.

إلى أن قال : أقام فيها بزعمه أدلّة عقليّة ونقليّة في الردّ على فرقة الإماميّة الاثني عشريّة.

ثمّ بعد أن ذكر تسميته بـ : العذاب الواصب قال : حيث إنّه مشتمل على جملة من معائبهم فسمّيته : معائب النواصب ودوافن الكواذب.

وله اسم آخر قال : نزل عليّ به الروح الأمين على رسول ربّ العالمين ، قوله : ( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) ، حيث إن تاريخ تأليف كتاب : العذاب الواصب ، سنة ١٢٠٥ ه‍ مطابق لهذه الجملة.

بينما كان تأليف كتاب : النواقض ، سنة ٩٥٧ ه‍ ، وهو مطابق لكلمة : نواقض ، ومطابق أيضا لـ : ( كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ ).

وقدّم له ثلاث مقدّمات ، ذكر فهرسها أوّلا ، وهي بنفسها تعدّ كتابا مستقلا في الإمامة.

__________________

(١) الذريعة : ١٢ / ٧١ ، ٤ / ١٠٦.

٤٥

وذكر المحدث النوري في خاتمة المستدرك بأنّه رآه وهو في غاية الجودة (١).

وذكر المصنّف عند ترجمة نفسه من باب الكنى بأنّه لا زال مشتغلا به حيث قال :

والآن أنا مشتغل في الردّ على صاحب نواقض الروافض ، نسأل الله التمام والفوز بسعادة الختام ، وأن يجعل ذلك كلّه خالصا لوجهه الكريم ، وموجبا لثوابه الجسيم ، إنّه رؤوف رحيم ، عطوف كريم.

٧ ـ كتابنا هذا ، وهو كتاب منتهى المقال ، ويأتي وصفه مفصّلا.

نحن وكتاب منتهى المقال :

بعد أن أنهينا الكلام حول مؤلّف هذا الكتاب ، لا بدّ لنا ـ وحسب ما هو المعهود ـ من التعريف والتوضيح حول بعض الأمور والنكات والتعليقات الموجودة والتي قيلت حول الكتاب ، وكذا الوصف الكامل بما يحتويه الكتاب ، لكي نعطي للقارئ الكريم صورة مصغّرة بما ضمّ بين دفّتيه من موضوعات ونكات.

فنقول :

قسّم المصنّف الكتاب إلى مقدّمة وأصل وخاتمة ، وذكر في المقدّمة خمس مقدّمات فرعية وهي :

الاولى : في تواريخ ومواليد المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.

الثانية : في ذكر جماعة رأوا القائم عليه‌السلام أو وقفوا على معجزته.

الثالثة : في كنى الأئمّة سلام الله عليهم وألقابهم على ما تقرر عند أهل الرجال.

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٠٢.

٤٦

الرابعة : في بيان أسامي رجال يحصل فيهم الاشتباه عند الإطلاق.

الخامسة : في فوائد تتعلّق بالرجال والدراية التقطها من فوائد الأستاذ العلاّمة الوحيد البهبهاني أعلى الله مقامه.

ثمّ شرع في كتاب الرجال ورتّبه حسب الحروف الهجائية ، مبتدءا في كلّ ترجمة من التراجم بملخّص ما ذكره الميرزا محمّد الأسترآبادي في كتابه الكبير منهج المقال ، ثمّ ملخّص ما ذكره أستاذه المولى محمّد باقر البهبهاني في تعليقته على منهج المقال.

وأمّا إذا كان له تعليق أو كلام فإنه يذكره مسبوقا بـ : قلت ، أو : أقول.

ثمّ يختم كلامه بما ذكره الشيخ محمّد أمين الكاظمي في كتابه هداية المحدّثين المعبّر عنه بالمشتركات.

كما أنه قد أضاف بعض التراجم التي لم يذكرها الميرزا الأسترآبادي والوحيد البهبهاني.

وبعد أن انتهى من ذلك شرع في الكنى وقسّمها إلى أبواب ذاكرا أولا :

باب المبتدئين بالأب.

باب المصدّر بابن.

باب المصدّر بأخ.

باب الألقاب.

باب في ذكر نساء لهنّ رواية أو صحبة.

ثمّ أنهى كتابه بالخاتمة وقال :

الخاتمة تشتمل على اثني عشر فائدة نافعة ، ذكر بعضها الميرزا رحمه‌الله.

ثمّ ذكر خمسة فوائد فقط وهي :

الفائدة الأولى : ذكر فيها عدّة الكليني.

٤٧

الفائدة الثانية : ذكر ما ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن بعض الأخبار أنّهم عليهم‌السلام قالوا : خدّامنا شرار خلق الله.

ثمّ ذكر الممدوحين والمذمومين منهم.

الفائدة الثالثة : في السفراء المحمودين في زمان الغيبة.

الفائدة الرابعة : في ذكر المذمومين الذين ادّعوا البابيّة.

الفائدة الخامسة : في ذكر طرق الشيخ الطوسي في كتابيه ، وكذا طرق الشيخ الصدوق.

ثمّ أنهى الكتاب ولم يف بما وعد في مقدّمة الخاتمة من أنّها تشتمل على اثني عشر فائدة.

ولعل مرجع ذلك انشغاله رحمه‌الله تعالى بغيره من المؤلّفات التي أملتها الظروف التي أحاطت به ، كما تشير إلى ذلك النسخة الموجودة عند الحاج الشيخ علي القمّي والتي لم يكتمل آخرها فتمّمها الشيخ محمّد نقي ابن محمّد عليّ الشاهروديّ سنة ١٢١٤ ه‍ ، ذكر في آخرها أنّ اشتغال المؤلّف بردّ نواقض الروافض منعه عن تتميم الفوائد التي وعدها في أوّل الخاتمة.

كما أن المصنّف رحمه‌الله تعالى أشار إلى ذلك أثناء ترجمته لنفسه في باب الكنى حيث قال ـ عند تعداده لمؤلّفاته ـ :

والآن أنا مشتغل في الردّ على صاحب نواقض الروافض.

مؤاخذة على الكتاب :

والملاحظ أن المؤلف رحمه‌الله تعالى قد أهمل ذكر المجهولين في كتابه معللا ذلك بقوله :

ولم أذكر المجاهيل لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم.

٤٨

بينما نرى أنّ الكتب المؤلّفة قبله وبعده جلّها قد ذكرت جميع الرواة بما فيهم المجاهيل ، ولم يسبقه في ذلك أحد إلاّ المحقّق عبد النبيّ الجزائري في كتابه حاوي الأقوال ، فقد أهمل ذكر المجاهيل ، وكذلك المولى خداويردي الأفشار (١).

وليتهم لم يسقطوهم لأنّهم غير منصوصين بالجهالة من علماء الرجال ، مع أنّ الفوائد في ذكرهم كثيرة ولذلك ذكرهم علماء الرجال ، من أوّل يوم ألّفت فيه كتب الرجال وإلى عصره ، وكذا بعد زمانه وإلى هذا اليوم.

فمن فوائد ذكرهم :

أوّلا : إنّه ربما تظهر للناظر أمارة الوثوق بالمجهول فيعمل بخبره ، فلو لم يذكر تنتفي الفائدة والفحص عنه غالبا.

ثانيا : إنّه ربما كان الاسم مشتركا بين المجهول وغيره ، فمع عدم ذكره لا يعلم الاشتراك.

ثالثا : إنّ الفائدة من ذكرهم هي نفس الفائدة في ذكر الموثّق والممدوح والمقدوح وغيرهم ، فلو لم يذكر لم تعلم حاله لمن يريد البحث عن سند الرواية ، كما أنّه لا تعلم صفة غيره لو لم يذكر (٢).

ولكن وكما قالوا إنّ المنهج السداد ما أشار إليه المحقّق الداماد في :

الرواشح ، في الراشحة الثالثة عشر حيث قال :

المجهول :

اصطلاحي : وهو حكم أئمّة الرجال عليه بالجهالة ، كإسماعيل بن قتيبة من أصحاب الرضا عليه‌السلام (٣) ، وبشير المستنير الجعفي من‌

__________________

(١) الذريعة : ٢٣ / ١٣.

(٢) انظر : أعيان الشيعة : ٩ / ١٢٤.

(٣) رجال الشيخ : ٣٦٩ / ٣٦.

٤٩

أصحاب الباقر عليه‌السلام (١).

ولغوي : وهو ليس بمعلوم الحال ، لكونه غير مذكور في كتب الرجال ، ولا هو من المعهود أمره المعروف حاله من حال من يروي عنه ، من دون حاجة إلى ذكره.

والأوّل متعيّن بأنّه يحكم بحسبه ومن جهته على الحديث بالضعف ، ولا يعلّق الأمر على الاجتهاد فيه واستبانة حاله ، على خلاف الأمر في الثاني.

إذ ليس يصحّ ولا يجوز بحسبه ومن جهته أن يحكم على الرواية بالضعف ولا بالصحّة ولا بشي‌ء من مقابلاتهما أصلا ، ما لم يستبن حاله ولم يتّضح سبيل الاجتهاد في شأنه.

أليس للصحيح والحسن والموثّق والقوي أقسام معيّنة لا تصحح إلاّ بألفاظ مخصوصة معيّنة من تلقاء أئمّة الحديث والرجال؟!

ثمّ قال :

وبالجملة ، جهالة الرجل على معنى عدم تعرّف حاله من حيث عدم الظفر بذكره أو بمدحه وذمّة في الكتب الرجالية ليس ممّا يسوغ الحكم بضعف السند أو الطعن فيه ، كما ليس يسوغ تصحيحه أو تحسينه وتوثيقه.

إنّما تكون الجهالة والإهمال من أسباب الطعن ، بمعنى حكم أئمّة الرجال على الرجل بأنّه مجهول أو مهمل.

فمهما وجد شي‌ء من ألفاظ الجرح انصرم التكليف بالفحص والتفتيش وساغ الطعن في الطريق.

فأمّا المجهول والمهمل لا بالمعنى المصطلح عليه عند أرباب هذا‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ١٠٨ / ١١.

٥٠

الفن بالعرف العامّي ـ أعني المسكوت عن ذكره رأسا ، أو عن عدم مدحه وذمّه ـ فعلى المجتهد أن يتتبع مظان استعلام حاله ، من الطبقات والأسانيد والمشيخات والإجازات والأحاديث والسير والتواريخ وكتب الأنساب وما يجري مجراها ، فإن وقع إليه ما يصحّ للتعويل عليه فذاك.

وإلاّ وجب تسريح الأمر إلى بقعة التوقّف ، وتسريح القول فيه إلى موقف السكوت عنه. إلى آخر كلامه أعلى الله مقامه (١).

كما أنّ المصنّف رحمه‌الله تعالى قد أهمل أيضا ذكر مؤلّفات الرواة من الأصول والكتب والنوادر وغيرها ، ولكن هذا لم يكن وحيدا فيه ، إذ إنّ معظم الكتب الرجالية المختصرة قد سلكوا هذا المسلك.

ويبدو من تصفّح كتاب المنتهى أنّ المصنّف ألّف قسما منه في حياة أستاذه الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، والقسم الآخر بعد وفاته ، لأنّه في كثير من المواضع قال عند ذكر اسم أستاذه : « سلّمه الله » أو « دام علاه » ، بينما نجد في البعض الآخر يقول عند ذكر اسمه : « قدس‌سره » ونحو ذلك.

وعلى أية حال فقد نال هذا الكتاب استحسانا وقبولا من قبل العلماء والباحثين ، في عصره وما بعده ، رغم ما أشاروا إليه من نواقص سبق أن أشرنا إليها سابقا تختص بإسقاطه للمجاهيل وعدم ذكره لمؤلفات الرواة من الأصول وغير ذلك ، والتي أشار إليها النوري في خاتمة مستدركة ، وحيث عزا شهرة الكتاب لاشتماله على تمام تعليقة أستاذ المصنّف الوحيد البهبهاني (٢) ،

__________________

(١) الرواشح السماويّة : ٦٠.

(٢) لقد تبيّن لنا أثناء عملنا في تحقيق هذا الكتاب أن هذا القول لا يخلو من جانب كبير من الصحة والصواب ، حيث إننا فوجئنا بأنّ الكثير من العبارات المنقولة عن التعليقة لا وجود لها في جملة النسخ المخطوطة الموجودة لدينا ومن ضمنها النسخة المطبوعة ، ولعلّ مرجع ذلك أنّ هذه العبارات والموارد قد استفادها المصنّف عن أستاذه مباشرة وشفاها فأثبتها ، والله

٥١

حيث قال :

وكتابه هذا لاشتماله على تمام التعليقة لاستاذه الأستاذ الأكبر البهبهاني صار معروفا للعلماء وإلاّ ففيه من الأغلاط ما لا يخفى على نقدة هذا الفن ، مع أنّه أسقط عن الكتاب ذكر المجاهيل ، قال : لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم ، وكذا ذكر مؤلّفات الرواة من الأصول والكتاب (١) ، وبذلك بدأ النقص في كتابه ، مضافا إلى سقطاته ، ومع ذلك قال ـ في جملة كلامه ـ : لئلا يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلى كتاب آخر من كتب الفن ، وسنشير إن شاء الله تعالى في بعض الفوائد الآتية إلى بعض ما ذكر في الكتب والمجاهيل من الفوائد (٢).

إلاّ أن قول العلامة النوري هذا قد تعرّض إلى الرد من قبل بعض المحققين أمثال الميرزا أبو الهدى الكرباسي رحمه‌الله ـ على ما نقل عنه ـ وهو من الرجال الذين قد حازوا حلبة السبق في ميدان الاطلاع والتحقيق في فنّ الرجال ، في كتابه الدرّة البيضاء : ٩ ـ من النسخة الخطّية ـ فقد قال بعد نقل كلام المستدرك :

والظاهر أنّ هذا الكلام لا يخلو من تعسّف وذلك :

أوّلا : ـ بعد الغضّ عن أنّ مجرّد اشتمال الكتاب على النقل من كتاب آخر لا يكون سببا لمعروفيّته وشهرته ، خصوصا مع التمكّن من الرجوع إلى المنقول عنه ـ إنّ في كتاب المنتهى تتبّعات فائقة ، وتصرّفات رائقة أخذت تتلقّى بأحسن القبول ، وكسبت مقاما مرضيا عند الفحول ، وهذا أمر لا يخفى‌

__________________

تعالى هو العالم.

(١) كذا ، وصوابها : الكتب.

(٢) المستدرك ـ الخاتمة ـ : ٣ / ٤٠٢.

٥٢

على الناظر فيه.

ثانيا : قوله : ففيه من الأغلاط ما لا يخفى ، غير صحيح ، إذ إنّ أغلاطه ليست بتلك الصورة التي ذكرها ، بل هي بمقدار مألوف عند المؤلّفين ، وهذا ما نراه في خلاصة العلاّمة ، ورجال ابن داود ، الذي حوى أغلاطا لا تحصى ، وإن أنكر بعض القاصرين وقوع أغلاط فيه ـ أي في رجال ابن داود ـ حيث قال في مقام الردّ على سيّد نقّاده :

ما أنصف الصهباء من

ضحكت إليه وقد عبس

وأجابه السيّد بحر العلوم :

قد أنصف الصهباء من

أزال عنها ما التبس

وهذا الفقير بنفسه سمع المرحوم مؤلّف الدرّة البيضاء مشافهة أنّه قال :

المراد من سيّد النقّاد هو مير مصطفى التفريشي ، حيث ذكر في نقد الرجال أغلاطا في رجال ابن داود.

والمراد من الرادّ عليه : هو الشيخ فرج الله الحويزي ، حيث إنّه ردّ على السيّد مصطفى التفريشي منكرا عليه وقوع غلط فيه (١) ، انتهى.

حواشي الكتاب :

كتبت حول هذا الكتاب بعض الحواشي والمكمّلات ، وخاصة في ذكر المجاهيل نذكرها هنا :

١ ـ تكملة رجال أبي عليّ :

لتلميذ المصنّف درويش علي الحائري.

قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة : رأيت بخط شيخنا العلاّمة‌

__________________

(١) مكارم الآثار : ٢ / ٥٩٣.

٥٣

النوري في حاشية : توضيح المقال ، للحاج المولى عليّ الكني على ذكر المؤلّفين في علم الرجال : إنّ للمولى درويش علي الحائري رسالة في ذكر المجاهيل الذين اسقطهم أستاذه الشيخ أبو عليّ عن رجاله بزعم عدم الحاجة (١).

٢ ـ إكمال منتهى المقال :

وهو للشيخ محمّد عليّ بن قاسم آل كشكول الحائري ، تلميذ صاحب الفصول وشريف العلماء الذي بأمره كتب هذا الكتاب ـ كما صرّح في أوّله ـ.

وفرغ منه يوم الجمعة في النصف من شوال سنة ١٢٤٥ ه‍.

ذكر في أوّله وجه الحاجة إلى ذكر المجاهيل ، ردّا على الشيخ أبي علي الحائري الذي ترك ذكرهم في منتهى المقال ، وتخطئة لطريقته ، فتعرض لجميعهم.

وذكر معهم أيضا كثيرا من المعلومين الذين أهملهم الشيخ أبو علي.

وذكر عند بيان وجه الحاجة إلى ذكر المجاهيل : أنّ له كتاب التنبيهات السنيّة في الاصطلاحات الرجاليّة ، والفائدة الخامسة منه جعلها كتابا مستقلا سمّاه حديقة الأنظار في مشيخة التهذيب والفقيه والاستبصار. وله الفوائد الغاضريّة ، وجملة من الرسائل الرجاليّة (٢).

التعليقات على الكتاب :

علّق على المنتهى جماعة من العلماء منهم :

__________________

(١) الذريعة : ٤ / ٤١٣.

(٢) الذريعة : ٢ / ٢٨٣.

٥٤

أوّلا : السيّد محمد ابن السيّد صالح ابن السيّد محمد بن إبراهيم شرف الدين الموسوي العاملي ، الشهير بالسيّد صدر الدين العاملي الأصفهاني.

المولود بشدغيث من بلاد بشارة في جبل عامل سنة ١١٩٣ ه‍ ، والمتوفّى في النجف الأشرف زائرا في أوّل صفر سنة ١٢٦٣ ه‍ ، والمدفون في الحجرة الغربيّة التي على يمين الداخل إلى الصحن الشريف من الباب السلطاني.

له تعليقات غير مدوّنة على منتهى المقال ، دوّنها ورتّبها سبط أخيه السيّد حسن صدر الدين في كتاب سمّاه : نكت الرجال (١).

ثانيا : حاشية عليه للسيّد أبي تراب الخوانساري ، ضياء الدين عبد العلي بن أبي القاسم جعفر بن السيّد محمّد مهدي الموسوي الخوانساري.

ولد في خونسار سنة ١٢٧١ ه‍ ، وهاجر إلى العتبات المقدّسة من أصفهان سنة ١٢٩٦ ه‍ ، وجاور النجف الأشرف إلى أن توفّي بها في التاسع من جمادى الأولى سنة ١٣٤٦ ه‍ (٢).

ثالثا : السيّد أبي محمّد الحسن ابن السيّد هادي بن محمد عليّ أخو العلاّمة صدر الدين الموسوي العاملي الكاظمي ، المتوفّى سنة ١٣٥٤ ه‍.

له حواش على الكتاب موجودة بخطه ، كتبها على حواشي نسخته من المنتهى موجودة في مكتبته في الكاظميّة.

وله أيضا كتاب : نكت الرجال ، وهي حواشي السيّد صدر الدين‌

__________________

(١) مصفى المقال : ٢٠٣ ، الذريعة : ٦ / ٢٢٣.

(٢) مصفى المقال : ٢٤ ، الذريعة : ٦ / ٢٢٣.

٥٥

العاملي رتّبها وهذّبها بهذا الكتاب.

فرغ منه في سامراء في شهر محرم سنة ١٣١٣ ه‍ ، وهو موجود في خزانته في الكاظميّة (١).

رابعا : الحاشية عليه للميرزا حسين النوري ابن الشيخ الفقيه الميرزا محمّد تقي بن عليّ محمّد النوري الطبرسي.

المولود سنة ١٢٥٤ ه‍ ، والمتوفّى ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ١٣٢٠ ه‍.

له تعليقات كثيرة على الكتاب مبسوطة كتبها على هامش نسخته (٢).

خامسا : الحاشية عليه للشيخ المولى علي ابن الميرزا خليل الطهراني ، المتوفّى في النجف الأشرف سنة ١٢٩٦ ه‍.

ذكرها السيّد الصدر في إجازته المبسوطة للشيخ آقا بزرك الطهراني سنة ١٣٣٠ ه‍ (٣).

سادسا : الحاشية عليه للسيّد شرف الدين عليّ بن محمّد المرعشي التبريزي ، المتوفّى سنة ١٣١٦ ه‍.

ذكرها حفيده المرحوم السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي نزيل قم (٤).

هذا ما تمكنّا جمعه من الكتب والتعليقات والحواشي التي ذكرت حول الكتاب والدالة على المنزلة السامية لهذا الكتاب حيث أولاه هؤلاء الأعلام اهتمامهم ورعايتهم ، وألحقوا به الحواشي والتعليقات.

__________________

(١) مصفى المقال : ١٣٠ ، الذريعة : ٢٤ / ٣٠٤ ، ٦ / ٢٢٢.

(٢) مصفى المقال : ١٥٩ ، الذريعة : ٦ / ٢٢٢.

(٣) الذريعة : ٦ / ٢٢٢.

(٤) الذريعة : ٦ / ٢٢٣.

٥٦

مصادر الترجمة :

إليك بعض المصادر :

هدية الأحباب : ١٩ ، الكنى والألقاب : ١ / ١٢٤ ، كشف الحجب والأستار : ٥٦١ ، الفوائد الرضوية : ٢ / ٣٩٤ ، أحسن الوديعة : ٢ / ١٤ ، منتخب التواريخ باب ٥ فصل ١٢ : ٢٢٧ ، خاتمة مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٠٢ ، تنقيح المقال : ٣ / ٢٨ باب الكنى ، ريحانة الأدب : ٧ / ٢١٠ ، مكارم الآثار : ٢ / ٥٩٣ ـ ٥٩٨ ، إيضاح المكنون : ١ / ٥٦٠ ، ٢ / ١١٠ ، ٥٧٤ ، هدية العارفين : ٢ / ٣٥٣ ، مصفى المقال : ٣٩٤ ، الذريعة : ٢ / ٢٨٣ ، و ٤ / ٤١٣ ، و ٦ / ٢٢٢ ، معجم رجال الحديث : ١٥ / ١٠٦ ، و ٢١ / ٢٥١ ، معجم المؤلفين : ٩ / ٥٧ ، دائرة المعارف تشيع ١ / ٤٢٤ ، رياض الجنة : ٤٧٧ / ٨٩ ، فهرست كتابخانه إهدائي سيد محمد مشكاة به دانشگاه تهران : ٢ / ٦٦٤ برقم ٢٣٣ ، روضات الجنات : ٤ / ٤٠٤.

٥٧

منهجية التحقيق :

لا يخفى على كلّ أحد ما لعلم الرجال من الأهميّة ، وخاصة في الأبحاث العلميّة الحوزويّة والتي تشكل عنصرا مهما في تصنيف وتشخيص الروايات المنقولة عن أهل بيت العصمة عليهم‌السلام ، تجنبا عن الوقوع في الاشتباهات بشتى صورها من خلال تسرب العديد من الروايات الموضوعة والمنسوبة إليهم عليهم‌السلام ، ولا يتأتى ذلك إلاّ من خلال جملة معلومة ـ لدى العلماء والمحققين ـ من الشواهد والمسالك من ضمنها ما يعرف بعلم الرجال.

والمكتبة الشيعية تزدان بجملة وافرة من الأسفار القيمة للعديد من علماء الطائفة ، والمختصة بهذا العلم المهم والحساس ، لا زال الكثير منها بحاجة ماسة إلى تقديمه بالصورة اللائقة به من التحقيق والطبع والنشر.

ومن هنا فقد ارتأت مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام ـ وحسب منهجيتها في نشر هذه العلوم ، وإظهار هذا التراث إلى حيّز الوجود ، من عالم الطباعة القديمة إلى حيث الطباعة الحديثة المحقّقة الأنيقة ـ إلى تحقيق ونشر وطبع بعض الكتب والمصادر الرجاليّة غير المحقّقة ، فشرعت في هذا المضمار ، واختارت بعض المصادر الرجاليّة المهمّة ، فكان في مقدمتها كتاب منتهى المقال للحائري ، وكذا كتاب منهج المقال للميرزا محمّد الأسترآبادي ، وتعليقته للأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني وغيرها ، وكان من المقرر أن تخرج الجميع في فترة واحدة ولكن نظرا لضيق الوقت فقد ارتأى الإسراع بكتاب منتهى المقال قبل غيره ليكون إخراجه موافقا مع مرور قرنين كاملين على وفاة مصنّفه أبي عليّ محمّد بن إسماعيل الحائري رحمه‌الله ، الذي توفّي سنة ١٢١٦ من الهجرة النبويّة الشريفة.

٥٨

ومن هنا فقد نال هذا الكتاب السبق في تقديمه بين يدي القارئ الكريم ، على أن تلحقه تباعا باقي الكتب إن شاء الله تعالى بلطفه وعنايته ، وبعناية وتوجيهات الحضرة المقدّسة ، والوجود الطاهر ، والفيض القدسي لبقية الله الأعظم الحجّة ابن الحسن المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشّريف.

هذا ، وقد اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ ، الأوّليان مخطوطتان والثالثة حجرية.

١ ـ النسخة المخطوطة الاولى :

وهي النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة جامعة طهران تحت رقم ٩٨٥ ، وهي ضمن مجموعة الكتب والمخطوطات المهداة من قبل السيّد محمّد المشكاة إلى مكتبة جامعة طهران.

وهي من أنفس وأقدم النسخ الموجودة للكتاب ، وقد ذكر في فهرست جامعة طهران أنّها بخطّ المصنّف نفسه.

ويظهر من هذه النسخة أنّ المصنّف ألّف الكتاب من دون ذكر ما في المشتركات من الأسماء ، ولكن أضاف المشتركات فيما بعد في حواشي الكتاب.

وتوجد تعليقة حول هذا الموضوع ذكرت في الصفحة الثالثة من النسخة الخطيّة نذكرها هنا وهي :

ورد مؤلّف هذا الكتاب المشهد الرضوي ، وأراني هذا الكتاب الذي بخطّه ، وما كان فيه ذكر المشترك ، قلت له : كتابك جامع ، لكن فيه نقص من جهة ترك المشترك.

وبعد مدّة مديدة أراني هذا وفيه ما كتبه من الحواشي ، وأسند أنّ السيّد محسن الكاظمي أمره بالإلحاق. ولم يذكرني إمّا لما بين العرب والعجم من‌

٥٩

المنافرة كما يشهد منهم ، أو لعدم معرفته رحمه‌الله بحالي.

وبعد الملاقاة الثانية في عراق العرب كان يظهر الإخلاص الخاص ، وصار بيني وبينه محبة كاملة ، واستنبطت الحق له في عدم ذكر اسمي في كتابه عند ذكر سميي ، وعذره من غير الجهة المذكورة أوضح (١).

ويلاحظ في الصفحة الرابعة من النسخة إجازة الآقا محمّد باقر البهبهاني للمصنّف بخط الوحيد ، وهذا نصّها :

بسم الله الرّحمن الرّحيم : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين أجمعين ، ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدّين.

وبعد ، فقد استجاز منّي الولد العزيز ، العالم الفاضل ، المتتبّع الماهر ، الرّشيد السديد ، الجليل النبيل ، مولانا أبو عليّ بن (٢) محمّد بن إسماعيل ، وفقه لمراضيه ، وجعل كلّ يوم من أيّام عمره خيرا من ماضيه ، فأجزت له أن يروي عنّي ما هو من مؤلّفاتي ومصنّفاتي وتحقيقاتي ومسموعاتي ومقروءاتي على مشايخي وأساتيذي العظام الكرام ، والعلماء الأعلام والرؤساء أولي العزّة والاحترام ، غمرهم في بحار ألطافه وإحسانه وغفرانه ، وأسكنهم بحبوحة جنّاته.

وأنا الأقلّ الأحقر الأذلّ محمّد باقر بن محمّد غفر الله تعالى سبحانه عن جرائمهما وزلاتهما آمين بمحمّد وآله الميامين صلوات الله عليهم أجمعين إلى يوم الدين تحريرا في شهر ربيع الأوّل سنة ١١٩٦ ه‍.

وكتب في أعلى هذه الصفحة تاريخ وفاة المرحوم البهبهاني :

توفّي قدّس الله فسيح تربته صبيح يوم السبت تاسع عشر من شهر‌

__________________

(١) حرّره محمّد مهدي الحسيني الموسوي ، الذي اشترى هذا الكتاب من ورثته بواسطة الحاج محمّد كاظم الكاظمي.

(٢) كذا.

٦٠