تراثنا ـ العدد [ 135 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 135 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

١

تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الثالث [١٣٥]

السنـة الرابعة والثلاثون

محتـويات العـدد

* النعماني ومصادر الغيبة (٩).

.............................................. السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ٧

* دراسات في نسخ واعتبار كتاب (كامل الزيارات) (٣).

..................................................... الشيخ محمّد عليّ العريبيّ ٣٥

* الخطاب الحجاجي في وصيّة الإمام الصادق عليه‌السلام إلى أبي جعفر الأحول.

.......................................... د. عبد الإله عبد الوهاب العرداوي ١٣٨

* وسائل الاختصاص في اللغة (شواهد من كلام الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام أنموذجاً).

............................................. د. هاشم جعفر حسين الموسوي ١٦٣

٢

رجب ـ رمضان

١٤٣٩ هـ

* تأويلات السيّد علي الحائري (مقتنيات الدُرر وملتقطات الثمر).

..................................................... د. حامد ناصر الظالمي ١٩٧

* تراجم علماء البحرين وكتبهم ومكتباتهم من كتاب (الفوائد الطريفة) (٣)

....................................... عبد العزيز علي آل عبد العال القطيفي ٢٣٠

* من ذخائر التراث :

* التهذيب للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين العامليّ (ت ١٠٣٠ هـ).

............................................. تحقيق : الشيخ محمّد لطف زاده ٢٦١

* من أنباء التراث.

.............................................................. هيـئة التحرير ٣٠٢

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (التهذيب للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين العامليّ (ت ١٠٣٠ هـ)) والمنشورة في هذا العدد.

٣
٤

٥
٦

النعماني ومصادر الغيبة(١)

(٩)

السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني

تنويه :

بعد التعريف بأبي عبد الله النعماني ـ مؤلّف كتاب الغيبة ـ والبحث في مؤلّفاته وفي التفسير المنسوب إليه ، حيث تحدّثنا عن صحّة انتسابه إليه ، وتناولنا هذا الكتاب من مختلف الزوايا. وفي هذه الحلقة سوف نبحث في كتابين نُسبا خطأً إلى النعماني ، وسوف نعمل على إيضاح منشأ هذا الخطأ. وبعد ذلك سنعرّف سبط النعماني أي الوزير المغربي. وكذلك سوف ننقل ترجمة النجاشي له ولخال أبيه ـ هارون بن عبد العزيز الكاتب ـ وسيكون لنا توضيح في هذا الشأن أيضاً. وسوف نختم هذا القسم من تحقيقنا بترجمة

__________________

(١) تعريب: السيّد حسن علي مطر الهاشمي.

٧

رسائل للوزير المغربي في شرح سيرته الذاتية وسيرة أسرته مع ذكر بعض المسائل بشأن هذه الرسالة.

كتابان نُسبا خطأً إلى النعماني :

لقد نسبت بعض كتب الفهارس ومعاجم الكتب كتاب جامع الأخبار وكتاب نثر اللآلئ في الحديث إلى النعماني(١) ، ويبدو أنّ هذه النسبة مأخوذة من كلام صاحب الروضات ، فقد نقل في ترجمة النعماني عبارتين عن مقدّمة بحار الأنوار ، وقد جاء في إحديهما ما يلي :

«وكتاب جامع الأخبار(٢) كتاب الغيبة للشيخ الفاضل الكامل الزكي محمّد بن إبراهيم النعماني ـ رحمه الله ـ تلميذ الكليني».

وجاء في العبارة الثانية : «كتاب نثر اللآلئ وكتاب جامع الأخبار من أجلّ الكتب»(٣).

__________________

(١) إيضاح المكنون ، ج ١ ، ص ٣٥٠ وج ٢ ، ص ٦٢٤ ؛ هدية العارفين ، ج ٢ ، ص ٤٦ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ٨ ، ص ١٩٥.

(٢) لا نشاهد هنا حرف العطف ، لذلك يحتمل أن يكون صاحب الروضات يرى أنّ المرحوم المجلسي يعتبر كتاب جامع الأخبار هو كتاب الغيبة ، وبطبيعة الحال فإنّه احتمال بعيد ، ولم يفهم مؤلّفو كتب الفهارس العبارة على هذا النحو.

(٣) روضات الجنّات ، ج ٦ ، ص ١٩٥. اكتفى صاحب الروضات بنقل هاتين العبارتين فحسب. ويبدو من ظاهر هذا الأمر أنّه ينسب القول بتأليف هذين الكتابين من قبل النعماني إلى العلاّمة المجلسي ، ولكنّ هناك احتمال أنّه يعتبر مجرّد كتاب جامع الأخبار من تأليف النعماني ، وأمّا نقل العبارة الثانية فهو لمجرّد بيان أنّ العلاّمة

٨

وقد نوّه المحدّث النوري من خلال الإشارة إلى عبارتي مقدّمة البحار إلى وجود تحريفات في نقل صاحب الروضات(١) ، فمن خلال عبارتي العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار يتّضح أنّ هذين الكتابين ليسا من تأليف النعماني ، فما هو السبب الذي أدّى إلى مثل هذا الفهم الخاطئ لهاتين العبارتين؟

لكي نبيّن المنشأ الاحتمالي لهذا الخطأ ، يجب علينا أن نشير إلى عبارتي مقدّمة بحار الأنوار لكي يمكننا أن نبيّن سبب مثل هذا الخطأ ؛ ففي الفصل الأوّل من مقدّمة بحار الأنوار الذي يبحث في تعريف مصادر البحار ومؤلّفيها قد ورد عنوان كتاب جامع الأخبار ، وقد شغل ما يقرب من الستّة أسطر من البحث في بيان مختلف الاحتمالات بشأن مؤلّف الكتاب ، ثمّ قال : «وكتاب الغيبة للشيخ الفاضل الكامل الزّكي محمّد بن إبراهيم النعماني تلميذ الكليني»(٢).

إنّ مقارنة هذه العبارة بالعبارة المنقولة في روضات الجنّات ، ينشأ منها هذا الاحتمال ، وهو أنّ صاحب الروضات لم يراجع هذا النصّ بصورة تفصيلية ، وإنّما راجع نصّاً يقتصر على ذكر أسماء مصادر البحار ومؤلّفيها ، وقد حُذفت منها المسائل المرتبطة بالاحتمالات الواردة بشأن مؤلّف كتاب جامع الأخبار ؛ ولذلك ذهب به التصوّر إلى أنّ كتاب جامع الأخبار مثل كتاب

__________________

المجلسي يعتبر جامع الأخبار من أجلّ الكتب. وقد فهم كتّاب الفهارس من عبارة الروضات الاحتمال الأوّل.

(١) خاتمة المستدرك ، ج ٣ ، (مستدرك الوسائل ، ج ٢١) ، ص ٢٧١.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٣ ـ ١٤.

٩

الغيبة هو من تأليف النعماني.

أمّا نسبة نثر اللآلئ إلى النعماني فقد نشأ من خطأ مضافاً إلى الخطأ الذي مرّ آنفاً فقد جاء في الفصل الثاني من مقدّمة البحار ـ الخاصّ ببيان اعتبار مصادر الكتاب ـ كلام العلاّمة المجلسي بشأن كتاب عوالي اللآلئ(١) ، وقال : إنّ مؤلّف هذا الكتاب لم يميّز التستّر من اللّباب ، فقد اكتفى بذكر بعض نقوله في بحار الأنوار. ثمّ قال : «ومثله كتاب نثر اللئالي وكتاب جامع الأخبار. وكتاب النعماني من أجلّ الكتب ، وقال الشيخ المفيد رحمه الله في إرشاده ...». (وقد أورد هنا عبارة المفيد في الثناء على كتاب الغيبة للنعماني)(٢).

وكأنّ عبارة (ومثله) لم تكن في نسخة صاحب الروضات ، أو أنّه لم يلتفت لها ، فلذلك ظنّ أنّ عبارة (من أجلّ الكتب) قد جاء في شأن كتاب نثر اللآلئ وجامع الأخبار كذلك ، وحيث إنّه تصوّر أنّ جامع الأخبار من تأليف

__________________

(١) الصحيح أنّ اسم هذا الكتاب هو العوالي بـ (العين المهملة) ، انظر : خاتمة المستدرك ، ج ١ (مستدرك الوسائل ، ج ١٩) ، ص ٣٤٤.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ٣١ ، جدير بالذكر أنّ عبارة (وكتاب النعماني) لم ترد في نقل صاحب الروضات ، من هنا يحتمل عدم ورود حرف العطف (و) قبل (كتاب النعماني) في نسخة صاحب الروضات من البحار ، أو أنّ صاحب الروضات لم يلتفت إلى حرف العطف ، وعليه فقد اعتبر (كتاب النعماني) توضيحاً لجامع الأخبار ، وقد حذفه اختصاراً. وهذا الاحتمال ينسجم مع الاحتمال الذي ذكرناه أوّلاً (وهو أنّ صاحب الروضات ربّما تصوّر أنّ العلاّمة المجلسي يرى أنّ جامع الأخبار هو نفسه كتاب الغيبة).

١٠

النعماني ، فقد اعتبر نثر اللآلئ من تأليفه أيضاً بقرينة السياق.

وعلى أيّ حال فإنّ هذا الفهم من عبارة بحار الأنوار اشتباه واضح ، ففي هذه العبارة يرى العلاّمة المجلسي كتاب نثر اللآلئ مثله مثل عوالي اللآلئ الذي اكتفى بنقل بعض رواياته ، وقد صرّح في الفصل الأوّل بأنّ هذين الكتابين هما من تأليف ابن أبي جمهور الأحسائي(١).

إنّ جملة (كتاب النعماني من أجلّ الكتب) جملة مستقلّة وكاملة ومؤلّفة من مبتدأ وخبر ، وإنّ عطفها على ما قبلها من قبيل عطف جملة على جملة أو هي واو استئنافية. وإنّ عبارة جامع الأخبار يحتمل قويّاً أنّها معطوفة على نثر اللآلئ ، ولا ربط لعبارة (من أجلّ الكتب) بها. وأمّا مدح الشيخ المفيد فإنّ مقصوده هو كتاب النعماني فقط ، وليس جامع الأخبار.

ومهما كان فإنّ نثر اللآلئ هو من تأليف ابن أبي جمهور الأحسائي ، وقد ذُكرت احتمالات عديدة بشأن مؤلّف جامع الأخبار(٢) ، ولا شكّ في أنّ هذين الكتابين ليسا من تأليف النعماني.

أسرة النعماني :

لا يوجد الكثير من الأخبار بشأن أسرة النعماني ، وكلّ ما نعرفه أنّ

__________________

(١) المصدر أعلاه ، ج ١ ، ص ١٣.

(٢) لقد طبع كتاب جامع الأخبار مراراً ، ولا ربط بين هذا الكتاب وبين النعماني ، وبشأن مؤلّف هذا الكتاب انظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٣٣.

١١

حفيده لابنته ـ أبو القاسم (الوزير المغربي) الحسين بن عليّ بن حسين ـ هو من كبار العلماء ومن السياسيّين البارزين في عصره ، فقد تردّد اسمه كثيراً في الكتب التأريخية التي رصدت أحداث تلك الحقبة ، حيث كان محوراً للكثير من الأحداث فيها ، وقد وردت ترجمته في الكثير من مصادر السير والتاريخ ، وأوّل ترجمة له وردت في رجال النجاشي(١).

إنّ أهمّ مصدر تناول سيرة حياته هو كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب ، لابن العديم كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة (المتوفّى سنة ٦٦٠ للهجرة)(٢) ، خصوصاً وأنّ هذا الكتاب يشتمل على رسالة عن الوزير المغربي تحتوي على معلومات قيّمة للغاية بشأن حياته وحياة أسرته(٣) ، كما يحتوي هذا الكتاب على ما كتبه والد الوزير بشأنه وهو تقريرٌ ملفت للنظر(٤).

أمّا المصادر المتأخّرة فقد اشتمل الكثير منها على بيان سيرته ، وأكثر المصادر تفصيلاً في هذا الشأن كتاب أعيان الشيعة ، حيث اشتمل هذا الكتاب

__________________

(١) وبطبيعة الحال لقد ورد ذكر الوزير المغربي في بعض المصادر المتقدّمة ، ويمكن الاستفادة منها في ترجمة حياة الوزير المغربي ، من قبيل : مجالس إيليا مطران نصيبين ، وكتاب المجالس السبعة التي وقعت بين الوزير وبين مطران إيليا الذي في نصيبين تاريخ المسبحي ، و ... ، انظر : الوزير المغربي ، ص ٢٤٣. لم ترد ترجمة المغربي في أيّ واحدة من تلك المصادر.

(٢) بغية الطلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٣٢ ـ ٢٥٥٥.

(٣) المصدر أعلاه ، ص ٢٥٣٥ ؛ الوزير المغربي ، ص ١٩٨.

(٤) بغية الطلب ، ص ٢٥٣٧.

١٢

على ذكر سيرته في موضعين ، أحدهما : على هامش اسم حسين(١) ، والآخر ـ عن طريق الخطأ ـ على هامش اسم عليّ بن الحسين ، حيث اشتمل على معلومات جديدة وقيّمة(٢). هذا وقد اشتملت المصادر الحديثة على سيرة الوزير المغربي أيضاً ، وسنكتفي بذكر كتاب واحد منها مع ذكر العنوان الذي جاء على غلاف هذا الكتاب :

(الوزير المغربي أبو القاسم الحسين بن علي ، العالم الشاعر الناثر الثائر ، دراسة في سيرته وأوجه ما تبقّى من آثاره) ، وهذا الكتاب من تأليف الدكتور إحسان عبّاس ، وقد أشار في مقدّمة كتابه إلى المؤلّفات المطبوعة للوزير المغربي.

ولا تبدو هناك حاجة إلى بيان السيرة التفصيلية للوزير المغربي في هذا المقال ، من هنا فإنّنا سنكتفي بنقل عبارة رجال النجاشي عنه وعن أحد أقربائه ، وكذلك نقل أجزاء من رسالة الوزير المغربي في التعريف بأصله ونسبه وما كتبه أبيه في شأنه. وفي القسم التالي من هذا المقال سوف نتعرّض إلى شذرات من المعلومات حول الوزير المغربي وأسرته ، ثمّ نصحّح بعض الأخطاء التي وقع فيها البعض بشأنه ، وننقل آراءه التفسيرية بشكل كامل.

ترجمة الوزير المغربي في رجال النجاشي :

قال أبو العبّاس النجاشي في رجاله :

__________________

(١) أعيان الشيعة ، ج ٦ ، ص ١١١ ـ ١١٦.

(٢) المصدر أعلاه ، ج ٨ ، ص ١٨٧.

١٣

«الحسين بن عليّ بن الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير أبو القاسم المغربي من ولد بلاس بن بهرام جور ، وأمّه فاطمة بنت أبي عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة. له كتب ، منها : ... توفّي رحمه الله يوم النصف من شهر رمضان ، سنة ثمان عشرة وأربع مئة»(١).

هناك فقرتان من هذا النصّ بحاجة إلى إيضاح :

الفقرة الأولى : قد يُفهم من عبارة (من ولد بلاس بن بهرام جور) أنّ بلاس هو نجل (بهرام جور) مباشرة إلاّ أنّ الصحيح هو أنّ بلاس ينتسب إلى بهرام جور عبر واسطتين أو ثلاث وسائط ، وقد نقل ابن العديم نسب الوزير المغربي عن مخطوطة خطّها الوزير بيده ، وكذلك عن مخطوطة لولده عبد الحميد(٢) ، وطبقاً لما كتبه الوزير المغربي فإنّ بلاش (الذي هو بلاس على ما يبدو)(٣) هو ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور(٤) ، وقد ضبط عبد الحميد

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٦٩ ، رقم : ١٦٧.

(٢) بغية الطلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٣٢.

(٣) يمكن لبلاس أن يكون معرباً عن بلاش ؛ إذ جرت العادة على تبديل الشين سيناً عند التعريب ؛ من قبيل : نيسابور (معرّب نيشابور) ، وسابور (معرّب شابور) ، وسابري (معرّب شابوري) ، وقاسان (معرّب كاشان).

(٤) في النسخة المطبوعة لـ (بغية الطلب) نشاهد كلمة (بن) بين (بهرام) و (جور) وهو تحريف واضح ، ونشاهد ما يُشبه هذا التحريف في تاريخ دمشق ، ج ١٤ ، ص ١٠٥ أيضاً.

١٤

اسمه على شكل فلاش وتلفّظه الآخر بلاش ـ على ما يبدو ـ(١) معتبراً إياه ابن جاماسب(٢) بن فيروز بن يزدجرد(٣) بن بهرام جور ، ويبدو أنّ هذا النقل هو الأصحّ(٤).

إنّ بهرام جور (بهرام الخامس) هو الملك الساساني الخامس عشر ، ابنه (يزدجرد الثاني) هو الملك السادس عشر ، وحفيده (پيروز الأوّل) ، هو الملك الثامن عشر ، وابن پيروز (جاماسب) هو الملك الساساني الحادي والعشرين ، وقد كان ليزدجرد الثاني ولد اسمه بلاش أيضاً ، جلس على العرش خلفاً لأخيه (پيروز)(٥) ، ويبدو أنّ بلاش ـ الوارد في نسب الوزير

__________________

(١) إنّ بلاش ـ والذي روي أحياناً بشكل ولاش ـ وكذلك فلاش ، يمكن أن تكون ألفاظاً مختلفة لمفردة واحدة. حيث غالباً ما يتمّ استبدال الحرف (ب) و (ف) و (و) و (پ) التي هي بأجمعها من الحروف الشفوية ، كما في مفردة پهلوي وبهلوي وفهلوي في إيران القديمة (انظر : فرهنگ معين ، المقدّمة ، ص ٢١ ـ ٢٣) ، وجدير بالذكر أنّ صاحب كتاب تاريخ دمشق ، ج ١٤ ، ص ١٠٥ ، قد ضبط هذا الاسم على شكل (ملاس) وهو من التحريف.

(٢) نقل ابن خلّكان نسبته بواسطة واحدة عن خطّ الوزير المغربي ، وقد استبدل جاماسب في هذا النقل بجاماس ، ويبدو أنّه من باب الاختصار (وفات الأعيان ، ج ٢ ، ص ١٧٢) ، وفي بعض النقول تمّ تحريف هذا الاسم بـ (جايناسيف) ، و (خايناشف). (انظر : بغية الطلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٣٢ ـ ٢٥٤٢) ؛ تاريخ دمشق ، ج ١٤ ، ص ١٠٥.

(٣) وفي النسخة المطبوعة لكتاب بغية الطلب تمّ تحريف "يزدجرد" بـ "يزدحرد".

(٤) إذ ورد اسم جاماسف (الذي هو جاماسب) في عدّة نقول ، وإن كان بشكل محرّف.

(٥) لقد اعتمدنا في بيان سلسلة الملوك الساسانيّين على كتاب (فرهنگ معين ، ج ٥ ،

١٥

المغربي ـ هو حفيد أخيه.

لقد التفت صاحب قاموس الرجال إلى الإشكال الواقع في كلام النجاشي ، فقال :

«بلاس ليس ولداً لبهرام بل هو ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام ، وقد كان بلاس عمّاً لأنوشيروان ، وقد بنى ساباط المدائن. وأصل ساباط كان بلاس آباد ، وقد تحوّل إلى ساباط بفعل التخفيف والتعريب»(١).

إنّ النسب الذي يذكره صاحب قاموس الرجال لبلاس هو ذاته النسب المنقول عن خطّ الوزير المغربي ، وقد ذكرنا أنّه يحتمل سقوط جاماسب من هذا النسب. وعلى أيّ حال فإنّ عم أنوشيروان (بلاش)(٢) كان هو الملك الساساني التاسع عشر ، وهو غير بلاش جدّ الوزير المغربي ، وإنّ بلاش الذي

__________________

ص ٧٠٢). ومن الجدير ذكره أنّ هناك اختلافاً في بيان عدد الملوك الساسانيين ، وربّما كان السبب في ذلك يعود إلى قصر الفترة التي حكم فيها بعض ملوك هذه السلالة ، أو ربّما يعود ذلك إلى اعتبار فترة حكم الذين وصلوا إلى السلطة مرّتين فترة واحدة. فعلى سبيل المثال : ذكر المسعودي في التنبية والإشراف ، ص ٨٧ ـ ٩٠ ، أنّ عدد الملوك الساسانيين ثلاثين ملكاً ، في حين ذكر في فرهنگ معين أنّ عددهم يصل إلى سبعة وثلاثين ملكاً. وطبقاً لنقل المسعودي فإنّ بهرام جور هو الملك الرابع عشر ، ويزدجرد الثاني هو الملك الخامس عشر ، وفيروز هو الملك السادس عشر ، وبلاش هو الملك السابع عشر ، في حين لم يرد ذكر جاماسب في سلسلة الملوك الساسانيين.

(١) قاموس الرجال ، ج ٣ ، ص ٤٩٨. وانظر أيضاً : معجم البلدان ، ج ٣ ، ص ١٨٧ ، هامش مادّة ساباط كسرى.

(٢) أنوشيروان هو نجل قباد الأوّل نجل بيروز الأوّل ، وبلاش الملك أخ لبيروز وعم لوالد أنوشيروان.

١٦

هو جدّ الوزير كان أبن أخيه أو حفيد أخيه.

وقد ذهب صاحب قاموس الرجال إلى تخطّي كلام النجاشي في هذا المورد ، ولكن يُحتمل أنّ النجاشي ـ بالالتفات إلى الاختلاف في نسب بلاس ـ إنّما ذكر عبارة بلاس بن بهرام جور من باب الاختصار في النسب ، وعليه لا يمكن أن نحكم على النجاشي بالخطأ بضرس قاطع.

القسم الثاني : لقد بحث علماء الرجال في كلمة (شيخنا) الواردة في هذه العبارة ، وقد وردت عبارة النجاشي التي تقدّم ذكرها بعينها في خلاصة العلاّمة الحلّي(١) ، وقد تمّ حذف الكتب من عبارة (صاحب كتاب الغيبة. له كتب ، منها : ...) إلى نهاية العبارة اختصاراً ، وقد اعترض بعض علماء الرجال على نقل العلاّمة الحلّي قائلين : إن كان الوزير المغربي أستاذاً للنجاشي ، فلا يمكن أن يكون أستاذاً للعلاّمة الحلّي(٢) ، وهناك من قال إنّ نقل هذه العبارة في خلاصة العلاّمة دون حذف كلمة (شيخنا) هو الذي أدّى إلى ظهور هذا الإشكال(٣).

وقد أصاب صاحب قاموس الرجال عندما قال : إنّ كلمة (شيخنا) الواردة في كلام النجاشي إنّما تعني النعماني وليس الوزير المغربي خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار مجيء عبارة (صاحب كتاب الغيبة) بعدها مباشرة ،

__________________

(١) خلاصة الأقوال ، ص ٥٣ ، رقم ٢٩.

(٢) حاوي الأقوال ، ج ٣ ، ص ٦٠ ونقلاً عنه في تنقيح المقال ، ج ١ ، ص ٣٣٨ / ٢٩٩٦ ، وانظر أيضاً : منتهى المقال ، ج ٣ ، ص ٦٠.

(٣) أعيان الشيعة ، ج ٦ ، ص ١١٢.

١٧

وإنّ عبارة شيخنا ، تعني شيخ طائفتنا(١). وعليه لا إشكال في استعمال العلاّمة الحلّي لهذه العبارة(٢).

وعلى الرغم من عدم تمامية الإشكال الذي أورده علماء الرجال على العلاّمة الحلّي بتلك الصيغة من وجهة نظرنا ، ولكن يمكن تقرير الإشكال بصيغة أخرى ، ببيان أنّ القسم الأوّل من خلاصة العلاّمة الحلّي خاصّ بالمقبولين من الرواة(٣) ، في حين لا نرى في ترجمة الوزير المغربي أيّ توثيق أو وصفه بما يُشعر المدح والثناء ، من هنا يبدو أنّ العلاّمة الحلّي قد ذهب إلى اعتبار وصف (شيخنا) يعود إلى الوزير المغربي ، ويحتمل أنّ العلاّمة الحلّي في هذه الترجمة لم يراجع أصل رجال النجاشي ، وإنّما اعتمد في ذلك

__________________

(١) إنّ استعمال كلمة (شيخنا) هنا ليس من باب الاستعمال المجازي ، وإنّما المراد من الضمير (نا) في هذه العبارة يعود إلى الطائفة ، وليس التلاميذ. وإنّ تعيين مرجع الضمير لا ربط له بالحقيقة والمجاز. ونجد ما يُشبه هذا الاستعمال في كلمة (شيخنا) في رجال النجاشي ، ص ٣٩٨ / ١٠٦٤. انظر : قاموس الرجال ، ج ٩ ، ص ٤٠٣.

(٢) قاموس الرجال ، ج ٣ ، ص ٤٩٧.

(٣) إنّ عبارة مقدّمة خلاصة العلاّمة الحلّي كالآتي : (ولم نطل الكتاب بذكر جميع الرواة ، بل اقتصرنا على قسمين منهم ، وهم الذين اعتمد على روايتهم ، والذين أتوقّف عن العمل بنقلهم ... ورتّبته على قسمين وخاتمة : الأوّل : فيمن اعتمد على روايته ، أو ترجّح عندي قبول قوله) ، (ص ٢ و ٣) ، إنّ عبارة : (ترجّح عندي قبول قوله) لا تخلو من الغموض ، ويبدو أنّ المراد هم أولئك الذين دلّت الأمارة على وثاقتهم. وتفصيل هذا البحث لا يتّسع له هذا المقال. وعلى كلّ حال يبدو أنّ عبارة الثناء في ترجمة الوزير المغربي التي تبرّر ذكر اسمه في القسم الأوّل من خلاصة العلاّمة الحلّي ، فهي عبارة (شيخنا).

١٨

على نقل أستاذه أحمد بن طاووس عن رجال النجاشي في حلّ الإشكال(١) ؛ إذ في هذا النقل تمّ حذف عبارة (صاحب كتاب الغيبة) اختصاراً ، ولذلك فقد تصوّر العلاّمة الحلّي أنّ كلمة (شيخنا) تعود إلى صاحب الترجمة ؛ ولهذا السبب اعتبر أنّها تعني شيخ الطائفة الإمامية ـ وهي عبارة في غاية الأهمية في مدح بل توثيق الراوي ـ فأورد اسم حسين بن علي المغربي في القسم الأوّل من رجاله.

مؤلّفات الوزير المغربي في رجال النجاشي :

هناك العديد من المؤلّفات التي كتبها الوزير المغربي وقد ذُكر أكثرها في رجال النجاشي ، وفيما يلي نستعرض هذه المؤلّفات مع إضافة بعض الإيضاحات لبعضها :

١ ـ خصائص علم القرآن :

قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء :

«أبو القاسم المغربي الوزير ، له كتاب المصابيح في تفسير القرآن»(٢).

وقد أشار صاحب رياض العلماء بعد نقل هذه العبارة إلى أنّ هذا الكتاب هو نفس خصائص علم القرآن على ما يبدو (٣) ، ولكنّه لم يذكر أيّ

__________________

(١) بيان ارتباط حلّ الإشكال وخلاصة الأقوال بحاجة إلى بحث مستقل.

(٢) معالم العلماء ، ص ١٣٨ / ٩٥٢.

(٣) رياض العلماء ، ج ٢ ، ص ١٤٦.

١٩

دليل على ذلك. ولا يمكن الحكم بوضوح على ما إذا كان هذان الكتابان كتاباً واحداً أم كتابين مختلفين ، والذي يبدو من عنوان (خصائص علم القرآن) أن يكون موضوعه في علوم القرآن ـ الذي هو من مباني علم التفسير ـ وليس في علم التفسير.

وعلى كلّ حال فقد نسب ابن العديم إلى الوزير المغربي كتاباً في تفسير القرآن ، ويبدو أنّه عنى بذلك كتاب المصابيح ، وقد قال بشأن هذا الكتاب : «أحسن فيه على اختصاره»(١). وقد أخبر الوزير المغربي في رسالته عن الكثير من الإملاءات التي كانت له في تفسير القرآن وتأويله(٢). وربّما كان كتاب تفسير القرآن ، وأحياناً كتاب خصائص علم القرآن قد تمّ إعدادهما من هذه الإملاءات.

وهذا التفسير غير موجود حاليّاً ، ولكن يبدو أنّه كان عند الشيخ الطوسي ؛ لأنّه قد نقل الكثير من المسائل في كتاب التبيان عن الوزير المغربي. وفي القسم التالي من هذا المقال سوف نقوم ببيان آرائه التفسيرية.

٢ ـ اختصار إصلاح المنطق :

إنّ هذا الكتاب الذي كان عنوانه هو المنخل(٣) من نتائج إقامة الوزير المغربي في مصر ، وقد كتب والد الوزير المغربي خلف نسخة الكتاب بعد

__________________

(١) بغية الطلب ، ج ٦ ، ص ٢٥٣٣.

(٢) المصدر أعلاه ، ص ٢٥٣٦.

(٣) الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ، القسم الرابع ، المجلّد الثاني ، ص ٤٧٦.

٢٠