تراثنا ـ العدد [ 137 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 137 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1019-4030
الصفحات: ٣١٨

 

١

تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثالث [١٣٧]

السنـة الخامسة والثلاثون

محتـويات العـدد

* كلمة العدد :

* (تُراثُنا) عُقود من العَطاء

............................................................... هيئة التحرير ٧

* النعماني ومصادر الغيبة (١١).

........................................... السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٩

* ما وصل إلينا من كتاب الآل.

............................................. الشيخ عبد الحليم عوض الحلّي ٣٧

* الإجازة بين الماضي والحاضر.

.......................................................... حميد مجيد هدّو ٩٢

٢

محرّم ـ ربيع الأوّل

١٤٤٠ هـ

* التراث المتبقّى من شريف العلماء.

.......................................... الشيخ حسين حلبيّان الأصفهاني ١٠٢

* تاريخ وفيات علماء الشيعة.

....................................... الشيخ ناصر الدين الأنصاري القمّي ١٦٥

* من ذخائر التراث :

* حكومة الفكر الحرّ في مخاصمة الغنى والفقر.

.......................................... تحقيق : د. علي عبَّاس الأعرجي ٢٠٩

* من أنباء التراث.

........................................................... هيئة التحرير ٣٠٩

* صورة الغلاف : نموذج من نسخة (حكومة الفكر الحر فِي مخاصمة الغنى والفقر للشيخ محمّد رضا الغراوي (١٣٠٣هـ ـ ١٣٨٥هـ)) والمنشورة في هذا العدد.

 

٣
٤

٥
٦

كلمة العـدد :

(تُراثُنا)

عُقود من العَطاء

هيئة التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

تُراثُنا خمسة وثلاثون عاماً من العطاء ، ترجمة لأهداف أطلقتها (مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث) منذ بداية عملها ، مجلّة تُعنى بشؤون المخطوطات والدراسات التراثية والموروث الذي جاءت به مدرسة آل البيت عليهم‌السلام خدمة للثوابت والبُنى الفكرية لتلك المدرسة ، ففي عام (١٤٠٣ هـ) بادر سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد جواد الشهرستاني إلى تأسيس (مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث) لتتصدى إلى تحقيق عيون التراث الإمامي ، وكان لمؤسّسها دوراً فاعلاً في إحياء هذا الصرح العلمي ببركة جهوده وآرائه وأفكاره وشخصيته المتميّزة ، وفي أوائل عام (١٤٠٥ هـ)

 

٧

تبلورت فكرة تأسيس مجلّة تُعنى بالتراث الإمامي ، فكانت أوّل مجلّة في حينها تصدر باللغة العربية تتناول قضايا المخطوطات والدراسات التراثية في مدرسة آل البيت عليهم‌السلام ، وقد استطاعت الصفوة أن تتناول من خلالها كلّ جديد حول التراث الإسلامي ، وما تتوصل إليه الأبحاث في هذا المجال ، فتُسلّط الضوء على مضمونه وتؤشّر إلى مصادره لتضعه أمام أنظار الباحثين وأهل الاختصاص ، إنطلاقاً من رؤيتها في الحرص على إحياء هذا التراث وتقديم نفائسه في شتّى مجالات العلوم التي عالجها وأسّس لها وتحدّث بها أعلام الفكر الإسلامي في مدرسة آل البيت عليهم‌السلام منذ قرون.

تُراثُنا تعنى بنشر تراث المدرسة الإمامية من خلال تحقيق ودراسة الكمّ الهائل المتبقّي من هذا التراث ـ خصوصاً في المكتبة العربية ـ بالرغم من شدّة المحن التي مرّت على هذا التراث طِوال الحقب التاريخية ، وبالرغم من محاولات كلّ من ساهم في طمس ذكر أهل البيت عليهم‌السلام وفضائلهم وعلومهم ، فبالرغم من ذلك فقد شاع وذاع من الأخبار عنهم عليهم‌السلام ومن الإذعان بفضلهم والاعتراف بحقّهم ما ملأ الكتب ، فكانت المجلّة إحدى القنوات التي ساهمت في رفد المكتبة العربية بهذا التراث من خلال الدراسات والبحوث والتحقيقات العلمية على مدى أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من الزمن ولا زالت المجلّة على نهجها في خدمة هذا التراث.

 

٨

النعماني ومصادر الغيبة(١)

(١١)

السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني

بسم الله الرحمن الرحيم

تنويه :

لقد تناولنا في الحلقات السابقة دراسة تفصيلية حول كتاب الغيبة للنعماني وسيرة حياة المؤلّف وتأليفاته ونسبتها إلى النعماني وعصر الغيبة والشبهات التي تدور حولها ، وفيما يلي سنواصل الحديث حول الوزير المغربي وآرائه التفسيرية بالتفصيل لنقوم من خلالها بالبحث في منهجه التفسيري ، لننتقل بعد ذلك إلى الحديث عن نجله (أبو يحيى عبد الحميد بن الحسين) وأشعاره ، ثمّ نختم البحث بشأن أسرة أبي عبد الله النعماني بذكر بعض أرحام الوزير المغربي.

__________________

(١) تعريب: السيّد حسن عليّ مطر الهاشمي.

           

٩

جولة في المنهج التفسيري للوزير المغربي

من خلال قراءتنا للموارد التفسيرية الآنفة تتّضح لنا أمورٌ عديدةٌ بشأن الأسلوب التفسيري المتّبع عند الوزير المغربي ، وفيما يلي نشير إلى هذه الموارد :

١ ـ يتمتّع الوزير المغربي باستقلالية في الإبداع بعيداً عن التقليد ، حتّى أنّه يطرح أحياناً آراء لم يسبقه أحد في طرحها ، من باب المثال أنّه فسّر الصلاة الوسطى في المورد الحادي عشر بصلاة الجماعة ، ويبدو هذا الرأي للوهلة الأولى غريباً إلاّ أنّنا عندما نطالع التوجيه الذي يسوقه لذلك تزول غرابته بحيث يمكن القول بأنّه تفسير وجيه ومعقول ، فقد قال الوزير المغربي إنّ «المعنيّ فيها صلاة الجماعة ؛ لأنّ الوسط العدل فلمّا كانت صلاة الجماعة أفضلها خصّت بالذكر» ، ومن هنا يمكن حمل (الصلاة الوسطى) على صلاة الجماعة.

وبغضِّ النظر عن صوابية أو عدم صوابية هذا التفسير ، فهو على كلّ حال رأي يسترعي الالتفات ، كما أشار الشيخ الطوسي إلى ذلك بقوله : «وهذا وجه مليح» ، وأضاف قائلاً : «غير أنّه لم يذهب إليه أحد من المفسّرين» ، ويبدو أنّه نوع من الاعتراض ، كما أنّ لديه الكثير من الآراء الإبداعية الأخرى(١).

__________________

(١) كما نجد ذلك مثلاً في الموارد الآتية : ١٣ إلى ١٩ ، و ٢٤ و ٢٧ إلى ٢٩ ، و ٣٥ و ٤٧ و ٤٨ و ٥٢.

           

١٠

٢ ـ إنّ الشيخ الطوسي غالباً ما يكتفي بنقل كلام الوزير المغربي فقط ، دون تأييده أو تضعيفه ، ويكتفي أحياناً بالتنويه إلى ملاحته(١) ، حيث يتبيّن من خلال قوله : (مليح) هو قبوله له في بعض الأحيان(٢) ، وأحياناً يراه ضعيفاً أو ينسبه إلى السهو (٣). وفي بعض الأحيان يشير إلى عدم صوابية رأي الوزير المغربي وذلك من خلال تبنّي الرأي الآخر(٤).

٣ ـ لسنا في هذا المقال بصدد بيان صوابية آراء الوزير المغربي. وإنّما نكتفي بالقول إنّ بعض آرائه الإبداعية لا تبدو صحيحة. من باب المثال نعمد إلى إيضاح المورد السابع عشر :

ذهب المفسّرون إلى القول بأنّ الفعل (طاب) في هذه الآية يعني الحلّية ، بيد أنّ الوزير المغربي قال بأنّه يعني البلوغ ، وذلك من خلال الاستناد إلى قولنا : (طابت الثمرة) ، ثمّ أضاف قائلاً : إنّ هذه الآية في مقام النهي عن تزويج الفتيات اليتيمات قبل البلوغ ، وبذلك يتّضح ارتباط فعل الشرط في قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) بالجزاء في قوله : (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) أيضاً.

__________________

(١) فبالإضافة إلى المورد الذي أشرنا له في النصّ ، هناك تصريح في المورد الرابع عشر بكونه مليحاً ، ولكنّه أضاف إلى ذلك أنّه بحاجة إلى تقدير في الكلام ، وكأنّ في هذا إشعاراً بعدم قبوله.

(٢) قال في المورد التاسع والثلاثين : (والذي ذكره قويّ).

(٣) كما في المورد السادس عشر ، حيث قال : (هذا ضعيف) ، وفي المورد الثاني والثلاثين : (هذا الذي ذكره سهو منه).

(٤) كما في الموارد الآتية : ١ و ٣٣ و ٣٦ و ٤٩.

           

١١

إنّ هذا التفسير رغم دقّته لا يبدو صحيحاً ، فإنّ بين الشاهد الذي ساقه الوزير المغربي وهذه الآية فرقاً لم يلتفت إليه ، فإنّ الفعل (طاب) إذا ورد غير مقرون بحرف الجرّ قد يفيد معنى البلوغ ، كما في الشاهد الذي ذكره الوزير المغربي ، بيد أنّ مفهوم البلوغ لا يتناسب مع التعبير بـ : (لكم) ، وإنّ تعدية هذا الفعل بحرف الجرّ يحتاج إلى تكلّف شديد ، من هنا يبدو أنّ ما ذهب إليه الوزير المغربي في تفسير الآية بعيداً جدّاً.

٤ ـ لقد استشهد الوزير المغربي في تفسير الآيات بالكثير من الأشعار(١).

٥ ـ ويقوم أحياناً بتفسير آية من خلال النظر إلى آية أخرى(٢).

٦ ـ كما أنّ دقّته في المفردات واجتهاداته اللغوية لفهم الكلمات مثيرة للاهتمام(٣) ، حتّى أنّه لا يغفل المعاني اللغوية البعيدة للكلمة أيضاً(٤).

٧ ـ كما أنّه يستعين أحياناً لتوضيح رأيه بالأمثلة العرفية أيضاً(٥).

٨ ـ وإنّ شعر أبي رعاية السلمي ـ الذي عبّر عنه الوزير المغربي قائلاً : «إنّه أفصح بدويٍّ أطاف بنا وأغزرهم رواية» ـ يُعَدُّ من الأشعار التي اعتمدها

__________________

(١) انظر الموارد رقم : ٤ و ١٠ و ١٢ و ٢٨ و ٣٠ و ٣٥ و ٤٠ و ٤٤ و ٤٥.

(٢) انظر الموارد رقم : ٥ و ٨ و ١٣ و ٤٧.

(٣) انظر الموارد رقم : ٤ و ١٨ و ٢١ و ٣٠ ، وانظر أيضاً المورد رقم : ٣٩ و ٥٠.

(٤) انظر مثلاً الموارد رقم : ١٠ و ١٢ و ٢٩.

(٥) انظر الموارد رقم : ١٤ و ٢١و ٢٦.

           

١٢

الوزير المغربي في تفسيره(١).

٩ ـ كما كان الوزير المغربي يسأل اليهود من أجل الحصول على معاني الآيات ، ويعتمد على آرائهم(٢).

والملفت للانتباه أنّ الوزير المغربي قد وجد لوحاً قديماً في مصر منصوباً على باب دار يعود بناؤها إلى عام ٧٠ للهجرة ، وقد كتب على هذا اللوح بعض آيات القرآن الكريم ، وإنّها اشتملت على كلمة غير موجودة في القرآن ، ومع ذلك لا يتجاوز هذه المسألة ويذكرها في تفسيره(٣).

١٠ ـ إنّ الاهتمام بروايات أهل البيت عليهم‌السلام (٤) ، ونقل فتوى الصابوني الفقيه الإمامي المقيم في مصر(٥) ، والنقل عن أبي بكر (الجصّاص) الرازي في أحكام القرآن(٦) ، من الخصائص الأخرى لتفسير الوزير المغربي.

١١ ـ يعتمد الوزير المغربي على علم البلاغة ، وينبّه على هامش تفسير

__________________

(١) انظر المورد رقم : ٤. وفيما يتعلّق بالمورد رقم : ٤١ بعد ذكر العبارات التي تستعملها العرب في الإغراء ، أضاف قائلاً : (وحكى المغربي أنّه سمع من يُغري بـ «وراءك» و «قدّامك»).

(٢) انظر المورد رقم : ٧ ، والمورد رقم : ٣٨ (حدّثني بعض اليهود الثقات منهم بمصر ...).

(٣) انظر المورد رقم : ٤٣.

(٤) انظر المورد رقم : ١ و ٧ ، وكذلك انظر المورد رقم : ٣٧.

(٥) المورد رقم : ٥٤. وقد أيّد الشيخ الطوسي هذا الرأي المنقول بقوله : (وهو الظاهر من المذهب).

(٦) المورد رقم : ٣٧ ، وانظر أيضاً المورد رقم : ١٨.

           

١٣

أحد الآيات إلى دلالتها على فضيلة هذا العلم(١) ، وفي مورد آخر يتعرّض إلى الدلالات البلاغية في الآية بشكل صريح(٢).

وربّما كان ميله هذا هو الذي أدّى به إلى إيضاح التكرار الذي نشاهده في بعض الآيات(٣) أو أن يرى عدم زيادة كلمة في الآية على خلاف إجماع المفسّرين الذين يحكمون بزيادتها(٤) ، ويمكن أن يكون هذا النوع من الأبحاث ناشئاً عن كون الوزير المغربي متكلّماً وأنّه ينطلق في ذلك من منطلق دفع شبهات المغرضين.

١٢ ـ يتّفق الوزير المغربي أحياناً مع المفسّرين الآخرين في آرائهم ، حيث تنسجم آراؤه في الأعمّ الأغلب مع علماء المعتزلة ، ومن بينهم البلخي الذي كان الوزير أكثر انسجاماً معه(٥) ، ومع أبي القاسم عبد الله بن أحمد الكعبي (م ٣٢٧ للهجرة) مؤلّف كتاب التفسير الكبير(٦) ، وأمّا المعتزلة الآخرين الذين يتّفق معهم الوزير المغربي في الرأي فهم عبارة عن :

__________________

(١) انظر المورد رقم : ٢٢.

(٢) انظر المورد رقم : ٥٦.

(٣) انظر الموارد رقم : ٥ و ١٣ و ٢٥ و ٢٧ ، وانظر أيضاً المورد رقم : ٤٤.

(٤) انظر المورد رقم : ١٦. وقد ذهب الشيخ الطوسي بطبيعة الحال إلى تضعيف رأيه.

(٥) انظر المورد رقم : ٢ (قول الربيع بن أنس) ، و ٨ (وهو القول الذي يذهب إليه الرمّاني أيضاً) ، و ٩ و ٢٠ (قول الفرّاء) ، و ٣٤ ، (قول الزجّاج) ، ٤٥ ، وانظر أيضاً المورد رقم : ٤٦.

(٦) سير أعلام النبلاء ، ج ١٦ ، ص ٣١٣ ، وج ١٥ ، ص ٢٥٥ ، ومصادر حاشيته.

           

١٤

أبو عليّ الجبّائي(١) محمّد بن عبد الوهاب (م ٣٠٣ للهجرة) ، وهو رئيس المعتزلة في البصرة(٢).

الرمّاني(٣) عليّ بن عيسى (م ٣٨٤ للهجرة)(٤).

أبو مسلم(٥) محمّد بن بحر الإصفهاني (م ٣٢٢ للهجرة) صاحب كتاب جامع التأويل ومحكم التنزيل(٦).

أمّا العلماء الآخرون الذين يتّفق معهم الوزير المغربي ، فهم عبارة عن :

الزجّاج(٧) أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد (م ٣١١ للهجرة) الأديب المعروف وصاحب كتاب معاني القرآن(٨).

الفرّاء(٩) يحيى بن زياد (م ٢٠٧ للهجرة) النحوي المعروف صاحب كتاب معاني القرآن(١٠).

__________________

(١) مع عبارة أبي عليّ (المورد رقم : ٥) ومع عبارة الجبائي (المورد رقم : ٤٩) ، وانظر أيضاً المورد رقم : ٢٥.

(٢) سير أعلام النبلاء ، ج ١٤ ، ص ١٨٣ ، ومصادر حاشيته.

(٣) انظر المورد رقم : ٨.

(٤) سير أعلام النبلاء ، ج ١٦ ، ص ٥٣٣ ، ومصادر حاشيته.

(٥) انظر المورد رقم : ٥١.

(٦) الوافي بالوفيات ، ج ٢ ، ص ١٧٥ ؛ لسان الميزان ، ج ٥ ، ص ٧٣٧.

(٧) انظر المورد رقم : ٣٣ و ٥٥.

(٨) سير أعلام النبلاء ، ج ١٦ ، ص ٣٦٠ ، ومصادر حاشيته.

(٩) انظر المورد رقم : ٢٠.

(١٠) سير أعلام النبلاء ، ج ١٠ ، ص ١١٨ ، ش ١٢ ، ومصادر حاشيته.

           

١٥

الربيع بن أنس(١) البكري الخراساني (م ١٣٩ أو ١٤٠ للهجرة)(٢).

الفضل(٣) ، ففي التبيان هناك ثلاثة مواضع (في طبعة جامعة المدرّسين) نقل فيها شيء عن شخص اسمه الفضل أيضاً(٤) ، وهناك نقل عن الفضل بن سلمة في موضعين(٥) ، وقد جاء في حاشية طبعة جامعة المدرّسين للتبيان أنّ المراد من الفضل بن سلمة هو أبو سلمة الفضل بن سلمة بن جرير الجهني (م ٣١٩ للهجرة)(٦) ، ولكنّه كان من فقهاء المالكية ولم يكن له أيّ ميول لغوية أو تفسيرية ، ولم ينسب له أحد أيّ تأليف في اللغة أو العلوم المرتبطة بعلوم القرآن.

وجاء في طبعة النجف في أكثر هذه المواضع اسم المفضّل بدلاً من الفضل(٧) وهو الصحيح ، فهو المفضّل بن سلمة بن عاصم أبو طالب الضبّي ،

__________________

(١) انظر المورد رقم : ٢.

(٢) إنّ الأمر المنقول في التبيان عن الربيع بن أنس ، قد نقل في تفسير الطبري (ج ١ ، ص ١٥٢ و ١٦٠ و ١٦٢) عن عمّار بن الحسن عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس. والربيع بن أنس في هذا السند هو الربيع بن أنس البكري الخراساني الذي يروي عنه أبو جعفر الرازي (تهذيب الكمال ، ج ٩ ، ص ٦٠ ، وج ٣٣ ، ص ١٩٣).

(٣) انظر المورد رقم : ٣.

(٤) تفسير التبيان ، (طبعة جامعة المدرّسين) ، ج ٢ ، ص ١٩ و ٢٠ و ٦١.

(٥) المصدر أعلاه ، ص ٢٥ و ١٥٦.

(٦) المصدر أعلاه ، ص ١٥٦ ، وانظر ترجمته في : موسوعة طبقات الفقهاء ، ج ٤ ، ص ٣٢٧ ومصادرها.

(٧) المصدر أعلاه ، ج ١ ، ص ١٠٩ ، (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ٢ ، ص ٢٠) ، وص         

١٦

وله العديد من المؤلّفات ومن بينها كتاب البارع في اللغة ، وكتاب معاني القرآن ، وضياء القلوب في معاني القرآن(١) ، وقد نقل عنه الطوسي بعض الأمور في مواضع أخرى من التبيان أيضاً(٢) ، وقد تمّت الإشارة إلى اسمه في مقدّمة التبيان ، وفي هذه المقدّمة جاء اسمه في عداد المفسّرين مع توضيح لمنهجه :

«والمفضّل بن سلمة وغيره استكثروا في علم اللغة واشتقاق الألفاظ»(٣).

وقد توفّرت كتب المفضّل بن سلمة عند أساتذة الشيخ الطوسي من أمثال : السيّد المرتضى وأخيه الشريف الرضي(٤) ، وقد تمّ تحريف اسمه في

__________________

١٣٥ (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ٢ ، ص ٦١) ، وص ١٩٥ (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ٢ ، ص ١٥٦).

(١) وفيات الأعيان ، ج ٤ ، ص ٢٠٥ ؛ فهرست ابن النديم ، ص ٣٧ و ٨٠ ؛ أعلام الزركلي ، ج ٧ ، ص ٢٧٩ ؛ ترجمته في تاريخ بغداد ، ج ١٣ ، ص ١٢٥ حيث وردت ترجمته ضمن من اسمهم المفضّل (في باب الميم) ، ولذلك لا يحتمل التحريف أو التصحيف في اسم المفضّل.

(٢) التبيان ، ج ١ ، ص ١٠١ ، (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ٢ ، ص ٩) ، وص ٣٢١ (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ٢ ، ص ٣٤٩) ، وقد أشار في الهامش إلى أنّ هذا الأمر منقول في تهذيب اللغة عن الأزهري ، وقد كنّى عن المفضّل بـ (أبي طالب).

(٣) المصدر أعلاه ، ص ١ (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ١ ، ص ٢٦٨).

(٤) جاء في حقائق التأويل ، ص ٣٧ تسمية كتاب المفضّل بن سلمة الكوفي بـ (ضياء القلوب في معاني القرآن) ، وانظر أيضاً : ص ٣٩ ؛ أمالي (السيّد المرتضى) ، ج ٢ ، ص ٥٥ ، و ١٤٧.

           

١٧

بعض المصادر إلى الفضل(١).

وفي ختام هذا البحث ، نجد من النافع التذكير بأمرين ، وهما :

أوّلاً : ذكرنا في المورد رقم ٣٥ و ٤٢ أنّ الشيخ الطوسي ـ على ما يبدو ـ قد حصل على تفسير الوزير المغربي بعد إكماله تأليفه الأوّلي لتفسير التبيان ، وإنّه لذلك قد أخلّ بانسجام الأبحاث بعد إقحام بعض المقاطع والنصوص من تفسير الوزير المغربي إلى تفسيره ، الأمر الذي أوجد صعوبة في فهم عباراته أحياناً لعدم انسجامها(٢).

وفي بعض الموارد لم يدرج الشيخ الطوسي رأي الوزير المغربي ضمن سائر الآراء الأخرى(٣) ، فما هو السبب في ذلك؟ أرى أنّ أوضح جواب عن

__________________

(١) نجد في التبيان ، ج ١ ، ص ١٠٨ ، (طبعة جامعة المدرّسين ، ج ٢ ، ص ١٩) ، بعض الأمور المنقولة عن الفضل ، ومن خلال الرجوع إلى التفاسير الأخرى ، يتّضح تحريفه عن المفضّل. انظر : مجمع البيان ، ج ١ ، ص ١٣٠ ؛ ابن الجوزي ، زاد المسير ، ج ١ ، ص ٤٠ ؛ تفسير العزّ بن عبد السلام ، ص ١٠٩ ؛ تفسير البحر المحيط ، ج ١ ، ص ٢٥١. ومن بين الموارد الأخرى لتحريف اسمه : السرائر ، ج ١ ، ص ٢٩٤ عن الفضل بن سلمة في كتاب البارع ، ج ٢ ، ص ١٨١ عن المفضّل بن سلمة في كتاب البارع وهذا هو الصحيح. وفي كشف النعمة ، ج ١ ، ص ٤٣ نقل بحث لغوي عن الفضل بن سلمة في ضياء القلوب ، وتحريفه واضح. انظر أيضاً : تاريخ بغداد ، ج ٥ ، ص ٤١٨ (الفضل بن سلمة بن عاصم) ؛ فتح الباري ، ج ٤ ، ص ٢٧٤ ؛ نيل الأوطار ، ج ٥ ، ص ٢٩٠.

(٢) وربّما كان هذا هو السبب في عدم ذكر الوزير المغربي ومنهجه التفسيري في بداية تفسير التبيان في معرض ذكر المفسّرين ومناهجهم.

(٣) انظر المورد رقم : ٥٢ ، وانظر أيضاً المورد رقم : ١٥ و ٣٠.

           

١٨

هذا السؤال هو أنّ الشيخ الطوسي قد عثر على تفسير الوزير المغربي بعد إكماله لتأليف تفسير التبيان ، ولم يشأ الإخلال ببنية تفسيره ، ولذلك اكتفى بمجرّد إضافة كلام الوزير المغربي إلى تفسيره دون التعرّض إلى الهيكلية الأولى لتفسير التبيان.

ثانياً : هناك سؤال يتبادر إلى الذهن وهو : لماذا اقتصر نقل آراء الوزير المغربي في التبيان على ما وجدناه في هذا التفسير دون الإحاطة بنقل جميع آرائه التفسيرية. فهل الوزير المغربي لم يوفّق إلى إتمام تفسيره ، أو أنّ هذا التفسير بأسره لم يصل إلى الشيخ الطوسي؟ وتبقى الإجابة عن هذا السؤال بالنسبة لنا غير واضحة(١).

آراء الوزير المغربي في تفاسير أهل السنّة :

من خلال البحث في تفاسير أهل السنّة عبر برامج الحاسوب ، لم نجد نقلاً جديداً عن الوزير المغربي إلاّ في كتاب البحر المحيط لأبي حيّان الأندلسي الغرناطي محمّد بن يوسف (م ٧٤٥ للهجرة)(٢) ، حيث نجد آراءه

__________________

(١) ستكون لنا إشارة ثانية إلى هذا البحث عند نقلنا بعض العبارات عن تفسير البرهان للزركشي.

(٢) وبطبيعة الحال فقد نقل الآلوسي الكثير من الآراء عن الوزير المغربي في تفسيره (انظر : تفسير الآلوسي ، ج ٣ ، ص ٥٩ ، وج ٤ ، ص ٩٢ و ٢٣٠ ، وج ٥ ، ص ٤٩ ، وج ٦ ، ص ١٥٤ ، وج ٧ ، ص ٥٤ ، وج ٨ ، ص ٥٩ و ١٠٧). ولكن هذه الآراء بأجمعها موجودة في تفسير التبيان ، ويبدو أنّ الآلوسي قد نسبها إلى الوزير المغربي اعتماداً على ما وجده في التبيان.

           

١٩

في سبعة مواضع من هذا الكتاب ، في خمسة منها باسم المغربي ، وفي مورد واحد باسم ابن المغربي ، وفي واحد منها باسم أبو عبد الله الوزير المغربي ، والمراد من جميع هذه الأسماء هو الوزير المغربي أبو القاسم الحسين بن عليّ(١) ، إنّ العنوان الأخير ـ رغم الخطأ الملحوظ فيه ، وهو ما سنتحدث عن أسبابه لاحقاً ـ يمثل في حدّ ذاته شاهداً على نسبة ما نقل فيه إلى الوزير المغربي. والشاهد الآخر أنّ الشيخ الطوسي قد نقل في التبيان عن الوزير المغربي إحدى المسائل التي نقلها أبو حيّان.

وعند التدقيق في الموارد الأخرى التي نقلها أبو حيّان ومقارنتها بالأسلوب التفسيري للوزير المغربي تمثّل شاهداً آخر على نسبة هذه الآراء إلى الوزير المغربي ، ونحن هنا سنبدأ أوّلاً بنقل الآراء التي حكاها أبو حيّان عن الوزير المغربي لنعمل بعد ذلك على مقارنة الشبه بينها وبين المنهج التفسيري للوزير المغربي.

النقل الأوّل : هامش الآية الثانية والستّين من سورة البقرة ، بشأن (الصابئين) :

«قال المغربي عن الصابي صاحب الرسائل : هم قريب من المعتزلة ، يقولون بتدبير الكواكب»(٢).

__________________

(١) وبطبيعة الحال نجد في مقدّمة تفسير أبي حيّان الكثير من الثناء على تفسير ابن عطية المغربي ، ولكن يبدو أنّه يذكر هذا المفسّر باسم ابن عطية ، وليس المغربي.

(٢) البحر المحيط (طبعة دار الكتب العلمية) ، ج ١ ، ص ٤٠٢ ، (طبعة دار الفكر) ، ج ١ ، ص ٣٨٦.

           

٢٠