تراثنا ـ العدد [ 136 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 136 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1019-4030
الصفحات: ٣١٨

١

تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثالث [١٣٦]

السنـة الرابعة والثلاثون

محتـويات العـدد

* النعماني ومصادر الغيبة (١٠).

.............................................  السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٧

* السيّد مهدي القزويني (حياته وآثاره).

.....................................................  د. علي عبّاس الأعرجيّ ٦٠

* السيّد عليّ بن حسين الهاشمي (حياته وآثاره ومخطوط أدب التاريخ).

......................................................  د. عبّاس هاني الجرّاخ ١٣٢

٢

شوّال ـ ذو الحجّة

١٤٣٩ هـ

* تراجم علماء البحرين وكتبهم ومكتباتهم من كتاب (الفوائد الطريفة) (٤).

......................................  عبد العزيز علي آل عبد العال القطيفي ١٨١

* مقدّمة تحليلية لمنهجية دراسة نهضة الإمام الحسين عليه‌السلام.

...............................................  د. حيدر قاسم مَطَر التميمي ٢٢٥

* من ذخائر التراث :

* التهليلية [في إعراب كلمة التوحيد وشرحها] للفاضل الهندي.

.............................................  تحقيق : د. علي موسى الكعبي ٣٧٣

* من أنباء التراث.

.............................................................. هيـئة التحرير ٤٠٤

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (التهليلية [في إعراب كلمة التوحيد وشرحها] للشيخ محمد بن الحسن الفاضل الهندي) والمنشورة في هذا العدد.

٣
٤

٥
٦

النعماني ومصادر الغيبة(١)

(١٠)

السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني

تنويه :

فيما يلي سوف نتحدّث ـ عن الصلة بين السيّد المرتضى والوزير المغربي ـ بشأن تاريخ تأليف كتاب المقنع في الغيبة ـ الذي يُشكّل مصدراً رئيساً لبحث الغيبة ـ لنذكر شذرات متفرّقة حول الوزير المغربي ، ومن ثمّ نتعرّض إلى آرائه التفسيرية بالتفصيل لنقوم من خلالها بالبحث في منهجه التفسيري ، لننتقل بعد ذلك إلى الحديث عن نجله (أبو يحيى عبد الحميد بن الحسين) وأشعاره ، ثمّ نختم البحث بشأن أسرة أبي عبد الله النعماني بذكر بعض أرحام الوزير المغربي.

__________________

(١) تعريب: السيّد حسن عليّ مطر الهاشمي.

٧

الوزير المغربي والسيّد المرتضى

لقد ورد ذكر اسم الوزير المغربي في بداية رسالتين من رسائل السيّد المرتضى (علم الهدى) ، وهما : رسالة مسألة في الولاية من قبل السلطان(١) ، ورسالة المقنع في الغيبة. حيث نقرأ في مستهلّ رسالة في الولاية من قبل السلطان ما يلي :

«جرى في مجلس الوزير السيّد الأجلّ أبي القاسم الحسين بن عليّ المغربي(٢) ـ أدام الله سلطانه ـ في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وأربعمئة ، كلام في الولاية من قبل الظلمة وكيفية القول في حسنها وقبحها ، فاقتضى ذلك إملاء مسألة وجيزة يطّلع بها على ما يحتاج إليه في هذا الباب ...».

لا يبعد أن تكون الهواجس الدينية والمذهبية التي كانت تنازع الوزير المغربي في حينها ـ حيث كان يتولّى أمر الوزارة لمشرف الدولة البويهي ـ كانت هي الدافع وراء طرح مثل هذه المسألة وكتابة هذه الرسالة ، فإنّ الوزير

__________________

(١) ذكر النجاشي هذه التسمية لرسالة السيّد المرتضى في رجاله ، ص ٢٧١ / ٧٠٨. وقد طبعت هذه الرسالة تحت عنوان «مسألة في العمل مع السلطان» ضمن المجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى ، ص ٨٧ ـ ٩٧. ولكن بالالتفات إلى مقدّمة هذا الكتاب نجد تسمية هذه الرسالة بـ «مسألة في الولاية من قبل الظلمة» هو الأنسب بها.

(٢) تم تحريف هذه الكلمة في النصّ المطبوع بالمغربي.

٨

المغربي قد تولّى بعض المسؤوليّات من قبيل الوزارة وكاتب الديوان من قبل هؤلاء الخلفاء والأمراء على الرغم من اعتقاده بمذهب التشيّع الذي يقول بعدم شرعية خلافة الخلفاء وأمراء الجور الأمر الذي كان يثير مخاوف لدى جميع الشيعة الذين يتولّون مثل هذه المناصب ، كان الهاجس الملحّ بالنسبة لهم هو التعرّف على الأحكام الشرعية المترتّبة على من يتولّى مثل هذه المناصب. ومن هنا يأتي استفسار الوزير المغربي من السيّد المرتضى حيث طلب منه الإجابة عن هذه المسألة ، وقد بيّن السيّد المرتضى في هذه الرسالة المختصرة حدود ما يجوز وما يحرم من قبول الولاية من قبل سلاطين الجور.

خلاصة الكلام أنّ السيّد المرتضى يذهب إلى جواز التصدّي للمسؤولية في أجهزة سلاطين الجور إذا كان الدافع من ذلك إقامة الحقِّ ودفع الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل يكون الدخول في أمر السلطان واجباً ، خاصّة إذا كان ذلك مصحوباً بالإكراه ، بحيث تتعرّض حياته للخطر إذا لم يقبل الولاية منه.

وقد كانت مثل هذه الدوافع هي السبب وراء قبول العلماء والصالحين التصدّي لهذه الأعمال. وفي الحقيقة فإنّ الذي يبدو بحسب الظاهر هو أنّ هؤلاء الأفراد كانوا منصوبين من قبل سلاطين الجور ، بيد أنّ الحقيقة هي أنّهم منصوبون من قبل الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام ، لأنّهم إنّما قبلوا بتولّي هذه المناصب بإذن خاصّ من الأئمّة مع اشتراط رعاية بعض الأمور عليهم ، وبطبيعة الحال

٩

يتعيّن على هؤلاء أن لا يقوموا ببعض الأعمال الجائرة ، وخاصّة مثل قتل النفس ، فإنّ ذلك لا يجوز حتّى لو كان هناك إكراه في البين.

وإذا وافقوا على تولّي مثل هذه المناصب لدوافع صحيحة ، لم يكن للناس الحقّ في منازعتهم والاعتراض عليهم.

هذا وقد استطرد السيّد المرتضى في هذه الرسالة واسترسل في بيان كيفية تشخيص الدوافع الصحيحة من السقيمة لنفس المتولّي لتلك المناصب وسائر الناس أيضاً.

الوزير المغربي ورسالة المقنع في الغيبة :

أمّا الرسالة الأخرى للسيّد المرتضى التي وردت فيها الإشارة إلى اسم الوزير المغربي فهي رسالة المقنع في الغيبة ، إذ جاء في بدايتها ما يلي :

«جرى في مجلس الوزير السيّد ـ أطال الله في العزّ الدائم بقاءه ، وكبت حسّاده وأعداءه ـ كلام في غيبة الإمام ألممتُ بأطرافه ، لأنّ الحال لم يقتض الاستقصاء والاستيفاء ، ودعاني ذلك إلى إملاء كلام وجيز فيها يطّلع به على سرّ هذه المسألة ويحسم مادّة الشبهة المعترضة فيها ، وإن كنت قد أودعت الكتاب الشافي في الإمامة ، وكتابي في تنزيه الأنبياء والأئمّة : من الكلام في الغيبة ما فيه كفاية ...»(٣).

يبدو أنّ المراد من الوزير في هذه العبارة هو الوزير المغربي ، كما ذكر

__________________

(١) السيّد المرتضى ، المقنع ، ص ٣١.

١٠

ذلك العلاّمة الطهراني في كتابه القيّم الذريعة إلى تصانيف الشيعة(١). وليس من المستبعد أن تكون هذه الرسالة قد كتبت بعد الرسالة المتقدّمة ، فإنّ أسلوب دعاء السيّد المرتضى للوزير المغربي يوحي بأنّ الوزير كان يعاني من حسد الحاسدين وعداوة بعض المبغضين ، وإنّ مقارنة هذا الدعاء بالدعاء الوارد في الرسالة الأولى يثبت اختلاف الواقع السياسي الذي كان عليه الوزير المغربي في فترة كتابة كلتا الرسالتين ، ولكي نلقي مزيداً من الضوء على هذا الموضوع يجدر بنا أن نلقي نظرة عابرة على سيرة حياة الوزير المغربي المليئة بالمنعطفات :

تعرّضنا في المقال السابق إلى رواية الوزير المغربي لسيرته وبداية حياته وجذور أسرته وكيفية انتقالهم إلى مصر وتمكّنهم فيها ، وقد كانت نهاية حياة هذه الأسرة في مصر مأساوية ، حيث غضب عليهم الحاكم العبيدي في ذي القعدة من عام ٤٠٠ للهجرة ، فقتل والد الوزير المغربي وعمّه وأخوين له ، وقد سعى إلى الظفر بالوزير المغربي نفسه أيضاً ، بيد أنّ الوزير نجح في الإفلات من قبضته ، حيث احتال عليه بدهاء وهرب منه ولجأ إلى أمير الرملة ابن الجرّاح حسّان بن حسن ، وقد أضمر الوزير الانتقام من حاكم مصر ، وعمل على إثارة أمير الرملة ضدّ خليفة مصر ، وشجّعه على بيعة أمير مكّة أبو الفتوح الحسن بن جعفر.

__________________

(١) العلاّمة الطهراني ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ٢٢ ، ص ١٢٣ (نقلاً عن المحدّث النوري).

١١

وقد ذهب الوزير المغربي إلى مكّة ، ثمّ عاد منها إلى الرملة بصحبة أمير مكّة ، وحيث تخوّف الحاكم من هذه التحرّكات بذل أموالاً طائلة لاجتذاب ابن الجرّاح إلى صفّه ، ولذلك فقد أعرض ابن الجرّاح عن أبي الفتوح ، فعاد أبو الفتوح إلى مكّة ، وهرب الوزير المغربي إلى العراق ، وأقام هناك عند فخر الملك في واسط ، وقد حظي الوزير المغربي باحترام فخر الملك ، وقد عمل الأخير على إزالة سوء ظنّ الخليفة العبّاسي به ، وبعد مقتل فخر الملك انتقل الوزير المغربي إلى بغداد ، ثمّ توجّه بعد ذلك إلى الموصل ليتولّى الكتابة والوزارة للأمير قرواش(١).

وقد أشار ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ ضمن أحداث سنة ٤١١ للهجرة إلى إلقاء قرواش القبض على الوزير المغربي ، واحتيال الوزير عليه وهروبه من سجنه ، حيث قال ما نصّه : «في هذه السنة قبض معتمد الدولة قرواش بن المقلّد على وزيره أبي القاسم المغربي ... وأمّا المغربي فإنّه خدع قرواشاً ، ووعده بمال له في الكوفة وبغداد فأمر بحمله ، وترك»(٢).

وقال في بيان أحداث سنة ٤١٤ للهجرة : «في هذه السنة قبض مشرف الدولة على وزيره مؤيّد الملك الرخجي في شهر رمضان .... واستوزر بعده أبا القاسم الحسين بن عليّ بن الحسين المغربي ، ومولده بمصر سنة سبعين

__________________

(١) لقد وردت أخبار الوزير المغربي في العديد من المصادر ، ولكنّنا اعتمدنا في الغالب على «معجم الأدباء» ، ج ١٠ ، ص ٨٣.

(٢) عزّ الدين بن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٥ ، ص ٦٥١ و ٦٥٢.

١٢

وثلاثمائة»(٧).

كما نقل ابن العديم هذا التاريخ لاستيزار الوزير المغربي عن تاريخ الصابي أيضاً(٨) ، بيد أنّه نقل عن مصادر أخرى أنّ تاريخ وزارته في بغداد في شهر رمضان سنة ٤١٥ للهجرة(٩) ، ويبدو أنّ ذلك وقع خطأ ؛ لأنّ السيّد المرتضى يُشير في بداية رسالته ـ رسالة الولاية من قبل السلطان ـ إلى تواجده وحضوره في مجلس الوزير السيّد الأجل أبي القاسم الحسين بن عليّ المغربي ـ أدام الله سلطانه ـ في جمادى الآخرة سنة ٤١٥ للهجرة ، ويبدو من ظاهرها أنّ وزارة الوزير المغربي كانت في هذا التاريخ(١٠).

وقد أشار ابن الأثير في أحداث سنة ٤١٥ للهجرة إلى الخلاف المحتدم بين الأثير عنبر الخادم ومعه الوزير ابن المغربي من جهة ، وبين الأتراك من جهة أخرى ، الأمر الذي أدّى إلى هروب الوزير المغربي إلى قرواش(١١).

وأضاف ابن الأثير أنّ وزارة الوزير المغربي قد استمرّت لعشرة أشهر وخمسة أيّام. وعليه فبالالتفات إلى بداية وزارته في شهر رمضان المبارك من سنة ٤١٤ للهجرة ، تكون وزارته قد بلغت نهايتها في شهر رجب أو ربّما في شهر شعبان من سنة ٤١٥ للهجرة. ويبدو أنّ رسالة المقنع في الغيبة قد كتبت

__________________

(١) المصدر أعلاه ج٦ ، ص ٣٧٦.

(٢) انظر ، ابن العديم ، بغية الطلب في تاريخ حلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٣٧.

(٣) المصدر أعلاه ، ص ٢٥٤٠ و ٢٥٥٢.

(٤) رسائل الشريف المرتضى ، المجموعة الثانية ، ص ٨٩.

(٥) عزّ الدين بن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٦ ، ص ١٠.

١٣

في الفترة الأخيرة من وزارة المغربي أو عندما تزعزع الموقع السياسي للوزير المغربي.

وإثر الفتنة التي وقعت بين العلويّين والعبّاسيّين في الكوفة(١) ، عمد الأمير قرواش إلى نفي أبي القاسم المغربي بأمر من الخليفة العبّاسي(٢) ، فانتقل إلى ديار بكر ، وتولّى الوزارة للأمير عليها وهو أحمد بن مروان ، حتّى وافته المنية في ميافارقين ، في الحادي عشر من شهر رمضان سنة ٤١٨ للهجرة عن عمر ناهز الثامنة والأربعين سنة(٣) ، فحملت جنازته طبقاً لوصيّته إلى الكوفة ، ودفن إلى جوار مرقد الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام.

مدح السيّد المرتضى للوزير المغربي :

وقد ذكر السيّد المرتضى في معرض كلامه في بداية رسالة المقنع عبارات في مدح الوزير المغربي وهي عبارات جديرة بالالتفات ، حيث اعتبر من بين أهمّ ما يميّز الوزير المغربي أنّه يعتبر خبيراً في معرفة فنون الكلام وقد شبّهه بالقول : «عرض الجواهر على منتقدها ، والمعاني على السريع إلى إدراكها ، الغائص بثاقب فطنته إلى أعماقها»(٤).

__________________

(١) المصدر أعلاه ، ج ٦ ، ص ١٠ ـ ١١ ؛ بغية الطلب في تاريخ حلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٥٢.

(٢) الكامل في التاريخ ، ج ٦ ، ص ٢٠.

(٣) بغية الطلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٥٥ ؛ تاريخ دمشق ، ج ١٤ ، ص ١٠٩.

(٤) السيّد المرتضى ، المقنع ، ص ٣٢.

١٤

حيث تشير هذه العبارة إلى أنّ الوزير المغربي فيما يتعلّق بتمييز الكلام السليم من غيره بمنزلة الخبير بمعرفة الجواهر ، بالإضافة إلى سرعة فهمه وإدراكه لمعانيها بثاقب فطنته ، ثمّ استطرد قائلاً :

«وأرى من سبق هذه الحضرة العالية ـ أدام الله أيّامها ـ إلى أبكار المعاني واستخراجها من غوامضها وتصفيتها من شوائبها وترتيبها في أماكنها ، ما ينتج الأفكار العقيمة ، ويُذكّي القلوب البليدة و ...».

وفي هذه العبارة إشارة إلى تمكّن الوزير المغربي من الإبداع والتمييز بين السليم والسقيم وتنظيمه الصحيح للمطالب.

فإنّ الدقّة الموجودة في مؤلّفات الوزير المغربي لدليل واضحٌ على هذه الخصائص المتوفّرة لديه.

وسوف تكون لنا عودة لتقييم آرائه التفسيرية كما سنأكّد مرّة أخرى على نظريّاته المبتكرة.

ثمّ وصف السيّد المرتضى مجلس الوزير بالسوق العامرة التي لا تعرض فيها إلاّ البضائع الثمينة ، وأمّا البضائع الرديئة فلا مكان لها في هذه السوق أبداً ، وقد سأل الله أن يديم هذه النعمة.

تعدّ رسالة المقنع في الغيبة من المصادر الهامّة والأمّ فيما يتعلّق بغيبة الإمام المنتظر (عج) ، وقد كانت هذه الرسالة ـ التي هي عبارة عن تحليل كلامي بديع في هذا المجال ـ مصدراً رئيسيّاً لكتاب الغيبة للشيخ الطوسي ، ولكتاب إعلام الورى للشيخ الطبرسي ، كما صرّح بذلك مصحّح هذه الرسالة

١٥

في مقدّمتها(١).

وجدير بالذكر أنّ العلاّمة الطهراني قال ـ في ذيل عنوان مسألة في معنى الباء ـ : «... للسيّد الشريف المرتضى علم الهدى ، موجود عند الحاج سيّد أبو القاسم الأصفهاني في النجف ، كتبها بعد ما جرى البحث فيها في مجلس الوزير أبي القاسم الحسين بن عليّ المغربي في جمادى الأولى سنة ٤١٥ للهجرة»(٢).

وهذا التاريخ هو المذكور في بداية رسالة الولاية من قبل السلطان ، وفي النصّ المطبوع لرسالة مسألة في معنى الباء لم يرد كلام بشأن هذا التاريخ ولا مجلس الوزير أبداً(٣) ، ولا نعلم ما إذا كان هناك سقط في بداية النسخة المطبوعة(٤) أم أنّ العلاّمة الطهراني قد خلط في كلامه بين رسالتي السيّد المرتضى.

اسم الوزير المغربي في مؤلّفات الآخرين :

لقد ورد ذكر الوزير المغربي في الكثير من الكتب التاريخية واللغوية ،

__________________

(١) ص ١٢ ـ ١٦.

(٢) الشيخ الآغا بزرگ الطهراني ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ٢٠ ، ص ٣٩٤ / ٣٦٣٠.

(٣) رسائل الشريف المرتضى ، المجموعة الثانية ، ص ٦٧.

(٤) تستهلّ هذه الرسالة بعبارة : «ليس يمتنع القول ...» ولا نرى أيّ خطبة أو مقدّمة في بدايتها ، من هنا يكون احتمال حصول السقط في النسخة المطبوعة وارداً إلى حدّ كبير.

١٦

وقد نقلت عنه بعض المطالب(٢٠) ، وقد وردت الإشارة إلى اسم الوزير المغربي بكثرة من قبل العلاّمة الطهراني في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، وكذلك من قبل العلاّمة السيّد محسن الأمين في كتاب أعيان الشيعة(٢١) ،

__________________

(٢٠) من قبيل : ابن ماكولا ، الإكمال ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ؛ ابن العديم ، بغية الطلب في تاريخ حلب ، ج ٩ ، ص ٤٢٩١ و ٤٢٩٥ و ٤٢٩٦ ؛ ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ج ١ ، ص ١١١ و ٣٤٩ ، وج ٢ ، ص ١١٧ و ٥٣٩ ، وج ٣ ، ص ٨٨ و ١٥٧ و ٢٣٣ و ٣٧٩ ، وج ٤ ، ص٩١ ، وج ٦ ، ص ٤٠٠ ؛ البلاذري ، معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٢١٧ و ٤٩٣ ، وج ٤ ، ص ٣٤٥ ، الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٧٦ ؛ ابن منظور الإفريقي ، لسان العرب ، ج ٢ ، ص ١٩٧ ، وج ١١ ، ص ٣١٣ ، وج ١٢ ، ص ٥٩٣ ؛ تاج العروس ، ج ١ ، ص ٤٦٣ و ٦٥١ ، وج ٢ ، ص ٢٩٠ و ٣٦١ و ٤١٤ ، والكثير من الموارد الأخرى ، انظر : مختلف مواضع كتاب الوزير المغربي.

(٢١) العلاّمة الطهراني ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ١ ، ص ٨٥ / ١٨ ، ٣٥٤ / ١٨٦٨ ، ٣٥٧ / ١٨٧٨ ، ٣٦٣ / ١٩٠٥ و ١٩٠٦ ، ٣٦٤ / ١٩٠٨ ، ٣٨٧ / ١٩٨٩ وج ٢ ، ص ١٧٣ / ٦٣٧ و ٦٣٨ ، ٢٥٠ ، ٢٨٩ / ١١٦٥ ، ٥١٦ / ٢٠٣٣ وج ٤ ، ص ٢٧٣ ، ٣١٤ ، ٣٢٠ ، ٤٢٠ / ١٨٥١ ، ٥٠٨ وج ٧ ، ص ١٦٩ / ٨٩٧ وج ٩ ، ص ٢٤٩ ، ٦٩٩ (وهنا تمّت الإشارة إلى أن عبد المحسن الصوري قد نظم قصيدة في مدح والد الوزير المغربي ، وهي موجودة في ديوانه) ، ١٢٦٨ / ٨١٣١ وج ١٠ ، ص ١١٣ ، ١٥٨ وج ١١ ، ص ٨٣ / ٥٢٠ ، ٢٨٧ / ١٧٣٨ وج ١٢ ، ص ٧٧ / ٥٢٣ ، ٢٧٠ / ١٨٠٢ وج ١٧ ، ص ٦ / ٣٠ ، ٥٣ / ٢٨٧ وج ١٩ ، ص ١٧ / ٧٣ وج ٢٠ ، ص ١٧٠ / ٢٤٣٨ ، ١٧٥ / ٢٤٦٥ ، ١٧٩ / ٢٤٨٥ ، ٢٩٣ / ٣٠٣٣ ، ٣٩٤ / ٣٦٣٠ ، ٣٩٨ / ٣٦٥٦ وج ٢١ ، ص ٧٩ / ٤٠٣٩ وج ٢٢ ، ص ١٢٢ / ٦٣٦٠ ، ص ١٢٣ / ٦٣٦٢ ، ص ١٩٧ / ٦٦٧٩ ؛ أعيان الشيعة ، ج ١ ، ص ١٧٤ ، ١٨٣ ، ١٩١ ، ٢٨٤ وج ٢ ، ص ٢١ ، ٢٢١ ، ٣٩٥ ، ٣٩٦ ، ٤١٦ ، ٤٤٥ وج ٣ ، ص ٣٦ ، ٢٤٢ ، ٢٥١ ، ٢٥٥ وج ٤ ، ص١٣٥ ، ٥١٣ ، وج ٥ ، ص ٣٨ ، ٣٩ ، ٢٢٧ (موردان) ، ٢٥٧ ، وج ٦ ، ص ١٤٦ ، وج ٧ ، ص ٣٤٠ (موردان) ، وج ٨ ، ص ٩٩ ، وج ١٠ ، ص ١٩٧ ، ٢٨١ ، ٣٠٦.

١٧

ونحن هنا لا نرى حاجة إلى نقل تفصيلي لكلِّ هذه الإشارات ، وإنّما نكتفي بنقل عدد من العبارات القصيرة التي تحتاج إلى شيء من التوضيح ، أو المعلومات الخاصّة بشأن الوزير المغربي :

١ ـ في كتاب بحار الأنوار في ضمن الإجازة الكبيرة للعلاّمة الحلّي إلى بني زهرة ، جاء ذكر طرقه إلى مصنّفات الهروي ، على النحو الآتي :

«ومن ذلك جميع مصنّفات الهروي صاحب كتاب الغريبين ورواياته عنّي عن والدي رحمه‌الله عن السيّد فخار بن معد الموسوي ، عن أبي الفرج بن الجوزي ، عن ابن الجواليقي ، عن أبي زكريّا الخطيب التبريزي ، عن الوزير أبي القاسم المقري ، عن الهروي. وبهذا الإسناد جميع مصنّفات أبي القاسم الوزير المغربي ورواياته»(١).

وقد ورد في هذا النصّ التعبير بـ : (المقري) وهو تحريف أو تصحيف لكلمة (المغربي).

٢ ـ وقد نقل ياقوت الحموي في معجم الأدباء في ترجمة محمّد بن جعفر التميمي ، المعروف بابن النجّار (المتوفّى سنة ٤٠٢ للهجرة) ـ الذي هو من مشايخ النجاشي ـ عن كتاب زيادات فهرست ابن النديم تأليف الوزير

__________________

كما وردت ترجمة الوزير المغربي في الجزء السادس ، ص ١١١ ، والجزء الثامن ، ص ١٨٧ أيضاً (كما تقدّم) ، وأيضاً : مستدركات أعيان الشيعة ، ج ٢ ، ص ١٢٢ ، وج ٣ ، ص ٢٥٢٢ ، وج ٤ ، ص ٤٧ ـ ٩٧ (نقلاً عن الدكتور إحسان عبّاس) ، وج ٥ ، ص ٢٩١ ، ٢٥٥ ، ٢٩٧.

(١) العلاّمة محمّد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج ١٠٧ ، ص ٨٠ ـ ٨١.

١٨

المغربي :

«ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمئة قال : وكان من مجوّدي القرّاء ، أخذ عن النقّار وغيره ، وكان يقرئ لحمزة والكسائي الغالب في أخذه ، ولقي أحمد ابن يونس ، وروى قراءة عاصم عنه عن الأعشى عن أبي بكر عيّاش عن عاصم ، ولقي من المحدّثين القدماء ابن الأشناني الكبير وابن الأشناني القاضي ، وابن مروان القطّان ، وأبا عبيدة وغيرهم. قال : وكنّا سمعنا منه : كتاب القراءات ، وكتاب مختصر في النحو ، وكتاب الملح والنوادر ، وكتاب التحف والطرف ، وكتاب الملح والمسارّ ، وكتاب روضة الأخبار ونزهة الأبصار ، وكتاب تاريخ الكوفة رأيته»(١).

٣ ـ وفي ترجمة أبي طالب محمّد بن عليّ بن عليّ ، المعروف بابن الخيمي (٥٤٩ ـ ٦٤٢ للهجرة) تمّ ذكر كتاب له اسمه الردّ [ردّ] على الوزير المغربي(٢).

وهذا الكتاب غير متوفّر عندنا ، ولا نعرف شيئاً عن محتواه ، ولكن يبدو على كلّ حال أنّ المراد من الوزير المغربي هو هذه الشخصية المعروفة

__________________

(١) معجم الأدباء ، ج ١٨ ، ص ١٠٣. جدير بالذكر أنّ الدكتور إحسان عبّاس الذي كان بصدد جمع ما تبقّى من تراث الوزير المغربي ضمن كتاب (الوزير المغربي) ، قد أغفل ذكر هذا النصّ ، ومن هنا جاء نقلنا لهذا النصّ لما يحتوي عليه من نقاط هامّة في حياة الوزير المغربي.

(٢) الوافي بالوفيات ، طبعة دار إحياء التراث ، ج ٤ ، ص ١٣٠ ؛ هدية العارفين ، ج ٢ ، ص ١٢٢ ؛ أعلام الزركلي ، ج ٦ ، ص ٢٨٢.

١٩

التي نتحدّث عنها.

وقد عثرنا على شخصين آخرين يُعرفان بالوزير المغربي ، وهما : محمّد بن الحسين بن عبد الرحيم عميد الدولة أبو سعيد المعروف بالوزير المغربي (م ٣٨٨ للهجرة)(١) ، والآخر : لسان الدين ابن الخطيب محمّد بن عبد الله أبو عبد الله الوزير المغربي (٧١٣ ـ ٧٧٦ للهجرة)(٢) ، وهو متأخّر عن عصر ابن الخيمي ، وعليه لا يمكن لكتاب ابن الخيمي أن يكون ردّاً عليه ، كما أنّ الشخص الأوّل لم يكن معروفاً بوصفه من العلماء والمفكّرين ؛ وعليه فإنّ كتاب ابن الخيمي في الردّ على الوزير المغربي حيث وصفه فيه بأنّه إمام في اللغة ورواية الشعر والأدب(٣) ، يجب أن يكون ردّاً على الوزير المغربي المعروف الذي كان لغويّاً وبارزاً في الشعر والأدب.

٤ ـ وقد ذكر مؤلّف تهذيب الكمال في ترجمة عبد الله بن مسلم القرشي الفهري أبو محمّد المصري (١٢٥ ـ ١٩٧ للهجرة) في عداد رواته شخصاً اسمه غالب بن الوزير المغربي(٤) ، فمن هو هذا الشخص؟ وما هي نسبته إلى الوزير المغربي الذي عقدنا البحث من أجله؟ وما هي طبيعة روايته عن عبد الله بن وهب وأين حصلت؟ وهل هناك احتمال حصول تحريف في هذا العنوان؟ أسئلة لم تحسم الإجابة عنها بعد.

__________________

(١) هديّة العارفين ، ج ٢ ، ص ٥٦ ؛ أعلام الزركلي ، ج ٩ ، ص ٢٤٢.

(٢) المصدر أعلاه ، ج ٢ ، ص ١٦٧ ؛ إيضاح المكنون ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ و ٤٧٤.

(٣) الوافي بالوفيات ، ج ٤ ، ص ١٣٠.

(٤) تهذيب الكمال ، ج ١٦ ، ص ٢٨١.

٢٠