علل الشرائع والأحكام والأسباب - المقدمة

علل الشرائع والأحكام والأسباب - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٠

٧ ـ المصالح المرسلة.

٨ ـ سدّ الذرائع وقد توسّع فيه وفي المصالح المرسلة أكثر من غيره.

٩ ـ العرف.

١٠ ـ قول الصحابي ، فإنّه كان يرى أنّ السنّة ما عليه الصحابة (١) .

٣ ـ الشافعي محمّد بن إدريس ، أبو عبدالله (١٥٠ ـ ٢٠٤ هـ) :

١ ـ اعتمد القرآن الكريم كغيره من أرباب المذاهب في الاستنباط.

٢ ـ السنّة ، وكان يدافع عن حجّية خبر الواحد دفاعاً قويّاً ، ويعيب على منكر حجّيته ، وخالف الحنفية والمالكية في شروط الأخذ به.

٣ ـ الإجماع ، وهو في نظره حجّة في صورة عدم العلم بالخلاف ، وردّ حجّية إجماع أهل المدينة.

٤ ـ قول الصحابي ، فهو عنده حجّة ما لم يعلم له مخالف.

٥ ـ القياس ، فهو أوّل من ضبط قواعده وتكلّم فيه ، وعنده خبر الآحاد مقدّم عليه.

٦ ـ الاستصحاب.

٧ ـ العرف.

٨ ـ الاستحسان فقد أجمل واختصر في العمل به (٢) .

٤ ـ مذهب أحمد بن حنبل (١٦٤ ـ ٢٤١ هـ) في الاستنباط

اتّخذ أحمد بن حنبل عدّة أُصول له في عملية استنباط الأحكام

__________________

(١) المصدر السابق : ٣٨.

(٢) المصدر نفسه : ٤٣.

٤١

الشرعية بالإضافة إلى القرآن الكريم ، منها : النصّ ، فإنّه يفتي بموجبه ولايلتفت إلى مخالفه.

٢ ـ فتوى الصحابة إذا لم يوجد لها مخالف.

٣ ـ العمل بالقريب من الكتاب والسنّة عند اختلاف أقوال الصحابة.

٤ ـ العمل بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ، ويرجّحه على القياس.

٥ ـ القياس ، كان يستعمله عند الضرورة (١) .

٥ ـ مدرسة داوُد الظاهري (٢٠٢ ـ ٢٧٠ هـ) :

وهو صاحب مدرسة في الحديث وكان شديد التمسّك بالحديث ومتطرّفاً في الأخذ بظاهره وترك القياس ، ولم يأخذ بالتعليل وبكلّ ما يتّصل بالرأي من قريب أو بعيد ، وبذلك يعتبر الطرف النقيض لمذهب الحنفيّة ، وكان يرى أنّ في عمومات نصوص الكتاب والسنّة ما يفي بكلّ سؤال ، وأساس مذهبه العمل بظاهر الكتاب والسنّة ، والعمل بما أجمع عليه الصحابة دون إجماع غيرهم (٢) .

الإجماع عند العامّة والخاصّة :

الإجماع عند العامّة يجب أن يكون مستنداً إلى دليل شرعي قطعي أوظنّي كالخبر الواحد والمصالح المرسلة والقياس والاستحسان ، فلو كان مستنده دليلاً قطعيّاً من قرآن أو سنّة متواترة يكون الإجماع مؤيّداً معاضداً لذلك المستند ولو كان المستند دليلاً ظنّياً فيرتقي الحكم أي : حكم ذلك

__________________

(١) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل : ١١٣ ـ ١٢٢.

(٢) المصدر السابق : ٥٨ ـ ٥٩.

٤٢

الدليل الظنّي بالإجماع من مرتبة الظنّ إلى مرتبة القطع واليقين ، ومثله إذا كان المستند هو المصلحة أو دفع المفسدة ، فالاتّفاق على حكم شرعي استناداً إلى ذلك الدليل يجعله حكماً شرعياً قطعيّاً إلهيّاً وإن لم ينزل به الوحي (١) .

وعند الشيعة الإجماع بما هو ليس من مصادر التشريع ، وإنّما يكشف عن وجود الدليل ، فالاتّفاق مهما كان واسعاً لا يؤثّر في جعل الحكم شرعيّاً إلهيّاً ، وإنّما المؤثّر في ذلك المجال نزول الوحي به فقط.

نعم ، قد يكون الإجماع كاشفاً عن دليل قطعي أو ظنّي فتكون المعالجة لذلك الدليل.

بعض اُصول الاستنباط عند العامّة :

١ ـ الأخذ بالأخفّ : فهو ضرب من البراءة الأصلية ، ومعناه : الأخذ بأخفّ الأقوال حتّى يدلّ الدليل على الانتقال إلى الأثقل ، وهو حجّة عند الشافعي (٢) .

٢ ـ الاستحسان : فهو حجّة عند أبي حنيفة خلافاً لغيره ، حتّى قال الشافعي : مَن استحسن فقد شرّع.

ثمّ اختلف الناس في معناه ، فقال الباجي : هو القول بأقوى الدليلين ، وعلى هذا يكون حجّة إجماعاً.

وقيل : هو دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعد العبارة عليه.

وقيل : هو الحكم بغير دليل ، وعلى هذا يكون حراماً إجماعاً؛ لأنّه

__________________

(١) الوجيز في اُصول الفقه لوهبة الزحيلي : ٤٩.

(٢) تقريب الوصول إلى علم الاُصول للجزي : ١٤٤ ـ ١٤٥.

٤٣

اتّباع الهوى.

وأشبه الأقوال : أنّه ما يستحسنه المجتهد بنظره (١) .

ثمّ إنّ الاستحسان عندهم على قسمين : استحسان القياس ، وهو أن يكون في المسألة وصفان يقتضيان قياسين أحدهما ظاهر متبادر والآخَر خفيّ خاصّ بهذه المسألة لا يجري في نظائرها ، فيُعمل بالثاني ويُترك الأوّل المتبادر ؛ لاستحسانه الأخير؛ وذلك لأنّ علّته أقوى أثراً.

والثاني في صورة معارضة القياس لمصادر شرعيّة أو اُمور أوجب الإسلام مراعاتها ، فتقدّم المصادر الشرعيّة على القياس استحساناً.

٣ ـ العوائد : فهي غلبة معنى من المعاني على الناس ، وقد تكون هذه الغلبة في جميع الأقاليم ، وقد تختصّ ببعض البلاد وببعض الفِرَق ، فيقضي بالعائدة (العادة) عند المالكية خلافاً لغيرهم ، وذلك ما لم تخالف الشريعة (٢) .

٤ ـ المصلحة وهي على ثلاثة أقسام :

قسم شهد الشرع باعتباره وهو : قياس المناسبة المبنيّ على النظر المصلحي من تحصيل المنافع ودفع المفاسد ، فهذه حجّة عند جميع القائلين بالقياس.

وقسم شهد الشرع بعدم اعتباره كالمنع من غراسة العنب؛ لئلاّ يعصر منه خمر ، فهذا لايقول به أحد.

وقسم لم يشهد الشرع باعتباره ولا بعدم اعتباره ، وهو المصلحة المرسلة ، وهو حجّة عند مالك خلافاً لغيره.

__________________

(١) تقريب الوصول إلى علم الاُصول للجزي : ١٤٤ ـ ١٤٥.

(٢) المصدر نفسه : ١٤٥.

٤٤

وأمّا سدّ الذرائع فمعناه : حسم مادّة الفساد بقطع وسائله ، وهي على ثلاثة أقسام : قسم معتبر إجماعاً ، كسب الأصنام عند مَن يُعلم مِن حاله أنّه يسبّ الله تعالى. وقسم غير معتبر إجماعاً ، كالمنع من الشركة في سكنى الديار. وقسم مختلف فيه ، كبيوع الآجال ، فاعتبرها مالك خلافاً لغيره (١) .

ميزات المدارس الفقهية عند العامّة :

١ ـ مدرسة أبي حنيفة :

امتازت بالتيسير في العبادات والمعاملات ورعاية جانب الفقير والضعيف ، وتصحيح تصرّفات الإنسان كلّما أمكن ، واحترام حرّية الإنسان وإنسانيته ، ورعاية سيادة الدولة. ويتّسم فقهه بطابع الافتراض؛ حيث جعل مذهبه يحمل مسائل فرضية.

٢ ـ مدرسة الإمام مالك :

امتازت مدرسته الفقهية بالمرونة ، وتوخّي المصلحة من أيّ طريق أتت سواء كانت قياساً ، أم استحساناً ، أم مصلحة مرسلة ، أم سدّ ذرائع.

٣ ـ مدرسة الشافعي :

امتازت مدرسته بالوسطيّة بين أهل الرأي وأهل الحديث ، فقد جمع بين اتّجاه أبي حنيفة ومالك ، ومالَ إلى الحديث أكثر بحيث عُرف الشافعيّة بأهل الحديث ، وسلك الشافعي مسلك الظاهرية ولا يعدوه ، فإنّه يرى أنّ الأخذ بغير الظاهر أخذاً بالظنّ والوهم ، فيكون مجال الخطأ فيه كثيراً والصواب قليلاً.وكان لا يهتمّ بالفرض ، بل يعمل على ما هو الواقع ، ولهذا قلّما نجد لديه الفقه الافتراضي.

__________________

(١) تقريب الوصول إلى علم الاُصول : ١٤٤ ـ ١٤٧.

٤٥

٤ ـ مدرسة أحمد بن حنبل :

اعتمد في فقهه على الأحاديث والأخبار وآثار السلف ، وكان يستأنس بقول تابعي أو فقيه من الفقهاء ، وكان بعيداً عن الفرضيات ، وكانت فتواه فيما يقع من الأُمور (١) .

العامّة والأخذ بالرأي :

ضرورة تلقّي الحكم في المسألة الشرعية وحصر القول في الشريعة الإسلامية لصاحبها يمنع من العمل بالرأي ، وهذا ما ذهب إليه فقهاء مدرسة أهل البيت عليه‌السلام ، أمّا العامّة فقد انقسموا إلى طائفتين طائفة منهم اشتهروا بالحديث واُخرى أجازوا لأنفسهم القول بالرأي؛ وذلك أنّهم قالوا : إنّ الوقائع والحوادث غير متناهية والنصوص متناهية وما لايتناهى لايضبطه ما يتناهى ، فمن هنا كان الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار ، فكان الصحابة وكذلك التابعون إذا لم يجدوا في كتاب الله حكم الواقعة صريحاً ولم يجدو في ذاكرات الصحابة من السنّة شيئاً يسعفهم التجأوا إلى الرأي والقياس وأمثال ذلك. وكان سبب لجوء الصحابة إلى الرأي والقياس بالإضافة إلى ما سبق من إعوازهم النصّ الناتج من منع تدوين السنّة وإتلاف المدوّن منها هو تحرّجهم من أن ينسب أحدهم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً غير مطمئن أنّه قاله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذا عمر بن معين يروي قائلاً : والله إن كنت لأرى أنّي لو شئت الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومين متتابعين ولكن أبطأني عن ذلك أنّ رجالاً من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سمعوا كما سمعت وشهدوا كما شهدت ويتحدّثون أحاديث ما هي كما يقولون وأخاف أن يشبّه لي كما شبّه لهم.

__________________

(١) أسباب اختلاف الفقهاء : ٣٠ ـ ٥٠.

٤٦

وعن أبي عمرو الشيباني : كنت أجلس إلى ابن مسعود حولاً لايقول : قال رسول الله ، فإذا قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، استقلّته رعدة وقال : هكذا أو نحوذا ، أو قريب من ذا ، وكان عبد الله بن مسعود هذا يؤثر الفتوى برأيه (١) .

هذا مسلك عبدالله بن مسعود وغيره ، أمّا مسلك مالك فعكس الأمر تماماً ، إذ أخذ بالحديث ضعيفه ومرسله ومقطوعه ومرفوعه ، وإذا عجز أخذ بالرأي ، وبهذا يكون قد مثّل اتّجاه الحديث في مقابل اتّجاه الرأي الذي مثّله عبدالله بن مسعود. وإن كان مالك يأخذ بالرأي كثيراً فهذا يدلّ على إعوازه النصوص حتّى الضعاف منها. وهذا من آثار منع التدوين وإتلاف المدوّن والذي كان من تلبيس إبليس كما قاله ابن الجوزي.

فالصحابة بين مأزقين إمّا أن ينسبوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث ، أو يقولون برأيهم ، وكلاهما غير الدين الذي جاء به سيّد المرسلين ، ألا تنظر إلى قول بعضهم : إنّ لي شيطاناً يعتريني.

فهذا حال السنّة في زمان عبدالله بن مسعود ، وهذا حال فتوى أهل المدينة أو فتوى الصحابة التي جعلها العامّة مرجعاً لهم في الفتوى بعد الكتاب والسنّة ، وهذا حال الصحابة. ثمّ جاء بعدهم مَنْ جاء من التابعين فكانوا كحالهم.

أدلّة الأحكام عند الإمامية :

لا خلاف بين الشيعة الإمامية بأنّ مصادر الاستنباط عندهم عبارة عن الكتاب والسنّة والإجماع والعقل (٢) ، والثلاثة الأُولى هي مصادر الاستنباط

__________________

(١) أبو حنيفة حياته وعصره وآراؤه الفقهية : ٨٣ـ٨٤.

(٢) السرائر ١ : ٤٦.

٤٧

عند المسلمين كافّة فلاترى مسلماً يعدو الكتاب والسنّة وإجماع الأُمّة عند ممارسته عمليّة الاستنباط.

نعم ، هناك اختلاف في الإجماع والمجمعين ، وذلك راجع إلى المدرسة الفقهية . أمّا العقل فمرادهم منه خصوص الاُمور الفطرية التي لايختلف فيها اثنان.

هذا ، ولا سنّة وراء سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعن الإمام الباقر عليه‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الاُمّة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله ، وجعل لكلّ شيء حدّاً وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه ، وجعل على من تعدّى ذلك الحدّ حدّاً» (١) .

وعن الإمام الصادق عليه‌السلام : «ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة» (٢) .

وعن الإمام الكاظم عليه‌السلام ، قال : قلت له : أكلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه ، أو تقولون فيه؟ قال : «بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيه» (٣) .

وعن الإمام الصادق عليه‌السلام : «ما من شيء يحتاج إليه ولد آدم إلاّ وقد خرجت فيه سنّة من الله ومن رسوله ، ولو لا ذلك ما احتجّ علينا بما احتجّ» فقال المغيري : وبما احتجّ؟ فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «قوله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٤) ، فلو لم يكمل سنّته وفرائضه وما يحتاج الناس إليه ما احتجّ به» (٥) .

مضافاً إلى ذلك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته في حجّة الوداع :

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٩ / ٢.

(٢) الكافي ١ : ٥٩ / ٤.

(٣) الكافي ١ : ٦٢ / ١٠.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٣.

(٥) بحار الأنوار ٢ : ١٦٨ / ٢.

٤٨

«أيّها الناس اتّقوا الله ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم من النار إلاّ وقد نهيتكم عنه وأمرتكم به» (١) .

فمن هنا يتّضح لذي الألباب أن لا سنّة مقابل سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولاإعواز فيها.

نعم ، أهل البيت عليه‌السلام هم حفظة سنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهّم أهل بيته ، ولاأحد ينكر فضلهم وعلمهم ، متفوّقين في ذلك على سائر علماء الأُمّة ، بل هُم مرجع العلماء في تمام شؤون الإسلام قرآناً وسنّةً. وقد صرّح رسول الله عليه‌السلام بأنّهم عدل القرآن ، كما هو المتواتر عنه في حديث الثقلين ، فعن جابر بن عبدالله قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : «إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (٢) .

وأخرج نحوه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله يوماً فينا خطيباً «... ألا أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فاُجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : كتاب الله فيه الهدى والنور... وأهل بيتي اُذكّركم الله في أهل بيتي ، اُذكّركم الله في أهل بيتي ، اُذكّركم الله في أهل بيتي» (٣) .

وأخرج الترمذي في صحيحه ما رواه جابر (٤) وقد تقدّم نصّه.

وأخرجه أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ١٧١ / ١١.

(٢) جامع الاُصول ١ : ٤٢٤.

(٣) صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٢ / ٢٤٠٨.

(٤) سنن الترمذي ٥ : ٦٦٢ / ٣٧٨٦.

٤٩

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود إلى السماء والأرض وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض» (١) .

فهذا يدلّ على أنّهم حفظة علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ السنّة عدل القرآن ، ولمّا لم يذكر رسول الله السنّة في هذه الأحاديث التي رواها جمهور المسلمين عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل ذكر أهل البيت عليه‌السلام إلى جنب القرآن ، فنعلم أنّهم قد استودعوا كامل السنّة التي هي المصدر الثاني للتشريع.

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال في حديث : «الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى بيّنتُ للأُمّة جميع ما تحتاج إليه» (٢) .

عمل الشيعة بخبر الواحد :

اتّفقت الإمامية على العمل بخبر الواحد إذا كان عن حسّ بالإضافة إلى عدالة ووثاقة الراوي وحسن حاله ، وخالف في ذلك جماعة من فحول علمائهم كالسيّد المرتضى رحمه‌الله والقاضي وأمين الإسلام الطبرسي وابن إدريس الحلّي وصاحب المدارك وآخَرين.

أمّا القياس فهو مرفوض مطلقاً ، إلاّ إذا كانت العلّة منصوصةً ، مثل : الخمر حرام ؛ لأنّه مسكر ، فصار كلّ مسكر حراماً. وهذا عمل بالسنّة لا القياس؛ إذ هي السنّة المصرّحة بذلك ، فكأنّها قالت : كلّ مسكر حرام ، وإذا كان العمل من باب الأولى ، مثل قول : أُفّ للوالدين وضربهما فلمّا حرم القول فالضرب حرام بالأولى ، وليس هذا من القياس أيضاً بل عمل

__________________

(١) مسند أحمد ٣ : ٣٨٨ / ١٠٧٢٠ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٦٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٦ : ٣١٩ / ٧٨٩ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٠٢ ، الباب ٣٣ من أبواب كيفيّة الحكم ... ، ج ١.

٥٠

بما هو مقتضى الفطرة والعقل السليم.

فعن السيّد المرتضى رحمه‌الله : والذي نذهب إليه أنّ القياس محظور في الشريعة استعماله (١) .

أمّا العقل فهو أحد مصادر التشريع أو بالأحرى أحد المصادر الكاشفة عن الحكم الشرعي ، ومجاله غالباً أحد الاُمور التالية :

١ ـ التحسين والتقبيح العقليّان.

٢ ـ أبواب الملازمات مِن قبيل وجوب الشيء ووجوب مقدّمته وحرمة ضدّه .

٣ ـ أبواب التزاحم ، أي : تزاحم المصالح التي لابدّ من الأخذ بها ، كإنقاذ أحد غريقين مع العجز عن إنقاذهما معاً.

وحجّية العقل وصحّة الرجوع إليه في هذه الموارد ممّا لا إشكال فيه ، والمراد منه العقل الفطري لا عقل الشخص وفكره الآني.

أقسام الحديث عند الشيعة :

١ ـ الحديث الصحيح ، وهو كما عرّفه الشهيد الثاني : بأنّه ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات (٢) ، وزاد فيه البعض أن يكون ضابطاً (٣) .

٢ ـ الحسن ، وهو ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بإماميٍّ ممدوح مدحاً مقبولاً معتدّاً به غير معارض بذمٍّ (٤) .

__________________

(١) الذريعة ٢ : ٦٧٥.

(٢) البداية : ١٩ ، مقباس الهداية ١ : ١٤٦.

(٣) مقباس الهداية ١ : ١٤٨.

(٤) انظر مقباس الهداية ١ : ١٤٥ ـ ١٧٧.

٥١

٣ ـ الموثّق ، وهو ما اتّصل سنده إلى المعصوم بمن نصّ الأصحاب على توثيقه مع تحقّق ذلك في جميع رواة طريقه ، أو بعضهم مع كون الباقين من رجال الصحيح (١) .

٤ ـ الضعيف ، وهو ما لم يجتمع فيه شروط أحد الأقسام الثلاثة بأن اشتمل طريقه على مجروح بالفسق و... (٢) .

وهناك أقسام اُخرى قد فُصّل القول فيها في كتب الدراية.

علل الحديث :

اصطلاح في علم الدراية ، والمراد منه معرفة الخلل الواقع في السند والمتن ، وهو من أجلّ علوم الحديث وأدقّها ، ولا يفقهها إلاّ من رزقه الله فهماً وحفظاً واسعاً ومعرفةً تامّة بمراتب الرواة ، وملكة قوية بالإسناد والمتون ، وهو غير موضوع علل الشرائع فهو باب وعلل الشرائع باب آخر ؛ إذ المراد من ذكر علل الشرائع هو بيان الحكمة في التشريع ، أمّا علل الحديث فموضوعه ذكر الإشكالات في السند أو متن الرواية. وهذا غير خفي على ذوي الدراية وأهل الفنّ.

دور مدرسة أهل البيت عليه‌السلام في كشف الحقائق ودفع الأوهام والأباطيل ، والحكمة المتصوّرة من بيان علل الأحكام :

ففي نظرة سريعة إلى ما تقدّم من طرق الاستنباط والإفتاء التي شاعت في المذاهب الإسلامية نعرف الوجه واضحاً في السبب الذي دعا أهل

__________________

(١) مقباس الهداية ١ : ١٧٧.

(٢) مقباس الهداية ١ : ١٦٨.

٥٢

البيت عليه‌السلام في بيان اليسير من علل الأحكام وترغيب أتباع مدرستهم بتدوينها وبثّها بين الناس ، فقد اعتمد فقهاء المدارس الإسلامية غير أتباع أهل البيت عليه‌السلام على استنباط العلّة في الحكم والقياس عليها ، أو سدّ ذريعة بها ، أو توخّي مصلحة بها ، وعلى ضوئها كانت عندهم الفتوى ، ومعرفتهم العلّة كانت بمكان من البعد عن الواقع؛ إذ كان تأثير الأحاديث المرسلة والضعيفة وأخبار الآحاد وفتوى التابعين السابقين عليه والعادة والعرف وهُما يختلفان من إقليم إلى آخر بالإضافة إلى مذهبه الخاص واُمور اُخرى واضحاً لمن أمعن النظر ، ومع غضّ النظر عن كلّ هذا معرفة علل الأحكام ليست بمتناول الأفهام ، ولا يمكن درك علّة الحكم الإلهي إلاّ ببيان من عنده سبحانه.

هذا ، وممّن كتب في بيان علل الشرائع الشيخ الصدوق رحمه‌الله ، فقد ذكر له المحقّق الطهراني في ذريعته بالإضافة إلى كتابه الحاضر هذا :

١ ـ كتاب علل الحجّ (جامع علل الحجّ).

٢ ـ علل الوضوء.

هذا ما كتبه الشيخ الصدوق في العلل ، وهناك كتب في العلل لغيرالصدوق ، وهي :

١ ـ كتاب العلل لأبي الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضّال الفطحي.

٢ ـ كتاب العل لأبي الحسن علي بن أبي سهل حاتم القزويني.

٣ـ كتاب العلل لأبي محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل النيشابوري (ت٢٦٠ هـ).

٤ ـ كتاب العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم بن محمّد الهمداني وكيل

٥٣

الناحية .

٥ ـ كتاب العلل لأبي عبدالله محمّد بن خالد البرقي.

٦ ـ كتاب العلل لأبي الحسن محمّد بن أحمد بن داوُد القمّي (ت ٣٦٨هـ).

٧ ـ رسالة في العلل الأربع للمولى الفاضل محمّد علي بن أحمد القراچه داغي ، معاصر لصاحب الذريعة.

٨ ـ علل الشرائع لأبي محمّد مفضّل بن عمر الجعفي.

٩ ـ علل الشريعة لأبي عبدالله الحسين بن علي بن شيبان القزويني.

١٠ ـ علل الصوم لأبي علي القمّي أحمد بن إسحاق بن عبدالله الأحوص.

١١ ـ علل الفرائض والنوافل لمحمّد بن الحسن بن عبدالله الجعفري يرويه عن الإمام الصادق قدس‌سره .

١٢ ـ علل النكاح وتحليل المتعة ليونس بن عبد الرحمن.

١٣ ـ علل الوضوء لحمدان بن إسحاق الخراساني.

هذه كتب العلل في الأحكام كما ذكرها الشيخ الطهراني في ذريعته نقلاًعن النجاشي في رجاله عند ترجمة أربابها.

المؤلّف :

أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي الخراساني الرازي (١) الملقّب بالصدوق.

يكنّى أبا جعفر ، وأبا جعفر الثاني (٢) ، وأبا جعفر بن بابويه ،

__________________

(١) مقابس الأنوار : ٧ ، قصص العلماء : ٣٨٨.

(٢) ريحانة الأدب ٢ : ٤٧١ / ٨٥٥.

٥٤

وأباجعفرالقمّي (١) ، وقيل : إنّه كنّي بأبي جعفر الثاني مقابل الشيخ الكليني حيث يقال له : أبو جعفر الأوّل ، والشيخ الطوسي حيث يقال له : أبو جعفر الثالث (٢) .

والد الشيخ الصدوق :

أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي ، اشتهر في الأوساط العلميّة بابن بابويه ، وإذا اجتمع مع ولده الشيخ الصدوق يقال لهما : ابنا بابويه ، أو الصدوقان ، ويقال له : الصدوق الأوّل ، عبّر عنه النجاشي بـ : شيخ القمّيين في عصره ، ومتقدّمهم ، وفقيههم ، وثقتهم (٣) ، وعن العلاّمة في خلاصته مثله (٤) ، وقال الشيخ الطوسي في حقّه : كان فقيهاً جليلاً ثقة (٥) ، وقال عنه الشهيد الأوّل : وقد كان الأصحاب يتمسّكون بما يجدونه في الشرائع للشيخ أبي الحسن بن بابويه رحمه‌الله عند إعواز النصوص ، لحسن ظنّهم به وأنّ فتواه كروايته (٦) .

وكانت له مراسلات مع الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، وفي إحدى تلك كان جواب الإمام عليه‌السلام له : «فاصبر يا شيخي يا أبا الحسن علي وأْمر جميع شيعتي بالصبر : ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ

__________________

(١) بهجة الآمال ٧ : ٣٩٨.

(٢) انظر : شيخ صدوق پاسدار حريم ولايت : ٩.

(٣) رجال النجاشي : ٢٦٠ / ٦٨٤.

(٤) خلاصة الأقوال : ١٧٨ / ٥٣.

(٥) الفهرست : ١٥٦ / ٣٩٢.

(٦) ذكرى الشيعة ١ : ٥١.

٥٥

وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (١) والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا» (٢) .

وأضاف في روضات الجنّات : «اُوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي أبا الحسن ، علي بن الحسين القمّي ، وفّقك الله لمرضاته وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته ، بتقوى الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» (٣) .

وكان لصاحب الأمر عليه‌السلام التوجّه الخاصّ له؛ حيث طلب والد الشيخ الصدوق رحمه‌الله من الإمام الحجّة عليه‌السلام إجازة الوفاء بما نذر لله ، فأجابه الإمام عليه‌السلام إن كان ولابدّ من ذلك فاخرج في آخر قافلة للحجّاج ، وكان في ذلك العام هجوم القرامطة على الحجّاج ولم يشمل القافلة الأخيرة (٤) . وهذايدلّ على حرص الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه) على سلامته وحياته ، وليس ذلك إلاّ لمحبّته إيّاه.

وكانت طبقته في عداد طبقة الكليني ، والمعلّم الثاني ، وابن عميد ، وابن عباد ، وابن قولويه (٥) ، ومن جملة أساتيذه :

١ ـ أحمد بن إدريس الأشعري.

٢ ـ أبو خلف العجلي.

٣ ـ عبد الله بن حسن المؤدّب.

٤ ـ علي بن موسى الكميداني وغيرهم (٦) .

ومن عنايات الإمام العسكري عليه‌السلام له دعاؤه بولد صالح له ، وكان ذلك

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ١٢٨.

(٢) بحار الأنوار ٥ : ٣١٨ ، خاتمة المستدرك ٣ : ٢٧٦.

(٣) روضات الجنّات ٤ : ٢٧٣ / ٣٩٧.

(٤) الغيبة للشيخ الطوسي : ٣٢٢ ، فهرست آل بويه : ٦٣.

(٥) بحار الأنوار ١ : ٤٣ ـ ٤٦ ، خاتمة المستدرك ٢٠ : ٢٨٤.

(٦) راجع : الإمامة والتبصرة من الحيرة : ٣٩ و٤٥ مصادر ترجمة عليّ بن بابويه القمّي.

٥٦

الولد هو الشيخ الصدوق رحمه‌الله (١) .

وكانت وفاة والد الشيخ الصدوق عام ٣٢٩ هـ في السنة الأخيرة من الغيبة الصغرى ، وهي السنة التي تناثرت فيها النجوم ، ودُفن في مدينة قم المقدسة ، ولا زال قبره مزاراً للخواصّ والعوامّ ، له كتب كثيرة ، منها : الرسالة التي أرسلها إلى ابنه أبي جعفر الصدوق ، وهي التي ينقل عنها ولده كثيراًفي كتابه من لا يحضره الفقيه.

الشيخ الصدوق كما وصفه أرباب العلم والقلم :

وصف العلماء الشيخ الصدوق رحمه‌الله في كتبهم وعبّروا عنه بعبارات تدلّ على ما للشيخ من منزلة عندهم ، منها : رئيس المحدّثين ، وحجّة الإسلام ، ركن من أركان الدين ، ركن من أركان الشريعة ، الشيخ الأجلّ ، الشيخ الثقة ، المولود بالدعاء ، شيخ القمّيّين ، الشيخ الفقيه ، وجه الطائفة ، شيخ الحفظة ، صاحب من لا يحضره الفقيه. وغيرها كثير (٢) .

وذكره الشيخ الطوسي رحمه‌الله في الفهرست قائلاً : كان جليلاً ، حافظاً للأحاديث ، بصيراً بالرجال ، لم يُرَ في القمّيين مثله في حفظه وكثرة علمه ، له نحو من ثلاثمائة مصنَّف (٣) . وقال في موضع آخَر : جليل القدر ، حفظة ، بصير بالفقه والأخبار والرجال ، له مصنَّفات كثيرة (٤) .

وذكره النجاشي قائلاً : محمّد بن علي بن بابويه القمّي ، أبو جعفر ، نزيل الريّ ، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ، وكان ورد بغداد...

__________________

(١) انظر مقابس الأنوار : ٧.

(٢) شيخ صدوق پاسدار حريم ولايت : ١٣ ـ ١٤.

(٣) الفهرست : ٢٣٧ / ٧١٠.

(٤) رجال الشيخ الطوسي : ٤٣٩ / ٦٢٧٥.

٥٧

وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حَدَث السنّ (١) .

وقال ابن طاووس رحمه‌الله في حقّه : الشيخ المعظّم (٢) . وأيضاً : الشيخ المتّفق على علمه وعدالته.... وهو الثقة في المقال (٣) ، وفي مورد آخَر قال : الشيخ المجمع على عدالته أبو جعفر تغمّده الله برحمته (٤) .

وعن ابن إدريس في السرائر : فإنّه كان ثقة ، جليل القدر ، بصيراً بالأخبار ، ناقداً للآثار ، عالماً بالرجال ، حفظة ، وهو أُستاد شيخنا المفيد محمّد بن النعمان (٥) .

وقال ابن داوُد رحمه‌الله في وصفه : أبو جعفر ، جليل القدر ، حفظة ، بصير بالفقه والأخبار ، شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها بخراسان لم يُرَ في القمّيّين مثله في الحفظ وفي كثرة علمه (٦) .

وذكره المحقّق الكركي قائلاً : الشيخ الإمام ، الفقيه ، السعيد ، المحدّث ، الرحلة ، إمام عصره ، أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي الملّقب بالصدوق (٧) . وفي مورد آخَر قال : الشيخ الحافظ ، المحدّث ، الرحلة ، المصنّف ، الكنز ، الثقة ، الصدوق (٨) .

وبالغ الشهيد الأوّل رحمه‌الله القول في وصفه : الإمام ابن الإمام الصدوق (٩) .

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٨٩ / ١٠٤٩.

(٢) إقبال الأعمال : ٤٦٥ ، كشف المحجّة : ١٢٢.

(٣) فرج المهموم : ١١٠ و١٢٩.

(٤) فلاح السائل : ١١٠.

(٥) السرائر ٢ : ٥٢٩.

(٦) رجال ابن داوُد : ١٧٩ / ١٤٥٥.

(٧) انظر بحار الأنوار ١٠٨ : ٤٦.

(٨) بحار الأنوار ١٠٨ : ٧٥.

(٩) بحار الأنوار ١٠٧ : ١٠٩.

٥٨

وقال أيضاً في وصفه : رئيس المحدّثين وحجّة الإسلام (١) .

وقال السيّد مير داماد في حقّه : الصدوق ابن الصدوق ، عروة الإسلام ، أبوجعفر ، محمّد بن علي بن بابويه رضوان الله تعالى عليهم (٢) .

وذكره العلاّمة الحلّي رحمه‌الله قائلاً : شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ، له نحو من ثلاثمائة مصنّف ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير (٣) . وذكره في المختلف قائلاً : لكنّ الشيخ أبا جعفر بن بابويه من أكابر علمائنا ، وهو مشهور بالصدق والثقة (٤) .

وعن فخر المحقّقين أنّه قال عنه : الشيخ الإمام (٥) .

ووصفه الحرّ العاملي رحمه‌الله وقد أجاد : كان جليلاً ، حافظاً للأحاديث بصيراً بالرجال ، ناقداً للأخبار ، لم يُرَ في القمّيّين مثله في حفظه وكثرة علمه (٦) .

وعن العلاّمة المجلسي رحمه‌الله القول في حقّه : الفقيه الجليل المشهور (٧) ، وقال أيضاً : من عظماء القدماء (٨) .

وفي رياض العلماء التعبير عنه بعبارة الشيخ الطوسي رحمه‌الله : لَمْ يُرَ في القمّيّين مثله في حفظه وكثرة علمه (٩) .

__________________

(١) الدراية : ٩.

(٢) الرواشح السماويّة : ١٠٦ / ٣٣.

(٣) خلاصة الأقوال : ٢٤٨ / ٨٣٤.

(٤) مختلف الشيعة ٢ : ١٤٩.

(٥) بحار الأنوار ١٠٨ : ١٠٠.

(٦) أمل الآمل : ٢٨٣ / ٨٤٥.

(٧) الوجيزة في الرجال : ١٦٦ / ١٧٤٨.

(٨) بحار الأنوار ١٠ : ٤٠٥.

(٩) رياض العلماء ٥ : ١١٩.

٥٩

ووصفه السيّد بحر العلوم رحمه‌الله قائلاً : شيخ مشايخ الشيعة ، وركن من أركان الشريعة ، رئيس المحدّثين والصدوق فيما يرويه عن الأئمّة الصادقين (١) .

وعن الحائري في منتهى المقال : فإنّ عدالة الرجل من ضروريّات المذهب ولم يقدح في عدالته عادل (٢) .

وقال المحدّث النوري رحمه‌الله واصفاً له : العالم الجليل ، والمحدّث النبيل ، نقّاد الأخبار ، وناشر آثار الأئمّة الأطهار ، عماد الملّة والمذهب والدين ، شيخ القمّيّين ، ورئيس المحدّثين أبو جعفر ، محمّد بن بابويه القمّي (٣) .

وفي مقابس الأنوار وصفه الكاظمي رحمه‌الله بـ : الصدوق ، رئيس المحدّثين ، ومحيي معالم الدين ، الحاوي لمجامع الفضائل والمكارم ، المولود كأخيه بدعاء الإمام العسكري عليه‌السلام ، أو دعاء القائم عليه‌السلام بعد سؤال والده له بالمكاتبة وغيرها ، أو بدعائهما صلوات الله عليهما ، الشيخ ، الحفظة ، ووجه الطائفة المستحفظة ، عماد الدين أبي جعفر (٤) .

وقال المحدّث القمّي الشيخ عباس رحمه‌الله في حقّه : لولاه لاندرست آثارأهل البيت عليه‌السلام (٥) .

ووصفه السيّد حسن الصدر رحمه‌الله : بإمام علماء الحديث والأخبار والسير والآثار ، صنّف أكثر من ثلاثمائة كتاب ، لا نظير له في علماء

__________________

(١) الفوائد الرجالية ٣ : ٢٩٢.

(٢) منتهى المقال ٣ : ١٢١.

(٣) خاتمة المستدرك ٢١ : ٢٥٧.

(٤) مقابس الأنوار : ٧.

(٥) هداية الأحباب : ٤٩.

٦٠