تراثنا ـ العدد [ 129 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 129 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣٠٢

تعالى(١).

٢٠٩ ـ بشر بن عبد الله بن عمرو بن سعيد الخثعمي :

قد ذكره الطوسي في الرواة عن أبي جعفر الباقر وولده جعفر الصادق رحمة الله عليهما وقال : هو من رجال الشيعة(٢).

٢١٠ ـ بشر بن عبد الله الشيباني :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال : روى عن جعفر الصادق رضي الله عنه(٣).

٢١١ ـ بشر بن عقبة :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق عليه‌السلام(٤).

٢١٢ ـ بشر بن عقبة الراتبي :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة من الرواة عن الباقر والصادق ـ رضي الله عنهما ـ وكذا ذكره أبو عمرو الكشّي(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لسان الميزان : ٢/٢٤ ، الرقم : ٨٤. بل هو مذكور في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله). رجال الطوسي : ٢٨ ، الرقم : ٩٢.

(٢) لسان الميزان : ٢/٢٤ـ٢٥ ، الرقم : ٨٧. لاحظ رجال الطوسي : ١٢٦ ، الرقم : ١٢٧٩ ؛ ١٢٨ ، الرقم : ١٣٠٤. وليس فيهما : «هو من رجال الشيعة».

(٣) لسان الميزان : ٢/٢٥ ، الرقم : ٨٨. لاحظ رجال الطوسي : ١٦٨ ، الرقم : ١٩٥٨. وليس فيه إلاّ عنوان الرجل.

(٤) لسان الميزان : ٢/٢٧ ، الرقم : ٩٦. لاحظ رجال الطوسي : ١٦٨ ، الرقم : ١٩٥٩.

(٥) لسان الميزان : ٢/٢٧ ، الرقم : ٩٧. لم نجده في رجال الكشّي. نعم ، ذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه‌السلام ، بعنوان بشر بن عقبة الأسدي الكوفي. رجال الطوسي : ١٦٨ ، الرقم : ١٩٥٩.

٨١

٢١٣ ـ بشر بن عمّار الخثعمي الكوفي المكتب :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة من الرواة عن جعفر الصادق عليه‌السلام(١).

٢١٤ ـ بشر بن غالب الكوفي :

ذكره أبو عمرو الكشّي في رجال الشيعة وقال : عالم فاضل جليل القدر. وقال : روى عن الحسين بن عليّ وعن ابنه زين العابدين. روى أخوه عبد الله بن غالب من رواية عقبة بن بشير عنه(٢).

٢١٥ ـ بشر بن مسعود :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة من أصحاب عليّ قال : شهد معه المشاهد وروى عنه(٣).

٢١٦ ـ بشر بن مسلمة الكوفي ، أبو العبّاس :

ذكره الطوسي وابن النجاشي في رجال الشيعة.

روى عن جعفر الصادق عليه‌السلام. وعنه محمّد بن أبي عمير.

وذكره الطوسي بشر بن مسلمة آخر كوفي وقال : يكنّى أبا صدقة ، روى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لسان الميزان : ٢/٢٧ ـ ٢٨ ، الرقم : ٩٩. رجال الطوسي : ١٦٨ ، الرقم : ١٩٥٥ ، وفيه : «بشر بن عمار (عمارة) الخثعمي».

(٢) لسان الميزان : ٢/٢٨ ـ ٢٩ ، الرقم : ١٠٣. لم نجده في رجال الكشّي. نعم ، ذكره الشيخ في أصحاب الحسين والسجّاد عليه‌السلام رجال الطوسي : ٩٩ ، الرقم : ٩٦٢ ؛ ١١٠ ، الرقم : ١٠٧٧. وعدّه البرقي في أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجّاد عليهم‌السلام رجال البرقي : ٨ ؛ ٩.

(٣) لسان الميزان : ٢/٣٢ ، الرقم : ١١٢. لاحظ رجال الطوسي : ٥٨ ، الرقم : ٤٩٠ ، وليس فيه إلاّ : بشير (بشر) بن مسعود.

٨٢

عن موسى بن جعفر.

وأمّا أبو عمرو الكشّي فجعلهما واحداً(١).

٢١٧ ـ بشير بن خارجة الجهني المدني :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة من رواة الصادق رضي الله عنه(٢).

٢١٨ ـ بشير بن زاذان الحريري :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة وقال : كان ثقة ، روى عن الصادق رضي الله عنه(٣).

٢١٩ ـ بشير بن سليمان المدني :

ذكره الطوسي في رجال الشيعة من الرواة عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه(٤).

وللبحث صلة ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لسان الميزان : ٢/٣٢ـ٣٣ ، الرقم : ١١٣. ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق والكاظم عليهما‌السلام. رجال الطوسي : ١٦٨ ، الرقم : ١٩٥٣ ؛ ٣٣٣ ، الرقم : ٤٩٥٧. والبرقي في أصحاب الكاظم عليه‌السلام. رجال البرقي : ٥٠. كما ذكره النجاشي والشيخ في فهرستيهما. رجال النجاشي ، الرقم : ٢٨٥ ؛ الفهرست : ٤٠ ، الرقم : ١١٩. أمّا الكشّي فلم نعثر عليه فيه.

(٢) لسان الميزان : ٢/٣٦ ، الرقم : ١٢٦. لاحظ رجال الطوسي : ١٦٩ ، الرقم : ١٩٦٩.

(٣) لسان الميزان : ٢/٣٧. رجال الطوسي : ١٦٩ ، الرقم : ١٩٦٧ ، وفيه : «بشير بن زاذان الجزري ، أسند عنه» فقط.

(٤) لسان الميزان : ٢/٣٩ ، الرقم : ١٣٢. رجال الطوسي : ١٢٨ ، الرقم : ١٣٠٣ ، وفيه : «بشير بن سلمان المدني».

٨٣

الروابط الحجاجيّة في الخطبة الفدكيّة

(اللمّة)

للسيّدة الزهراء عليها‌السلام

د. علي عبّاس الأعرجي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة

والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين وخاتم النبيّين وحبيب قلوب المؤمنين محمّد صلوات الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين أبي الزهراء سيّدة نساء العالمين.

وبعد ... فقد منّ الله عليّ بنعمة دراسة خطبة سيّدة النساء عليها‌السلام ، وفي دراسة النزعة الحجاجية في لغة أهل البيت عليهم‌السلام ؛ لإيصال رسالة معرفية إلى كلّ المعنيّين بدراسة الخطاب المعاصر بأنّ السيّدة الزهراء تمثّل امتداد الخطّ الرسالي بدلالة اللّغة نفسها ، وليس بدلالة الاعتقاد بمشروعية قضيّتها فقط.

إنّ الحجاج مرتبط بالخطابة الإقناعية ، والدراسات المهتمّة بتحليل الخطاب والذي يدخل في مجال البحوث التي تسعى إلى اكتشاف منطق اللّغة

٨٤

ومنطق ذلك الخطاب .. ساعياً إلى اكتشاف القواعد الداخلية له ، والمتحكّمة في تسلسل الأقوال والجمل وتتابعها بشكل متنام وتدريجي ، بحسب رؤية الدكتور أبو بكر العزّاوي الذي يردف هذه الرؤية بأنّ الحجاج حسب هذا التصوّر يتمثّل في إنجاز تسلسلات استنتاجية داخل الخطاب.

ونحن هنا في مقام تجنيد أدوات البحث الحجاجي ؛ للبحث في دقيقة من دقائق لا متناهية في شخصية السيّدة الصدّيقة (عليها وعلى أبيها الصلاة والسلام). وحتّى نجنح في البحث إلى سبيل الموضوعية البعيدة عن الارتكازات العقائدية التي تقطن نفس الباحث ؛ وحتّى لا تكون هذه المرتكزات طاغية بشكل يهمّش الحقائق اللّغوية والخطابية الناتجة عنها ـ في فكر السيّدة الزهراء عليها‌السلام ـ وهو أمل الباحث الذي طالما شعر بالتعطّش لامتلاك أدوات وأسلحة معرفية ، وجد السبيل إليها في المقاتلة بكلّ ما أوتي من قوّة.

بنيت المقالة على مبحثين ، كان الأوّل منهما : رابطا التعارض والعطف ، والمبحث الثاني لرابطي التساوق والتعليل ، بعد أن مزجت الروابط الأربع في ما يتقارب بينهما.

٨٥

التمهيد

أوّلا : خطبة الزهراء عليها‌السلام (الامتداد ، التاريخ)

في خطبة سيّدتي ومولاتي المعروفة بالخطبة الفدكية ، تلك الخطبة العصماء التي خطبتها في مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله) والتي أبدت من خلالها اعتراضها على ابن أبي قحافة الذي انتزع فدكاً منها ، وقد طالبت من خلالها احتجاجاً على سلب حقّها وصرّحت بأنّ فدكاً ملكاً لها ، والتي رواها أعلام الرواة من العامّة والخاصّة ، وزيّنوا كتبهم بحلية نقلها ـ مثل فتوح البلدان(١) ، وعمدة الأخبار(٢) ، ومعجم البلدان(٣) ـ ، وسمّيت هذه الخطبة أيضاً بخطبة اللُّمّة ؛ لأنّها عندما عزمت الخروج لتلك التظاهرة التي توخّت الزهراء منها إقامة الحجّة والدليل على أحقّيتها المشروعة ، وعلى طلب ظلامتها من أبي بكر ، لا لتسترجع فدكاً لملكيّتها التي سنّها كتاب الله في مواضع عدّة ولا يمكن أن تستثنى الزهراء منها ، لا سيّما وأنّها أولى بأن تسعى لتأكيد ما نزل على أبيها ، وأن تحرص على تثبيته من خلال الحرص على عدم التغافل عنه ، متجاوزة حجج أبي بكر التي كان إحداها زعمه بأنّه سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول : بأنّ الأنبياء مستثنون من التوريث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فتوح البلدان : ١ / ٣٥.

(٢) عمدة الأخبار : ٣٩٤.

(٣) معجم البلدان : ٤ / ٢٣٨.

٨٦

ثانياً : الحجاج والخطبة الفدكية

على الرغم من أنّ المشروع الأرسطي يؤشّر على أنّ المنطق ألزم العلوم للخطابة ؛ إلاّ أنّ الإقناع الخطبي كما حدّد أرسطو مقوّماته يختلف عن الإقناعين البرهاني والجدلي(١) ؛ ولئن كان أرسطو قد أقرّ في مقدّمة مصنّفه أنّ (الخطابة تناسب الجدل ؛ لأنّ كليهما يتناول أموراً تدخل ـ في نحو ما ـ في نطاق معرفة الناس جميعاً ، وليسا مقصورين على علم خاصّ بعينه»(٢) ، وهذا يعني : تقاربهما الحجاجي فـ (هما قوّتان لإنتاج(٣) الحجج) ، تهدفان لبناء الاعتقاد ، إلاّ أنّ الأولوية في الجدل تتعلّق بفحص واختبار المحمول ، ومن ثمّ فهو مقصور على الاستدلال في المناقشة الفكرية ، في حين أنّ موضوع الخطابة يرتبط بمجال القيم وغايات تحريك الفعل وتوجيه الجمهور(٤).

وعليه فالخطابة في النظرية الأرسطية تتوخّى (إنتاج قول عمومي يخدم القيم التي ينبغي أن يقوم عليها المجتمع الإنساني)(٥) ، وقواعد كلّية تندرج تحتها جزئيّات ، وإلاّ فالخطابة لا تتعلّق في الكلّيات ؛ بل بالجزئيّات ، وللجزئيّات موضع آخر غير الخطابة.

وبحسبان ما سبق فقد تعدّدت أدوات الربط لتبيان هذه القواعد الكلّية ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : بلاغة الاقناع والمناظرة : ٥٣.

(٢) فنّ الخطابة ، ترجمة بدوي ، ط٢ ، ١٩٨٦م : ٢٣.

(٣) فنّ الخطابة ، ترجمة بدوي ، ط٢ ، ١٩٨٦م : ٣١.

(٤) بلاغة الإقناع : ٥٣.

(٥) الحجاج عند أرسطو ، هشام ريفي : ٢٦٨.

٨٧

وبغاية من التكثيف والدقّة ؛ لأنّ الكلام كلّما كان مكثّفاً كثرت أدوات الربط فيه ، وإنّ إهمالها يجعل من النصّ ممزّقاً غير مترابط ، حينها يفقد جماله وتأثيره.

إنّ إنتاج الاعتقاد في الخطابة يتّكئ على ثلاثة أركان : الخطيب ، والقول ، والسامعين ، يقول أرسطو : «والتصديقات التي يقدّمها القول على ثلاثة أضرب : الأوّل يتوقّف على أخلاق القائل ، والثاني على تصيير السامع في حالة نفسية ما ، والثالث على القول نفسه حيث هو يثبت أو يبدو أنّه يثبت»(١).

إنّ الإقناع يتوقّف على القول الذي يجب بناؤه حجاجيّاً والعمل على تعبئته بالأدلّة القادرة على إقامة الاعتقادات أو تغييرها ؛ لأنّ الإقناع ـ كما أكّد أرسطو ـ «يحدث عن الكلام نفسه إذا أثبتنا حقيقة أو شبه حقيقة بواسطة حجج مقنعة مناسبة للحالة المطلوبة»(٢).

ولا يلغي أرسطو دور المقوّمات الأسلوبية والتصويرية في الفعّالية التأثيرية للقول ؛ لأنّ (النسيج القضوي) ـ المضمون ـ وحده لا يبني الإقناع ؛ بل إنّ جمالية القول خادمة للغاية نفسها ، وهكذا يتبدّى لنا أنّ الإقناع عند أرسطو يتأتّى بتضافر أركان ثلاثة ، هي : اللوغوس أي (القول بما هو فكر) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فنّ الخطابة : ٢٩.

(٢) فنّ الخطابة : ٣٠ ـ ٣١.

٨٨

والأخلاق (أخلاق القائل) ، والانفعال (انفعال المقول له ، المتلقّي)(١).

ثالثاً : الروابط الحجاجية

إنّ ترابط الأقوال لا يستند إلى قواعد الاستدلال المنطقي وإنّما هو ترابط حجاجي ؛ لأنّه مسجّل في أبينة اللّغة بصفته علاقات توجّه القول وجهة دون أخرى وتفرض ربطه بقول دون آخر ، موضوع الحجاج في اللّغة هو بيان ما يتضمّنه القول من قوّة حجاجية تمثّل مكوّناً أساسيّاً لا ينفصل عن معناه ، يجعل المتكلّم في اللّحظة التي يتكلّم فيها يوجّه قوله وجهة حجاجية معيّنة(٢).

اللّغة في معناها العام عبارة عن قيد ، وتستعمل قيوداً ديناميكية ، تضبط نسق ترتيب الأقوال والأفكار ، وهذه وأمثالها دعت ديكرو أن يسوّغ البحث في (الأقوال) و (روابط) اللّغة لمعرفة الطاقة الحجاجية ، ولا يمكن تحصيل ذلك إلاّ عن طريق اللّغة(٣).

فالحجاج متضمّن في البنى اللّفظية ، ومن ثَمّ فهو يوجّه بطريقة أو بأخرى أنماط الاستعمال وأساليبه ، وهذا ما يطلق عليه ديكرو «الحجاج داخل اللّغة»(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الحجاج عند أرسطو : ٢٦٥.

(٢) نظرية الحجاج في اللغة : ٣٥٢.

(٣) ينظر : الحجاج في القرآن ، عبد الله صولة : ٣٧.

(٤) الحجاج في البلاغة المعاصرة ، د. محمّد سالم محمّد : ١٩٣.

٨٩

إذن فالروابط الحجاجية هي المؤشّر الأساس والبارز ، وهي الدليل القاطع على أنّ الحجاج مؤشّر له في بنية اللّغة نفسها.

وتحوي اللّغة العربية على روابط حجاجية عدّة شأنها في ذلك شأن اللّغات الأخرى ؛ منها : بل ، ولكن ، وإذن ، ولا سيّما ، وحتّى ، ولأنّ ، وبما أنّ ، وإذا ، والواو ، والفاء ، واللام ، وكي .....(١).

وقد أشار شكري المبخوت إلى تنوّع أشكال الربط الحجاجي «إذا كانت الوجهة الحجاجية محدّدة بالبنية اللّغوية ؛ فإنّها تبرز في مكوّنات ومستويات مختلفة من هذه البنية ؛ فبعض هذه المكوّنات يتعلّق بمجموع الجملة ؛ أي هو عامل حجاجي في عبارة ديكرو ؛ فيقيّدها بعد أن يتمّ الإسناد فيها ، ومن هذا النوع نجد النفي والاستثناء المفرّغ والشرط والجزاء وما إلى ذلك ممّا يغيّر قوّة الجملة دون محتواها الخبر ، ونجد مكوّنات أخرى ذات خصائص معجمية محدّدة تؤثّر في التعليق النحوي ، وتتوزّع في مواضع بمختلف معانيها ، والأسوار(بعض ، كلّ ، جميع) وما اتّصل بوظائف نحوية مخصوصة كحرف التقليل ، أو ما تخوض لوظيفة من الوظائف مثل (قطّ) و (أبداً)»(٢).

وعليه «فالروابط الحجاجية تربط بين قولين أو بين حجّتين على الأصلح أو أكثر ، وتسند لكلّ قول دوراً محدّداً داخل الاستراتيجية الحجاجية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : اللغة والحجاج : ٥٥.

(٢) ينظر : نظرية الحجاج في اللغة ضمن كتاب (أهمّ نظريّات الحجاج) : ٣٧٧.

٩٠

العامّة)»(١).

وتكون هذه الروابط على أقسام :

ـ الروابط المدرجة للحجج ، مثل : حتّى ، بل ، لكن ، يلحقها : الروابط المدرجة للنتائج ، مثل : إذن ، لهذا.

ـ الروابط التي تدرج حججاً قوية ، مثل : حتّى بل ، لكن ، والروابط التي تدرج حججاً ضعيفة.

ـ روابط التعارض الحجاجي ، مثل : بل ، لكن ، وروابط التساوق الحجاجي ، مثل : لا سيّما ، حتّى(٢).

إذن فالروابط الحجاجية تعين في إنتاج الدلالة وتماسك الخطاب من خلال ربطها بين القيمة الحجاجية لقول ما وبين النتيجة(٣).

وفي ميدان بحثنا (الخطبة الفدكية) للسيّدة الزهراء (عليها وعلى آلها أفضل الصلاة والسلام) ، تنوّعت مظاهر الروابط الحجاجية فيها ، وسيكون التطبيق وفاقاً للأطر المذكورة آنفاً ، وعلى النحو الآتي :

١ ـ روابط التعارض الحجاجي(٤).

٢ ـ روابط التساوق الحجاجي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الحجاج في اللغة : ١٤.

(٢) ينظر : الحجاج في اللغة : ٦٥.

(٣) ينظر : الروابط الحجاجية في رسائل الإمام الحسن عليه‌السلام أ. د عبد الإله العرداوي : ٢.

(٤) ينظر : رسائل الامام علي "عليه السلام" دراسة حجاجية ، رائد الزبيدي : ٩٨.

٩١

٣ ـ روابط التعليل الحجاجي(١).

٤ ـ روابط العطف الحجاجي(٢).

ويمكن لنا جمع كلّ رابطين بجامع واحد ؛ فروابط التعارض تلتحم مع روابط العطف ، وروابط التساوق تلتحم مع روابط التعليل ؛ فالتعارض يشبه إلى حدّ ما العطف ، وكذا التساوق إن لم يكن هناك تساوق فلا تعليلَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يسمّيها بعضهم بالروابط المدرجة للنتائج : الحجاج في كتاب الامتاع والمؤانسة : ١١٣.

(٢) يسمّيها بعضهم بالتساوق. ينظر : الحجاج في كتاب الامتاع والمؤانسة : ١١٣.

٩٢

المبحث الأوّل

رابطا التعارض والعطف

روابط التعارض والعطف :

روابط الكلام تكون عادةً حروفاً ، ومن الندرة أن تكون كلمات(١) ، ومن هذه الروابط الموجودة في خطبة السيّدة عليها‌السلام : (لكن ، بل ، مع ذلك ، حتّى ، لا سيّما ، لا من شيء ، بلا ، لا ، إلاّ ، ف + الفعل ، فإنّه إنّما ، يا النداء) ، وغيرها.

ومعظم ما ذكرنا من روابط موجود في خطبة سيّدة النساء عليها‌السلام ، وسنبدأ بها تباعاً وبحسب ورودها في الخطبة :

لا من شيء / بلا :

هذان التعبيران يردان عادة في الاعتراض الجُملي لتقوية الحجّة أو توضيحها ؛ فالجملة الاعتراضية لابدّ لها من اتّصال بما وقعت معترضة فيه ، ألا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هناك كتاب باسم كتب الحروف ، مثل كتاب(معاني الحروف ، الجنى الداني ، مغني اللبيب ، والأزهية) ، أخذت على عاتقها ذكر الروابط اللغوية التي تؤالف الكلام ، وتربط بين أجزائه ، وإنّما تسميتها بكتب الحروف جاء تجوّزاً لأنّ بعضاً منها يدخل في خانة الكلمات والظروف ، وإنّما صحّت عند هؤلاء المؤلّفين في هذا المجال ؛ لكونها روابط الكلام التي لا يستغنى عنها ، فهي حروف تبعاً للمعنى اللّغوي ، أو الأصل اللّغوي.

٩٣

تراك لا تقول مكّة وزيد أبوه قائم خير بلاد الله؟(١).

وهي تأتي لإفادة الكلام تقويةً ، وتسديداً ، أو تحسيناً(٢) ، هذا هو الأصل في هذا الرابط (تقوية الكلام) ؛ من ذلك قولها عليها‌السلام (ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها) ، و (وأنشأها بلا احتذاءِ أمثلة امتثلها)(٣).

فالزهراء عليها‌السلام في خطبتها هذه جاءت محتجّةً على الخليفة أبي بكر ومن والاه ؛ فلا بدّ من وجود رابط للكلام يقوّى به ؛ ابتدع الأشياء(٤) ، أوجدها من غير شيء مسبوق قبلها(٥) ؛ لذا يقال (بديع السماوات والأرض) ، وهي من الصفات الجلالية الخاصّة بربّ العزّة ، وأمّا الإنشاء بلا احتذاء ؛ أي : بلا مثيل يُخلق مشابهًا له.

وقد عطفت عليها السلام على المماثل (الإبداع والإنشاء) ؛ إذ لا فرق بينهما من الناحية الاصطلاحية ، وكذا الملاّ صدرا لم يفرّق بينهما(٦).

فهي عليها السلام ذكرت هذين الأمرين تأكيداً وتقوية للكلام ؛ فالله (ابتدع) و (أنشأ) ، (لا من شيء) و (بلا) (احتذاء) أو (أمثلة).

وقد اتّضح المعنى وبان وقويَ من المعترضات (الروابط) الحجاجية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الكشاف ، للزمخشري : ٣/٢٠١.

(٢) مغني اللبيب : ٢/٣٨٦.

(٣) الاحتجاج : ١/١٣٣ ، بحار الانوار : ٢٩/٢٢٤.

(٤) ينظر : الصحاح : ٣/١١٣٨ ، جمهرة اللغة : ١/٢٩٨.

(٥) ينظر : التعريفات : ٣ ، شرح نبراس الهدى ، ملاّ هادي السبزواري : ٣٨٨.

(٦) الحكمة المتعالية : ٢/٢٢١ ، ٣٦٢ ، ٣/٧ ، ٥/١٦١.

٩٤

الآنفة ، فهي التي حرّكت المعنى ونظّمته بين المترادفات ، وهذا الأمر يعطي زخماً معنوياً للمتلقّي ، يجعل منه عارفاً بأصول الدين التي هي تدافع عنه (الإمامة) ، والله الخالق المبتدع المنشئ أصله(١).

ثُمّ حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور : التشريك في الحكم ، والترتيب ، والمهلة(٢) ، والمهلة أكثر ، جاء في كلام سيّدة النساء عليها‌السلام : (وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فألفاكم غضاباً)(٣).

جاء الرابط الحجاجي(ثمّ) للمهلة والترتيب ، فكلا المعنيين مرادان فيه ؛ فبادئ ذو بدئ (أطلع الشيطان) من جحره وموطن دخوله في مغرز النفس البشرية غير المحصّنة ، فـ(هتف) بها ـ أي : النفس ـ لما يدعو إليه الشيطان الرجيم ، ترتّب على هذه الدعوة استجابة من هذه النفوس المظلمة والخاوية التي كانت مسرعة لإرادة الشيطان الرجيم ؛ أفدنا ذلك من كثرة تناوب حروف العطف ؛ فتناوبها يدلّل على السرعة(٤) ، فكان (الاستنهاض) بعد مدّة من الزمن ؛ تحصّل ذلك من الرابط (ثمّ) الذي دلّل لنا على هذا الأمر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) من الروابط التي ذكرتها سيّدة النساء عليها السلام (من غير ... ولا ..إلاّ تثبيتاً). وهي روابط حجاجية بمنتهى الدقّة. فتأمّل. ومن الروابط الفاء (فأنار الله بمحمّد صلّى الله عليه وآله ظُلمها) ، و (فإنّه إنّما يخشى الله من عباده العلماء).

(٢) مغني اللبيب : ١/١١٧.

(٣) الاحتجاج : ١/١٣٧ ، البحار : ٢٩/٢٢٥.

(٤) تناوب حروف العطف في خطب الحرب عند أمير المؤمنين ، دراسة دلالية ، د. مهدي سلمان ، مجلّة مركز دراسات الكوفة ، العدد٣/ ٢٠١٣م.

٩٥

ونتأمّل الأمر : بداية (أطلع) فـ(هتف) فـ(ألفاكم) ، فـ(ملاحظين) ، وبعد مدّة ليست بالقصيرة (حصل الاستنهاض) وهو أمر عملي فعلي عكس الأمور السابقة التي هي أمور نظرية تجريبية ، فالرابط (ثمّ) أوحت لنا الزهراء عليها‌السلام بهِ أنّ هناك مقدّمات لقضية الاستنهاض ضدّها ، ونهب تراثها ، وهو الاستعداد النفسي لهؤلاء القوم ، وهذا ما تطلّب مدّة من الزمن ومهلة.

لكنّ :

وفي معناها ثلاثة أقوال :

أحدها : وهو المشهور : أنّه واحد ، وهو الاستدراك ، وفسّر بأن تنسب لما بعدها حكماً مخالفاً لحكم ما قبلها ، ولذلك لابدّ أن يتقدّمها كلام مناقض.

والثاني : أنّها ترد تارة للاستدراك وتارة للتوكيد ، قاله جماعة ، وفسّروا الاستدراك برفع ما يتوهّم ثبوته نحو (ما زيد شجاعاً ، لكنّه كريم) لأنّ الشجاعة والكرم لا يكادان يفترقان ، فنفي أحدهما يوهم انتفاء الآخر ، و (ما قام زيد ، لكنّ عمراً قام) وذلك إذا كان بين الرجلين تلابس أو تماثل في الطريقة ، ومثّلوا للتوكيد بنحو (لو جاءني أكرمته لكنّه لم يجئ) فأكّدت ما أفادته لو من الامتناع.

والثالث : أنّها للتوكيد دائماً مثل إنّ ، ويصحب التوكيد معنى

٩٦

الاستدراك(١).

وقد وردت في خطبة الزهراء عليها‌السلام (ألا وقد قلت ما قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ، ولكنّها فيضة النفس ونفثة الغيظ)(٢).

الزهراء عليها‌السلام أرادت أن توضّح للمتلقّي وللمستمع آنذاك معرفتها بالنفوس ؛ فهي قالت الذي قالته (على معرفة) ، من خذلان خامر نفوسهم المريضة ، واستعملت عليها‌السلام مادّة (المخامرة) ، لتدلّل على أمرين :

١ ـ تمام الاختلاط ، اختلاط نفوسهم بالباطل.

٢ ـ معرفة ما يعتري النفس من بواطن الأمور وخفاياها.

وهما أمران متوازيان يسيران متحاذيين ، لتدلّل لنا على معرفتها بالنفوس ، وبالتالي عصمتها التشريعية والمكتسبة التي تتيح لها ذلك ، فالمعصوم هو الوحيد الذي يعلم ما هي خوالج النفس(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) انظر : مغني اللبيب : ١/٢٩١ ، الجنى الداني : ٥٩١.

(٢) الاحتجاج : ١/١٣٧ ، البحار : ٢٩/٢٢٥.

(٣) أمّا عصمة الزهراء عليها السلام ، فهي ثابتة بالنقل الصحيح الثابت عن الرسول(ص) ، وبنصّ القرآن الكريم ، وهي من ضروريّات المذهب وثوابته وبديهي أن لا تعرف العصمة إلا بالنقل ، لأنّ الأوامر والزواجر الإلهية لا تنحصر بأعمال الجوارح الظاهرية ، بل تتعدّاها إلى القلب والنفس والروح ، وإلى صياغة مواصفات الإنسان ، ومشاعره وأحاسيسه ، مثل الشجاعة والكرم والحسد ، والحبّ والبغض ، والإيمان والنفاق ، والنوايا وغير ذلك ممّا لا سبيل لنا للاطّلاع عليه بغير النقل عن المعصوم. مأساة الزهراء : ١/٦٥.

٩٧

وقد تكون استدركت على (الخذلة التي خامرتكم) ، بأنّ سببها (فيضة النفس ونفثة الغيظ) ، فيكون كلامها تفسيراً لهذا الخذلان الذي حصل معها.

بل :

حرف إضراب ، فإن تلاها بجملة كان معنى الإضراب إمّا الإبطال ، وإمّا الانتقال من غرض إلى آخر(١).

وقد وردت في خطبة الزهراء مرّات ثلاث الأوّل : (سبحان الله ما كان أبي رسول الله صلّى الله عليه وآله عن كتاب الله صادفاً ، ولا لأحكامه مخالفاً!

بل كان يتبع أثره ، ويقفو سوره)(٢) كلاّ بل (سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)(٣).

الثاني : اقتباس من كلام الله عزّ وجل في سورة يوسف عليه السلام الآية(١٨).

الثالث : كلاّ بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم.

أمّا الأوّل فقد بدأت سلام الله عليها بالتعجّب (سبحان الله) من كلام أبي بكر الذي نفى أن يكون هناك شيء من هذا من أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) غير عارف أو أنّه لا يطبّق أحكامه وقد استدلّت بمجموع من آيات الله استدلّت بها على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مغني اللبيب : ١/١١٢ ، معاني الحروف للرماني : ٧١.

(٢) الاحتجاج : ١/١٤٤ ، البحار : ٢٩/٣٠٢.

(٣) الاحتجاج : ١/١٤٤ ، البحار : ٢٩/٣٠٢ ، والآية من سورة يوسف : ١٨.

٩٨

وجوب التوريث وأنّه لا يمنع كونها بنت نبىّ أن ترث أباها!(١).

(بل كان يتبع أثره ، ويقفو سوره) : جاءت (بل) هنا لإبطال مقولة أبي بكر (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)(٢).

فردّ على الله قوله : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) ، وقوله : (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً).

وخصّص عموم قوله تعالى : (لِلْرِجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلْنِسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) ، وقوله تعالى : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَمْ يَكُن لَكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الُّثمُنُ) وقصد بذلك منع سيّدة نساء العالمين عليها‌السلام ميراثها من أبيها(صلى الله عليه وآله) مع ما بيّناه من إيجاب عموم القرآن ذلك ، وظاهر قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلاَدِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ).

الإشكال أكبر ممّا تدركه العقول البسيطة ؛ لأنّه جعل الصدّيقة الطاهرة عليها‌السلام في معنى القاتلة الممنوعة من ميراث والدها لجرمها ، والذمّية الممنوعة من الميراث لكفرها ، والمملوكة المسترقّة الممنوعة من الميراث لرقّها ، فأعظم الفرية على الله عزّ وجلّ ، وردّ كتابه ، ولم تقشعرّ لذلك جلودكم ، ولا أبته نفوسكم!!!.

فكلامها إبطال لأكذوبته ؛ مستعملةً حرف الإبطال (بل).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الاحتجاج : ١/١٤٤ ، البحار : ٢٩/٣٠٢.

(٢) ينظر : المسائل الصاغانية : ٩٩.

٩٩

المبحث الثاني

رابطا التساوق والتعليل

إن لم يكن هناك تساوق فلا تعليلَ ، وخطبة السيّدة الزهراء عليها‌السلام ملأى بالتعليلات المتساوقة ، وهذه التعليلات تحتاج إلى روابط حجاجية دقيقة ، بربط فنىّ دقيق يجعل من المتلقّي مُقنَعًا بالكلام ، ومن الروابط الحجاجية في خطبتها عليها‌السلام :

حتّى :

حرف للغاية ، وللتعليل ، وبمعنى إلاّ في الاستثناء ، ويخفض ويرفع وينصب ؛ ولهذا قال الفرّاء : أموت وفي نفسي من حتّى شيءٌ(١) ، قال ابن هشام : «حرف يأتي لأحد ثلاثة معان : انتهاء الغاية ، وهو الغالب ، والتعليل ، وبمعنى إلاّ في الاستثناء ، وهذا أقلّها»(٢).

وقد ذكر ديكرو أنّ «الحجّة المربوطة بواسطة هذا الرابط ينبغي أن تنتمي إلى فئة حجاجية واحدة ؛ أي أنّها تخدم نتيجة واحدة ، والحجّة التي ترد بعد هذا الرابط تكون هي الأقوى ؛ لذلك فإنّ القول المشتمل على الأداة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : القاموس المحيط : ١/١٤٦ ، تاج العروس : ٣/٣٦.

(٢) مغني اللبيب : ١/١٢٢.

١٠٠