رسالة في حجية الظن

رسالة في حجية الظن

المؤلف:


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢١

فضلا عن الحرمة وكون الغرض من الحرمة الحرام بمعنى حرمة التّرك خلاف الظاهر من وجهين مع انه لا معنى لاجتماع الحرمتين فى حرمة واحدة مضافا الى ما قيل من عدم الارتباط بين العلّة والمعلول اذ مقتضى قوله عليه السّلم يغسل غسلا واحدا تعيّن الغسل الواحد والتعليل لا يقتضى التعيّن بل يقتضى الاجتزاء بالواحد لكنه يضعف بان قوله عليه السّلم يجزى ذلك عنه تفسير لقوله عليه السّلم يغسل غسلا واحدا فالمدار فى المعلول على الاجتزاء بالواحد لا تعينه وامّا الاوسطان فلان كلّا منهما بعيد كيف لا ولم يعهد استعمال الحرمة فى العبادة او الحقّ فى موضع آخر امّا الاخير فلغاية بعد اطلاق الحرمة على الجنابة وعدم سبق ذكر غسل الجنابة وان سبق ذكر غسل الميّت ومنها ما رويه فى التّهذيب فى باب التيمّم واحكامه بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله ع فى الرّجل يكون فى صلاته فيخرج منه حب القرع فليس عليه شيء ولم ينقض وضوئه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه ان يعيد الوضوء وان كان فى صلاته قطع الصّلاة واعاد الوضوء والصّلاة ورويه فى الاستبصار فى كتاب الطّهارة فى باب الديدان بالاسناد المذكور واختار القول به فانه بعد ما روى الخبر الدال على انه لا وضوء لمن خرج عنه حب القرع فى الصّلاة والخبر الدال على وجوب الوضوء على ما اذا كان متلطخا بالعذرة ولا يكون نظيفا استنادا الى الرّواية المذكورة ومنها ما رويه فى التّهذيب فى باب القبلة بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله عليه‌السلام فى رجل صلّى على غير القبلة فيعلم وهو فى الصّلاة قبل ان بفرغ من صلاته قال ان كان متوجّها فيما بين المشرق فليحول وجهه الى القبلة حتّى يعلم وان كان متوجّها الى دبر القبلة فليقطع ثم يحول وجهه الى القبلة حتّى يفتح الصّلاة ورويه فى الاستبصار فى باب من صلّى الى غير القبلة ثم يبيّن بعد ذلك قبل انقضاء الوقت وبعده بالاسناد المذكور واختار القول به وحمل عليه الخبرين الدالين على وجوب اعادة الصّلاة لو وقع الصّلاة الى غير القبلة مطلقا فى احدهما ومقيّدا بعدم خوف فوت الّذى دخل وقته وقال شيخنا البهائى نقلا لا يحضرنى ان احدا من الاصحاب خالف فى الحكمين ومنها ما رويه فى التّهذيب فى باب تفصيل ما تقدّم ذكره فى الصّلاة من المفروض والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلم فى الرّجل يكثر عليه الوهم فى الصّلاة فيشكّ فى الرّكوع فلا يدرى اركع ام لا ويشكّ فى السّجود فلا يدرى اسجد ام لا فقال لا يسجد ولا يركع ويمضى لا صلاته حتّى يستيقن يقينا وعن الرّجل ينسى سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال يمضى فى صلاته ولا يسجد حتّى يسلم فاذا سلم سجدة مثل ما فاته قلت فان لم يذكر الا بعد ذلك قال يقضى ما فاته اذا ذكره وذكر الفقرة الثّانية فى الاستبصار فى باب ترك سجدة واحدة من السّجدتين ناسيا حتّى يركع بالاسناد المذكور فان مفاد الرّوايتين اعنى قضاء السّجدة المنسيّة مطابق مع روايات اخرى ذكرها فى التّهذيب وذكر روايتين من تلك الرّوايات فى الاستبصار لكن الشّيخ فى التّهذيب والاستبصار قيد الرّوايات المذكورة بالرّكعتين الاخيرتين وحكم بعدم وجوب الاعادة لو كان السّجدة من الركعتين الاوليين تمسّكا برواية احمد بن ابى نصر ومنها ما رويه فى الكافى فى كتاب الاشربة وفى الاستبصار فى كتاب الاطعمة والاشربة بالاسناد عن عمّار قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفقاع فقال هو خمر حيث انّه مطابق لاخبار متعددة وردت فى الجواب عن السّئوال عن الفقاع بانه خمر او خمر مجهول من الخمر لكنه يتاتّى الكلام فى انّه سؤال عن النّجاسة او عن الحرمة او كليهما الّا انه يرشد الى الاوّل السّئوال فى بعض الاخبار عن شرب الفقاع وكذا الجواب فى كثير من الاخبار بالنّهى عن شرب الفقاع بل يرشد الى ذلك ذكر السّئوال المذكور فى المشارب فى الكافى وفى التّهذيب كما سمعت لكن فى بعض الاخبار النّهى عن الشّرب ووجوب غسل الثّوب اذا اصاب اليه هذا ومقتضى كلام البعض بل الاكثر ان الغرض من كونه خمرا هو التّشبيه والشّركة فى الحكم نحو الصّلاة بالبيت طواف لكن الفاضل الخاجوئى جرى على كون الغرض بيان معنى الفقاع استنادا الى اخبار متعدّدة وو كلمات من اللّغويّين ترشد الى ذلك ومنها ما رواه فى الكافى فى باب استحباب الجهر بالبسملة بالاسناد عن صباح الحذاء عن رجل عن ابى حمزة قال قال علىّ بن الحسين عليه السّلم يا ثمالى ان الصّلاة اذا اقيمت جاء الشّيطان الى قرين الامام فيقول هل ذكر ربه فان قال نعم ذهب وان قال لا ركب على كتفه فكان امام القوم حتى ينصرفوا قال فقلت جعلت فداك أليس يقرءون القرآن قال بلى ليس حيث تذهب يا ثمالى انه الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم قوله عليه السّلم هل ذكر ربّه اى جهر ذكر بالتسمية قوله عليه السّلم فان قال نعم ذهب

٤٠١

لانه لا يعلم ان بناء المصلّى على الجهر بالتسمية فيذهب لكيلا يطرّد بالجهر بالتّسمية قوله عليه السّلم وان قال لا ركب لانّه يعلم ان ان بناء المصلّى على اسرار التسمية فليس ما يطرده بعد ذلك فلا يذهب قوله عليه‌السلام ليس حيث تذهب اى ليس الغرض من ذكر الربّ مطلق ما كان ذكر الله بل الغرض الجهر بالتسمية ومنها ما رواه فى الكافى فى باب كسب الماشطة والحافظة بالاسناد عن سعد الاسكافى قال سئل ابو جعفر عليه السّلم عن القرامل الّتى تضعها النّساء فى رءوسهنّ تصلن به شعورهنّ فقال لا باس على المرأة بما تزينت به لزوجها قال نقلت له بلغنا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن الواصلة والموصولة فقال ليس هناك انما لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الواصلة الّتى تزني فى شبابها فلمّا كبرت قادت النّساء الى الرّجال فتلك الواصلة والموصولة قوله القرامل قال فى النّهاية نقلا القرامل هى صغار من صوف او شعرا وابريسم تصل به المرأة شعرها ومنها ما رواه فى الكافى والفقيه بالاسناد عن ابى بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم فقلت متى يحرم الطّعام والشّراب على الصّائم ويحلّ الصّلاة وصلاة الفجر فقال اذا اعترض الفجر وكان كالقبطية البيضاء فثم يحرّم الطّعام وتحلّ الصّلاة صلاة الفجر قلت أفلسنا فى وقت الى ان يطلع شعاع الشمس فقال هيهات اين تذهب تلك صلاة الصّبيان قوله ويحلّ الصّلاة اما من الحلول اى تصير حالة او من الحل اى تصير حلالا وهو الاظهر قضيّة المقابلة مع الحرمة فى قوله متى يحرم الطّعام وبما ذكر يظهر الحال فى قوله ع ويحل الصّيام وتحل الصّلاة لكن كون الغرض من الحل فى يحلّ الصّيام ان يصير حلالا اظهر منه فى يحل الصّلاة قضيّة ان حرمة الطّعام تقتضى عليه الطّعام وان امكن كون الغرض منه الحلول ايضا قوله عليه السّلم كالقبطية بكسر القاف وسكون الباء الموحّدة وتشديد الياء المنسوبة الى القبط ثياب بيض دقاق تتّخذ بمصر وقد يضمّ القاف نظير سهليّ وزهرىّ كما يقتضيه كلام صاحب الصّحاح وعن شيخنا البهائى القبط بكسر القاف وذكر فى المغرب نقلا ان القبطى بضمّ القاف واحد القباطى وهى ثياب بيض دقيقة تعمل وتتخذ بمصر نسب الى القبط بالكسر كما فى دهرىّ نسبة الى الدّهر بالفتح يقال رجل قبطىّ بالكسر على الاصل قوله عليه السّلم فى وقت اى وقت الصّلاة قوله عليه السّلم تلك صلاة الصّبيان اى صلاة المقاربة لطلوع شعاع الشّمس والغرض تاكّد استحباب المبادرة الى الصّلاة اوّل طلوع الفجر بناء على امتداد وقت صلاة الصّبح الى طلوع الشّمس كما عن المشهور وفى الرّواية المذكورة فى التّهذيب انّما نعدها صلاة الصّبيان وربما استدلّ بذلك الحديث على ما عن الشيخ فى الخلاف من امتداد صلاة الصّبح للمختار الى ان يستقر الصّبح وللمضطر الى ان يطلع الشّمس ويمكن ان يقال ان الامر فى الحديث من باب الاعتراض على الكلام لا حمل اللّفظ على خلاف المراد ومنها ما رواه فى الكافى فى كتاب الاطعمة فى باب فضل اللّحم بالاسناد عن مسمع عن ابى عبد الله عليه السّلم انّ رجلا قال له ان من قبلنا يروون ان الله عزوجل ببعض البيت اللّحم فقال صدقوا وليس حيث ذهبوا ان الله يبغض البيت الّذى فيه يؤكل فيه لحوم النّاس قوله يروون اى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما هو مقتضى السّئوال فى طائفة من الاخبار لكن روى فى الوسائل عن البرقى عن ابن محبوب عن حماد بن عثمان قال قلت لابى عبد الله عليه السّلم البيت اللّحم يكره قال ولم قلت بلغنا عنكم قال لا باس به وبمضمونه روايات اخرى رواها فى انه الوسائل عن البرقى ايضا قوله يبغض البيت اللّحم اى البيت الّذى يؤكل فيه اللحم كلّ يوم وبمضمون تلك الرّواية رواية بل روايات اخرى ومقتضى الكلّ انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ان الله ينقض البيت اللّحم وأخطأ من سمعه فى فهم المراد عملا بظاهر الكلام لكن مقتضى بعض الاخبار انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ان الله ينغض البيت الّذى يغتابون فيه وياكلون لحومهم وكذب من اسند اليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله يبغض البيت اللّحم ومنها ما رواه فى معانى الاخبار فى باب معنى قول الصّادق عليه السّلم من طلب الرّئاسة هلك بالاسناد عن سفيان بن خالد قال قال ابو عبد الله عليه السّلم اياك والرّئاسة فما طلبها احد الّا هلك فقلت له جعلت فداك هلكنا اذ ليس احد منّا الّا وهو يجب ان يذكر ويقصد ويؤخذ عنه فقال ليس حيث تذهب انّما ذلك ان تنصب رجلا ودون الحجّة فتصدقه فى كلّ ما قال وتدعوا الناس الى قوله ومنها ما رواه فى معانى الاخبار فى باب معنى قول الصادق عليه السّلم من دخل الحمام فلير عليه اثره بالاسناد عن احمد بن ابى عبد الله عن ابيه رفعه قال نظر ابو عبد الله عليه السّلم الى رجل قد خرج من الحمام مخضوب اليدين فقال له ابو عبد الله أيسرّك ان

٤٠٢

يكون الله عزوجل خلق يديك هكذا قال لا والله انّما فعلت ذلك لانه بلغنى انّه من دخل الحمام فلير عليه اثره يعنى الحناء فقال ليس حيث ذهبت انّما معنى ذلك اذا خرج احدكم من الحمام وقد سلم فليصل ركعتين ومنها ما رواه فى معانى الاخبار فى باب معنى قول العالم عليه السّلم عورة المؤمن على المؤمن حرام بالاسناد عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله ع قال قلت له عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال نعم قلت تعنى سفلته قال ليس حيث تذهب انما هو اذاعة سرّه والظّاهر ان السّئوال بواسطة اقتضاء تخصيص العورة بالمؤمن وكذا تخصيص الحرمة بالمؤمن عدم حرمة غير المؤمن على المؤمن ولا على غير المؤمن وكذا عدم حرمة عورة المؤمن على غير المؤمن ومنها ما رواه فى معانى الاخبار فى الباب المذكور بالاسناد عن حذيفة بن منصور قال قلت لابى عبد الله عليه السّلم يروى ويقوله الناس عورة المؤمن على المؤمن حرام قال ليس حيث تذهب انّما عورة المؤمن ان تراه بكلام يعاب عليه فتحفظه عليه لتغيره به يوما اذا غضبت ومنها ما رواه فى التّهذيب فى كتاب الصّلاة فى باب فضل شهر رمضان والصّلاة فيه زيادة على النّوافل المذكورة فى سائر الشّهور بالاسناد عن مفضل بن عمر عن ابى عبد الله عليه السّلم قال يصلّى فى شهر رمضان زيادة الف ركعة قلت ومن يقدر على ذلك قال ليس حيث تذهب أليس يصلّى فى شهر رمضان الف ركعة فى تسع عشر منه فى كلّ ليلة عشرين ركعة وفى ليلة تسع عشر مائة ركعة وفى ليلة احدى وعشرين مائة ركعة وفى ليلة ثلث وعشرين مائة ركعة ويصلّى فى ثمان ليال منه فى العشر الاواخر ثلثين ركعة فهذه تسعمائة وعشرون ركعة قلت جعلنى الله فداك فرجت عنى لقد كان ضاق بى الامر فلما ان اتيت لى بالتفسير فرجت عنّى فكيف تمام الالف ركعة قال تصلّى فى كل جمعة من شهر رمضان اربع ركعات لامير المؤمنين ع وتصلّى ركعة لابنة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصلّى بعد الركعتين لجعفر الطيّار وتصلّى فى عشيّة الجمعة ليلة السّبب عشرين ركعة لابنة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله الى آخر الحديث ويمكن ان يقال ان الخطاء فى المقام فى تعقّل المرام لا فى المراد بالكلام ومنها ما رواه فى التّهذيب فى كتاب الصّوم فى باب ما يفسد الصّائم وما يخل بشرائط فرضه وما ينقص الصّيام بالاسناد عن ابى بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السّلم يقول الكذبة تنقص الوضوء وتفطر الصّائم قال قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب انّما ذلك الكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السّلم ومنها ما رواه فى الوسائل فى كتاب الزكاة فى باب استحباب الصّدقة بالليل عن العلل بالاسناد عن سفيان بن عينيه قال راى الزّهرى علىّ بن الحسين ع ليلة وعلى ظهره دقيق وهو حطب يمشى فقال له يا ابن رسول الله ما هذا فقال اريد سفرا اعد زادا احمله الى موضع حريز الى ان قال فلما كان بعد ايّام قال له يا ابن رسول الله لست ارى لذلك السّفر الذى ذكرته اثرا قال بلى يا زهرى ليس ما ظننت ولكنّه الموت وله كنت استعدّ ومنها ما رواه فى الوسائل فى كتاب القضاء عن العلل بالاسناد عن ابن ابى عمير عن عبد المؤمن الانصارى قال قلت لابى عبد الله عليه السّلم ان قوما رووا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ان اختلاف امتى رحمة فقال صدقوا فقلت ان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب قال ليس حيث تذهب وذهبوا انما اراد قول الله عزوجل فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم ليتفقهوا فى الدّين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون فامرهم ان ينفروا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيتعلّموا ثمّ يرجعوا الى قومهم فيتعلّموهم انّما اراد اختلافهم فى البلدان لا اختلافا فى دين الله انّما الدّين واحد انّما الدّين واحد الثّامن انّه لو قام ظنّ على عدم حجية ظنّ بناء على حجيّة مطلق الظنّ فامّا ان يكون المورود من باب الظن فى الاصول او الظنّ فى الفروع او الاعمّ وعلى التقادير امّا ان يتّحد الوارد والمورود نوعا او يختلفان فالاقسام ستّة احدها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجية الشّهرة فى الاصول والعبرة فيه بالمورود اذ الوارد يلزم من وجوده العدم فيكون المورود خاليا عن المعارض ونظيره ما تقدّم من انّه لو قلد الشخص مجتهدا فى مسائل فرعيّة ثم مات هذا المجتهد وفتوى المجتهد الحىّ الاعلم بناء على وجوب تقليد الاعلم او المقصود بالتقليد او المنحصر فيه الاجتهاد بناء على عدم وجوب تقليد الاعلم او المقصود بالتقليد او المنحصر فيه الاجتهاد بناء على عدم وجوب تقليد الاعلم وجوب العدول فعدل الشّخص المزبور تقليدا للمجتهد المذكور ثمّ مات هذا المجتهد وبناء المجتهد الحىّ على وجوب البقاء فح يجب البقاء فى غير مسئلة وجوب البقاء اذ وجوب البقاء فى مسئلة وجوب البقاء يستلزم وجوب العدول فالامر من باب لزوم العدم من الوجود

٤٠٣

وهو محال بل القانون الكلى ان كلّ فرد يقتضى نفى صنفه او نفى نوعه او نفى جنسه ينتفى بنفسه لاستلزام وجوده عدمه ويبقى غيره من افراد الصنف او النّوع او انواع الجنس خاليا عن المعارض فعلى القول بحجية الشّهرة مثلا لا بدّ ان يخرج منها شهرة عدم حجية الشّهرة فى المقام ثانيها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجية الشّهرة لا فى الاصول ولا فى الفروع والعبرة فيه ايضا بالمورود اذ الوارد يلزم من وجوده العدم فعلى القول بحجية الشّهرة لا بد ان يخرج منها شهرة عدم حجية الشّهرة نظير انّه على القول بوجوب البقاء على تقليد الميّت لو مات المجتهد يجب العدول فى مسئلة وجوب البقاء لو قلّده المقلّد عن المجتهد الحىّ حال الحياة ثالثها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجية الشّهرة فى الفقه والعبرة فيه بالوارد بناء على حجية الظنّ فى الاصول لقيام الحجّة على عدم حجية الظنّ فى الفروع قضيّة عدم اختصاص المخرج بالقطع لكفاية الحجيّة فى المخرج وفرض حجيّة الظنّ بعدم الحجيّة فى المقام رابعها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجية الخبر الموثق فى الاصول والعبرة فيه ايضا بالوارد بناء على حجيّة الظنّ فى الاصول لما سمعت فى الصّورة السّابقة خامسها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجيّة الخبر الموثق لا فى الاصول ولا فى الفروع والعبرة فيه ايضا بالوارد بناء على حجية الظنّ فى الاصول لما سمعت سادسها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجيّة الخبر الموثق فى الفروع والعبرة فيه ايضا بالوارد بناء على ما ذكر لما ذكر وبالجملة ففى صورة اختلاف النّوع يقدم الوارد (١) لو كان المورود من باب الظنّ فى الفروع ويقدم المورود لو كان المورود من باب الظنّ فى الاصول او الاعم ولا يذهب عليك انّ ما ذكرناه فى الوجوه المذكورة انما يتاتّى لو كان قيام الظنّ على عدم حجية الظنّ من باب حرمة العمل بالمورود نظير القياس والا فلو كان مفاد الظنّ الوارد عدم اعتبار الظنّ المورود من جهة عدم قيام الحجّة على حجيّته فيقدم الظنّ المورود لاندفاع الظنّ الوارد بمعارضة دليل الانسداد فى الظنّ فى الاصول على الاوّل والرابع والظنّ فى الفروع على الثّالث والاخير والظنّ فى الاصول والظنّ فى الفروع على الثانى والخامس وربما يتوهّم ان فى صورة قيام الظنّ على عدم اعتبار الظنّ فى الفروع يقدّم الظنّ الوارد مطلقا نظير تقدم الاستصحاب الوارد على الاستصحاب المورود ويظهر ضعفه بما سمعت من تقدّم الظنّ المورود على تقدير اتّحاد النوع وبما سمعت يظهر ضعف ما صنعه بعض الفحول فى الصّورة المسطورة اعنى قيام الظنّ على عدم حجية الظنّ فى الفروع حيث انه يلوح منه فى موضع عدم حجيّة الظنّ الوارد نظرا الى لزوم القطع فى المستثنى فى دليل الانسداد وصرّح فى موضع آخر بحجيّة الظن المورود مع اتحاد النّوع واختلافه تعويلا على ان احدا من القائلين باصالة حجية الظنّ لم يستثن هذه الصّورة (٢) من اصالة حجيّة الظنّ يوجب خروج كثير من الظنون عن الحجيّة فيلزم الهرج والمرج فى الدّين وانّ الظن الحاصل من المورود قد تكون اقوى من الظنّ الحاصل من الوارد سواء كان الظنّ من الظنون الخاصّة او غيرها وصرّح فى موضع ثالث بتقديم اقوى الظنين من الوارد والمورود مع الرّجحان والتخيير مع التّساوى ثم انه لا فرق فى الظنّ الوارد بين كونه من الظّنون الخاصّة او غيره ممّا لم يقم على عدم حجيّته حجّة اذ لا فرق على القول بحجية مطلق الظنّ بين الظّنون الخاصّة وغيرها مما لم يقم على عدم حجيّته حجة بقى انّه على القول باعتبار الظنّ بالطريق لا بدّ من تقديم الظنّ الوارد مطلقا التّاسع انه قد اشتهر النقض على القول بحجيّة مطلق الظنّ بالقياس ونحوه ممّا قام الاجماع بل الضرورة على عدم جواز العمل بالظنّ المستفاد منه بناء على عدم جواز تخصيص الدّليل القطعى اقول انّه يتاتى الكلام تارة فى جواز تقليل شيوع الدّليل القطعى واخرى فى تسمية التقليل المذكور بالتخصيص امّا الاوّل فالدّليل القطعى لو كان لفظيّا كالخبر الواحد بالقرائن الموجبة للقطع بمضمونه فلو اخذ فيه فعلية القطع لا يمكن تخصيصه لا بالقطعى ولا بالظنّى الّا انّ الدّليل اللّفظى على هذا المنوال لو اخذ فيه فعليّة الظنّ فلا يجوز تخصيصه لا بالقطعى ولا بالظنّى كما هو الحال فى الظنّى بل لا يتم تخصيص العموم وهو حديث مشهور معروف الا يكون العموم شأنيّا والّا فلا مجال للتخصيص للظنّ بالتّخصيص مع فعلية العموم بل حكم الفخري على ما يبالى بامتناع تخصيص العام تمسّكا بعدم جواز اجتماع العموم والخصوص وهو مبنى على اعتبار الفعليّة فى العموم ولو كان الدّليل القطعى لبيا فلا باس بالتخصيص لو كان المخصّص عقليّا لو كان العقل حكم مرّة واحدة بحكم لموضوع مع اخراج بعض افراده بحكمه فيه بحكم مخالف كما لو حكم العقل بحسن كلّ صدق

__________________

(١) مطلقا وفى صورة الاتحاد يقدم الوارد

(٢) وان استثناء هذه الصورة

٤٠٤

الّا الصّدق الضار وكذا الحال لو حكم العقل اولا بالعموم ثم بالتخصيص الّا ان حكمه ثانيا بالتّخصيص يكشف عن خطائه اولا فى الحكم بالعموم فى مورد التّخصيص ولا تخصيص فى الحقيقة بل الامر فى السّابق لا يكون من باب التّخصيص ايضا بالنسبة الى القضيّة المعقولة وانما هو من باب التخصيص نعم يتاتى التّخصيص فى القضيّة الملفوظة واما لو كان المخصّص لفظيّا فالمخصّص يكشف عن خطاء العقل فى مورد التّخصيص ايضا لو لم نقل بكونه موجبا لسكوت العقل فيما عدا مورد التّخصيص لو حكم العقل اولا قبل الاطّلاع على المخصّص لكن لا تخصيص ح فى الحقيقة واما لو حكم العقل بالاباحة فيما لا نصّ فيه فالاطّلاع على وجود النصّ بعد ذلك لا يوجب انكشاف خطاء العقل بل يوجب ارتفاع موضوع حكم العقل فالامر من قبيل التخصّص الّا ان الفرق انّ المدار فى التّخصيص على خروج الموضوع عن موضوع حكم عقليّا كان الحكم او ظنّيّا والمدار هنا على اخراج الموضوع عن موضوع حكم العقل وبالجملة فقد ذكر الاصوليّون فى بحث تعارض الاخبار عدم جواز تعارض الدّليلين القطعيّين ومن هذا دعوى عدم جواز تخصيص الدّليل العقلى كما هو من الاحاديث المشهورة اذ المقصود بالدليل هو الدّليل القطعىّ المستفاد من حكم العقل وذلك مبنى على اخذ الفعليّة فى الدّليل القطعى والّا فكما لا يجوز تعارض العلم بالشيء فعلا مع العلم او الظنّ بالخلاف فكذا لا يجوز تعارض الظنّ بالشيء فعلا مع العلم او الظنّ بالخلاف وكما يجوز اجتماع الظنّ شأنا مع العلم او الظنّ بالخلاف (١) وربما حكم الباغنوى بان المدار فى التّواتر على شأنيّة افادة العلم بل نفى الخلاف عنه بل مقتضى اخذ الامكان فى حدّ الدّليل هو كون المدار فى مطلق الدّليل قطعيّا كان او ظنّيّا على شأنيّة افادة العلم او الظنّ بل هو الظّاهر من تعريف الدّليل بما يتوصّل بصحيح النّظر فيه الى مطلوب خبرى وان قلت انه لا باس بكون المتواتر المغفول دليلا خارجا عن المتواتر قلت انه بعيد لكن مقتضى حدود المتواتر ان المدار على فعلية الايصال كما ان الظاهر بل بلا اشكال ان المدار فى الادلّة الظنية على الشأنية وان عرف العلامة فى المبادى خبر الواحد كما عن بعض العامّة بما لا يفيد العلم بل العميدى بعد ان عرفه بما لم يفد العلم من الاخبار مع افادة الظنّ صرّح بان ما لم يفد الظنّ من الاخبار وان كان خبرا واحدا لغة الّا انّه ليس خبرا واحدا بحسب الاصطلاح وقد يوجد اختلاف الحركة اعنى اخذ الفعليّة فى الدّليل القطعى واخذ الشّأنيّة فى الدّليل الظنّى بتوجيهين زيّفناهما فى محلّه وامّا الثانى فصحّة اطلاق التخصيص على تقليل شيوع العام لو كان العموم عقليّا مبنيّة على عدم كون العموم من عوارض الالفاظ اذ التخصيص اخراج بعض افراد العام فما (٢) لا يتّصف الاخراج منه بالتخصيص ومن هذا ان الاستثناء من المطلق يكون من باب التقييد وان كان الاستثناء من العام يكون من باب التخصيص وكيف كان فالصّواب فى الجواب فى الباب ان يقال ان العقل لا يحكم بحجيّة جنس الظنّ حتى يتاتّى النقض بمثل القياس بل انّما يحكم بحجيّة نوع الظنّ اعنى ما لم يقم دليل على عدم حجيته نظير اصل البراءة فكما ان الاطّلاع على ورود النصّ بالتكليف مانع عن العمل باصل البراءة من باب ارتفاع الموضوع فكذا قيام الدّليل على عدم اعتبار القياس يوجب خروجه عن موضوع حكم العقل لكن الفرق بين اعتبار مطلق الظنّ واعتبار اصل البراءة هو احتمال ورود الدّليل على التّكليف وعدم وصوله الينا فى موارد اصل البراءة من المسائل الفقهيّة بخلاف مسئلة حجية الظنّ فانه لا يحتمل قيام دليل على حجيّة طريق مخصوص بناء على دعوى العلم بعدم جعل الطّريق وهذا لا يوجب تغيّر العنوان اعنى كون موضوع حكم العقل بالحجيّة هو نوع ما لم يقم دليل على عدم حجيّته اذ غاية الامر حكم العقل باعتبار هذا النّوع فى الواقع واين هذا من دلالة العقل على حجيّة جنس الظنّ فلم يتغيّر عنوان النّوع الى عنوان الجنس وليس عنوان ثالث فى البين فلم يتغيّر العنوان راسا وامّا بناء على عدم العلم بجعل الطّريق باحتمال كون المدار فيما دلّ على حجيّة خبر الواحد بعد الدّلالة على جهة الخصوصيّة فامر حجيّة الظنّ نظير الامر فى حجيّة اصل البراءة من غير فرق فى البين ويمكن الجواب بان القياس لا يفيد الظنّ تارة بملاحظة انّ بناء الشّرع على تماثل حكم المختلفات واختلاف حكم المتماثلات الّا ان يقال ان اختلاف حكم المختلفات وتماثل حكم المتماثلات ازيد من تماثل حكم المختلفات واختلاف حكم المتماثلات ليحصل الظنّ من القياس واخرى بملاحظة ان حرمة العمل بالقياس تمانع عن حصول الظنّ بكون مفاد القياس هو الحكم الفعلى مع انحصار الدّليل فيه كما هو المفروض نعم يصلح الظنّ بالمصلحة والمفسدة ولا ينبغى التامّل فى ذلك وان ينكره ظواهر الانظار فعلى ذلك لا بدّ من ورود الدّليل على الوجوب والحرمة على طبق المصلحة والمفسدة لكن لم يصل الدّليل الينا

__________________

(١) فكذا يجوز اجتماع العلم شأنا مع العلم او الظنّ بالخلاف

(٢) لا يتصف بالعموم

٤٠٥

بناء على صدور جميع الاحكام او لم يرد الدليل على ذلك بناء على عدم صدور جميع الاحكام وان قلت انه لا منافاة بين حرمة العمل بالقياس وحصول الظنّ منه بالحكم الفرعى قلت المنافاة فى البين بينة اذ بعد فرض انحصار الدّليل فى القياس وحرمة العمل بالقياس فالظنّ بالوجوب مثلا بتوسّط القياس غير معقول وربما يستفاد من كلمات المحقق القمّى فى بحث اخبار الآحاد وبحث القياس واوّل بحث الاجتهاد وبحث جواز التقليد الميّت الجواب بالتزام حجية القياس اذا انحصر مدرك الحكم فيه وعدم ثبوت الانسداد بالنّسبة الى مقتضى القياس لحرمته بالضّرورة من المذهب وكون المنع عن التمسّك بالقياس انّما هو لو كان المقصود استقلاله واتباع الهوى دون متابعة الشّرع وكون الإخراج ممّا يفيد الظنّ لا من الظنّ وليس شيء منها بشيء امّا الاوّل فلشمول اخبار حرمة العمل بالقياس لصورة انحصار المدرك فيه بل يمكن القول بانّه فى صورة عدم انحصار مدرك الحكم فى القياس لا مجال لحرمة البناء على مفاد القياس فلا يشمل الاخبار لصورة عدم انحصار المدرك فى القياس الّا انّه يندفع بانه لا باس بالبناء على مفاد القياس فى صورة تعدّد المدرك لكن البناء على مفاد القياس غير العمل بالقياس لتأتى البناء على مفاد القياس بالعمل بالمدرك الآخر وعدم الاعتناء بالقياس بخلاف العمل بالقياس فانه منوط بالاعتناء بالقياس وهو حرام ولو فى صورة وجود مدرك آخر بل ربما منع عن العمل بالاصل فى صورة مخالفة الخبر للقياس من باب ارتفاع الظنّ من الخبر تمسّكا باقتضاء اخبار حرمة العمل بالقياس حرمة مطلق الاعتناء بالقياس حتّى هذا النّحو من الاعتناء اى العمل بالاصل من باب الاعتناء بالقياس فى رفع اليد عن الخبر ومع ذلك ما قام على عدم جواز العمل بالقياس من الاجماع والضّرورة مطّرد فى صورة اتّحاد المدرك بلا شكّ وامّا الثانى فلان الضّرورة انّما هى فى المسألة الاصوليّة اعنى عدم حجيّة القياس والظنّ فى المسألة الفرعيّة بالحكم الفرعى والحكم الفرعى قد انسد باب العلم به فضرورة حرمة العمل بالقياس لا تخرج مورد العمل بالقياس عن مورد النّزاع اعنى موارد انسداد باب العلم بالحكم الفرعى وامّا الثالث فلانّه وان يمكن القول بانصراف اخبار المنع عن العمل بالقياس الى ما كان فى قبال متابعة ارباب العصمة لكن الانصاف لكن الانصاف ان الانصراف بدوى وعمق النظر يقضى بقضاء الاخبار بحرمة العمل بالقياس على الاطلاق بل ملاحظة اخبار القياس تقضى بالقطع بحرمة العمل بالقياس على الاطلاق ومع ذلك لا ريب فى قضاء الاجماع والضّرورة بحرمة العمل بالقياس على الاطلاق واما الاخير فلان المقصود من النقض بالقياس هو النقض بالظنّ الحاصل من القياس فلا بدّ من اخراج الظنّ المذكور عن الظنّ مع ان الاشكال المتطرق على الاخراج عن الظنّ وهو عدم جواز تخصيص الدّليل القطعى يتطرّق على الاخراج عمّا يفيد الظنّ ولا فرق بين الاخراج عن المفيد والاخراج عن المفاد وربما اجاب المحقق المذكور بعدم افادة القياس للظنّ لكن حكم فى بحث القياس بان القول به مكابرة ويضعف حكمه بما يظهر مما مرّ هذا كله فى القياس بطريق المساواة نقضا وجوابا بناء على ظهور القياس فى باب النقض فى القياس بالمساواة كما هو الحال فى جميع موارد اطلاق القياس على وجه الاطلاق ويتاتى النقض ايضا فى القياس بطريق الاولوية اعنى ما لو كان حكم الاصل ثابتا باللفظ من غير ان يكون المفهوم من اللفظ فى العرف ولو بدلالة الاشارة ثبوت الحكم فى الفرع ايضا الّا ان العقل استنبط المقتضى للحكم فى الاصل علما مع احتمال وجود المانع لو كان الحكم فى الاصل مظنونا من اللفظ والّا فلا يجتمع الظنّ بالحكم مع العلم بوجود المقتضى وانتفاء المانع او مع عدم احتمال المانع لكن مع الظنّ بكون اقتضاء المقتضى فى الفرع اشدّ او ظنا وحكم ايضا علما او ظنّا بوجود المقتضى فى الفرع ايضا علما مع احتمال وجود المانع فيه الّا ان يقال انه ح يندفع المانع بالاصل فلا اشكال فى ثبوت الحكم فى الفرع لكنّه مبنىّ على اعتبار اصالة العدم او ظنا وحكم ايضا علما او ظنا بكون اقتضاء المقتضى فى الفرع اشدّ الّا ان المحقق القمّى انكر حجيّة ذلك اعنى القياس بطريق الاولويّة فى بحث القياس بطريق الاولويّة فى بحث القياس مع ما سمعت منه من القول بحجية القياس بطريق المساواة فى بعض اجوبته فالنقض بالقياس بطريق الاولوية لا دافع له عن كلامه اللهمّ إلّا ان يكون اجوبته اعمّ من القياس بطريق الاولويّة حملا للقياس فى النقض على الاعمّ إلّا انه ينافى انكار حجيّة القياس بطريق الاولويّة كما سمعت لكن جرى بعض الفحول ممّن قال بحجيّة مطلق الظنّ على القول بالحجية استدلالا بان المانع عن الجواز انما هو الاصل والعمومات المانعة عن العمل بغير العلم واطلاق النصوص الدّالة على حرمة العمل بالقياس وعموم جملة من الاخبار الظّاهرة فى المنع عن العمل بالقياس بطريق الاولويّة كالاخبار الدّالة على بطلان قياس ابليس والاخبار

٤٠٦

التى تضمنت النقض على ابى حنيفة بعدم جواز قياس الصّلاة على الصوم فى عدم سقوط القضاء ونحو ذلك واطلاق العبارات المتضمّنة لدعوى الاجماع على بطلان القياس وكذا فتوى معظم الاصحاب إلّا انّه يحصل فى المقام الظنّ بالحكم الشّرعى كما فى خبر الواحد والشّهرة ونحوهما والاصل فى كل ظنّ الحجيّة حتى يقوم دليل قاطع على عدم الحجيّة كالقياس بطريق المساواة فانّه مقطوع بعدم حجيّته لانه القدر المتيقّن من النّصوص والفتاوى والاجماعات المحكية الدالة على حرمة العمل بالقياس وليس الامر فيما نحن فيه من هذا القبيل لعدم دليل قاطع على عدم جواز التّعدية والوجوه المتقدّمة لا تصلح لافادة القطع امّا الاصل فظاهر واما العمومات والاطلاقات المانعة عن العمل بغير العلم فان جملة منها وان كانت قطعيّة السّند ومن الكتاب ولكن جميعها ظنّى الدّلالة لان دلالة العام والمطلق على كل جزئى مندرج تحتهما ظنّيّة قطعا والّا لما صحّ ارتكاب التخصيص والتقييد فيهما كما لا يخفى وبطلان التّالى فى غاية الوضوح فان تخصيص العمومات وتقييد المطلقات ممّا لا مجال لانكاره ومن جملتها هذه العمومات والاطلاقات فانّ تقييدها وتخصيصها فى موارد كثيرة ككثير من موارد الموضوعات الصّرفة وكثير من موارد الاحكام الشرعيّة الفرعيّة ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه وحيث كانت ظنيّة الدلالة فلا تصلح لدفع الاصل المذكور بل هى مندفعة واما الاطلاقات والعمومات الدالة على حرمة العمل بالقياس فهى ظنّيّة الدلالة لما تقدّم مع انها بخصوصها ظنّيّة السّند ايضا لانّها من باب اخبار الآحاد ولم تتواتر حرمة العمل بالقياس فى الجملة معنوىّ لا لفظىّ كما لا يخفى فلا يلزم من تواتر ذلك تواتر مضمون العمومات والاطلاقات المذكورة كما تقدم اليه الاشارة وحيث كانت ظنّيّة السّند والدلالة كانت أسوأ حالا من العمومات المانعة عن العمل بغير العلم فاذا كانت هذه لا تصلح لمعارضة الاصل المذكور فكذلك العمومات والاطلاقات المذكورة لاتحاد الوجه والاولويّة هذا كلّه على تقدير اندراج ما نحن فيه تحتها واما على تقدير المنع امّا باعتبار عدم صدق القياس بالمعنى المصطلح عليه بين الفقهاء والاصوليّين لكونه من باب تنقيح المناط وهو ممّا لا يسمّى بحسب الاصطلاح قياسا او باعتبار عدم معلوميّة ارادة المعنى الاصطلاحى للقياس فى الاخبار الواردة فى المنع عن العمل بالقياس لاحتمال ان يراد فيها الوجوه الاعتبارية والاستحسانات العقلية المعمولة عند العامة والمجتنب عنها عند الشّيعة باعتبار عدم دليل على حجّيتها بل هى ظاهرة الفساد فالجواب عن ذلك فى غاية الوضوح وامّا الاخبار الدّالة على بطلان قياس ابليس فهى ايضا غير قطعىّ السّند ومن باب اخبار الآحاد بل وهى غير ظاهرة الدلالة للمنع عن كون قياسه من قبيل ما نحن فيه كما لا يخفى ولاحتمال كون المنع عنه باعتبار كونه فى مقابل النصّ ومن الظّاهر انّه ح من اقبح القبائح فيجب الحكم بفساده وليس هذا من محلّ البحث فى شيء فتدبّر وامّا الاخبار المتضمّنة للنقض على ابى حنيفة فهى ايضا غير معلوم السّند ومن باب اخبار الآحاد بل وغير ظاهرة الدلالة لاحتمال اختصاص المنع بصورة التمكن من تحصيل العلم بالحكم كما فى زمن ابى حنيفة لانّ حجة الله وخليفته كان موجودا ظاهرا متمكّنا من الرّجوع اليه فى معرفة المسائل الشّرعية وليس محلّ البحث من هذا القبيل بل هو مختصّ بصورة عدم التمكن من ذلك ولا يبعد عقلا اختلاف الاحكام والادلّة الشّرعية باختلاف الازمنة والامكنة بالاعتبارات الّتى من جملتها التمكّن من تحصيل العلم بالحكم الشّرعى وعدمه وقد وقع الاختلاف المذكور فى الشّريعة كثيرا فلم لا يجوز ان يكون تكليفنا اليوم العمل بالقياس فيما نحن فيه وان حرم علينا ذلك حين ظهور الامام والتمكّن منه فى تحصيل الحلال والحرام وترتّب اللّعن والعذاب ونحو ذلك من التّهديدات على العمل بذلك ح لا يستلزم ترتّبه على غير المتمكن من تحصيل العلم بالمسائل الا نادرا فى الغاية والمضطرّ الى العمل بغيره كاضطرار الجائع المشرف على الهلال الى اكل الميتة وبالجملة الاخبار الدّالة على حرمة العمل بالقياس وان كان يحصل من مجموعها العلم بها فى الجملة ولكنّها لا يفيد حرمته بجميع اقسامه واحواله واعتباراته لان هذا العموم لم يتواتر معنى بواسطة تلك الاخبار ومع هذا فالاخبار المذكورة معارضة باخبار أخر متضمّنة لاحتجاج المعصوم بالقياس بطريق الاولويّة ومنها ما اشار اليه فى الزّبدة فقال وامّا قول امير المؤمنين عليه‌السلام أتوجبون عليه الجلد والرّجم ولا توجبون عليه صاعا من الماء فمن طريق الاولوية وفى غاية المامول ايجاب الغسل منه هنا ليس بالقياس بل بطريق الاولويّة الذى هو حجّة عندنا ايضا فلا ينافى ما تواتر عنه عليه السّلم من انكاره انتهى لا يقال لعلّ استدلال المعصوم مبنى على الجدل مع العاملين بالقياس ولا باس بالزام الخصم بما يذهب اليه وان كان فاسدا بل هو الظّاهر اذ

٤٠٧

لا حاجة للمعصوم عليه السّلم الى التمسّك بمثل هذا الدليل فى الاحكام الشّرعية فانه مصدّق فيما يخبر به لانا نقول الاحتمال المذكور فى غاية البعد اذ لو كان القياس الّذى ذكره محرما فى الشّرع لكان تمسّكه عليه السّلم به موجبا للاغراء بالجهل اذ لعل طائفة او واحدا يتوهم ان هذا الاستدلال كاستدلاله بالكتاب والسّنة الّذى هو جائز شرعا ولا يخطر ببالهم انه من باب الجدل فيلزم الفساد وذلك منه غير جائز ومع هذا فظاهر الرّواية كما لا يخفى على من لاحظها انّه تكلم مع الصّحابة وليس احد منهم يجوز العمل بالقياس حتّى يصحّ مجادلتهم به واما اطلاق العبارات المتضمّنة لدعوى الاجماع على حرمة العمل بالقياس فلانه لا يفيد العلم بحرمة ما نحن فيه كما لا يخفى بل قد ندّعى اتّفاق الاصحاب على حجيّة ما نحن فيه لانّهم قد تمسّكوا فى موارد متعدّدة فى الفقه بقاعدة الاولويّة ولما ذكر ربما جرى على القول بحجية القياس بطريق الاولوية ايضا فيما لو كان حكم الاصل ثابتا بالعلم من غير اللّفظ كالاجماع بالاقسام الماضية ولا بدّ له من القول بالحجيّة ايضا فيما لو كان حكم الاصل ثابتا بالظنّ من باب حجية مطلق الظنّ غير الظّنون الخاصّة بالاقسام الماضية فلم يبق من القياس بطريق الاولويّة فردا لا وهو يقول بالحجّيّة فيه لكن للكلام فيما ذكره مجال والظّاهر بل بلا اشكال انّ ملاحظة الاخبار الدّالة على حرمة العمل بالقياس وكذا الاخبار الدالة على عدم جواز العمل بالقياس بطريق الاولويّة كما دلّ على بطلان قياس ابليس والنقض على ابى حنيفة وكذا اطلاق الاجماعات المنقولة على عدم جواز العمل بالقياس توجب الظنّ القوى بل العلم بعدم حجية القياس بطريق الاولويّة ولا يلزم فيما يدلّ على عدم جواز العمل بالظنّ بناء على حجيّة مطلق الظنّ كونه قطعيّا كما هو ظاهر المستدل فيما ذكره هنا بل يكفى كونه ظنا بناء على حجية مطلق الظنّ فى الاصول على تقدير اختلاف الوارد والمورود كما فى مورد الكلام فالصّواب فى الجواب هنا ما تقدّم به من الوجهين فى النقض بالقياس بطريق المساواة ان المحقّق القمّى فى فاتحة القوانين فى الجواب عن الايراد على اخذ العلم فى جنس الفقه بان اكثر الفقه من باب الظنون جعل حجيّة مطلق الظنّ من باب الموضوعيّة حيث انّه حكم بان حجيّة الظنّ عند انسداد باب العلم من باب التقية وعلى ذلك الحكم المظنون للمجتهد من باب الواقعى الثّانوى بل يقتضى القول بذلك ما ذكره فى بحث اصل البراءة من امتناع التكليف بالواقع فى حال امتناع العلم وان ينافى هذا دعوى بقاء التكاليف الواقعيّة فى الاستدلال على حجيّة مطلق الظنّ بدليل الانسداد كما تقدّم بل مقتضى كلماته فى باب الجاهل القاصر موضوعيّة الجهل اقول انّه ربما قسم السيّد السّند النّجفى والعلّامة النّجفى والوالد الماجد ره الحكم الى اربعة اقسام الواقعى الاولى والواقعىّ الثانوى والظّاهرى والعذرى والمقصود بالواقعىّ الأولى ما كان متعلّقا بالفعل او التّرك على حسب المصالح والمفاسد الواقعيّة ابتداء من غير ان يكون مسبوقا بحكم آخر وهو اعمّ من ان يكون موضوع الحكم اعتقادا كما فى اصول الدّين او غيره كما فى الواجبات والمحرمات من الفروع والمقصود بالواقعى الثانوى ما كان تعلّقه من الواقعى الاولى بصورة التعليق على امر من الاعتقاد كما فى الظنّ بالركعات او الشكّ كما فى الشكّ بين الثلث والاربع مثلا او الاضطرار كما فى درجات الصّلاة الاضطراريّة او ما عدا الايماء بناء على كونه من باب البدل لا الصّلاة او غير ذلك كما فى التيمّم لقوله سبحانه (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) لكن التّعبير بالثانوى فى ذلك بملاحظة التعبير فى جعل الحكم والّا فحكم واجد الماء وحكم فاقد الماء فى جانب العرض لا الطّول وبما ذكر ظهر ان وجوب الحج ليس من باب الواقعى الثّانوى لانّه وان كان مشتملا على التّعليق لكنه ليس مسبوقا بالواقعى الاولى وعلى هذا المنوال الحال فى الخمس والزكاة وغيرهما من الواجب المشروط والمقصود بالظاهرى ما يستفاد من الكتاب والسّنة وهذا قد يكون (١) من باب الواقعى الثّانوى فهذا القسم ليس قسما مستقلا بنفسه والمقصود بالعذرى ما كان المدار فيه على مجرّد رفع العقاب كما فى الغفلة والسّهو والنّسيان ومن هذا ان اطلاق الحكم على ذلك من باب المسامحة فمن ذلك حكم الغافل والسّاهى والناسى وكذا ما يقتضيه اصل البراءة من عدم العقاب على ما لا نصّ فيه وجوبا او حرمة باتفاق المجتهدين والاخباريين فى الاوّل واتفاق المجتهدين فى الثّانى حيث انّ مفاد اصل البراءة بالاصالة انّما هو عدم العقاب على ما لا نصّ فيه وامّا ثبوت الاباحة فانما هو من باب الاستلزام قضيّة عدم تخلّل الواسطة بين انتفاء التّكليف وثبوت الاباحة إلّا ان يقال ان عدم التّكليف عين الاباحة بناء على كون الامر بالشيء عين النّهى عن الضدّ العام وياتى مثله فى باب الغافل واخويه ويخرج عن الاقسام المذكورة الحكم العملى كالاستصحاب بناء على كون اعتباره من باب اخبار اليقين ومع عدم اعتباره مع انكشاف الخلاف والّا فهو من باب

__________________

(١) من باب الواقعى الاولى وقد يكون

٤٠٨

الواقعى الاولى بناء على كون اعتباره من باب اخبار اليقين ومع عدم اعتباره منع انكشاف الخلاف والّا فهو من باب الى الظنّ ومن باب الواقعى الثانوى بناء على كون اعتباره من باب اخبار اليقين ولو مع انكشاف الخلاف وكذا الاسباب المتعلّقة بالموضوعات بناء على كون اعتبارها من باب التعبّد وعدم اعتبارها فى صورة انكشاف الخلاف وكيف كان فمقتضى تعليق الحكم على الواقع فى الواقعىّ الاولى اناطة الحكم بالواقع وعدم مداخلة الاعتقاد فيه لكن لو ثبت كفاية الظنّ مثلا لا بدّ من ملاحظة ما دلّ على كفاية الظنّ من حيث الدلالة على المرآتية والموضوعيّة فعلى الاوّل لا بدّ من الاعادة بعد انكشاف الخلاف فى الوقت وامّا القضاء فامره موكول على كونه بالفرض الاوّل او شمول ادلّة القضاء بعدم انصرافها الى التّرك بالكليّة او قضاء الاستقراء بوجوب القضاء فى موارد وجوب الاعادة وامّا على الثّانى فلا يجب الاعادة بانكشاف الخلاف فضلا عن وجوب القضاء وما يتوهّم من ابتناء وجوب الاعادة وعدمه على اقتضاء الامر او الاتيان بالمامور به للاجزاء فاسد وشرح الحال موكول الى ما حرّرناه فى بحث دلالة الامر على الاجزاء ومقتضى تعليق الحكم على الاعتقاد او الشكّ او غيرهما على تقدير تعذّر شيء كما فى التيمّم فى الواقعى الثّانوى عدم مداخلة الواقع فيه فمقتضى الحكم بالبناء على الظنّ فى الرّكعات او البناء على الاكثر فى الشكّ بين الثّلث والاربع عدم وجوب الاعادة بعد انكشاف الخلاف بل هو الحال فى باب الاستصحاب كما حرّرناه فى محلّه ومن قبيل ذلك الجهل بالقصر والاتمام لكن نقول ان كون الحكم من باب الواقعىّ الثانوى منوط بعدم اناطة الاعتبار بعدم انكشاف الخلاف والّا فالحكم من باب الحكم العملى فقد بان ضعف شرح الواقعى الثّانوى بما لو كان الحكم معلّقا على الاعتقاد او الشكّ او غيرهما على تقدير تعذّر شيء وقد اكتفى الشّارع من الواقع بالتعبّد فى غير ما ذكر كما فى صحّة افعال المسلمين واقوالهم على القول بالصّحة وكما فى قبول قول ذى اليد وغيره يقتضى تعليق الحكم على موضوع مسبوقا بتعليق حكم آخر عدم اختلاف الحكم باختلاف الموضوع ومن هذا عدم وجوب اعادة الصّلاة للتيمّم بعد وجدان الماء واما لو ثبت حجيّة الاعتقاد بالعقل كما فى التكليف بما لا يطاق فالعقل لا يتمكّن من المزيد على المرآتيّة وعلى هذا المنوال الحال لو ثبت حجيّة الاعتقاد بالعسر والحرج بناء على ثبوت قاعدة نفى العسر والحرج فاعتبار الاعتقاد يكون مراعيا بعدم ارتفاع التّكليف بما لا يطاق والعسر والحرج اذ المفروض ان المطلوب هو الواقع واقصى ما يثبت بارتفاع التّكليف بما لا يطاق والعسر والحرج كون المدار عليها فبارتفاعها يرتفع ما جوز بها فلو ارتفعت فى الوقت يجب الاعادة نعم لو لم ترتفع لا فى الوقت ولا بعده يكون الاعتقاد كافيا فى الامتثال قضيّة عدم الارتفاع وامّا لو ارتفعت بعد الوقت فامر القضاء كما سمعت ومن ذلك حجيّة العلم فان كفايته فى الامتثال من باب لزوم التّكليف بما لا يطاق لو لا الكفاية والا فالعلم غير داخل فى مدلول الالفاظ لا وضعا ولا ارادة ولا يكون التكليف بالمعلوم وان كان التكليف فى حال العلم بالموضوع فى التّكليف بالموضوعات العرفيّة وفى حال امكان العلم فى التّكليف بالموضوعات المخترعة كما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى الشكّ فى المكلّف به تردّدا بين الاقلّ والاكثر فاعتبار العلم يكون مراعيا بعدم انكشاف الخلاف بخلاف ما لو كان التّكليف بالمعلوم فان مقتضاه موضوعيّة العلم ومثل حال العلم حال الظنّ لو اكتفى الشّارع بالظنّ من باب تعذّر العلم فاعتبار الظن يكون مراعيا بعدم انكشاف الخلاف فى الوقت ففى باب مطلق الظنّ لا يتمكن العقل فى حجية من المزيد على المرآتية بل الموضوعيّة تستلزم شبه التّصويب لا التّصويب كما يتوهّم اذ المدار فى التّصويب على خلوّ الواقعة واقعا عن الحكم والمدار فى مطلق الظنّ بناء على موضوعيّته على ثبوت الحكم والتّكليف واقعا وقد حكى الشّهيد فى التّمهيد عن الفخرى تلخيص الخلاف فى التّخطئة والتّصويب فيما لا نصّ فيه بانه لم يكلف المجتهد باصابته لخفائه وغموضه ولذلك كان المخطئ فيه معذورا ماجورا كما ذهب اليه جمهور الفقهاء وعن الشافعى وابى حنيفة والقول بانّهم بين قولين احدهما القول بخلوّ الواقعة عن الحكم راسا كما جرى عليه الاشعرى وجمهور المتكلمين والقائلون بذلك بين قولين القول بانه لا بدّ ان يوجد فى الواقعة ما لو حكم الله سبحانه لحكم به كما حكم به بعض والقول بعدم لزوم ذلك كما حكم به بعض آخر وثانيهما القول بان لله سبحانه فى كل واقعة حكما معينا والقائلون بذلك بين اقوال احدها انه يحصل الحكم من غير دلالة ولا امارة بل هو كدفين عثر عليه الطّالب اتفاقا عمن وجده فله اجران ومن أخطأه فله اجر واحد ثانيها ان عليه امارة والقائلون به بين قولين القول بانّه لم يكلّف المجتهد باصابته لخفائه وغموضه ولذلك كان المخطى فيه معذورا

٤٠٩

ماجورا كما ذهب اليه جمهور الفقهاء وعن الشّافعى وابى حنيفة والقول بانه مامور بطلبه اولا فان أخطأ وغلب على ظنّه شيئا آخر تغيّر التكليف وصار مامورا بالعمل بمقتضى ظنه ثالثها ان عليه دليلا قطعيّا والقائلون به بعد اتّفاقهم على ان المجتهد مامور بطلبه بين اقوال القول بان المخطى لا ياثم ولا ينقض قضائه كالجمهور والقول بالتّأثيم (١) كبعض آخر قال فى التّمهيد والذى نذهب اليه ان له تعالى فى كل واقعة حكما معيّنا عليه دليل ظنّى وان المخطى فيه معذور وان القاضى لا ينقض قضائه وانت خبير بانه لا فرق بين ما ذكره وقول الجمهور المذكور آنفا وربما يقتضى بعض كلماتهم حجيّة الظنّ فى بعض المواضع من باب الموضوعيّة كما يظهر من دعوى جماعة نقلا الاجماع على ان من ظنّ ضيق الوقت اذا أخّر الصّلاة عصى وان انكشف بقاء الوقت ومقتضاه كون المدار فى العلم بضيق الوقت على الموضوعيّة بالاولويّة بل قد يقال ان تعبيرهم بظن الضيق من باب ادنى مراتب الرّجحان فيشمل العلم بالضّيق ومقتضاه كون حجية العلم من باب الموضوعيّة ايضا من باب مفهوم الموافقة والتنبيه بالادنى على الاعلى وليس القول بموضوعيّة الظنّ او العلم والظنّ فيما ذكر بالوجه ولو شكّ فى الظنّ او العلم من حيث المرآتيّة او الموضوعيّة فيبتنى الامر على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به وعدمه فيه لوجوب الاعادة وكذا القضاء بناء على كونه بالفرض الاوّل بناء على المرآتيّة دون الموضوعيّة فالاصل المرآتية بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به والاصل الموضوعيّة بناء على حكومة الاصل فى ذلك وامّا بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة فمقتضاه القول بالموضوعيّة لفرض قيام الدّليل اللّفظى على الاعتبار بناء على ما سمعت من ان مقتضى تعليق الحكم على الظنّ كون الامر من باب الموضوعيّة لكن يمكن المرآتية غاية الامر كون المرآتيّة خلاف الظّاهر وعلى ذلك المنوال الحال فى باب الظنّ بالطّريق لكن قد تقدّم ان مقتضى الوجه الثّانى من الوجهين المتقدّمين فى الاستدلال على حجيّة الظنّ بالطّريق الموضوعيّة دون الوجه الاوّل ثم انه لا اشكال فى كفاية الطّريق التعبّدى مع عدم حصول الظنّ فيما ثبت فيه اعتبار الظنّ من باب المرآتية لكن يتاتى الكلام فى اعتبار الطّريق التعبّدى مع عدم حصول الظنّ منه فيما ثبت فيه اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة كما لو قام شهادة العدلين فى باب الركعات مع عدم حصول الظنّ منها على بناء كون اعتبار شهادة العدلين (٢) باضرار الصّوم مع عدم حصول الظنّ منها فى جواز الافطار وهو مبنى على ان جواز الافطار مبنى على الظنّ باضرار الصّوم والمفروض عدم حصول الظنّ بالاصرار فمقتضاه عدم كفاية الطّريق التعبّدى فيما ثبت فيه اعتبار الظنّ فضلا عمّا ثبت فيه اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة لكن يمكن ان يقال انّ غاية ما يقتضيه اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة كما فى باب الظنّ بالركعات وكذا الظنّ بالضّرر فى باب الصّوم بعد كون اعتباره من باب الموضوعيّة انّما هى الاغماض عن الواقع فى صورة ثبوت الظنّ بالشيء وانتفاء الشيء واقعا اى مخالفة الظنّ للواقع بمعنى ترتيب آثار وجود الشيء على تقدير ثبوت الظنّ بوجوده مع انتفائه واقعا لكنّه لا يقتضى الاغماض عن الواقع فى جانب انتفاء الظنّ بالشّيء وثبوت الشّيء واقعا بحكم التعبّد اعنى استخراج ثبوت الشيء بالطّريق التعبدى وبعبارة اخرى غاية ما يقتضيه الموضوعيّة انّما هى تعميم آثار وجود الشيء بانكشاف الخلاف فى صورة انتفاء الشيء واقعا ولا يقتضى تقليل آثار الوجود بعدم ترتيب آثاره مع قيام الطّريق التعبّدى على الوجود وبعبارة ثالثة غاية ما يتمشّى من الموضوعيّة انّما هى النّفع فى جانب الطّول اعنى عدم وجوب الاعادة والقضاء بناء على كونه بالفرض الاوّل فى صورة انكشاف الخلاف ولا يتمشى منها الضّرر فى جانب العرض اى عدم اعتبار استخراج الواقع بالطّريق التعبّدى الّا على تقدير ثبوت المفهوم لاعتبار الظنّ على وجه الموضوعيّة لكنّه مخصوص بمورد يتفق فيه المفهوم والكلام فى موضوعيّة الظنّ من حيث انّها هى مع قطع النّظر عمّا يتّفق فى الموارد الخاصّة كما هو الحال فى البحث عن سائر المطالب فى سائر الموارد بل اتّفاق المفهوم المذكور فى بعض الموارد نادر مضافا الى ان المفهوم انّما يقتضى عدم اعتبار الطّريق التعبّدى لو لم يكن المنطوق فى مقام الاجمال فى قبال عدم اعتبار الشكّ وإلّا فلا يثبت المعارضة نعم لو شكّ فى كونه فى مقام الاجمال لا يثبت المعارضة لكنّه يوهن اعتبار الطّريق التعبّدى قضيّة ان الشكّ فى ثبوت المعارض للدّليل يوجب الشكّ فى اعتباره وان لا يوجب عدم اعتباره كما فى صورة ثبوت المعارض لكن الشكّ فى اعتبار الدّليل يكفى فى عدم ثبوت اعتباره فالشكّ فى ثبوت المعارض للدّليل يشارك ثبوت المعارض له فى عدم ثبوت اعتباره وعدم ثبوت اعتبار الدّليل يكفى فى عدم جواز العمل وان لا يثبت عدم اعتباره والمستند فى ذلك انّما هو عدم التّعارض بين ما دلّ على اعتبار الظنّ وما دلّ على اعتبار الطّريق التعبّدى فلا بدّ من

__________________

(١) كبعض والقول بالنقض

(٢) من باب التعبّد حيث انه جرى بعض الفحول على عدم كفاية شهادة العدلين

٤١٠

العمل بكل من الظنّ والطّريق التعبّدى نعم لو ثبت المفهوم لما دلّ على اعتبار الظنّ يتاتى التعارض ولا بدّ من ملاحظة الترجيح والتعادل الحادى عشر انّه قد اتفق الاصوليّون من الخاصة والعامّة عدا بعض الاخباريّين وبعض العامة على وجوب الاخذ بالراجح فى تعارض الخبرين وكذا اتفقوا على كفاية الظنّ بالدلالة او الصّدور او المضمون اى فى مطلق الظن فى التّرجيح لكن خالف فيه اكثر الاخباريّين حيث اقتصروا على المرجّحات المنصوصة وكذا بعض المتاخّرين من المجتهدين حيث اقتصر على طائفة من تلك المرجّحات ومقتضى كلماتهم ان المدار على الظنّ بالواقع فمقتضاه ان الرجحان دلالة او سندا او مضمونا يوجب الظن بالواقع اى الحكم الواقعى وهذا امر ثالث يكون الكلام فيه من باب الكلام فى الموضوع بخلاف الاوّلين فان الكلام فيهما من باب الكلام فى الحكم لكن الكلام فى الاوّلين مبنىّ على الكلام فى الاخير حيث ان من يقول بوجوب الاخذ بالرّاجح ويكتفى فى الرّجحان بمطلق الظنّ دلالة او صدورا او مضمونا لا يجرى على وجوب الاخذ بالرّاجح لو لم يحصل الظنّ بالواقع من الراجح فرحى التّرجيح يدور مدار الظنّ بالواقع لكن يتطرّق اشكال عويص بانّ رجحان المضمون وان يوجب الظنّ بالواقع بل هو عينه لكن رجحان الدلالة كما فى اكثر مرجّحات المتن او الصّدور كما فى مرجّحات السّند وبعض مرجّحات المتن كالفصاحة والبلاغة لا يوجب الظنّ بالواقع بل لا يوجب الظن بالدلالة ولا الظنّ بالصّدور حيث ان الظنّ اما ان يكون اسما للرّجحان الغير المسبوق اعنى الرّجحان الابتدائى الموجب لتجاوز الامر عن درجة الشك بتصاعد احد الاحتمالين المتساويين او يكون اسما للاعمّ كما يرشد اليه قولهم تراكم الظّنون ولعلّه الظّاهر فيصدق الظنّ على كل من الرّجحان المتطرّق ابتداء وكذا الرّجحان المتطرّق بعده ما لم يبلغ الامر حدّ العلم وكذا مجموع الرّجحانات المتطرّقة بعد الرّجحان المتطرّق ابتداء او ثانيا وهكذا ما لم يبلغ الامر حدّ العلم نظير الماء حيث انّها تصدق على كل من الفطرتين المنفصلتين وكذا على المجموع وكذا القرآن بناء على كونه مشتركا بالاشتراك المعنوى بين الكلّ والبعض وكذا سائر اسماء الاجناس امّا على الاوّل فمرجّحات الدلالة لا توجب الظنّ بالدّلالة فكيف بالظنّ بالواقع وكذا مرجّحات الصّدور لا توجب الظنّ بالدّلالة فكيف بالظن بالواقع وكذا مرجّحات الصّدور لا توجب الظنّ بالدّلالة لفرض حصول الظنّ بالمدلول فى كل واحد من الخبرين قضيّة وجود المقتضى وعدم المانع وكذا حصول الظنّ بالصّدور بالنّسبة الى كلّ واحد من الخبرين ايضا لفرض اعتبار كل من الخبرين وصلاحيّة كلّ منهما لافادة الظنّ بالصّدور وعدم تمانع مانع عن حصول الظنّ بالصّدور نعم يتاتى قوّة الظنّ بالدلالة وكذا قوّة الظنّ بالصّدور الا ان المفروض عدم صدق الظنّ على قوة الظنّ وامّا مرجحات المضمون فهى انّما يفيد الرّجحان الغير المسبوق ولا مجال لافادتها الرّجحان المسبوق ولا مجال لافادتها الرّجحان المسبوق لانها تفيد الظنّ بالواقع والظنّ بالواقع انما يحدث بها لعدم حصول الظنّ بالواقع بدونها قضيّة التعارض وان قلت ان التّعارض قد اوجب عدم حصول الظنّ بالدّلالة وكذا عدم حصول الظنّ بالصّدور بالاضافة الى شيء من الخبرين فمرجع الدلالة او الصّدور يوجب الظنّ بالدلالة او الظنّ بالصّدور فيحدث الرّجحان الابتدائى قلت انّ هذا المقال انما يتاتى لو امتنع صدور المتناقضين عن المعصوم وبعد فرض جواز التقيّة بالنّسبة الى الامام او الراوى فضلا عن الوقوع كثيرا وكذا ابداء الاختلاف يكون صدور المتناقضين ممكنا فلا يكون الظنّ بالدلالة او الصّدور فى احد الخبرين مانعا عن الظنّ بالدلالة او الظنّ بالصّدور بالنّسبة الى الخبر الآخر نعم الظنّ بالحكم الواقعى يمانع عن الظنّ بنقيضه لكنّه امر آخر لا يرتبط بما نحن فيه اذ الكلام فى الظنّ بالدّلالة والظنّ بالصّدور كما انّه لو قلنا فى باب التقيّة بكون الامر مبنيا على عدم استعمال اللّفظ فى المعنى نظير الاهمال كما هو مقتضى بعض كلمات المحقق القمّى او الاستعمال فى غير الموضوع له اعنى التجوّز كما هو مقتضى كلام بعض بكون الظنّ بالدّلالة فى احد الخبرين مانعا عن الظنّ بالدلالة فى الآخر وامّا لو قلنا بكون الامر مبنيا على الاستعمال فى الموضوع له ولا باس بلزوم الكذب فى الاخبار والحكم بغير ما انزل الله فى الانشاء بل مطلقا لفرض وجود المصلحة المجوزة ولعلّه الاظهر فالظنّ بالدّلالة (١) بالاضافة الى الخبر الآخر وان قلت كما ان التقيّة توجب جواز صدور المتناقضين فكذا جواز الكذب متعمّدا فى احد الخبرين او وقوع السّهو فيه فليس المناص منحصرا فى التقيّة قلت ان البناء على التقية مثلا ارجح لوقوعها كثير الخلاف الكذب فانه لم يعرف فى الاخبار المعتبرة المخصوصة بالبحث عن التّرجيح وكذا التقية بالنّسبة الى السّهو حيث ان التقية ارجح من السّهو لكونها اغلب منه وان كان احتمال السّهو اقوى من احتمال الكذب لتطرّق السّهو فى الاخبار المعتبرة نادرا وان قلت ان

__________________

(١) فى احد الخبرين لا بعينه لا يمانع عن الظن بالدلالة

٤١١

ان التقية نادرة فاحتمال التقية فى باب التعارض خلاف الظاهر كما هو الحال فى صورة انفراد الخبر وخلوه عن المعارض قلت انّ التقية وان كانت خلاف الظّاهر لندرتها بالاضافة الى عدمها ولهذا يحصل الظنّ بالحكم فى صورة انفراد الخبر لكن فى صورة التعارض فقد ظهر بما سمعت ان الظّاهر وقوع التقيّة فلا مجال لحدوث الظنّ بالحكم من جهة الظنّ بالدلالة او الظنّ بالصّدور ولا اقلّ من ان يقال ان ارادة الخلاف؟؟؟ موضع التّعارض خلاف الظّاهر وكذا عدم صدور الخبر مع اجتماع شرائط الاعتبار خلاف الظّاهر فى غير مورد التّعارض ايضا كما ان التقيّة فى غير مورد التّعارض ايضا كما ان التقيّة فى غير مورد التّعارض خلاف الظّاهر فلا بدّ فى مورد التّعارض من ارادة خلاف الظّاهر او عدم صدور الخبر او التقيّة فسد باب احتمال التقيّة لكونها خلاف الظّاهر ودعوى دوران الامر بين عدم ارادة الظاهر من احد الخبرين او عدم صدور احدهما كما ترى ويمكن ان يقال انّ المدار فى كلماتهم فى مرجّحات الدلالة او الصّدور على افادة الرّجحان قوّة الظنّ بالدلالة او الصّدور لا افادة الظنّ بالدلالة او الظنّ بالصّدور باحداث الظنّ بالدّلالة او الظنّ بالصّدور فى جانب الراجح وجعل المرجوح موهوم الدّلالة او الصّدور حيث انّهم قد علّلوا تقديم الرّاجح فى كثير من المرجّحات بل اكثرها بقوّة الظنّ الّا ان يقال ان المقصود بتقديم ما يكون الظنّ فيه اقوى فى كلماتهم انّما هو تقديم ما كان مظنونا فالغرض من قوة الظنّ انّما هو حدوث الظنّ كما ان الغرض من الظنّ الاقوى فى بعض المواضع بل فى كثير من المواضع ممّا يمتنع فيه الظنّ من طرفى النقيض هو المظنون المستلزم كون الظنّ فى جانبه كون ما يقابله من باب الموهوم إلّا ان يقال ان لزوم ارتكاب خلاف الظّاهر فى بعض المواضع لا يوجب ارتكابه فيما لا موجب لارتكابه ففيما نحن فيه لا وجه لحمل قوّة الظنّ على حدوث الظنّ كيف لا والحمل عليه يوجب المحذور ثم ان عمدة المحذور فى المقام انّما هى عدم حصول الظنّ بالواقع والا فعدم حصول الظنّ بالدلالة او الصّدور امره سهل لرجوع الامر الى امر لفظىّ واما على الثانى فنقول ان مرجحات الدّلالة او الصّدور وان توجب قوّة الظنّ بالدّلالة او الصّدور لكنّها لا توجب الظنّ بالحكم فضلا عن قوة الظنّ به ويمكن ان يقال ان كلماتهم فى دعوى افادة الرّجحان للظنّ بالواقع حتى رجحان الدلالة او الصّدور مبنيّة على توهّم منافاة الظنّ بدلالة احد الخبرين المتعارضين او صدوره للظنّ بدلالة الخبر الآخر او صدوره لامتناع الظنّ بطرفى النقيض على حسب امتناع الظنّ بالواقع من المتعارضين وربما يقال ان الغرض حصول الظنّ بالدّلالة او الصّدور وكذا حصول الظنّ بالواقع على تقدير العلم بكذب احد الخبرين حيث انّه لو علم بكذب احد الخبرين يتحرّك الظن بالدلالة او الصّدور الى جانب الراجح فيحصل الظنّ بالواقع وانما يجب الاخذ بالرّاجح على ذلك لكونه اقرب الى الواقع من المرجوح والرجحان على ذلك فعلى وان كان سببه اعنى الظنّ بالدلالة او الصّدور المتعقب بالظنّ بالواقع فرضيا لا فعليا كما لا يخفى ولا شأنيّا اذ المدار فى الشانى على وجود المقتضى وتمانع المانع عن اقتضاء المقتضى والمدار هنا على اشتراط الاقتضاء بشرط مفروض غير موجود وان قلت انّ غاية الامر فى الباب قابلية الرجحان لافادة الظن بالواقع وبهذا لا يتاتى الاقربيّة الى الواقع ويكون الاقربيّة الى الواقع منحصرة فى افادة الظنّ بالواقع قلت كلّا وحاشا حيث ان كل ما كان قابلا لامر وله استعداد له فهو قريب بالاضافة الى فاقد القابلية وعادم الاستعداد نعم درجات القرب مختلفة فما يفيد الظنّ بالواقع فعلا اقرب الى الواقع مما يكون قابلا لافادة لافادة الظنّ بالواقع مثلا من كان جيد الادراك قريب الى درجة الاجتهاد وان كان من العوام بالنّسبة الى من كان من العوام لكن كان من البلادة بحيث لا يتيسّر له الاجتهاد ومن كان جيد الادراك وتحصل له قليل من المراحل العلميّة اقرب الى درجة الاجتهاد ممن كان من العوام وكان جيّد الادراك بل نقول انه لا بدّ من ارتكاب التّوجيه اعنى كون الغرض من الظنّ فى كلماتهم هو الظنّ الشّأني اذ لو كان الغرض الظنّ الفعلى يلزم خروج الامر عن التّعارض بخروج المرجوح عن الحجيّة بل نقول ان احد الخبرين معلوم المخالفة مع الواقع بالابتناء على التقية ونحوها والعلم بالمخالفة الواقع قائم مقام العلم بالكذب فيكون الراجح اقرب الى الواقع ويلزم الاخذ به والفرق بين هذه المقالة والمقالة الاولى ان سبب القرب فى المقالة الاولى فرضى بخلافه فى هذه المقالة فان السّبب حاصل بالفعل اقول ان كلّا من المقالات الثّلث مورد الايراد اما المقالة الاولى فلان حمل الظنّ فى كلماتهم على الظنّ الفرضى خلاف ظاهر كلماتهم بحيث يتّجه دعوى القطع بعدم ارادته ومع ذلك العلم بكذب احد احد الخبرين وان يوجب حركة الظنّ بالواقع نحو الراجح صدورا لكنه لا يوجب حركة الظنّ بالواقع نحو الرّاجح دلالة لمساواة احتمال

٤١٢

الكذب بالنّسبة الى الرّاجح والمرجوح من حيث الدّلالة وعدم منافاة رجحان الدلالة مع الكذب وكذا عدم البعد فى كذب راجح الدلالة دون المرجوح والفرق ان الكذب نقص يتعلّق بالرّاوى فالرجحان المتعلق بالرّاوى اعنى رجحان الصّدور يوجب الظنّ بكون النقص اى الكذب فى جانب المرجوح وامّا رجحان الدلالة فهو امر لا يرتبط بالرّاوى بل هو مربوط بكلام المروىّ عنه فلا يوجب الظنّ بكون النقص فى جانب المرجوح وبوجه آخر رجحان الصّدور يبعد ويضايق مضايقة ظنّيّة عن كون الكذب فى جانب الرّاجح ويتعلّق كلّ من الكذب والرّجحان بالرّاوى فرجحان الصّدور يوجب الظنّ بكون الكذب فى جانب المرجوح وامّا رجحان الدلالة فلا يوجب بعد كون الكذب فى جانب راجح الدّلالة حيث انّ رجحان الدلالة امر يتعلّق بكلام المروىّ عنه ولا ارتباط له بالرّاوى فرجحان الدلالة لا يوجب الظنّ بكون الكذب فى جانب مرجوح الدّلالة بل مع قطع النّظر عن عدم ارتباط رجحان الدلالة فى المقام بالرّاوى ليس الكذب بعيدا عن راجح الدّلالة بخلاف راجح الصّدور فانظر انّه لو صدر خبر ان متنافيان عن واحد ثقة وأخر غير ثقة وعلم بكذب احد الخبرين يتحرّك الظنّ بالواقع الى جانب الثقة ويكون المظنون كذب غير الثّقة واما لو كان الاخبار بالمتنافيين من شخصين لم يكن احدهما ثقة وكان الدّلالة فى اخبار احدهما اقوى لا يتحرّك الظنّ بالصّدق الى جانب راجح الدّلالة نعم لو كان المخبر ان ثقتين وامكن حمل كلام احدهما على خلاف الظّاهر بنحو معتبر عرفا يتحرّك الظنّ الى حمل مرجوح الدّلالة على خلاف الظاهر لكن هذا من جهة بعد الكذب عن الثقة لا بعد الكذب عن راجح الدّلالة ومع ذلك مجرّد العلم بكذب احد الخبرين لا يوجب بنفسه للظنّ بالواقع كما هو ظاهر المقالة المذكورة بل الظنّ بالواقع انّما يتحصّل بمداخلة ندرة التقيّة ونحوها بل يمكن القول بعدم حصول الظنّ بمداخلة ندرة التقيّة ونحوها لامكان الكذب سهوا بل تعمّدا ولو مع وثاقة الراوى لوقوع التعمّد الى المعصية ولو بارتكاب الكبيرة من العادل فضلا عن الصّغيرة ومن ذلك تطرّق الكلام فى زوال الملكة بارتكاب الكبيرة تعمّدا وعدمه بل العادل لا يخلو عن الصّغيرة والّا لكان معصوما فرفع التّنافى بين الخبرين المتعارضين كما يمكن بحمل احدهما على التقية ونحوها كذا يمكن بحمل احدهما على الكذب كثيرا سهوا او عمدا إلّا ان يقال ان الكذب سهوا او عمدا خلاف الظّاهر بالنّسبة الى التقيّة لوقوع نحوها كثيرا فى الاخبار المعتبرة راسا وعدم ثبوت السّهو فى الاخبار المعتبرة الّا قليلا بعد ثبوته وقد تقدّم الكلام فى ذلك فبعد ضمّ ندرة التقيّة فى صورة العلم بكذب احد الخبرين المتعارضين يحصل الظنّ بالواقع ومع ذلك لزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع محلّ المنع وان قلت ان العقل يحكم بلزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع فانظر ان النّاس من السّلطان والرّعية والشريف والوضيع والعالم والجاهل ياخذ كلّ منهم على حسب ما يتيسّر له بما يكون قابلا للوفاء بمقصوده وبوجه آخر سيرة النّاس مستقرّة على الاخذ بما يداخل فى المقصود فعلا او فرضا مثلا ياخذ السّلطان من يكون قابلا للمحاربة لو كان له محاربة مع سلطان آخر فعلا وكذا ياخذ السّلطان من يكون قابلا للمحاربة باحتمال اتّفاق محاربته مع سلطان آخر وكذا سيرة النّاس مستقرّة على مراعاة من يداخل فى المقصود فعلا او فرضا مثلا يصرّون فى اعزاز خدام السّلطان فى صورة الاحتياج فى امر الى السّلطان فعلا او فرضا قلت انّه لا يتمّ حكم العقل بلزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع بالظنّ الفعلى كما فى الرّاجح برجحان المضمون وغيره بناء على افادة المرجّحات عموما للظنّ بالواقع فعلا بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة ولا سيّما بناء على حجيّة الظنّ النّوعى او اعتبار الخبر الصّحيح تعبّدا على ما حرّرناه فى محلّه ومن ذلك عدم تماميّة الاستدلال على وجوب الاخذ بالرّاجح واعتبار مطلق الظنّ فى التّرجيح بان العقل يحكم حكما قطعيّا بانّه لو كان للمطلوب طريقان احدهما موصل اليه دون الآخر وكان احدهما ارجح من الآخر اى كان مظنون الايصال يتعين الاخذ بالرّاجح ولو اختار شخص المرجوح ذمّة العقلاء قاطبة فيكون الشّارع حاكما ايضا لتطابق الشّرع والعقل نعم غاية الامر الاولويّة كيف لا ومن يعمل بالاصل فى قبال الشّهرة او يعمل بظاهر اللّفظ مع قيام الظنّ المستند الى الشّهرة على خلاف ظاهر اللّفظ او يعمل بالخبر الصّحيح مع كونه موهوم الصّدور لقيام الشّهرة على خلافه كيف يصحّ له دعوى حكم العقل بلزوم الاخذ بالرّاجح فى المقام فكيف ظنّك بما كان اقرب الى الواقع بالظنّ الفرضى نعم لو قلنا بحكم العقل بوجوب الاخذ بالرّاجح المفيد للظنّ بالواقع يتمّ دعوى حكم العقل فى المقام بوجوب الاخذ بالرّاجح المفيد للظنّ فرضا اى الاقرب الى الواقع وان قلت انّ وجوب الاخذ بالرّاجح المفيد للظنّ بالواقع فعلا بحكم العقل او بحكم الاجماعات المنقولة ليس الّا من جهة قرب

٤١٣

الراجح الى الواقع بل ليس البناء على الظنّ بالواقع فى مورد من الموارد الّتى ثبت اعتباره فيها عموما او خصوصا الّا من جهة القرب الى الواقع فما كان اقرب الى الواقع يجب الاخذ به وان لم يعلم يفد الظنّ بالواقع فعلا والمرجع الى تنقيح المناط قلت ان وجوب الاخذ بالاقرب الى الواقع من جهة افادة الظنّ فعلا من باب حكم العقل بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة ولا سيما على القول باعتبار الظنّ النّوعى او اعتبار الخبر الصّحيح تعبّدا محلّ المنع كما مرّ وامّا الاجماعات المنقولة فالمناط فيها غير منقح فى القرب الى الواقع والا لجاز التعدّى فى كلّ مورد ثبت اعتبار الظنّ المخصوص فيه الى غيره بدعوى تنقيح المناط وايضا لو تمّ تلك الاجماعات المنقولة فعليها المدار ولا حاجة فيها الى تنقيح المناط وان لم تتم كما هو الاظهر اذ لا وثوق الى غالبا بتتالى الفتاوى فلا ينفع تنقيح المناط ومع ذلك لو قلنا بحكم العقل بوجوب الاخذ بالرّاجح المفيد للظنّ فعلا فحكم العقل بوجوب الاخذ بالاقرب الى الواقع باعتبار الظنّ الفرضى محلّ المنع بل يمكن منع اولويّته وان كان اولويّة الاخذ بالرّاجح المفيد للظن فعلا غير قابل للمنع وامّا المقالة الثّانية فلانّه يمكن ان يكون الغرض من التّعارض هو التّعارض البدوى كما فى تعارض النصّ والظّاهر والعموم والخصوص والاطلاق والتقييد والاستصحاب الوارد والمورود بل ذلك هو الظّاهر ومع ذلك بناء على اعتبار الظنّ النّوعى ولا سيّما بناء على اعتبار الخبر الصّحيح تعبّد الا يصير المرجوح دلالة او صدورا خارجا عن الحجيّة وامّا المقالة الثالثة فلان الخبر المبنيّ على التقية مثلا وان كان شريكا للكذب فى مخالفة الواقع لكن العلم بكذب احد الخبرين يوجب حركة الظنّ الى جانب الرّاجح صدورا وامّا العلم بابتناء احد الخبرين على التقية فهو لا يوجب حركة الظنّ نحو الرّاجح صدور المساواة احتمال التقية بالنّسبة الى الرّاجح والمرجوح وعدم إباء العقل ولو على وجه الاستبعاد عن كون التقيّة فى الرّاجح وبوجه آخر لو علم بكذب احد الخبرين فالنّقص من جهة الرّاوى والمرجّح ايضا يتعلّق به (١) فيحصل الظنّ بكون النقص فى جانب المرجوح واما ابتناء احد الخبرين على التقية فهو ضعيف غير متعلّق بالرّاوى بل متعلّق بالمروىّ عنه فى باب التقيّة والمرجّح مفروض التعلّق بالرّاوى فهو لا يرتبط بالمروىّ عنه ولا يوجب (٢) الظنّ بكون الضّعف فى جانب المرجوح نعم لو كان احد الخبرين مشتملا على القسم او تاكيدات اكيدة وعلم بابتناء احد الخبرين على التقيّة يتحرّك الظنّ بالواقع الى جانب ذلك ويحصّل الظنّ بالتقيّة فى جانب غيره والوجه تعلّق كلّ من الضّعف والرّجحان بكلام المروىّ عنه وإباء الرّجحان عن الضّعف كما انّه لو كان رجحان احد الخبرين صدورا بتعدّد السّند من جهة تعدّد المجلس اى تعدّد القول من المعصوم فهاهنا لو علم بابتناء احد الخبرين على التقيّة يتحرّك الظنّ بالواقع الى جانب الرّاجح صدورا ويكون المظنون ابتناء المرجوح على التقيّة لبعد ابتناء قول المعصوم على تعدّده فى جميع المجالس على التقيّة لكن هذا من جهة الخارج وخارج عن مجرّد رجحان الصّدور وبوجه ثالث لو علم بكذب احد الخبرين يكون رجحان الصّدور آبيا إباء ظنّيّا اى على وجه الاستبعاد عن كون الكذب فى جانب راجح الصّدور فيحصل الظنّ بمطابقة حكمه للواقع وامّا لو علم بابتناء احد الخبرين على التقيّة فليس رجحان الصّدور آبيا عن كون التقيّة فى جانب راجح الصّدور ولا استبعاد فى ابتناء الرّاجح على التقيّة ونظير ما ذكر فى المقام ما تقدّم من عدم إباء رجحان الدّلالة ومع ذلك ان كان المقصود بكون الرّاجح اقرب الى الواقع من جهة قيام العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع مقام العلم بكذب احد الخبرين حصول الظنّ فعلا فهذا مخالف للوجدان وان كان المقصود ان قيام العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع مقام العلم بكذب احد الخبرين يوجب قيام الرّاجح مقام الاقرب الى الواقع (٣) فهو محلّ المنع من باب منع قيام العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع مقام العلم بكذب احد الخبرين اذ على تقدير العلم بكذب احد الخبرين يحصل الظنّ بالواقع من الرّاجح فيصير الرّاجح اقرب الى الواقع وامّا العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع فلا يوجب حصول الظنّ بالواقع من الراجح فلا يقوم مقام العلم بكذب احد الخبرين فلا يوجب قيام الرّاجح مقام الاقرب الى الواقع وايضا لزوم الاخذ بالقائم مقام الاقرب الى الواقع محلّ المنع بعد ما سمعت من منع وجوب الاخذ بالاقرب الى الواقع ومع ذلك يتاتى الكلام فى لزوم الاخذ بالاقرب بما تقدّم فى باب العلم بكذب احد الخبرين فى تزييف المقالة الاولى ومع ذلك المقالة المذكورة مبينة على ادخال احتمال التقيّة فى تعارض الخبرين مضافا الى احتمال (٤) احد صدور الخبرين واحتمال ارادة خلاف الظّاهر من احد الخبرين وتقديم الرّاجح من جهة الظنّ بالواقع مبنى على عدم ادخال التقيّة فى باب التّعارض كما مرّ فالامر من باب التّوجيه بما لا يرضى صاحبه ويمكن

__________________

(١) فهو يوجب حركة النقض الى جانب المرجوح

(٢) حركة النّقض الى جانب المرجوح فلا يوجب

(٣) فقيام الراجح مقام الاقرب

(٤) عدم صدور

٤١٤

الاستدلال على لزوم الاخذ بالرّاجح دلالة او صدورا بعد البناء على عدم حصول الظنّ منه بالواقع فعلا بحديث الاقربية اعنى ان الرّاجح اقرب الى الواقع وحكم وهو لزوم الاحد فيلزم الاخذ به اقول ان هذا الاستدلال مشتمل على موضوع وهو اقربيّة الرّاجح الى الواقع وحكم وهو لزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع وكلّ منهما يحتاج الى الأثبات امّا الاوّل فيمكن الاستدلال عليه تارة بافادة الرّاجح الظنّ بالواقع على فرض العلم بكذب احد الخبرين واخرى بان العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع من جهة التقية ونحوها يقوم مقام العلم بكذب احد الخبرين للواقع فيكون الرّاجح اقرب الى الواقع وينقدح القدح فى كل منهما بما مرّ وامّا الثانى فيمكن الاستدلال عليه تارة بحكم العقل واخرى بتنقيح المناط على ما مرّ تقريره ويظهر الكلام فى كلّ منهما بما تقدّم ويمكن الاستدلال ايضا بوجوه ممّا استدلّ به على وجوب الاخذ بالرّاجح ولم يؤخذ فيه افادة الرجحان للظنّ بالواقع احدها ان مقتضى الاجماعات المنقولة على وجوب الاخذ بالرّاجح واتفاق كلمات المجتهدين عدا من ندر من المتاخّرين وجوب الاخذ بالرّاجح وان لم يتحصّل الظنّ بالواقع لكونها اعمّ من حصول الظنّ بالواقع وعدمه وفيه ان المدار فى تقديم الراجح فى الاجماعات المنقولة والكلمات المشار اليها فى باب وجوب تقديم الرّاجح انّما هو على الظنّ بالواقع بل الكلمات المشار اليها صريحة كلا او جلا فى ان المدار فى التّرجيح على الظنّ بالواقع ثانيها انه كما يجب تقديم الرّاجح على المرجوح عقلا كذا يجب تقديم الارجح فما كان الظنّ بصدوره اقوى يكون ارجح من معارضه فيجب البناء عليه وان كان المعارض مظنون الصّدور ايضا ولم يحصل الظنّ بالواقع بشيء من الخبرين وفيه ان العقل يحكم بوجوب ارتكاب ما كان الداعى الى ارتكابه اقوى كما يحكم بوجوب ارتكاب ما كان مشتملا على الجهة الداعية الى ارتكابه بالنّسبة الى ما خلى عن الجهة المذكورة وبوجه آخر العقل يحكم بوجوب ارتكاب ما كان مداخلته فى المقصود اقوى كما يحكم بوجوب ارتكاب ما كان دخيلا فى المقصود بالنّسبة الى ما كان خاليا عن المداخلة فى المقصود ولا حكم للعقل بوجوب تقديم ما كان مشتملا على المزيّة مطلق والزّيادة والّا فلو دار الامر فى الاكل والشّرب بين ظرفين كان المظروف فى احدهما ازيد منه فى الآخر لتعيّن الاكل والشرب من الاوّل ولا يلتزم به احد والداعى الى تقديم احد المتعارضين على الآخر هو الظنّ بالواقع بعد وجوب الاخذ بالراجح عقلا واتفاقا من المجتهدين عدا من ندر وليس مجرّد قوّة الظنّ بالصّدور داعيا الى العمل بخبر الواحد حتى يجب تقديم ما كان الظنّ بصدوره اقوى والمفروض انّ شيئا من الخبرين لا يفيد الظنّ بالواقع فلا وجه لوجوب تقديم ما كان الظنّ بصدوره اقوى مع فرض عدم افادة الظنّ بالواقع وبالجملة فلا يجب تقديم الراجح على المرجوح مع عدم افادة الرّاجح للظنّ وكذا لا يجب تقديم الأرجح على الراجح مع عدم افادة الارجح للظنّ ومع ذلك دعوى وجوب تقديم الارجح على الراجح فى المقام ناظرة الى دعوى وجوب تقديم اقوى الظنين فى تعارض الظّنيين غفلة عن امتناع حركة الظنّ الى طرفى النقيض ثالثها قاعدة الاشتغال حيث ان الامر يدور بعد سقوط التّساقط بين التخيير والتعيين اى الاخذ بالرّاجح فاقتضاء الاشتغال اليقينى للبراءة اليقينية يقتضى وجوب الاخذ بالرّاجح وان لم يفد الظنّ بالواقع ونظيره ما استدلّ به الوالد الماجد ره على وجوب تقليد الأعلم ولو لم يكن التقليد من باب الظنّ كما تقدّم من ان الظنّ فى جانب قول الاعلم فيجب الاخذ به من باب قاعدة الاشتغال وان لم يكن الظنّ المستند الى قول الاعلم معتبرا بوجه لاحتمال مداخلة الظنّ المشار اليه فى البراءة وفيه ان الحق حكومة اصل البراءة فى باب الشكّ فى المكلّف به على قاعدة الاشتغال فالاصل يقتضى التّخيير فى المقام ونظيره ان الحقّ اصالة التخيير بين الفرد الشائع والنادر فى باب المطلق على القول بعدم انصرافه الى الفرد الشّائع وكون الامر من باب الاجمال مضافا الى انّه بناء على حكومة قاعدة الاشتغال ليس كل شكّ موجبا للاحتياط كيف لا ولو ورد خبر ضعيف باشتراط شيء فى الصّلاة مثلا لا يقول احد بوجوب الاحتياط بادخال الشيء المشار اليه ويرشد اليه ان العلّامة النّجفى مع قوله بوجوب الاحتياط جرى على القول باصالة البراءة فيما لو كان الشكّ ناشيا من خلاف شاذ او رواية لا تنهض حجة ولا تبلغ حد السّقوط او لم يرد به نصّ ولا رواية ولا تعرّض الاصحاب لذكر خلاف فيه فى كتاب او رسالة احتجاجا بانّ فى الاخذ بكلّ ما شك فيه التزام ما لا ينحصر والاجماع على عدم لزومه كما تقدّم الّا ان يقال انّ منشأ الشكّ فى المقام انّما هو الاجماعات المنقولة على

٤١٥

وجوب الاخذ بالراجح واشتهار القول به غاية الاشتهار بناء على عدم اعتبار الاجماعات المنقولة المشار اليها او عدم اعتبار الاشتهار المشار اليه دليلا على وجوب الاخذ بالراجح والّا فكل منهما دليل يتعين العمل به فليس الشكّ فى المقام من الشكوك الغير المعتدّ بها بناء على وجوب الاحتياط فى باب الشك فى المكلّف به إلّا ان يقال انّه لما كان الاجماعات المنقولة والشّهرة التامة مبنيّة على افادة الرّاجح للظن بالواقع والمفروض عدم افادة الرّاجح للظنّ بالواقع فيصير الشك من الشكوك الغير الغير المعتدّ بها رابعها ان الامر دائر بعد سقوط القول بالتّساقط بين حجّية الرّاجح والمرجوح معا وحجيّة الراجح فقط والراجح متيقن الحجّية والمرجوح مشكوك الحجّية فمقتضى اصالة عدم الحجّية عدم حجيّة المرجوح واختصاص الحجّية بالرّاجح وفيه انّه مبنى على حجية اصل العدم مع انه لم يرد فى المقام لفظ الحجّة او الحجية فى نصّ حتى يتردّد الامر بين حجّية الراجح والمرجوح معا وحجّية الراجح فقط ويكون الرّاجح هو القدر المتيقن فى الحجّية فيندفع حجيّة المرجوح بالاصل خامسها انه ورد اخبار كثيرة بالامر بالاخذ بالراجح عند وجود الرجحان وبالتّخيير عند عدم الرّجحان فيجب الاخذ بالرّاجح وان قلت انّه يعارض اخبار الترجيح بالاخبار الدّالة على التّخيير ابتداء قلت ان اخبار التّرجيح يقدم على الاخبار الدالة على التّخيير ابتداء فتارة نقول ان الاخبار الدّالة على التّخيير ابتداء اعمّ مطلقا من اخبار التّرجيح فيقدم تلك الاخبار تقدّم المقيد على المطلق فيقدم تلك الاخبار بمرجح اجتهادىّ واخرى نقول ان الامر دائر بعد سقوط الاحتياط فيما امكن والتّساقط بالاجماع بين التّخيير والاخذ بالرّاجح فالاخذ بالرّاجح هو القدر المتيقّن فلا بدّ من البناء عليه وهذا توجيه لاخبار التّرجيح بمرجح عملى وثالثة نقول انا ناخذ باخبار التّرجيح بحكم اخبار التّخيير من باب التنزّل اذ اخبار التّرجيح يقتضى التّخيير بين اخبار التّرجيح واخبار التّخيير اقول انّ كلا من المرحلة الاولى والمرحلة الاخيرة من المراحل الثّلث المذكورة محلّ الكلام امّا المرحلة الاولى فقد حرّرنا الكلام فيها فى محلّه وامّا المرحلة الاخيرة فنقول ان الاخذ باخبار التّرجيح بحكم التّخيير من باب دلالة الدّليل الخارج او من باب التمسّك باخبار التّخيير امّا الاول فاما ان يكون الرّجحان مفروضا فى جانب اخبار التّرجيح أو لا فعلى الاوّل لا مجال للتّخيير للزوم التّخيير بين الاعمّ والاخصّ لفرض كون النّسبة بين اخبار التّرجيح واخبار التخيير من باب العموم والخصوص المطلق ولا فرق فى ذلك بين فرض الرّجحان فى جانب اخبار التّخيير وعدمه مضافا الى انّه لو كان اخبار التّرجيح مفروضة الرّجحان فالبناء على التّخيير يستلزم اختلاف المشى فى صورة التعارض مع رجحان احد المتعارضين بين التعارض الاصولى بالبناء على التّخيير والتعارضات الفرعيّة بالبناء على الترجيح بل القول به يستلزم القطع بخلاف الواقع للقطع باتحاد الحكم تخييرا وترجيحا فى موارد التعارض من الاصول والفروع اللهمّ الّا ان يقال ان بعد تاتى التخيير فى التعارض الاصولى فى المقام لا بدّ ان يكون حاله مخالفا لحال التعارضات الفرعيّة بتطرّق التّخيير فى التعارض الاصولى وتبعية الحال فى التعارضات الفرعيّة لاختيار احد المتعارضين اعنى اخبار التّرجيح والتخيير فى التعارض الاصولى نظير اختلاف حال الشّهرة بناء على حجيّة مطلق الظنّ فى الاصول والفروع كما مرّ وكذا حال وجوب البقاء على تقليد الميّت فيما لو قلّد الشخص مجتهدا فى مسائل فقهيّة ثم مات هذا المجتهد والمجتهد الحىّ بنائه على وجوب البقاء حيث انّه ح يجب البقاء فى المسائل الفقهيّة ويحرم البقاء فى المسألة الاصولية كما مرّ وامّا على الثانى فاما ان يكون اخبار التخيير مفروضة الرّجحان ام لا فعلى الاوّل يلزم اثبات الشّيء بنفسه ولزوم عدم الشيء من وجوده مع عدم شمول اخبار التّخيير التّعارض الاصولى لظهورها فى التعارضات الفرعيّة فضلا عن عدم شمولها للتّعارض بالعموم والخصوص المطلق وعلى الثانى يلزم مضافا الى عدم شمول اخبار التخيير للتعارض الاصولى والتّعارض بالعموم والخصوص اثبات الشّيء بنفسه ايضا مع ان اخبار التخيير لا تقتضى التخيير بينها وبين اخبار التّرجيح بناء على اقتضائها التّخيير فى خصوص مورد التعارض اذ المفروض كون اخبار الترجيح من موارد افتراق الخاص لخلوها عن التّرجيح فرضا نعم لو قلنا بكون التخيير المتطرّق فى تعادل الخبرين المتعارضين بين راس الخبرين يتاتى التخيير فى المقام ويمكن الاستدلال بغير ما ذكر ممّا استدلّ به على وجوب الاخذ بالراجح مع عدم افادة الراجح للظنّ بالواقع فيه لكن قد حرّرنا ما فيه فى محلّه وهاهنا فوائد الاولى

٤١٦

ان المدار فى ترجيح احد الخبرين المتعارضين على ما يوجب تعيين الحكم الواقعى فى مفاد احدهما وغلبة احدهما على الآخر فى العمل او على مجرّد الاخذ باحد الطّرفين والعمل على وفق احدهما والقاء الطّرف الآخر وطرح العمل على وفقه ويظهر الثمرة فيما لو كان قاعدة تعبديّة فى طرف احد الخبرين حيث انّه يتاتى التّرجيح بالقاعدة المشار اليها على الاخير دون الاوّل وبالجملة ظاهر الاخبار العلاجية وكذا ظاهر كلمات الاصوليّين يقتضى القول بالاوّل فلا بدّ من حمل الترجيح بالاحتياط فى الاخبار العلاجيّة على بيان القاعدة العملية وطرح العمل بالخبرين المتعارضين وتساقطهما الّا انّه يستلزم التفكيك بين الاحتياط واخواته الّتى يكون امرها مبنيا على التّرجيح وهو خلاف الظّاهر والبحث فى كلمات الاصوليّين عن التّرجيح بالنقل او التقرير واقع فى غير الموقع اذ الاصل المقصود به اصل العدم لا مجال لكونه مرجحا للخبر اذ الخبر دليل على الحكم الواقعى والاصل دليل على حكم الجاهل فموضوع الحكمين مختلف اللهم إلّا ان يقال ان البحث المشار اليه مبنى على حسبان حصول الظنّ فى جانب الناقل او المقرّر وعلى ما ذكر يدور الامر بين التخيير والتساقط مع العمل بالقاعدة التعبّدية الّا ان النّسبة بين مدرك القاعدة التعبّدية واخبار التخيير من باب العموم والخصوص من وجه لاجتماعهما فى تعارض الخبرين مع كون القاعدة التعبّدية موافقة لاحد الخبرين وافتراق اخبار التّخيير فى صورة انفراد القاعدة التعبّدية وافتراق القاعدة التعبّدية فى صورة خلوّ تعارض الخبرين عن القاعدة التعبّدية ولعلّ الاظهر عرفا تخصيص القاعدة التعبديّة باخبار التخيير ومع ذلك التّرجيح بالاحتياط بمعنى العمل به بعد تساقط الخبرين مخالف لسوق سائر المرجحات المنصوصة فان المدار فيه على تعيين الحكم الواقعى فى مفاد الراجح وكذا مخالف لاخبار التّخيير وكذا مخالف للاتفاق حيث انّ احدا من الفقهاء لم يرجّح بالاحتياط بل ما سمعت من الاتفاق من المجتهدين عدا من ندر على كون المدار فى الترجيح على الظنّ بالواقع يغنى عن البحث فى المقام ولا معارضة مدرك القاعدة التعبّدية لاخبار التّخيير فيظهر الكلام فيه بما سمعت الثانية ان مقتضى كلام بعض الفحول ان اعتبار رجحان المتن فى باب التّرجيح باعتبار اعتبار الظنّ بالدّلالة ويضعف بانّ رجحان المتن لا ينحصر فى رجحان الدلالة اذ من رجحان المتن كما يقضى به ملاحظة كلمات الاصوليّين الفصاحة والأفصحيّة ولا ريب ان شيئا منهما لا يوجب الّا رجحان الصّدور نعم الغالب فى رجحان المتن رجحان الدّلالة ومع ذلك رجحان المتن لا بدّ ان يكون شريكا فى جهة الاعتبار مع رجحان الصّدور او المضمون اذ كلّ ما دل على كفاية الظنّ فى مقام الترجيح يعمّ رجحان الدّلالة ورجحان الصّدور ورجحان المضمون الثّالثة ان مقتضى كلمات الاصوليّين ان المرجّح قد يرجّح المتن وقد يرجّح السّند وهو كما ترى اذ شيء من المتن والسّند لا يكون قابلا للرّجحان ولا معنى لاضافة الرّجحان اليه ومن هذا انّه ربما يؤول ما يقال ان المرجّح الداخلى اما بحسب المتن او السّند (١) لكنك خبير بما فيه من كمال المخالفة مع الظّاهر ويمكن ان يقال ان الغرض تقرّر الرّجحان فى المتن او السّند ولا باس بنسبة الرّجحان الى المتن باعتبار الصّدور كما فى الفصاحة والأفصحيّة او باعتبار الدّلالة كما فى اكثر المرجّحات المتنيّة اذ المتن له جهتان جهة الدلالة وجهة الصّدور وكذا لا باس بنسبة الرجحان الى السّند باعتبار صدور الخبر المتعلّق بالسّند وان لم يكن للسّند صدور راسا نظير التّوصيف بالصّفة المتعلقة بحال الموصوف نحو توصيف الوضع باعتبار الواضع باللغوى والعرفى والشّرعى وباعتبار الموضوع اعنى اللّفظ بالنّوعى والشخصى وباعتبار المعنى المتصوّر بالعموم والخصوص على ما حرّرنا الكل فى محلّه الّا ان يقال ان الحاجة الى التجشم انما هى على تقدير كون الغرض من التّرجيح هو المعنى المتعدى واما لو كان الغرض المعنى المصطلح عليه كما هو الظّاهر اى اقتران الامارة بما يوجب تقديمه على معارضه او ما يقترن به الامارة على الخلاف فى المعنى المصطلح عليه عند الاصوليّين كما تقدّم فلا يخلو الامر عن مسامحة لكن ليس حال المسامحة على منوال ما لو كان الغرض المعنى المتعدّى لكن نقول انه لا يصحّ فى مرجّح السّند اذ اقتران السّند او ما يقترن به السّند ليس من المرجّح وان كان موجبا لتقديم الخبر لان التّرجيح اقتران الامارة او ما يقترن به الامارة على الخلاف فى المعنى المصطلح عليه عند الاصوليّين نعم اقتران المتن من اقتران الخبر وكذا ما يقترن به المتن هو بعينه ما يقترن به الخبر ومع هذا نقول انّ الاصطلاح انما وقع فى التّرجيح لا المرجّح بل الترجيح بالمعنى المصطلح عليه لا يصحّ بناء اسم الفاعل منه خاتمة اخو العلم خالد بعد موته واوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى وليس له حتى النشور نشور وايضا

__________________

(١) بان الغرض كون محل الرّجحان فى المرجح الداخلى اما المتن او السّند

٤١٧

وفى الجهل قبل الموت موت لاهله واجسادهم قبل القبور قبور وان امرأ لم يحيى بالعلم ميّت وليس له حتى النشور نشور وايضا قم بعلم ولا تختر له بدلا فالنّاس موتى واهل العلم أحياء وقيمة المرء ما كان بحسنه والجاهلون لاهل العلم اعداء وايضا ليس الجمال باثواب تزينها انّ الجمال جمال العلم والادب ليس اليتيم الّذى من مات والده انّ اليتيم يتيم العلم والحسب وايضا كن ابن من شئت واكتسب ادبا يغنيك محمودة عن النّسب فليس يغنى الحسيب نسبة بلا لسان له ولا ادب انّ الفتى من يقول ها انا ذا ليس الفتى من يقول كان ابى قوله بلا لسان له اى بلا علم حيث انّ الجاهل لا يقدر العلمى وهو بمنزلة الانعام قوله ابى اى كان كذا وكذا والجاهل مضطر الى الافتخار بالآباء والاجداد ولا يزيده الافتخار الا تبارا وشنارا وربما حكى ان ابن خلكان كان يقول فى المجالس كان ابى كذا وكذا فتنفرت النّفوس وقيل خلكان كان ولقب بخل كان وايضا لو كان هذا العلم يحصل بالمنى ما كان يبقى فى البريّة جاهل اجهد ولا تكسل ولا تك غافلا فندامة العقبى لمن يتكاسل واطلب فديتك علما واكتسب ادبا تظفر بذاك به واستجمل الطّلبا وايضا وكلّ فضيلة فيها سناء وجدت العلم من هاتيك اسنى فلا تعتدّ غير العلم ذخرا فان العلم كنز ليس يفنى وايضا لا تعجبن الجهول حلته فذاك ميّت وثوبه كفن وايضا تعلم يا فتى والعود رطب وطينك لين والطّبع قابل فحسبك فى الورى شرفا وفخرا سكوت الآخرين وانت قائل وايضا كم مات قوم وما ماتت محاسنهم وعاش قوم وهم فى الناس اموات لا اقسم بمواقع النّجوم وانّه لقسم لو تعلمون عظيم انّ اولى ما يصرف فيه الاعمار فى هذه دار اعتبار وينقضى به اناء الليل واطراف النّهار بعد عبادة الله العزيز الجبّار تحصيل العلوم واستكشاف سرائرها واستبصار دروسها وتمهيد قواعدها (١) كيف لا وانه معالم الحلال والحرام ومنار قوافلها وتنقيح مسالكها ومداركها سبيل دار المقام وبه حيوة القلوب من الجهالة وضياء الابصار من الظلمة يبلغ بالعبد منازل الاخيار ومجالس الابرار وبه تصل الى الدّرجات العلى فى الآخرة والاولى يعدل الذكر فيه الصّيام ومدارسته بالقيام به يطاع الربّ ويعبد وبه يسبح ويمجّد يلهمه الله تعالى السّعداء ويحرمه الاشقياء يرفع الله تعالى به اقواما فيجعلهم فى الخير قادة يفتبس من آثارهم ويفتدى بفعالهم يستغفر لهم حيتان البحر وهوامه وسباع البرّ وانعامه يرغب الملائكة فى خلتهم وتمسهم لسمو رتبتهم ومن عجيب المقام ما لعله قرع سمعك ما ذكره شيخنا الشّهيد الثانى نور الله تعالى مرقده من انه اسند بعض العلماء الى ابى يحيى انه قال كنا نمشى فى ازقة البصرة الى باب بعض المحدّثين فاسرعنا فى المشى وكان معنا رجل ماجن فقال ارفعوا ارجلكم عن اجنحة الملائكة كالمستهزئ فما زال عن مكانه حتى جفّت رجلاه وكذا ما اسنده ايضا الى ابى داود السّجستانى انه قال لما سمع بعض اصحاب الحديث النبوىّ ص ان الملائكة نصع اجنحتها لطالب العلم فجعل فى رجله من مسمارين من حديد وقال اريد ان أطأ اجنحة الملائكة فاصابه الأكلة بارجله قال وذكر هذه الحكاية بعض آخر وقال فشلت رجلا وساير اعضائه ولعمرى انه قد بارز المتفرّد فى قدرته فقال ما استحق فى جرأته وربّما يشبه ما حكى السّيّد السّند العلىّ فى فواتح رياض السالكين عن ابن شهرآشوب فى المناقب من ان بعض البلغاء بالبصرة ذكرت عنده الصّحيفة الكاملة لمنشئها آلاف التحيّة والسّلام فقال خذوا عنى حتى املى عليكم مثلها فاخذ القلم واطرق راسه فما رفعه حتى مات ونعم قال السّيّد المشار اليه من انه لقد وام شططا فنال سخطا وبالجملة ولقد تكثر الاخبار فى ترجيح العالم على العابد فورد تارة ان فضله عليه كفضل الشّمس على ساير نجوم السّماء واخرى كفضل القمر ليلة البدر على السّها وكم ورد فيها من المثوبات الجميلة والعطايا الجزيلة لتعليم العلم وتعلّمه وطلبه ومذاكرته والعمل به وبذله لاهله ومن طريف المقام ما رواه شيخنا المشار اليه من انه حضرت امر به عند مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله تعالى عليها الى قيام يوم الجزاء فقالت ان لى والده ضعيف وقد لبس عليها فى امر صلاتها شيء وقد بعثتنى اليك أسألك فاجابتها عن ذلك ثم ثنت فاجابت ثم ثلثت فاجابت الى ان عشرت فاجابت ثم خجلت من الكثرة فقالت لا أشق عليك يا بنت رسول الله ص قالت فاطمه سلام الله تعالى عليها هاتى سلى عما بدا لك أرأيت من الذى يصّعّد يوما الى سطح يحمل ثقيل وكراه مائة الف دينارا يثقل عليه فقالت لا فقالت اكريت انا لكل مسئلة باكثر من ملأ ما بين الثرى الى العرش لؤلؤا فاحرى الا يثقل على بل قال شيخنا المشار اليه بعد ان (٢) التقاعد

__________________

(١) وفوائدها وتنقيح مسالكها ومداركها

(٢) ذكر وجوب التحصيل

٤١٨

عن التّحصيل والاشتغال بغير العلم ومقدّماته قد صار من اعظم العصيان وان كان بصورة العبادة من المعاملة الدّعاء او قراءة القرآن فمن اعظم الخسران التّقصير فى السّعى الى هذه الدّرجات والحرمان عن ادراك تلك السّعادات وان هو الا من همم قاصرة تشبه همم الحيوان او انظار خاسرة كانظار النّسوان او معاشرة يتكدّر بها نفايس جواهر حقيقة الانسان ومخالطة يشترى بها الاوكس باعلى الاثمان ولكن الاشكال والداء العضال فى تخليص النية وتصفية الطوية التى بها يترتّب تلك الآثار ويثمر اغصان هذه الاشجار ولقد قل التحصيل القليل من قليل الناس ان يكون مبتنيا على هذا الاساس فاجهد فى تحصيل هذه المرتبة واعرض عما سواها وابتغ فيما آتيك الله الدار الآخرة ولا تنساها وشدّة الوثاق والنطاق لاداء التكاليف الالهيّة فانها على بعض التفاسير قد عرّضت على السّماوات والارض فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا فاىّ بيان باى بنان واى بنان باىّ بيان يطيق لتحرير مراحل عسر نوع التكليف مع ضعف بنيان الانسان فى غاية ما يدخل تحت الامكان كما هو مقتضى قول سيّد السجّاد وزين العباد عليه آلاف التحيّة من ربّ العباد اللهمّ انك من الضّعف خلقتنا وعلى الوهن بنيتنا ومن ماء مهين ابتدأتنا وحاله فى عدم التمكن من حمل ثقل المجاهدة ورعاية التكاليف الالهيّة مثل جناح الذّباب والبعوضة وانظر ايّها اللبيب ان الانسان من ضعف عنصره لا يطيق حال المرض للصيانة والتحفظ عما يضرّه فكثيرا ما يقدّم على الاكل والشّرب مما يضرّه بل يوجب هلاكته بل كثيرا ما يأكل بعض السّموم من جهة قليل من الغضب فمن طاقته فى تحمل خلاف الميل على هذا السّياق والمساق كيف يمكن من تحمل الغضب الشديد وترك الشهوات طول العمر قيل عرفت ولوع النّفس فى هواها وبلوغ المضرة فى هو منتهاها ولها معين يحثها على وصول الهوى ويحسنه عندها ويجحد قبحه ويذكر نفعه وهو الشيطان فهما عدواك واحدهما النفس لانها عدو من داخل واللصّ الداخل داء عضال قال الشاعر نفس الى ما ضرّنى داعى تكثرت اسقامى واوجاعى كيف اختال من عدوى اذا كان عدوّى بين اضلاعى والمرجع الى اشتداد عسر اطاعه الله سبحانه لكونها مخالفة للشهوات النّفسانيّة والنّفس مضرّة فى متابعة الشّهوات بل هى اسيرة للشّهوات لا يتمكن عادة من مخالفتها والشّيطان يؤيد اضرار النفس على متابعة الشهوات فانه يحث النفس على متابعة الشّهوات ويحسن متابعة الشيطان عنده وعند النفس ويجحد قبحها ويذكر نفعها لكن القائل قد اخل بضعف عنصر الانسان فى الغاية وتقدم كلام مولانا سيّد السجاد وزين العباد عليه آلاف التحيّة من ربّ العباد فيزداد الاشتداد الاطاعة فالامر من قبيل قصور المقتضى فى الغاية وغاية قوة المانع فكيف يمكن الاطاعة لكن نقول ان اقصى ما يتاتى ما ذكر انما هو شدّة عسر الاطاعة ولا يثبت بذلك امتناع الاطاعة وكون التكليف بما لا يطاق كيف لا وقد وقع الاطاعة على حسب ما يقتضيه استعداد الانسان من بعض الابرار وجمّ غفير منهم نعم مقتضى ما ذكره القائل شدّة العسر فى الاطاعة ولا باس به وما ذكره من ان النّفس اضرّ من الشيطان لكونها من قبيل اللص الداخل مدخول بان الشيطان ايضا من قبيل اللص الداخل غاية الامر ان دخوله بالعرض بخلاف النّفس فان دخولها بالذّات لكنه لا يوجب الفرق والامر ظاهر وقال الشاعر انى بليت بأربع ما سلطت الا لعظم بلية وشقائى ابليس والدّنيا والنّفس والهوى كيف الخلاص وكلهم أعدائي ابليس يسلك فى طريق مهالكى والنفس تامرنى بكلّ بلائى وارى الهوى تدعو اليه خواطرى والقتنى فى ظلم الشبهات والآراء وتركتنى فى اليم مكتفا وقالت اياك ان تبتل بالماء وزخارف الدّنيا تقول أما ترى فخرى وحسن ملابسى وبهائى وجود هم احاطوا بسور مدينتى يا عدتى فى شدتى ورجائى وفيه انه قد اخل بضعف عنصر الانسان وليس الابتلاء بالنفس الا بواسطة شهواتها فذكر الهوى مضافا الى ان النفس كما ترى قوله والدنيا المقصود بها زخارفها كما ترشد اليه قوله بعيد ذلك زخارف الدنيا تقول لكنك خبير بان خلقة الزخارف لا يكون من جهة ابتلاء الانسان فالبلاء منحصر فى ابليس والهوى بناء على كون الهوى منوطة بالخلقة كما يرشد اليه اختلاف الناس فى الشهوات لكن يمكن ان يقال ان مقتضى قوله سبحانه (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) كون خلقة الزخارف من جهة الابتلاء قوله وتركتنى فى اليمّ مكتفّا الظاهر رجوع الضّمير فى تركتنى وكذا فى قالت الى الزخارف لكن المعنى غير مناسب ويمكن ان يكون تركتنى من باب الخطاب واو يكون غلطا عن قلت يكون الامر فى تركتنى وقلت عرضا الى الله جلّ وعلا نظير ما قيل در قعر دريا تخته بندم مى كنى باز نيكوئى كه دامن تر مكن هشيار باش وكذا ما قيل در هر گامى

٤١٩

هزار جا دام نهى گوئى كشمت اگر در او گام نهى لكن العبارة لا تساعد لذلك قوله واياك ان تبتل بالماء ينقدح مما يظهر مما مرّ من ان غاية الامر اشتداد عسر الاطاعة ولا يلزم التكليف بما لا يطاق بل الاجور الموعودة على الاطاعة لا بدّ فيها من اشتداد عسر الاطاعة ولا يذهب عليك ان اشتداد عسر الاطاعة ومجموع التكاليف يرشد ارشادا كاملا الى فساد القول بحكم العقل بقبح التكليف بآحاد التكاليف العسرة وكيف كان وقد ذكرنا شطرا من الكلام فى عسر التكاليف وغيره فى آخر الرّسالة المعمولة فى شرح الحال فى زيارة عاشوراء ولكن نقول كما ذكرنا هناك ان كثيرا من افراد الانسان قد بلغوا مبلغا عظيما من التقوى والمجاهدات ورعاية التكاليف وتحمل شدائد الزّهد كما هو المذكور فى احوالهم والمسموع من اوصافهم حتى ان يعسوب الدّين وسيّد الوصيّين مولانا امير المؤمنين صلوات الله تعالى وسلامه عليه قد جرى على بعضهم وبيان اوصافهم على ما ذكره فى آخر نهج البلاغة قال ع كان لى فى من مضى اخ فى الله يعظمه فى عينى صغر الدّنيا فى عينه وكان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهى ما لا يجد ولا يكثر اذا وجد وكان اكثر دهره صامتا فان قال بذ القائلين ونقع غليل السائلين وكان ضعيفا مستضعفا فان جاء الجدّ فهو ليث عاد وصلّ واد لا يدلى بحجة حتى ياتى قاضيا وكان لا يلوم احدا على ما يجد العذر فى مثله حتى يسمع اعتذاره وكان لا يشكو وجعا الا عند برئه وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا يفعل وكان ان غلب على الكلام لم يغلب على السّكوت وكان على ما يسمع احرص منه على ما يتكلم وكان اذا بدهه امران نظر اقرب الى الهوى مخالفه قال ع فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها فان لم يستطيعوها فاعلموا ان اخذ القليل خير من ترك الكثير هذا لو لم يكن المراد من الموصوف احد من الانبياء او الاوصياء صلوات الله تعالى عليهم اجمعين فليس الامر من قبيل التكليف بما لا يطاق بل لا بدّ من شدة السّعى فى المجاهدة ولا باس بشدّة عسر اداء التكاليف فانها من باب ارباب التّربية على ما حرّرناه فى محلّه وكلما كان صفات كمال المربّى ازيد واعلى يكون تربيته اوعر واعسر فكيف لا يكون اداء التكاليف الالهيّة فى غاية المشقة مع عدم تناهى صفات كماله وبلوغ كل من صفات كماله حدّ الكمال مضافا الى ان التكاليف الالهيّة على حسب المصالح والمفاسد الواقعيّة وحال المصالح والمفاسد الواقعيّة فى اقتضاء الامر والنهى غير مربوطه بجعل الشارع وتعسيره وبعد ذلك بتقوى الله سبحانه والتفرّع اليه وهو حسبك ونعم الوكيل والكفيل ولا يذعن بمواظبة الله سبحانه فى القضايا الشخصية من باب مجازات الاعمال من لم يحصل له التجارب فتجارب حتى يزيد فى تقواك وتفرّغك اليه سبحانه واوصيك ايضا بتصفية الاخلاق وتحلية الطّبيعة عن الرزائل وحسن المعاشرة فانه لو لا ذلك لما يثمر العلم والتقوى الا مهانة وسفاهة فى الدّنيا وخسرانا فى الآخرة وحسن المعاشرة امر دقيق فى غاية الدقّة ولم يدون له علم بل لا يمكن تدوينه فى علم الابتناء الامر على خصوصيّات الموارد والكافل تصرّف الطّبيعة نعم علم الاخلاق يكفل كثيرا من مراحله بقى انه قد اعجبنى ان اذكر طائفة من الاخبار فقد روى الكلينى نقلا باسناده عن ابى عبد الله ع اذا رايتم العالم محبا لدنياه فاتّهموه على دينكم يحوط حول ما احبّ وقال اوحى الله الى داود ع لا تجعل بينى وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدّك عن طريق محبتي فان اولئك قطاع طريق عبادى المريدين ان ادنى ما انا صانع بهم ان انزع حلاوة مناجاتى عن قلوبهم وروى الصّدوق نقلا باسناده عن ابى الحسن الرضا ع قال لا تنظروا الى شدة صلاتهم وطنطنتهم ولكن انظروا الى صدق الحديث واداء الامانة وروى الصّدوق ايضا فى الخصال فى مرسل إسماعيل بن مهران وعلى بن اسباط عن أبي عبد الله ع قال قال ان فى العلماء من يجب ان يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك من الدّرك الاسفل من النّار ومن العلماء من اذا وعظ عنف فذاك فى الدرك الثانى من النار ومن العلماء من يرى ان يضع العلم عند ذى الثروة والشرف ولا يرى له فى المساكين وضعا فذاك فى الدّرك الأسفل الثالث من النار ومن العلماء من يذهب فى علمه مذهب الجبابرة والسّلاطين فان ردّ عليه شيء من قوله او قصر فى شيء من امره غضب فذاك فى الدّرك الرابع من النار ومن العلماء من يطلب احاديث اليهود والنصارى ليعزز به علمه ويكثر به حديثه فذاك فى الدّرك الخامس من النار ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول سلونى ولعلّه لا يصيب حرفا واحدا والله لا يحب المتكلفين فذاك فى الدّرك السادس من النار ومن العلماء من لا يتخذ علمه مروّة وعقلا فذاك فى الدرك السابع من النار وروى الصدوق فى الخصال ايضا بسنده عن كميل بن زياد النخعىّ عن امير المؤمنين ع انه قال يا كميل ان هذه القلوب اوعية فخيرها اوعاها احفظ عنى ما اقول لك الناس ثلاثة عالم ربانى ومتعلّم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كلّ ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا الى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وانت تحرس المال والمال تنقصه النفقة والعلم يزكوا على الانفاق يا كميل العلم دين يدان الله به يكتسب الانسان الطاعة فى حياته وجميل

٤٢٠