التفسير المظهري - ج ٤

محمد ثناء الله العثماني

التفسير المظهري - ج ٤

المؤلف:

محمد ثناء الله العثماني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة رشيديّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٠

١

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فهرست سورة الأنفال من التفسير المظهرى

مضمون

صفحه

مضمون

صفحه

ذكر قتال بدر واختلافهم في الغنائم ونزول صدر السورة

٦

اصحابه فتكلموا وأحسنوا واستبشر صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبشرهم بأن الله وعد إحدى الطائفتين وكأني انظر مصارع القوم وكره جماعة لقاء العدو

١٧

ما ورد ان الأنفال يوم بدر كانت خالصة لرسول

٦

ركب عليه‌السلام وابو بكر يتجسسان الاخبار

١٧

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم نسخها آية الخمس حديث بل تنصرون الا بضعفائكم

٨

ثم بعث عليا والزبير وغرهما لذلك فاصابوا غلامين

١٩

مسئلة القول انا مومن خفا او إنشاء الله

٩

لقريش فاستخبرهما ـ رجع بسيس وعدى بخبر ابى سفيان

٢٠

حديث في الجنة مائة درجة

١٠

وصول ابى سفيان ببدر واطلاعه على مسير

٢٠

قصه غزوة بدر

١١

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واسراع سيره الى الساحل حتى احرز عيره أرسل ابو سفيان ابى قريش ان ارجعوا

٢٠

سبب خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم

١١

الى مكة فابى ابو جهل وكره اهل الرأي منهم راى ابى جهل ورجع بنى زهرة الى مكة بقول الأخنس نزلت قريش عند بدر بالعدوة القصوى ـ

٢١

ذكر منام عاتكة ووصول ضمضم بن عمرو بمكة

١٢

ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنون

٢١

خروج قريش من مكة وخوفهم من بنى كنانة

١٣

بالعدوة الدنيا وغلب المشركون على الماء فى أول أمرهم فظمى المسلمون ووسوس لهم الشيطان فانزل الله المطر على المشركين وابلا منعهم من التقدم وأفزعهم وعلى المسلمين طلّا طهّرهم واذهب

وظهور إبليس لهم في صورة سراقة بن مالك ـ رؤيا ضمضم بن عمرو

١٤

رؤيا جهيم بن صلت

١٥

خروج رسول الله عليه وسلم من المدينة

١٥

دعائه صلى‌الله‌عليه‌وسلم للمدينة

١٥

بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بسيس بن

١٦

عمرو وعدى بن ابى الرغباء يتجسسان الاخبار عن ابى سفيان ـ إتيان خبر مسير قريش ومشاورته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

١٦

٢

مضمون

صفحه

مضمون

صفحه

عنهم رجز الشيطان وثبت أقدامهم واستولوا على الماء وبنوا حوضا وبنو الرسول الله عليه وسلم عريشا على التل وجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشير هذا مصرع

٢٢

ما ورد في فضائل اهل بدر

٤٠

فلان وهذا مصرع فلان فما تعدى أحد موضع إشارته حديث ثواب تلك الليلة لمن شهد ـ

٢٣

استفتاح ابى جهل وذكر قتله ـ

٤٢

مرأة الفئتين ـ

٢٣

ما ورد في ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ـ

٤٧

روية الكفار والمؤمنين قوما مستمنين وقول عتبة

٢٣

قصة محاصرة بنى قريظة واستيثارهم

٥١

وغيره لابى جهل ارجع الى مكة وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى ابى جهل ان ارجع فأبى ـ شروع القتال ـ

٢٤

أبا لبابة وخيانة ابى لبابته لله ورسوله وذكر توبته ـ حديث اتقوا فراسة المؤمن ـ

٥٢

رجوع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من المعركة الى العريش يناشد ربه.

٢٦

حديث استفت نفسك

٥٤

بشاوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنزول الملئكة

٢٨

ما ورد في ان النجاة بفضل الله لا بالأعمال ٥٥ قصة اجتماع قريش ومعهم إبليس في صورة

٥٦

وظهور بعض الملئكة على بعض الناس ـ قتال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنفسه الشريفة

٣١

شيخ نجدى في دار الندوة وهجرته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من مكة الى المدينة ـ من اسلم من أسارى بدر

٢٥

قتالا شديد او ابو بكر ـ النعاس في القتال امنة وفي الصلاة من الشيطان

٣٢

حديث الإسلام يهدم ما كان قبله والهجرة والحج

٢٥

ما ورد في قتال الملئكة ـ

٣٣

حديث لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر

٢٢

وذكر موت ابى لهب ـ

٣٥

الا ادخله الله كلمة الإسلام ـ حديث أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا

٢٢

ما ورد في ان مصيبة المؤمن في الدنيا كفارة لة

٣٥

لا اله الا الله ـ مسائل الغنائم

٦٢

مسئلة إذا دخل واحد او اثنان دار الحرب

٦٢

بغير اذن الامام هل يخمس ما أخذ ـ مسئله الخمس واجب في القليل والكثير والمنع عن الفلول ـ مصرف الخمس

٣

مضمون

صفحه

مضمون

صفحه

مسئله هل يجوز صرف الخمس وصنف او شخص واحد

٢٩

ذكر اجلاء بنى قينقاع ـ

١٠٥

مسئله حكم سهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

٧٢

ما ورد في فضل الرمي ـ

١٠٦

مسئله حكم سهم ذوى القربى بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ

٧٢

ما ورد في ربط الخيل ـ

١٠٧

فصل في الأخماس الاربعة ـ

٧٢

ما ورد في فضيلة الانفاق على المجاهدين

١٠٨

مسئله سلب المقتول ـ

٧٢

في سبيل الله ـ ما ورد في اسلام عم ونزل قوله تعالى

١١٠

مسئله التنفيل بان شرط حالة القتال وقول الامام

٨٠

حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين قصّة أسارى بدر ومشاورة النبي صلى الله

١١١

من أصاب شيئا فهو له مسئله هل يجوز للامام ان يعطى بعض الغانمين

٨١

عليه وسلم أصحابه فيهم واشارة ابى بكر بالفداء وعم بالقتل ونزول العتاب الا على رأى عمر ـ مسئله يجوز قتل الأسارى وذكر من قتل

١١٣

فوق سهمه بلا شرط سبق ان راى اجتهاده ـ مسئله الاختلاف في سهم الفارس سهمان او ثلثه ـ

٨٤

من أسارى بدر ـ مسئله يجوز استرقاق الأسارى

١١٤

مسئله إذ الحق المدد بدار الحرب بعد الفتح

٨٨

مسئله هل يجوز المن على الأسارى او

١١٤

قبل الاحراز بدار الإسلام هل يسهم لهم ـ مسئله هل يسهم لاهل سوق العسكر ولا لسائسة الدواب

٨٩

الفداء بالمال او بالأسير المسلم او تركهم ذمة لنا ـ وذكر من من عليه رسول الله صلى الله

١١٥

مسئله ان أطاق الصبى القتال واجازه الامام هل يكمل

٨٩

عليه وسلم من أسارى بدر ـ ذكر فداء بعض الأسارى بأسارى

١١٦

له السهم مسئله العقار التي فتحت عنوة ـ

٨٩

المسلمين ـ قصّة اسلام ثمامة بن أثال ـ

١١٦

المعجزات التي ظهرت يوم بدر ـ

٩٣

حديث فضلت على الأنبياء بست او نحو ذلك منها حل الغنائم

١١٨

ما ورد في تصحيح النية في الجهاد وخطبة الجهاد

٩٨

قصة فرار الشيطان من رفاقة الكفار حين

٩٩

راى الملئكة ـ ذكر كون قريش الى زمن قصى بن كلاب على

١٠٢

دين اسمعيل وأول من غير دينه فيهم ـ ذكر قتل بنى قريظة ـ

١٠٣

٤

مضمون

صفحه

مضمون

صفحه

قصه اسر العباس وتكليفه ان يفدى نفسه

١١٩

مسئله لو أغار قوم من الكفار على

١٢٣

وعقيل ونوفل وإنكاره المال عنده وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اين الذهب الذي وقعت أم الفضل واسلام العباس ـ قول عباس في نزول ان يعلم الله في قلوبكم

١٢٠

قوم منهم وفيهم مسلم مستأمن لا يحل له القتال الا إذا خاف على نفسه مسئله لو أغار الكفار على المسلمين و

١٢٣

خيرا يوتكم خيرا مما أخذ منكم وقد أبدلني الله بعشرين اوقية عشرين عبدا كلهم تاجر بمالى أدناهم يضرب بعشرين الفا مسئلة لا يجوز للمؤمن موالاة الكفار ولا مناصرتهم ـ

١٢١

اسروهم وسبوا وزيتهم وأموالهم واحرزوها بدار الحرب وفيها مسلمون مستأمنون وجب عليهم ان يخلصوا المؤمنين وذراريهم من أيدي الكفار ولو بالقتال ولا يجوزهم التعرض للاموال ـ مسئله ميراث ذوى الأرحام

١٢٤

ولا يرث المؤمن الكافر وبالعكس ـ

١٢١

يكره موالاة الفاسق ـ

١٢٢

مسئلة اختلاف الدارين مانع من الإرث

١٢٢

٥

نحمد يا من لا اله الّا أنت ونسبّحك ونستعينك ونستغفرك ونشهد انّك مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير انّك على كلّ شىء قدير أنت ربّنا وربّ السّموات والأرض ومن فيهنّ ونصلّى ونسلّم على رسولك وحبيبك سيّدنا ومولانا محمّد وعلى جميع النّبيين والمرسلين وعلى عبادك الصّالحين سورة الأنفال ستة او سبع وسبعون آية مدنية قيل الا سبع آيات من قوله تعالى (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الى آخر سبع نزلت بمكة والأصح انها نزلت بالمدينة وان كانت الواقعة بمكة ربّ يسّر وتمّم بالخير

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

روى ابن ابى شيبة وابو داود والنسائي والحاكم وابن حبان وعبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن عابد وابن مردوية وابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما كان يوم بدر قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن اسر أسيرا فله كذا وكذا وفي رواية ابن مردوية من طريق فيه الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس وعن عطاء عن ابن عجلان عن عكرمة عنه بلفظ من قتل قتيلا فله سلبه فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات واما الشبان فسارعوا الى القتل والغنائم فقال المشيخة للشبان اشركونا معكم فانا كنا لكم ردا ولو كان منكم شىء لجئتم إلينا فاختصموا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجاء ابو اليسر باسيرين فقال يا رسول الله قد وعدتنا فقام سعد بن معاذ فقال يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطيت هؤلاء لم يبق لاصحابك شىء وانه لم يمنعنا من هذا زهادة في الآخرة ولا جبن عن العدو ولا ضعن بالحياة ان نصنع ما صنع إخواننا ولكنا رأينا قد أفردت فكرهنا ان تكون بمضيعة وانما قمنا هذا المقام محافظة عليك ان يأتوك من ورائك فتشاجروا فنزلت. (يَسْئَلُونَكَ) يا محمد (عَنِ الْأَنْفالِ) يعنى ان الغنائم لمن هى والنفل الغنم لانها من فضل الله وعطائه (قُلِ) لهم يا محمد (الْأَنْفالُ لِلَّهِ) ملكا (وَالرَّسُولِ) تصرفا يقسمها الرسول على ما يأمره الله تعالى

٦

يعنى أمرها مختص بهما قال ابن عباس فيما رواه الائمة المذكورون فنزعه الله تعالى من أيديهم فجعله الى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين المسلمين على بواء اى سواء فكان ذلك تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإصلاح ذات البين كما قال الله تعالى (فَاتَّقُوا اللهَ) في الاختلاف والمشاجرة (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) يعنى الصفة التي بينكم من المواسات والالفة والمساعدة فيما رزقكم الله تعالى وتسليم امره الى الله تعالى ورسوله قال الزجاج يعنى ذات بينكم حقيقة وصلكم والبين الوصل (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما أمرتم به في الغنائم وغيرها (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١)) شرط استغنى عن الجزاء بما مضى يعنى ان كنتم مومنين كاملى الايمان فافعلوا ذلك فان مقتضى كمال الايمان الاطاعة في الأوامر والاتقاء عن المعاصي وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان والإيثار وذكر البيضاوي الحديث بلفظ شرط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمن كان له غناء ان ينفله فتسارع شبانهم حتى قتلوا سبعين وأسروا سبعين ثم طلبوا نفلهم وكان المال قليلا فقال الشيوخ والوجوه الذين كانوا عند الرايات كنا ردا لكم وفئته تتحازون إليها فنزلت فقسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينهم على السواء ثم قال البيضاوي ولهذا لا يلزم الامام ان يفي بما وعدهم وهو قول الشافعي رحمه‌الله وروى ابن ابى شيبة واحمد وعبد بن حميد وابن مردوية عن سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه قال لما كان يوم بدر وقتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيفة فاتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت يا رسول الله قد شفانى الله تعالى اليوم من المشركين فنفلنى هذا السيف فانا من قد علمت حاله قال هذا السيف لا لك ولا لى ضعه فوضعته ثم رجعت قلت عسى ان يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلى بلائي فرجعت فقال اذهب فاطرحه في القبض (١) فرجعت وبي مالا يعلمه الا الله تعالى من قتل أخي وأخذ سلبى فرجعت به حتى إذ أردت ان ألقيه لا ميتنى نفسى فرجعت اليه فقلت أعطنيه فشد بي صوته فما جاوزت الا يسيرا حتى نزلت سوره الأنفال فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اذهب فخذ سيفك وفي رواية فجأنى الرسول انك

__________________

(١) قبض بالتحريك قبض ما أخذ من اموال الناس

٧

سألتنى وليس لى وانه قد صار لى وهو لك وروى البخاري في تاريخه عن سعد بن جبير ان سعدا ورجلا من الأنصار خرجا ينتفلان فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه فقال سعد هو لى وقال الأنصاري هو لى لا أسلمه حتى اتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاتياه فقص عليه القصة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليس لك يا سعد ولا للانصارى فنزلت ويسألونك عن الأنفال الآية ثم نسخت هذه الاية بقوله تعالى واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسه وللرسول ولذى القربى وروى ابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس قال الأنفال المغانم كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالصة ليس لاحد منها شىء ما أصاب من سرايا المسلمين من شيء أتوه فمن حبس ابرة او سلكا فهو غلول فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان يعطيهم منها شيئا فانزل الله تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لى جعلتها لرسولى ليس لكم منها شيء فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم الى قوله ان كنتم مومنين ثم انزل الله واعلموا انما غنمتم من شىء الآية ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولذى القربى واليتامى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وجعل اربعة أخماسه للناس فيه سواء للفرس سهمان ولصاحبه سهم وللراجل سهم قال محمد بن يوسف الصالحي في سبيل الرشاد ولما امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ان يقسم الغنائم على السواء قال سعد ابن معاذ يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطى الضعيف فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثكلتك أمك وهل تنصرون الا بضعفائكم ونادى مناديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قتل قتيلا فله سلبه ومن اسر أسيرا فهو له كان يعطى من قتل قتيلا سلبه وروى سعيد بن منصور واحمد وابن المنذر وابن حبان والحاكم والبيهقي في السنن عن عبادة بن الصامت قال التقى الناس فهزم الله العدو وانطلقت طائفة الى آثارهم يأسرون ويقتلون واكبت طايفة على العسكر يجوزونه ويجمعونه وأحدقت طايفة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وأفاء الناس بعضهم الى بعض قال الذين جمعوا الغنائم نحن جمعناها وحويناها فليس لاحد فيها نصيب وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق منا نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم

٨

وقال الذين احدقوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لستم بأحق بها منا نحن احدقنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حفظنا ان يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به فنزلت يسألونك عن الأنفال الآية. (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) الكاملون في الايمان (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ) خافت وفزعت (قُلُوبُهُمْ) استعظاما وتهيبا من جلاله وعزة سلطانه وقيل هو الرجل يهم بالمعصية فيقال له اتق فينزع منه خوفا من عقابه فالمعنى إذا ذكر وعيد الله بحذف المضاف (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) لاطمينان النفس بنزول البركات عند تلاوة القرآن ورسوخ اليقين بتظاهر الادلة (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٢) يفوضون أمورهم اليه تعالى ولا يخشون ولا يرجون أحدا الا إياه. (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ (٣)) اى يأتونها بحقوقها ويقيمونها كما يقام القداح (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) أعطيناهم (يُنْفِقُونَ) (٣) في سبيل الله. (أُولئِكَ) الموصوفون بمكارم اعمال القلوب من الإخلاص والخشية والتوكل واطمينان الأنفس بذكر الله ومحاسن اعمال الجوارح من الصلاة والصدقة (هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) صفة لمصدر محذوف اى ايمانا حقا او مصدر مؤكد يعنى حق إيمانه حقا لا شبهة فيه عن الحسن ان رجلا سأله أمؤمن أنت قال ان كنت تسألنى عن الايمان بالله وملئكته وكتبه ورسوله والجنة والنار والبعث والحساب فأنا مؤمن وان كنت تسألنى عن قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) الاية فلا أدرى ا منهم انا أم لا قلت مراد الحسن ان كمال الايمان بالإخلاص وتصفية القلب وتزكية النفس وتحلية الجوارح بالطاعات وترك المعاصي وذلك امر نادر لا أدرى اتصاف نفسى به واما نفس الايمان. فموجود بفضل الله فليس هذا من قبيل انا مومن إنشاء الله وقال علقمة كنا في سفر فلقينا قوما فقلنا من هؤلاء قالوا نحن المؤمنون حقا فلم ندر ما نجيبهم حتى لقينا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فاخبرناه بما قالوا قال فما رددتم عليهم قلنا لم نرد عليهم قال هلا قلتم أمن اهل الجنة أنتم ان المؤمنين اهل الجنة وقال الثوري من زعم انه مؤمن حقا او عند الله ثم لم يشهد انه في الجنة فقد آمن بنصف الآية دون النصف وبهذا يتشبث من يقول انا مؤمن إنشاء الله يعنى المراد بالاستثناء عدم الجزم بحسن الخاتم الموجب لكونه من اهل الجنة لا الشك في إيمانه الحالي فان الشك ينافى

٩

الايمان الاعتقاد الجازم وكان ابو حنيفة رحمه‌الله يكره هذا القول لكونه موهما للشك المنافي للاعتقاد الجازم ويقول انا مومن حقا باعتبار حصول الاعتقاد الجازم في الحال لا بمعنى الجازم بحسن الخاتمة فالنزاع انما هو في اللفظ دون المعنى لكن الأحوط قول أبي حنيفة قال ابو حنيفة لقتادة لم تستشنى في إيمانك قال اتباعا لابراهيم عليه‌السلام في قوله والذي أطمع ان يغفر لى خطيئتى يوم الدين فقال له هلا اقتديت به في قوله ا ولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى وعن ابراهيم التميمي قال قل انا مومن حقا فان صدقت اثبت عليه وان كذبت فكفرك أشد عليك من ذلك وعن ابن عباس من لم يكن منافقا فهو مؤمن حقا (لَهُمْ دَرَجاتٌ) كرامة وفضل وعلو منزلة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) نظيره قوله تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وقال عطاء درجات الجنة يرتقونها بأعمالهم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة منها تفجر انهار الجنة الاربعة ومن فوقها يكون العرش فاذا سألتم الله فاسئلوا الفردوس رواه الترمذي وقال البغوي قال الربيع بن انس سبعون درجة ما بين كل درجتين حضر (١) الفرس المضمر (٢) سبعين سنة (وَمَغْفِرَةٌ) لما فرط معهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)) حسن أعد الله لهم في الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا يخطر ببال أحد ولا ينقطع ابدا. (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ) الذي بالمدينة او المراد بالبيت المدينة نفسها لانها مهاجره ومسكنه فهى مختصة به كاختصاص البيت بصاحبه (بِالْحَقِ) متعلق باخرج اى إخراجا متلبسا بالحكمة والصواب لقتال الكفار ببدر وقوله كما اخرجك اما خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا الحال يعنى كون الأنفال لله والرسول وتقسيم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأنفال بين الناس على السواء وكراهة بعض الناس يعنى الشبان المقاتلة ثابت كحال اخراجك الله للحرب وكراهتهم له أو صفة لمصدر الفعل المقدر في قوله لله والرسول اى الأنفال ثبت لله والرسول مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات اخراجك ربك من بيتك كذا قال المبرد وقيل تقديره امض لامر الله تعالى في الأنفال وان كرهوا كما مضيت امر الله في الخروج من البيت ـ

__________________

(١) حضر الفرس يعنى عدو ١٢

(٢) تضمير الخيل هو ان يظاهر عليها بالعلفة حتى تسمن ثم لا تعلف الا فوقا ليتخفف نهاية ١٢

١٠

(قصة غزوة بدر) والسبب في خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه سمع أبا سفيان ابن حرب مقبلا من الشام في الف بعير لقريش فيها اموال عظام ولم يبق بمكة قرشى ولا قرشية له مثقال فصاعدا الا بعث به في العير فيقال ان فيها خمسين الف دينار وفيها سبعين رجلا كذا ذكر ابن عقبة وابن عابد قال البغوي قال ابن عباس وابن الزبير ومحمد بن إسحاق والسدى اقبل ابو سفيان من الشام في أربعين راكبا من كبار قريش فيهم عمرو بن العاص ومخرمة ابن نوفل الزهري فندب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم للخروج معه وقال هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا لعل الله ان يغتمكوها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وتخلف عنه بشر كثير وكان من تخلف لم يلم وذلك انهم لم يظنوا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلقى حربا ولم يحتقل لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم احتقالا بليغا فقال من كان ظهره حاضرا فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهورهم في علو المدينة قال لا الا من كان ظهره حاضرا ـ وبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل خروجه من المدينة بعشر ليال طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد الى طريق الشام يتجسسان خبر العير فبلغا ارض خوار فنزلا على كشد بن مالك الجهني فأجارهما وانزلهما وكنتم عليها حتى مرت العير ثم خرجا وخرج معهما كشد ضى أوردهما ذا المروة (١) فقد ما ليخبرا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجداه قد خرج فلما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينبع (٢) اقطعها لكشد فقال يا رسول الله انى كبير لكن اقطعها لابن أخي فاقطعه إياها فابتاعها منه عبد الرحمن بن سعد بن زرارة رواه عمر بن شيبة وأدرك أبا سفيان رجل من خدام بالرزقا فاخبره ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينتظر رجوع العير فخرج ابو سفيان ومن معه خايفين للرصد ولما دنا ابو سفيان من الحجاز جعل يتجسس الاخبار ويسأل من نقى من الركبان تخوفا على امر الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان ان محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد استنفر لك ولعيرك فحذر عند ذلك واستاجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا فبعثه الى مكة وامره ان يجدع بعيره ويحول رحله ويشق قميصه من قبله ومن دبره إذا يأتي مكة ويأتى قريشا وليستنفرهم الى أموالهم

__________________

(١) قرية بينها وبين المدينة ثمانية برد ١٢

(٢) قرية جامعه بين مكة والمدينة ١٢ ـ

١١

ويخبرهم ان محمدا قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم سرعا الى مكة وفعل ما امره به ابو سفيان (ذكر منام عاتكة) روى ابن إسحاق والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس وموسى بن عقبة وابن إسحاق عن عروة والبيهقي عن ابن شهاب قالوا رات عاتكة بنت عبد المطلب فيما يرى النائم قبل مقدم ضمضم على قريش بثلث ليال رويا فاصبحت عاتكة فاعظمتها فبعثت الى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي لقد رأيت رؤيا أفظعتني (١) ليدخلن على قريش منها شر وبلاء فقال وما هى قالت لن أحدثك حتى تعاهد في انك لا تذكرها فانهم ان يسمعوها آذونا واسمعونا ما لا نحب فعاهدها العباس فقالت رأيت ان رجلا اقبل على بعير فوق الأبطح فصاح بأعلى صوته انفروا يا آل عذر الى مصارعكم في ثلث ثلث صيحات ما رأى الناس اجتمعوا اليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه ثم مثل به بعيره فاذا هو على راس الكعبة فصاح ثلث صيحات فقال انفروا (٢) يا ال (٣) عذر الى مصارعكم في ثلث ثم ارى بعيره مثل على راس ابى قيس فقال انفروا يا آل عذر الى مصارعكم في ثلث ثم أخذ صخرة عظيمة فنزعها من أصلها فارسلها من اصل الجبل فاقبلت الصخرة تهوى لها حس شديد حتى إذا كانت في أسفل (٤) ارفضت فما بقيت دار من دور قومك ولا بيث الا دخل فلقه فقال العباس والله ان هذه لرويا فاكتميها لئن بلغت هذه قريشا ليؤذوننا فخرج العباس من عندها فلقى الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد الشمس وكان صديقا له فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لابيه عتبة فتحدث بها وفشى الحديث بمكة حتى تحدثت به قريش قال العباس فغدوت أطوف بالبيت وابو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برويا عاتكة فلما رانى قال يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فاقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال لى ابو جهل يا بنى عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النبية قلت وما ذاك قال رؤيا عاتكة قلت وما رأت قال يبنى عبد المطلب ما رضيتم ان تنبأ رجالكم حتى تنبا نساءكم ولفظ ابن عقبة اما رضيتم يا بنى هاشم يكذب الرجال حتى جئتم بكذب النساء انا كنا وآباؤكم كفرسى (٥) رهان فاستبقنا المجد منه فلما تحاكت الركب قلتم منا نبى فما بقي الا ان تقولوا منا نبية فما اعلم في قريش اهل بيت أكذب امرأة ولا رجلا منكم وآذاه أشد الاذاء قد زعمت عاتكة

__________________

(١) أفظعتني على يقال فظع الأمر فظاعة فهو فظع الى شديد شنيع حادر المقدر ١٢

(٢) انفروا سارعو

(٣) غذر بضم العين معدول عن عافد القدر ترك الوفاء ١٢

(٤) ارفضت تقطعت ١٢

(٥) اى يتساقان الى غدر ـ

١٢

في روياها انه قال انفروا في ثلث فسنتربص بكم هذه الثلث فان يك حقا ما تقول فسيكون وان تمضى الثلث ولم يكن كتبنا عليكم كتابا انكم أكذب اهل بيت في العرب قال العباس فو الله ما كان منى اليه كثيرا الا انى جحدت ذلك وأنكرت ان تكون رأت شيئا وعند ابى عقبة في هذا الخبر ان العباس قال لابى جهل هل أنت منته فان الكذب فيك وفي اهل بيتك فقال من حضرهما ما كنت جهولا يا أبا الفضل ولا أحمق خرقا وكذلك قال ابن عابد وزاد مهلا يا مصفر استه (١) ولقى العباس عاتكة أذى شديدا حين افشا حديثها لهذا الفاسق قال العباس فلما أمسيت لم تبق امرأة من بنى عبد المطلب الا أتتني قالت أقررتم لهذا الخبيث الفاسق ان يقع في رجالكم ثم قد تناول نساءكم وأنت تسمع ثم لم يكن عندك كبير شيء مما سمعت قلت قد والله قد ما فعلت ما كان منى اليه كبير شيء مما سمعت وايم الله لا تعرض له فان عاد لا كفيكنه قال فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وانا جديد مغضب ارى انى قد فاتنى منه امر أحب ان أدركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته والله انى لأمشي نحوه اتعرضه ليعود لبعض ما قال فاقع به وكان رجلا خفيفا (٢) حديد (٣) الوجه جديد اللسان حديث النظر إذ خرج نحو باب المسجد يشتد (٤) قلت في نفسه ما له لعنه الله أكل هذا فرقا (٥) منى ان اشاتمه قال وإذا هو قد سمع ما لم اسمع صوت ضمضم بن عمر يصرخ في بطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحول رجله وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش يا ال لوت بن غالب اللطيمة اللطيمة (٦) أموالكم مع ابى سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا ارى تدركوها الغوث الغوث والله ما ارى ان تدركوها ففزعت قريش أشد الفرع واشفقوا (٧) من رويا عاتكة فشغله ذلك غنى وشلغنى عنه ما جاء من الأمر وقلت عاتكة (شعر) الم تكن رويا بحق وجاءكم بتصديقها قل (٨) من القوم هارب فقلت ولم أكذب كذبت وانما يكذبنا بالصدق من هو كاذب فتجهز الناس سراعا وقالوا يظن محمد وأصحابه ان يكون كعير ابن الخضرمي كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين اما خارج واما باعث مكانه رجلا وكان جهازهم في

__________________

(١) رماه بالأبنة وهى تهمة الفاحشة ١٢

(٢) خفيفا سريعا ١٢

(٣) حديد الوجه قوية ١٢

(٤) يشتد يعدو ١٢

(٥) فرقا خوفا ١٢

(٦) الجمال انى تحل العطر والبز غير المسيرة ١٢

(٧) واشفقوا خافوا ١٢

(٨) القل القوم المنهزمون ١٢ ـ

١٣

ثلثة ايام ويقال يومين وأعان قويهم ضعيفهم ولم يتركوا كارها للخروج يظنون انه في صفو محمد وأصحابه ولا مسلما يعلمون إسلامه ولا أحدا من بنى هاشم الا من لا يتهمونه الا أشخصوه معهم وكان ممن اشخص العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وطالب وعقيل ابني ابى طالب في آخرين ولم يتخلف أحد من قريش الا بعث مكانه بعثا الا أبا لهب مشوا اليه فابى ان يخرج او يبعث أحدا ويقال انه بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة واسلم بعد ذلك وكان قد لاط (١) له باربعة آلاف درهم كانت له عليه فاستاجره بها على ان يجرى عنه بعثه فخرج عنه وتخلف ابو لهب منعه من الخروج رويا عاتكة فانه كان يقول رويا عاتكة تأخذ باليل واستقسم امية بن خلف وعتبة بن شيبة وزمعة بن الأسود وعمير بن وهب وحكيم بن حزام وغيرهم عند هبل بالأمر والناهي من الأزلام فخرج القدح الناهي من الخروج فاجمعوا المقام حتى أزعجهم (٢) ابو جهل ولما اجمع امية بن خلف القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا انى عقبة بن ابى معيط وهو جالس في المسجد بين ظهرانى قومه فيها نار ومجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا بأعلى فانما أنت من النساء فقال قبحك الله وقبح ما جئت به ثم جهز وخرج مع الناس قال ابن إسحاق وغيره ولما فرغوا من جهازهم واجمعوا السير وخرجوا على الصعب (٣) والزلول معهم القيان (٤) والدفوف ذكروا ما بينهم وبين بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة من الدماء فقالوا انا نحشى ان يأتينا من خلقنا فكاد ذلك ان يثيتهم (٥) فسدى لهم عدو الله إبليس في صورة سراقة بن مالك الكناني وكان من اشراف بنى كنانته فقال انا جار لكم من ان يأتيكم كنافة من خلفكم شيء تكرهونه تخرجوا في خمسين وتسعمائة مقاتل وقيل في الف وكان معهم مأتا فرس وستمأة درع ولم يتخلف عنهم أحد من يطون قريش الا بنى عدى فلم يخرج معهم منهم أحد فقال ابن عقبة وابن عابد واقبل للمشركون ومعهم بليس يعدهم ان بنى كنانة ورائهم قد اقبلوا لنصرهم وانه لا غالب لكم من الناس وانى جار لكم قال في الامتناع فلما نزلوا بمر الظهران نحر ابو جهل عشر جزور فما بقي خباء من اخبية العسكر الا أصابه من دمها وراى ضمضم بن عمرو ان وادي مكة يسيل دما من أسفله وأعلاه ونحر لهم

__________________

(١) اربى واللياط أبا ١٢

(٢) أزالهم عن رايهم ١٢

(٣) عن الإبل الذي لا ينقاد والزلول ضده ١٢

(٤) قيان جمع قينة يقال للامة المعنية ١٢

(٥) اى يصرفهم عن السفر ١٢

١٤

امية بن خلف بعسيف تسعا ونحر سهيل بن عمرو بقديد عشرا واسلم بعد ذلك ثم ذلك ثم مالوا من قديد الى مياه نحو البحر فظلوا فيها فاقاموا بها فنحر لهم يومئذ عقبة بن ربيعة عشرا ثم أصبحوا بالأبواء فنحر لهم نبيه ومنبه ابنا الحجاج عشرا عشرا ثم أكلوا من أزوادهم فلما وصلوا الجحفة عشاء نزلوا هناك روى البيهقي عن ابن شهاب وابن عقبة وعروة بن الزبير قالوا لما نزلت قريش بالحجفة كان فيهم رجل من بنى المطلب بن عبد مناة يقال له جهيم بن الصلت بن مخزمة واسلم بعد ذلك في حنين فوضع جهيم راسه فاغفا فقال لاصحابه هل رايتم الفارس الذي وقف على آنفا قالوا لا انك مجنون قال قد وقف على فارس آنفا فقال قتل ابو جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة وزمعة وابو البختري وامية بن خلف وعد رجالا ممن قتل يوم بدر من اشراف قريش ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء ممن اخبية العسكر الا أصابه من دمه فقال أصحابه انما لعب بك الشيطان ورفع الحديث الى ابى جهل فقال قد جئتم بكذب بنى المطلب مع كذب بنى هاشم فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من المدينة واستخلف ابن أم مكتوم على الصلاة ورد أبا لبابة من الروحاء واستخلفه على المدينة قال ابن سعد خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم السبت لاثنتى عشرة ليلة خلت من رمضان وقال ابن هشام لثمان وضرب عسكره ببئر ابى عتبة على ميل من المدينة فعرض أصحابه ورد من استصغر منهم فرد عبد الله بن عمرو اسامة بن زيد ورافع بن خديج والبراء بن عازب وأسيد بن حضير وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت وعمير بن ابى وقاص فبكى عمير فاجازه فقتل يوم بدر وهو ابن ستة عشرة سنة وامر أصحابه ان يستقوا من بير السقيا وشرب من مائها وصلى عند بيوت السقيا وامر قيس بن ابى صعصعة حين فصل من السقيا ان يعد المسلمين فوقف بهم عند بير ابى عتبة فعدّهم ثم اخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بانهم ثلاثمائة وثلثة عشر ففرح بذلك وقال عدة اصحاب طالوت ودعا يومئذ للمدينة فقال اللهم ان ابراهيم عبدك وخليلك ونبينك دعا لاهل مكة وانى محمد عبدك ونبيك أدعوك لاهل المدينة ان تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم اللهم حبب إلينا المدينة واجعل ما بها من الوباء بخم (١) اللهم انى حرمت ما بين لابتيها (٢) كما حرم ابراهيم خليلك مكة وكان خبيب بن اساف ولم يكن

__________________

(١) خم موضع على ثلثة أميال من جحفه ١٢

(٢) لابتين تثنية لابة وهى الحرة وهى ارض ذات حجارة سود نخرة كانها أحرقت بالنار.

١٥

اسلم خرج منجد (١) القومة من الخزرج طالبا للغنيمة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يصحبنا الا من كان على ديننا فاسلم وابلى بلاء حسنا راح عشية الأحد من بيوت السقيا وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين فصل منها اللهم انهم حفاة فاحملهم وعراة فاكسهم وجياع فاشبعهم وعالة فاغنهم بفضلك وكانت ابل اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبعين بعيرا فاعتقبوها روى احمد وابن سعد عن ابن مسعود قال كنا يوم بدر كل ثلثة على بعير وكان ابو لبابة وعلى زميلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالا اركب يا رسول الله نحن نمشى عنك فقال ما أنتم باقوى منى على المشي وما انا اغنى عن الاجر منكما قال في البداية والعيون هذا قيل ان يرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا لبابة من الروحاء ثم كان زميلاه علبا وزيدا وكان معهم فرسان فرس للمقداد بن الأسود وفرس لزبير بن العوام وعند ابن سعد في رواية كان معهم ثلثة افرس فرس لمرثد بن ابى مرثد الغنوي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لسعد بن ابى وقاص وهو بتربان (٢) انظر الى الظبى فعوق (٣) له بسهم وقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوضع ذقنه بين منكب سعد واذنه ثم قال ارم اللهم سدد رميته فما أخطأ سعد عن نحر الظبى فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخرج سعد يعدو فاخذه وبه رمق فزكاه وحمله فامره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقسم بين أصحابه ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذا سنجسج وهى بين الروحاء ثم ارتحل منها حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار وسلك ذات اليمين النازيه يزيد بدرا فسلك في ناحية منها حتى إذا جزع (٤) واديا يقال زحفان بين النازية وبين مضيق السفراء ثم على المضيق ثم انصب به حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسيس ابن عمرو الجهني حليف بنى ساعدة وعدى بن ابى الرغباء حليف بنى البخار الى بدر يتجسان له الاخبار عن ابى سفيان ولما سار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الصفراء بيسار وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران وجزع فيه ثم نزل أتاه الخبر بمسير قريش ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس فتكلم المهاجرون فاحسنوا فاستشارهم فقام ابو بكر فقال فاحسن ثم قام عمر فقال فاحسن ثم قام المقداد بن الأسود فقال يا رسول الله امض لما أمرك الله فنحن معك والله ما نقول كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون

__________________

(١) يعنى ناصرا ١٢

(٢) وادي على ثمانية عشر ميلا في المدينة

(٣) اى وضع السهم في الوتر ليرمى به ١٢

(٤) اى قطع ١٢.

١٦

ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون عن يمينك وشمالك وبين يديك وخلفك والذي بعثك بالحق لو سرت بنا برك الغماد لجالدنا (١) معك من دونه حتى نبلغه فاشرق وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال له خيرا ودعا له ثم استشارهم ثالثا ففهمت الأنصار انه يعينهم وذلك انه عدد الناس فقام سعد بن معاذ جزاه الله خيرا فقال يا رسول الله كانك تعرض بنا قال أجل فقال سعد يا رسول الله قد أمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض لما أردت ولعلك يا رسول الله تخشى ان يكون الأنصار لا ينصروك الا في ديارهم وانى أقول عن الأنصار وأجيب عنهم فاظعن حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شيئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من امر فامر فاتبع لامرك فو الله لئن سرت حتى تبلغ برك من عمدان وفي رواية برك الغماد من ذى يمن لنسيرن معك وو الله لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره ان نلقى عدونا غدا انا بصير في الحرب لعل الله يريك منا ما تقربه عينك ولعلك خرجت لامر فاحدث الله غيره فسر بنا على بركة الله فنحن عن يمينك وشمالك وبين يديك وخلفك ولا نكونن كالذين قالوا لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم متبعون فاشرق وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقول سعد رضى الله عنه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيروا على بركة الله وابشروا فان الله وعد احدى الطائفتين والله لكانى الان انظر الى مصارع القوم وكره جماعة لقاء العدو كما قال الله تعالى (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)) قال البيضاوي وغيره هذه الجملة في محل النصب على الحال من كاف اخرجك اى اخرجك من بيتك في حال كراهتهم خروجك قلت والظاهر انه استيناف ولا يجوز ان يكون في موضع الحال لوجوب اتحاد زمان الحال وصاحبه ولا شك انهم انما كرهوا الخروج إذا اتفق لهم القتال مع النضير واما وقت الخروج فكانوا راغبين في الخروج الى العير طمعا في المال مع عدم القتال

__________________

(١) الجالد المضاربة بالسيوف ١٢

١٧

روى ابن ابى حاتم وابن مردوية عن ابى أيوب الأنصاري رضى الله عنه قال لما سرنا يوما او يومين قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما ترون في قتال القوم فانهم قد أخبروا بمخرجكم فقلنا والله ما لنا طاقة بقتال القوم ولكن أردنا العير ثم قال ما ترون في قتال القوم فقلنا مثل ذلك ـ. (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ) في ايثارك الجهاد إظهارا للحق لايثارهم تلقى العير عليه وجدا لهم قولهم ما لنا طاقة لقتال القوم ولكنا أردنا العير (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) لهم باعلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انهم ينصرون وذلك انه نزل جبرئيل عليه‌السلام حين كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالروحاء وقال ان الله وعدكم احدى الطائفتين اما العير واما قريش (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) متعلق بقوله كارهون ... يعنى يكرهون القتالى كراهة من يساق الى الموت وهو يشاهد أسبابه وذلك بقلة عددهم وعدم تاهبهم وقال ابن زيد هولاء المشركون جادلوه في الحق كانما يساقون الى الموت (وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ) متعلق بمحذوف يعنى اذكر إذ يعدكم الله (إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) اما العير واما قريش وهذا ثانى مفعولى يعدكم وقد أبدل عنها (أَنَّها لَكُمْ) بدل الاشتمال (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ) اى الشدة والقوة والحدة مستعاد من الشوك يعنى العير (تَكُونُ لَكُمْ) لكثرة المال وعدم القتال روى ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان الله تعالى وعدهم احدى الطائفتين وكانوا ان يلقوا العير أحب إليهم لكونهم أيسر شوكة فلما سبقت العير وفاتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمسلمين يريد القوم فكره القوم مسيرهم لكثرة القوم (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَ) اى يظهره ويعليه (بِكَلِماتِهِ) للوحى بها في هذه الحال يعنى يأمره إياكم بالقتال او باوامره للملئكة بالامداد وقيل بمواعدة التي سبقت من اظهار الدين وإعزازه (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (٧)) اى يستاصلهم حتى لا يبقى أحد من كفار العرب الا يقتل او يسلم يعنى انكم تريدون ان تصيبوا مالا ولا تلقوا مكروها والله يريد إعلاء الدين واظهار الحق وما يحصل لكم فوز الدارين. (لِيُحِقَّ الْحَقَ) متعلق

١٨

بيقطع او بمحذوف تقديره فعل ما فعل ليثبت الإسلام (وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) يعنى الكفر وليس في الكلام تكرير فان الاول لبيان المراد وبيان ما بين مراده تعالى ومرادهم من التفاوت والثاني لبيان الداعي الى حمل الرسول الى اختيار ذات الشوكة ونصرة عليها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨)) يعنى المشركين ذلك رجعنا الى القصة ثم ارتحل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ذفران فسلك ثنايا يقال له الاصافر (١) ثم الخط منها الى بلد يقال له الدية وترك الجنان عن يمين وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم ثم نزل قريبا من بدر فركب هو وابو بكر الصديق رض حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم قال الشيخ بلغني ان محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فانكان الذي أخبرني صدقنى فهم اليوم بمكان كذا للمكان الذي فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبلغني ان قريشا خرجوا يوم كذا فانكان الذي أخبرني صدق فهم اليوم في مكان كذا للمكان الذي فيه قريش ثم قال من أنتما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نحن (٢) من ماء قال ابن إسحاق ثم رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى أصحابه فلما امسى بعث على ابن ابى طالب والزبير بن العوام وسعد بن ابى وقاص في نفر من أصحابه الى ماء بدر يلتمسون الخبر له فاصابوا راوية لقريش فيها اسلم غلام بنى الحجاج وابو يسار غلام بنى العاصي بن سعيد فاتوا بهما فسألوهما ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قايم يصلى فقالا نحن سقاط قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما ورجوا ان يكونا لابى سفيان فضربوهما فلما إذ (٣) لقوهما قالا نحن لابى سفيان فتركوهما وركع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسجد سجدتين وسلم وقال إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله انهما لقريش اخبر انى عن قريش قالاهم وراء هذا الكثيب الذي يرى بالعدوة (٤) القصوى والكثيب العقنقل فقال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كم القوم قالا كثير قال ما عدتهم قالا لا ندرى قال كم ينحرون كل يوم قالا يوما تسعا ويوما عشرا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما بين التسعمائة والالف ثم قال لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) جمع اصفر جبال قريب من الجحفه عن يمين الطريق الى مكة ١٢

(٢) قاله توريه أراد من ماء دافق وأوهمه انه من ماء ١٢

(٣) إذا لقوهما يعنى بالغوا في ضربهما ١٢

(٤) العدوة الجانب المرتفع من الوادي ١٢ عه البعيد ١٢

١٩

من فيهم من الاشراف قالا عتبة وشيبة ابني ربيعة وابو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل ابن خويلد والحارث بن عامر وطعيمة بن عدى والنضر بن الحارث وربيعة الأسود وابو جهل بن هشام وامية بن خلف ونبيه ومنهه ابنا الحجاج وسهل بن عمرو وعمرو بن عبد ود فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه مكة قد القت إليكم أفلاذ (١) كبدها قال ابن عابد وكان مسيرهم وإقامتهم حتى بلغوا الجحفة عشر ليال وكان بسيس بن عمرو وعدى بن ابى الزغباء قد مضيا الى بدر فاناخا الى تل قريب من الماء ثم أخذ اشنانهما (٢) يستقيان فيه ومجدى بن عمر الجهني على الماء فسمع عدى وبسبس جاريتين من جوار الحاضر (٣) يتلازمان على الماء والملزومة تقول بصاحبتها انما يأتي العير غدا او بعد غد فاعمل لهم ثم أعطيك الذي لك قال مجدى صدقت وسمع ذلك عدى وبسبس فجلسا على بعيرهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاخبراه بما سمعا قال ابن إسحاق وغيره واقبل ابو سفيان بالعير وقد خاف خوفا شديدا حين دنوا المدينة واستبطأ ضمضم بن عمرو النضير حتى ورد بدرا وهو خائف وتقدم ابو سفيان امام العير حذرا حتى ورد الماء فرأى مجدى بن عمرو الجهني فقال له هل أحسست أحدا قال ما رايت أحدا أنكره الا انى رايت راكبين يعنى بسبسا وعديا قد أناخا الى هذا التل ثم استقيا في شن لهما ثم انطلقا فأتى ابو سفيان الى مناخنهما فأخذ من ابعار بعيرهما ففته فاذا فيه النوى فقال هذه والله علائف يثرب فرجع الى أصحابه سريعا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل (٤) بها وترك بدرا بيسار وانطلق واسرع فسار ليلا ونهارا فرقا من الطلب فلما رأى ابو سفيان انه قد احرز عيره أرسل الى قريش قيس بن أمراء القيس انما خرجتم لتمتنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم وقد نجاها الله تعالى فارجعوا فاتاهم الخبر وهم بالجحفة فقال ابو جهل والله لا نرجع حتى نرد بدرا وكان بدرا موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام فنقيم عليه ثلثا فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقى الخمر وتعزف (٥) علينا القينات ويسمع بنا العرب وبمسيرنا فلا يزالون يهابوننا ابدا بعدها وكره

__________________

(١) جمع فلذ وهى القطعة يعنى صميم قريش ولبابها ١٢

(٢) الشن القربة ١٢

(٣) الحاضر القوم النزول على ماء يقيمون عليه ولا يرحلون ١٢

(٤) فساحل يعنى سلك طريق ساحل البحر ١٢

(٥) تعزف يعنى تلعب بالمعازف اى الملاهي ١٢

٢٠