رسالة في حجية الظن

رسالة في حجية الظن

المؤلف:


الموضوع : أصول الفقه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢١

طريقا للامتثال مخالفا للنّهج المسلوك بين الناس يعد من باب السّفه بل المقطوع به انه لم يكن الحال فى شيء من الشرائع فى باب امتثال التكاليف خارجا عن المتعارف فى امتثال التكاليف العرفية هذا فى المجتهد ويجرى نظيره فى المقلد حيث انه لا باس بكون حجية قول المجتهد فى حقه من باب حجية الظنّ لا حجيّة من حيث الخصوصيّة وبعد هذا اقول انّه لو كان المكلّف به هو العمل بمؤدى الطرق فقط كما يقتضيه ظاهر دعوى كون التكليف بمؤدى الطرق فى الوجه المذكور بخلاف الوجه المتقدم فان المصرّح به فيه حجيّة العلم بالانجعال والمرجع الى التخيير بين العمل بالعلم والعمل بمؤدى الطرق فى زمان الحضور فمقتضاه الاغماض عن الواقع وكون الامر نظير وجوب التيمّم فى حال فقد الماء وكذا الصلاة فى حال التقية وهو شبه التصويب بالمعنى المعروف وهو خلو الوقائع عن الحكم وكون الحكم فيها تابعا لراى المجتهد والا فالتصويب على وجوه سبعة ذكرها الشهيد فى التمهيد ولا يلتزم بذلك ملتزم من الخاصة وبعد هذا اقول ان انفتاح باب الظنّ بالطرق انما يتاتى لو كان اعتبار الطرق من باب الموضوعية واما لو كان اعتبارها من باب المرآتية فلا بد من انفتاح باب الظن بالواقع فقط او مع الظنّ بالواقع ولا اقل من الاخير ولا دليل على كون اعتبار الطرق من باب الموضوعيّة وبعد هذا اقول انه كما يقتضى حجية العلم بالطرق انفتاح باب الظنّ بها فكذا حجية العلم بالواقع تقتضى انفتاح باب الظنّ به كما تقدّم فى الوجه المتقدم هذا بناء على حجية العلم بالواقع كما هو الواقع وما له من دافع وما يقتضيه ظاهر دعوى كون التكليف بمؤدى الطرق من عدم اعتبار العلم بالواقع زخرف وجزاف صرف ولو قيل ان حجية العلم بالانجعال لا بالجعل بخلاف الطرق فحجيّة العلم بالواقع لا تقتضى انفتاح باب الظنّ به قلت ان المقتضى لانفتاح باب الظن بالطرق هو حجية العلم ولا مداخلة فى اقتضاء الانفتاح للجعل واختلاف حال الجعل والانجعال بانفتاح باب الظنّ على الاول دون الثانى مقطوع العدم فكما يقتضى حجية العلم بالطرق انفتاح باب الظنّ بها فكذا يقتضى حجية العلم بالواقع انفتاح باب الظنّ به وبعد هذا اقول ان غاية الامر العلم بجعل الطريق فى الجملة واما العلم بجعل طرق متعددة كما هو مقتضى الوجه المذكور فلا يكون مربوطا بوجه يقتضيه وبعد هذا اقول ان غاية الامر لزوم حجية الظنّ بالطريق فى الجملة وامّا حجية مطلق الظن بالطريق فلا بد فيها من مقدمة معمّمة كما تقدم فى الوجه المتقدم وبعد هذا اقول ان القول بلزوم العمل بالطريق المظنون او المشكوك او الموهوم من حيث الاعتبار مع عدم الظنّ بالحكم لمعارضة امتثال القياس مبنى على شمول اخبار القياس مثلا لترك العمل بالطريق والعمل بالاصل بكون الغرض منها ترك مطلق الاعتناء واما لو كان الغرض عدم جواز العمل فلا دليل على جواز العمل بالطريق المشار اليه إلّا ان يتمسك بالاجماع وهو غير ثابت لاحتمال من جهة عدم حصول الظنّ بواسطة عدم الاعتناء بالقياس نظير ما حكاه سيّدنا من ان الوالد الماجد ره كان يعمل بخبر كونه الواحد مع كونه مخالفا للمشهور مع القول باعتبار الظنّ الشخصى من باب عدم الاعتناء بالشهرة بل نظير ذلك كثير فى العرفيات مثلا لا يصغى الاستاد الى اعتراض تلميذه من جهة عدم الاعتناء فلا يتطرق فتور فى اعتقاده وامّا لو اصغى فيذهب اعتقاده ومن هذا انه ربما يشارك ذلك الاعتراض شخص معتد به فيصغى الاستاد ويذهب اعتقاده تسليما للاعتراض ومن ذلك يظهر القدح فى دعوى الاجماع على اعتبار الظنّ النوعى فى مداليل الالفاظ بملاحظة الاجماع على العمل بظواهر الالفاظ مع مخالفة المشهور وبعد هذا اقول ان القول بالترتيب فى باب الاعتبار بين مظنون الاعتبار ومشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار لا معنى له إلّا انه يلزم العمل بمظنون الاعتبار فان وفى وكفى فى الخروج عن محذور الخروج عن الدين فلا بد من القناعة به والا فيتعدى الى الاقرب فالاقرب ولا خفاء فى ان الطرق متشتتة ولا مجال للاطلاع على الوفاء والكفاية الا بصرف العمر مدة مديدة فى ملاحظة الطرق وتشخيص اصنافها وتشخيص الصّنف الوافى والكافى منها ثم الشروع فى الاجتهاد والعمل بالطرق المحرزة ولا يلتزم به ملتزم إلّا ان يقال ان الغرض من الترتيب انّما هو الترتيب بين الاصناف فى كلّ مسئلة لا فى مجموع المسائل بمعنى انه لا يعمل فى المسألة بمشكوك الاعتبار مثلا قبل الفحص عن مظنون

٢٤١

الاعتبار فلا بد فى العمل بمشكوك الاعتبار من الفحص عن مظنون الاعتبار الاحتمال وجوده مخالفا مدلوله لمشكوك الاعتبار وبعد هذا اقول ان القول بالتخيير فى صورة التخيير غير مربوط بوجه يقتضيه لاختصاص اخبار التخيير بتعارض الخبرين فلا يطّرد التخيير فى تعارض مطلق الطريق بعد الاغماض عن اختصاص التخيير فى الكلام المتقدم بمشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار والبناء على تعميم التخيير لمظنون الاعتبار كما جرينا عليه فيما مر اللهم إلّا ان يقال بالقطع بعدم الفرق او باصالة التخيير فى باب التعارض فى صورة عدم تمشى الجمع بناء وانتفاء الترجيح وبعد هذا اقول انه سكت عن صورة رجحان احد المتعارضين وكذا صورة تمشى الجمع بناء على اعتباره التكافؤ فى التخيير والا فالامر أسوأ للزوم القول بالتخيير مع ثبوت الرجحان او تمشى الجمع فكان اللازم التعرّض للصّورتين اللهمّ إلّا ان يكون الامر مبنيّا على حوالة الحال على الوضوح وايضا سكت ايضا عن الترجيح بالظن بالواقع وكان اللازم التعرض له واورد بامكان منع نصب الشارع طرقا خاصة للاحكام الواقعية كيف لا ولو نصب الشارع طرقا خاصة للاحكام لاشتهر الطرق كمال الاشتهار وظهرت ظهور الشمس فى رابعة النهار لتوفر الدّواعى بين المسلمين على ضبطها لاحتياج كل مكلف الى معرفتها اكثر من حاجته الى مسئلة صلواته الخمس اقول انه مبنى على كون المقصود بالاستدلال دعوى نصب الطريق فى زمان حضور النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وتطرق الخفاء عليها مع العلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام منها لكنّه ليس المقصود ما ذكر بل المقصود دعوى العلم بان للاحكام فى زمان الانسداد طرقا لا نعلم بها ونحن مكلفون باخذ الاحكام منها فالطرق مفروضة الخفاء والانتفاء قضيّة فرضها فى زمان الانسداد فليس المقصود دعوى العلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام من الطرق حتى تكون مبنية على حدوث التكليف باخذ الاحكام من الطرق ونصب الطريق بل المقصود دعوى العلم بالتكليف الفعلى باخذ الاحكام من الطرق التى لا نعرفها فلا بدّ فى تشخيصها من الظنّ والظاهر ان منشأ الاشتباه توهّم مساوقة الاستدلال المذكور للاستدلال على حجية مطلق الظنّ بالواقع بدليل الانسداد مع اخذ العلم ببقاء التكليف فيه كما اشتهر هذا الحديث فى الالسن والا فكلام صاحب المعالم وهو راس الاستدلال بذلك خال عن ذلك مع ان المدار فى فى الاستدلال المذكور على العلم بثبوت التكليف باخذ الاحكام من الطرق لا العلم ببقاء التكليف باخذ الكلام من الطرق الا ان النصب ظاهرا فى الاظهار والغرض النصب فى علم الله سبحانه ومدار الاستدلال على حجية مطلق الظنّ بدليل الانسداد مع اخذ العلم ببقاء التكليف بالاحكام وان يمكن اخذ العلم بالثبوت فى دليل الانسداد ايضا وان قلت ان التكليف بما لم يبين طريقه قبيح فلا مجال لكون الغرض العلم بثبوت التكاليف المنصوب طريقها فى علم الله سبحانه فى زمان الانسداد ولا بد من كون الغرض العلم ببقاء التكليف بمؤدى الطرق المجعولة فى زمان الحضور قلت بعد تسليم ذلك انه لا فرق بين التكليف بمؤدّى الطرق المنصوبة فى علم الله سبحانه فى زمان الانسداد وبقاء التكليف بمؤدى الطرق المنصوبة فى زمان الحضور فى القبح وبالجملة لا فرق بين الانسداد ابتداء والانسداد بالأخرة نعم يمكن ان يقال ان العلم بثبوت التكليف بمؤدى الطرق المنصوبة فى علم الله سبحانه فى زمان الانسداد ليس الا من باب الشركة مع الحاضرين فى التكليف بمؤدى الطرق المنصوبة والطرق وان لم تنصب فمن اين العلم بنصبها اذ لا ثمرة للنصب فى علم الله سبحانه وان نصبت ثم تطرق عليها الإخفاء فيتطرق عليه انه لو نصب الطرق لاشتهر نصبها ولو اجمالا وتواتر لعموم البلوى وشدة الحاجة ومع ذلك دعوى احتياج كل مكلّف الى معرفة الطرق كما ترى لوضوح عدم اعتبار الطرق فى حق المقلّد واختصاص الاعتبار بارباب الاجتهاد وقد يعترض على ذلك بانه لا مجال لمنع نصب الطريق لقيام المنكشف بسيرتهم على النصب اذ المعلوم من سيرة العلماء اتفاقهم على نصب طريق خاص وان اختلفوا فى تعيينه وقد يذب بان مجرّد قول كل العلماء بحجيّة طريق خاصّ بحسب ما ادّى اليه نظره لا يوجب العلم الاجمالى بان بعض هذه الطرق منصوبة لجواز خطاء كل واحد فيما ادّى اليه نظره واختلاف الفتاوى فى الخصوصيّات لا يكشف عن تحقق القدر المشترك إلّا اذا كان اختلافهم راجعا الى التّعيين على وجه منبئ عن اتفاقهم

٢٤٢

على القدر المشترك نظير الاخبار المختلفة فى الوقائع فانها لا توجب تواتر القدر المشترك إلّا اذا علم من اخبارهم كون الاختلاف راجعا الى التعيين وفى كلّ من الاعتراض والذب نظر امّا الاول فبعد الاغماض عن مخالفة السّيّد واتباعه ومنع نصب الطريق الخاص منهم بل احالة بعضهم لانّ طائفة معتدا بها من العلماء يستنبط من قولهم لحجيّة مطلق الظنّ انكارهم نصب الطريق بل هذا صريح كلامهم فكيف يدعى كشف سيرة العلماء عن الاتفاق على نصب الطريق واما الثانى فتحريره ان يقال ان الاخبار المتكثرة فى الواقع اما ان تكون متفقة على امر معيّن كما لو تكثر الاخبار لمجيء زيد فى الآن الاول من اليوم (١) والمجيء فى الآن الثالث الى آخر آنات اليوم حيث ان الاخبار المشار اليها مشتركة فى المجيء واما ان لا تكون متفقة فى امر معين كما لو تكثر الاخبار بمجيء زيد ومجيء عمرو ومجيء بكر وهكذا حيث ان الاخبار المشار اليها لا تتفق على امر معيّن ففى الصّورة الاولى يثبت بالتواتر العلم بالقدر المشترك واما فى الصّورة الثانية فليس فى البين امر معين يكون متفقا عليه حتى يتحقق العلم به كيف لا وكل من الاخبار خبر واحد فيمكن كونه كذبا لكن نقول انّ مرجع ذلك الى حسبان كون الباعث على العلم بالقدر المشترك هو اتفاق الكلمة وهذا جار فى الصّورة الاولى من الصّورتين المذكورتين دون الصّورة الثانية وهو مدفوع بان الباعث على العلم بالقدر المشترك فى الصورة الاولى انما هو امتناع الكذب على الكثير وإباء الكثرة عن كذب المجموع وهذا قد يتفق من اتفاق الكلمة على الامر المعيّن كما فى الصّورة الاولى وقد يتفق مع الاشتراك فالباعث على حصول العلم بالقدر المشترك فى الصّورة الاولى انما هو نفس كثرة الخبر لا خصوص الكثرة المقرونة بالاتفاق على الامر المعيّن وجهة الكثرة متحققة فى الصّورة الثانية ايضا فيطرد فيها العلم بالقدر المشترك غاية الامر ان القدر المشترك فيها من باب الامر المجمل ففى باب التواتر قد يكون القدر المشترك من باب الامر المعين ويحصل العلم به كما فى الصّورة الاولى وقد يكون من باب الامر المجمل ويحصل العلم بالمجمل كما فى الصّورة الثانية ولعلّ اكثر موارد التواتر من قبيل الصّورة الثانية كما فى وقايع حاتم مثلا ففيما نحن فيه لو ثبت اختلاف العلماء فى باب نصب الطريق الخاص على اقوال يحصل العلم الاجمالى بنصب الطريق الخاص وسيرتهم تكشف عن الاذعان بنصب الطريق فى الجملة وبوجه آخر كما يبعد عند العقل اتفاق الجمع الكثير على الكذب فى امر مخصوص تعمدا على الاتفاق او وقوع الاتفاق على الكذب منهم على نهج البخت والاتفاق بعدا موجبا للقطع بالعدم كذا يبعد عند العقل بعدا موجبا للقطع بالعدم عدم تحرز الجمع الكثير على الكذب غاية الامر ان يقال باحتياج البعد عند العقل هنا الى مزيد الكثرة بالنّسبة الى صورة الاتفاق ومن ذلك بعد اتفاق الكذب من الجمع الكثير ولو فى وقايع مختلفة لا تشترك فى امر معين ومن هذا القطع بعدم كذب جميع اخبار الصّلاة مثلا مع عدم اشتراك ما لا يشترك منها فى امر معيّن وهو لا يعد ولا يحصى فضلا عن جميع الاخبار الفقهيّة بل القطع الاجمالى حاصل بعدم كذب جميع الاخبار الضّعيفة فيحصل العلم الاجمالى بصدق بعض الاخبار فى الصّورة الثانية من الصّورتين المتقدمتين ونظير هذا ان كثرة الاحكام المذكورة فى الخبر الضّعيف كما فى بعض اخبار اليقين المروى فى الخصال والمشتمل على أربعمائة حكم او فى الخبرين المتعارضين توجب خبر الضّعيف فى الاول والترجيح فى الثانى لكن بالنّسبة الى بعض الاحكام على وجه الاجمال خلافا لمن توهّم الجبر والترجيح بالنّسبة الى كل واحد من الاحكام كما هو شان الجابر غالبا حيث ان منشأ الجبر والترجيح هو بعد كذب الكل والظنّ بصدق البعض إلّا انه لا يجدى ولا ينفع قضية اجمال البعض المظنون صدقه كما سمعت فلا جدوى فى الذب بالوجه المذكور وقد يعترض ايضا بثبوت جعل الطريق بالمنع عن العمل بالقياس ونحوه فى استكشاف الواقع فلا مجال لمنع نصب الطريق ويندفع بان التعمد الى المنع عن العمل بمثل القياس لا يقتضى اعتبار جميع ما عدا مثل القياس او بعض ما عداه من حيث الخصوصيّة بل يجتمع مع اعتبار مطلق الظنّ فيما عدا مثل القياس مضافا الى ما ذكر من عدم تسليم عدم جواز العمل بالقياس كما ياتى وان ياتى الكلام فيه فضلا عن ان مقتضاه عدم حجية الظنّ بالطريق لعدم جواز اثبات حجية الطريق بمثل القياس واورد ايضا بعد تسليم نصب الطريق بان بقاء ذلك الطريق غير معلوم حيث انّ ما حكم بطريقيته لعلّه قسم من الاخبار ليس منه بايدينا الا قليل كان يكون الطريق المنصوب هو الخبر المفيد

__________________

(١) والمجيء فى الآن الثانى

٢٤٣

للاطمينان الفعلى بالصّدور الذى كان كثيرا فى الزمان السّابق لكثرة القرائن ولا ريب فى ندرة هذا القسم فى هذا الزمان اذ غاية الامر ان نجد الراوي فى الكتب الرّجالية محكى التعديل بوسائط عديدة من مثال الكشي والنجاشى وغيرهما ومن المعلوم ان مثل هذا لا يعد بنية شرعية ولهذا لا يعمل بمثله فى الحقوق ودعوى حجية مثل ذلك بالاجماع ممنوعة بل المسلم ان الخبر العدل بمثل هذا حجّة بالاتفاق لكن مثل هذا الاتفاق العملى لا ينفع فى الكشف عن قول الحجة لان الشرط فى نفع الاتفاق العملى ان يكون وجه عمل المجمعين معلوما ألا ترى انه لو اتفق جماعة يعلم برضا الامام عليه السّلم بعملهم على النظر الى امرأة يعلم او يحتمل ان يكون وجه النظر اليها كونها زوجة لبعضهم وامّا لآخر بنتا لثالث وام زوجة لرابع وبنت زوجة لخامس وهكذا فهل يجوز لغيرهم ممن لا محرميّة بينها وبينه ان ينظر اليها من جهة اتفاق الجماعة الكاشف عن رضا الامام بل لو راى شخص الامام عليه السّلم ينظر الى امراة فهل يجوز لعاقل التأسى به وليس هذا كله الا من جهة ان الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذى يقع عليه فلا بد فى الاتفاق العملى من العلم بالجهة والحيثية التى اتفق المجمعون على ايقاع الفعل من تلك الجهة والحيثية ومرجع هذا الى وجوب احراز موضوع الحكم الشرعى المستفاد من الفعل ففيما نحن فيه اذا علم بان بعض المجمعين يعمل بخبر من حيث علمه بصدوره بالتواتر او بالقرينة وبعضهم يعمل به من حيث كونه ظانا بصدوره قاطعا بحجية هذا الظنّ فاذا لم يحصل لنا العلم بصدوره ولا العلم بحجية الظنّ الحاصل منه او علمنا بخطاء من يعمل به لاجل مطلق الظنّ او احتملنا خطائه فلا يجوز لنا العمل بذلك الخبر تبعا للمجمعين ومع ذلك مثل الخبر المذكور فى غاية القلة خصوصا اذا انضم اليه افادة الظنّ الفعلى اقول ان خلاصة الايراد ان العلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام من الطرق مبنى على العلم ببقاء الطرق حيث ان وجوب اخذ الاحكام من الطرق حكم للطرق والموضوع لا بد من تقدمه على الحكم فالعلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام من الطرق لا بد فيه من تقدم العلم ببقاء الطّرق وهذا غير ثابت لكن نقول انه مبنى على حسبان مساوقة الاستدلال للاستدلال بدليل الانسداد الماخوذ فيه العلم ببقاء التكليف كما تقدم فى الايراد الاول وقد سمعت تزييفه ومع هذا دعوى ان الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذى يقع عليه كما ترى اذ غاية الامر ان الفعل اعم لكن لا منافاة بين عمومه وظهوره فى بعض الوجوه كيف ولا بتقاصر حال الفعل عن حال اطلاق اللّفظ وانصراف اطلاق اللفظ الى الفرد الشّائع حديث شايع ومن ذلك ان الاظهر دلالة الاستعمال بنفسه على كون المستعمل فيه من باب الحقيقة وان استدل على عدم الدلالة بكون الاستعمال اعم من الحقيقة حيث انه لا منافاة بين كون الاستعمال بنفسه اعمّ من الحقيقة والمجاز وظهوره فى الحقيقة من باب الانصراف الى بعض الافراد فان الانصراف اعنى الظهور كما يوجد فى القول كذا يوجد فى الفعل بل البحث عن وجوب التأسّى فى الفعل المعلوم الوجه عنوان معروف إلّا ان يقال ان العلم بالوجه فيه من جهة الخارج لا من جهة نفس الفعل ومع هذا لا يلزم فى الاتفاق العملى تعيّن الجهة فى جهة نافعة بل يكفى العلم الاجمالى بجهة نافعة وما ذكر فى الايراد من عدم جواز التأسّى بالجماعة فى النظر الى امراة يحتمل فى النظر اليها ممن ينظر وجوه مردود بانه من جهة عدم اقتضاء اتفاق الجماعة العلم الاجمالى بجهة مجوّزة للتّأسى والا فلو بلغ النظر من رجال لا يعدون ولا يحصون بحيث حصل العلم الاجمالى بجهة مجوزة للتاسى فلا اشكال فى جواز التأسى ومع هذا عدم النفع فى الاتفاق العملى مع العلم بكون الجهة او الجهات غير نافعة غير نافع فى اشتراط النفع بالعلم بكون الجهة نافعة كما هو المدعى اذ غاية الامر ممانعة العلم بعدم النفع عن النفع واين هذا من اشتراط النفع بالعلم بالنفع فلا جدوى فى فرض العلم بكون نظر الجماعة بجهة او جهات غير نافعة ومع هذا دعوى وجوب احراز الموضوع فى الحكم الشرعى المستفاد من العقل تضعف بان احراز موضوع الحكم الشرعى وان يلزم فى مقام الاجتهاد لكن لا باس بعدم الاحراز فى مقام العمل مع التوقف فى مقام الاجتهاد واورد ايضا بعد تسليم نصب الطريق ووجوده فى حملة ما بايدينا من الطرق الظنية من اقسام الخبر والاجماع المنقول والشّهرة والاستقراء والاولويّة الظنّية بان اللازم من ذلك هو الاخذ بما هو المتيقن من هذه فان وفى بغالب الاحكام اقتصر عليه والا فالمتيقن من الباقى مثلا الخبر الصّحيح والاجماع المنقول متيقن بالنّسبة الى الشهرة ونحوها من الامارات اذ لم يقل احد بحجية الشهرة ونحوه دون الخبر الصّحيح والاجماع المنقول

٢٤٤

فلا معنى لتعيين الطريق بالظن بعد وجود القدر المتيقن ووجوب الرّجوع فى المشكوك فيه الى اصالة حرمة العمل اقول ان المتيقن فى الحجة احد المرجحات المتقدمة فى باب الظنون الخاصّة تخصيصه بالذّكر كما ترى فكان المناسب الايراد بما اوردناه من لزوم الا بالمقدّمة المعمّمة واورد ايضا بعد تسليم العلم الاجمالى بوجود الطريق الغير المجعول وعدم وجود المتيقن بان الطريق المعلوم نص احدهما؟؟؟ اجمالا ان كان منصوبا حين انفتاح باب العلم فيكون هو فى عرض الواقع مبرّئ للذمة بشرط العلم به كالواقع المعلوم مثلا اذا فرضنا حجية الخبر مع الانفتاح تخير المكلف بين امتثال ما علم كونه حكما واقعيا بتحصيل العلم به وامتثال مؤدى الطريق المجعول الذى علم جعله بمنزلة الواقع فكل من الواقع ومؤدى الطرق مبرّئ للذمة مع العلم به فاذا انسدّ باب العلم التفصيلى باحدهما تعين العمل فيهما بالظن فلا فرق بين الظنّ بالواقع والظنّ بمؤدى الطريق فى كون كل واحد امتثالا ظنّيا وان كان ذلك الطريق منصوبا حين انسداد باب العلم فنقول ان تقديمه على العمل بالظن انما هو مع العلم به وتميزه عن غيره اذ ح يحكم العقل بعدم جواز العمل بمطلق الظنّ مع وجود هذا الطريق اذ فيه عدول عن الامتثال القطعى الى الظنى امّا مع انسداد باب العلم بهذا الطريق وعدم تميزه عن غيره الا باعمال مطلق الظنّ والعقل لا يحكم بتقديم احراز الطريق بمطلق الظنّ على احراز الواقع بمطلق الظنّ اقول ان المقصود هو لوجه الثانى من الترديد اعنى نصب الطريق حين الانسداد ويظهر الحال بما مر وكيف كان فاحراز الطريق بالظن مقدم على احراز الواقع بالظن اذ بعد ما علمنا بكوننا مكلفين باخذ الواقع بالطرق المظنونة سلوكا فى المسلك الثنائى فالاخذ بالواقع بالظن سلوك فى المسلك الغير المقرر لكونه وحدانيا كيف لا والحكم تابع للطريق اذ المفروض ان المدار على مفاد الطريق فالقاء المتبوع والاخذ بالتابع خلاف النهج المقرر والمنهج المرسوم وبوجه آخر لو كان المامور به هو العمل بمؤدى الطرق كما هو المفروض فالعمل بما كان المظنون كونه طريقا عمل على وجه محصّل للظن بالامتثال بخلاف العمل بالظن فانه خال عن الظنّ بالامتثال بلا اشكال وبما مرّ يظهر ضعف الايراد ولو قرر بفرض النصب فى زمان الانفتاح والترديد بين عموم زمان العمل لزمان الانفتاح واختصاصه بزمان الانسداد نظير ما هو الحق من كون الشرط فى الواجب المشروط قيد للفعل وهذا التقرير أنسب مع ما تقدم من المورد من الايراد الاول بالمنع من نصب الطريق لاستلزام نصب الطريق لاشتهاره ثم ان الفرق بين الوجه المذكور والوجه السابق عليه ان المدار فى الوجه السابق على ملاحظة التكليف فى زمان انفتاح باب العلم ومن هذا تطرق الحاجة الى ملاحظة حجية العلم ودعوى حجيّته بالانجعال فى زمان الانفتاح والمدار فى الوجه المذكور على ملاحظة التكليف فى زمان الانسداد ومن هذا عدم تطرق الحاجة الى ملاحظة حجية العلم وايضا المدار فى الوجه المذكور على اعتبار الطريق المظنون الاعتبار فقط والمدار فى الوجه السابق على اعتبار الطريق المشكوك الاعتبار بعد تعذر الطريق المظنون الاعتبار واعتبار الطريق الموهوم الاعتبار بعد تعذر الطريق المشكوك الاعتبار ويظهر الحال بما مرّ وايضا فى الوجه المذكور التعرض للتخيير دون الوجه السابق تنبيهات الاوّل انه يظهر ثمرة القول بحجية الظنون الخاصّة والقول بحجيّة مطلق الظنّ فى جواز التعدى عن الظنّ الحاصل من الكتاب او خبر الواحد والاجماع المنقول على القول بحجيته تمسكا بمفهوم آية النّبإ والشهرة على القول بحجيتها من باب النص المعروف كما عن بعض والعمدة الظنّ الحاصل من خبر الواحد الى الظنون المشكوك حجيتها كالاستقراء فى الاخبار بناء على عدم دخوله فى دلالة الاشارة والاستقراء فى مواقع الاجماع وظهور الاجماع واليه يرجع ظهور عدم الخلاف وعدم ظهور الخلاف وظهور السّيرة بناء على دخول السّيرة فى الاجماع لكن عدّ بعض هذا من الظنون المحرمة والشهرة بناء على حجيتها من باب حجية مطلق الظنّ واما بناء على عدم حجيتها راسا فلا يظهر فيها الثمرة لكن جرى السيّد السّند العلى على حجية الشّهرة فى باب الخبر الضعيف المقرون بالشهرة بكونها حجة مستقلة من باب حجية مطلق الظنّ كالخبر بدعوى عدم شمول الشهرة القائمة على عدم حجية الشهرة للشهرة المشار اليها كعدم شمول نقل الاجماع على عدم حجية الخبر الضّعيف للخبر الضّعيف المقرون بالشهرة فيظهر الثمرة على ذلك فى الشهرة المقرونة بالخبر الضّعيف لكن يمكن دعوى القطع بعدم الفرق بين اقسام الشّهرة فلو كان الشهرة المجرّدة غير معتبرة فكذا الشهرة المقرونة بالخبر الضّعيف والظنّ المتراكم

٢٤٥

من الحجة وغير الحجة والظنّ بعد الدليل على الحكم المخالف للاصل فى صورة عموم البلوى وغيرها وان يتاتى اصل البراءة بحكم العقل فى الباب إلّا انه لو كان الظنّ المذكور حجة فيكون انتفاء الحكم المخالف للاصل بالدليل الاجتهادى والا فينتفى بالدليل العملى والظن بالوجه فى باب الفعل بناء على عدم ثبوت الاجماع على حجية وقد نقل الاجماع على حجية غير واحد والظنّ المستند الى التقرير وغير ذلك لكن ارباب الظنون الخاصة على مشارب وفتوى جماعة من الاصحاب اذا لم يظهر لهم مخالف لكن لم يبلغ الامر حد الشهرة مع عدم متمسك ظاهر من حجة عقلية او نقلية واستظهر الشهيد فى الذكرى القول بالحجيّة واختاره بعض الفحول مع افادة المظنة لكن ظاهر بل بلا اشكال ان الغرض من اطلاق كلام الشهيد هو صورة افادة الظنّ بلا شبهة والظاهر من صاحب المعالم القول بعدم الحجية ويمكن ان يقال ان من يقول بعدم اعتبار الشهرة يقول بعدم اعتبار فتوى الجماعة بالاولويّة وهما مختلفان نوعا فلا بد من تقديم الشهرة بناء على حجية مطلق الظنّ على ما يظهر مما ياتى فيما لو قام ظن على عدم حجية ظن بناء على حجية مطلق الظن ويظهر ثمرة القول بحجية الظنون الخاصّة والقول بحجية الظنّ بالطريق فى جواز التعدى من الظنون الخاصّة الى غيرها ممّا؟؟؟ الطرق المحرمة وان لم يحصل منها الظنّ بالواقع فى خصوص صورة الظنّ باعتبار الطريق بناء على اختصاص حجية الطريق بالطريق المظنون الاعتبار او مطلقا بناء على عموم الحجية المشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار ويظهر ثمرة القول بحجيّة مطلق الظنّ بالواقع والقول بحجية مطلق الظنّ بالطريق فيما لو دار الامر بين العمل بطريق من الطرق الغير المحرمة فى خصوص صورة الظن باعتبار الطريق او مطلقا والعمل بالظن بالواقع من الظنون الغير المحرمة فيعمل بالاول بناء على حجية ما عدا الطرق المحرّمة من مظنون الاعتبار او الاعم من موهوم الاعتبار ويعمل بالثانى بناء على حجية مطلق الظنّ بالواقع ثم انّه اذا افتى فقيه او فقيهان بحكم وافاد ذلك الظنّ بالحكم فادّعى الوالد الماجد الاتفاق على عدم الحجية وكذا بعض الفحول ممن قال فى الظنّ بعموم الحجيّة لكن الاتفاق على عدم الحجية غير ثابت لما حكاه الشهيد فى الذكرى عن الاصحاب من انهم كانوا يتمسكون بفتاوى ابن بابويه عند اعواز النصوص لحسن ظنهم به وان فتواه كروايته وهذا لو لم يقتض الاجماع على الجواز فلا اقل من اقتضاء الشهرة ولعلّ من السّكون والتمسّك بفتاوى ابن بابويه ذكر ولده الصّدوق فى الفقيه كلامه فى رسالته اليه حيث انه قد تعهّد فى فاتحة الفقيه ان لا يورد فيه الا ما كان يفتى به ويحكم بصحّته ويعتقد انه حجة فيما بينه وبين الربّ المتعال بناء على عدم الرّجوع عن ذلك وربّما نقل عن المولى التقى المجلسىّ دعوى الرّجوع لكن الظاهر انه اشتباه عمّا نقله المولى المذكور فى دعوى الصّدوق فى فاتحة الفقيه حذف الاسانيد فى الفقيه كما جرى عليه فى اوائل الفقيه حيث ان عباراته فيها مثل عبارات الفقهاء فى الكتب الفقهيّة لكنّه جرى بعد ذلك على ذكر بعض من الرّواة قال الشّهيد فى الذكرى عند الكلام فى الموالاة فى الوضوء وفيمن لا يحضره الفقيه اقتصر على حكاية كلام والده وظاهره اعتقاده ولشرائع هى تلك الرسالة كما هو مقتضى كلام النجاشى وغيرها كما هو ظاهر الفهرست وكلام بعض الاعلام وعن ابن بابويه انهما جعلا الحائط على يسار المصلّى كافيا فى استحباب التّسليمتين وقال فى الذكرى نقلا ولا باس باتباعهما لانّهما لا يقولان الا عن ثبت ولو قيل انّ تمسك الاصحاب الشرائع انّما كان من جهة الوثوق بان الفتاوى المفتى بها فيها متون الاخبار المعوّل عليها وقد عرفوا ذلك بالاستقراء فيها او بالتصريح فيها بذلك ولو لا ذلك لمّا اقتصروا على الشرائع قلت انه كلّما افتى فقيه بحكم وافاد فتواه الظن بالحكم لكان من جهة الظنّ بابتنائه على مدرك معتبر ولا فرق بين كون المدرك المظنون هو دلالة الخبر او الكتاب او غيرهما فلو جاز السّكون الى فتوى ابن بابويه من جهة الظنّ بابتنائه على الخبر لجاز السكون الى فتوى غيره ايضا من جهة الظن بانطباقه على الخبر بل من جهة الظنّ بالحكم من جهة الظنّ بالمدرك المعتبر مطلقا وايضا قوله لحسن ظنهم به وان فتواه كروايته يدلّ على ان التمسّك بفتاويه والسكون اليها من جهة كمال الوثوق بها لا الاطلاع على ان فتاويه مضمون متون الاخبار تصريحا منه اليه او قضاء الاستقراء فى كلماته به وايضا مقتضى قوله عند اعواز النصوص انه لم يكن التمسّك بفتوى ابن بابويه الا من جهة كونها فتواه اذ المقصود باعواز النصوص هو فقدها إلّا ان يقال انه وان لم يظفر المتمسّكون

٢٤٦

بالنص لكن التمسّك منهم بفتاوى ابن بابويه من جهة حسن الظن قضية انطباق فتواه على النص واطلاعه عليه بقى انه قد حكم الشّهيد فى اللمعة بان رواية سيف بن عميرة الدالة على جواز ان يتمتع بامة المرأة من غير اذن المرأة حيث قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم عن الرّجل يتمتع بامة المرأة بغير اذنها قال لا باس منافية للاصل قال الشهيد الشارح وهو تحريم التصرف فى مال الغير بغير اذنه عقلا وشرعا فلا يعمل بها وان كانت صحيحة فلذلك اطرحه الاصحاب غير الشيخ فى النهاية جريا على قاعدته قوله جريا على قاعدته ان كان مقصوده ان طريقة الشيخ العمل بالخبر مع قيام الاصل العملى فلا ريب فى فساده مع انه لا يناسب المقام كما هو ظاهر وان كان مقصوده ان طريقة الشيخ العمل بالخبر مع قيام القاعدة العقلية القطعيّة او القاعدة اللفظية الاجتهادية وبعبارة اخرى قيام الاصل الاجتهادى القطعى او الظنى كما هو مقتضى تفسير الاصل بعدم جواز التصرف فى مال الغير بغير اذنه فلا ريب فى فساده ايضا كيف لا ولا يجرى عاقل فضلا عن فاضل على العمل بالخبر مع قيام القطع او الظن على خلافه فلا بد ان يكون المدار فى كلمات الشيخ على قوة الظنّ المستفاد من الخبر الخاص بحيث لا يمانع عن حصول الظنّ منه الاصل الاجتهادى قطعيّا كان او ظنّيا بل يرتفع به القطع المستفاد من العقل فضلا عن الظن المستفاد من العمومات والاطلاقات ونظيره ما ذكره السيّد السّند العلى فى الرياض من انه يحمل المطلقات وان كثرت وتواترت على المقيدات وان قلت لكن الاظهر ان الخاصّ يقدم على العامّ والمقيّد يقدم على المطلق مع قطع النظر عن الخارج وإلّا فلا بدّ من تقديم الراجح على تقدير ثبوت المرجّح والا فيعمل بالاصل او يتاتى التخيير بناء على شمول اخبار التخيير او القطع بعدم الفرق بين ما لو كان التعارض بالتباين او العموم والخصوص من وجه بناء على شمول الاخبار التخيير للاخير وما لو كان التعارض بالعموم والخصوص المطلق ويظهر الحال بالرّجوع الى ما حرّرناه فى محلّه وقد حرّرنا الكلام ايضا فى خصوص كثرة رواية العموم والاطلاق فى محله وامّا حكم العقل بالقطع فان ارتفع بالخبر فى مورد الخبر بالخصوص ولم يرتفع الظنّ من الخبر فعليه المدار و؟؟؟ من العمل؟؟؟ العقل لو افاد الظنّ بناء على حجية مطلق الظنّ والا فيعمل بالاصل وان ارتفع القطع بالجملة بملاحظة قيام الخبر على خلاف حكم العقل فى بعض الموارد فلا اشكال والامر ظاهر ولا يذهب عليك ان طرح الرواية المذكورة كالعمل بها مبنى على رجوع الضمير الى المرأة لا الامة واحتمل بعض رجوعه الى الامة والاول اظهر بلا شبهة وان كان الظاهر رجوع متعلقات الكلام الى ما هو المقصود بالاصالة فى الذكر اذ الظاهر فى الاذهان اشتراط اذن المالك فى امثال تمتع الامة فالظاهر انه كان السؤال عن التمتع بدون اذن المرأة وقد حرّرنا الحال فى الرّسالة المعمولة فى ثقة الثانى انّه بناء على حجية مطلق الظنّ هل يجوز العمل بالظن فى صورة امكان العلم ام لا جنح فى المعالم الى القول بالثانى بل عن العلامة نقل الاجماع عليه إلّا انه قال الاجماع واقع على انّ تسويغ العمل بالظن مشروط بعدم العلم وانت خبير بان الظاهر من العلم هو العلم بالقوة فالغرض العلم مع ان المدقق الشيروانى حكى ان الظاهر من الاصحاب وغيرهم من الاصوليّين جواز اتباع الظنّ فى الفرعيات وان لم يحصل امكان الياس من اليقين بل ولو ظن امكانه ومرجع هذا الكلام وان كان الى نقل الاجماع الظنّى الّا انه حجة بناء على حجية الظنّ فى الاصول فيعارض الاجماع المنقول المتقدم وان كان مبنيا على القطع واما بناء على حجية الظنون الخاصة فهذا الاجماع المنقول المذكور يوهن الاجماع المنقول المتقدّم لانه يوجب عدم حصول الظنّ منه لكن لا جدوى فى هذا فيما نحن فيه لابتناء الكلام فى المقام على حجية مطلق الظنّ كما يشهد به العنوان على ان اعتبار الاجماع المنقول المشار اليه مبنى على حجية الظنّ فى الاصول وياتى الكلام فيها مضافا الى انه لا وثوق لى بالاجماع المنقول غالبا ويظهر تفصيل المقام فى شرح الحال بما تقدم وبعد هذا اقول ان الظانّ الممكن فى حقه العلم امّا ان يعلم او يظن بحصول العلم بالمضمون المظنون اى يعلم او يظن بحصول العلم المطابق للظن بمزيد الفحص او التامل او يعلم او يظنّ بحصول العلم بالخلاف او يشكّ فى الباب اما الاوسط فهو ممتنع الوقوع لمنافاة الظنّ مع العلم او الظنّ بتطرق العلم بالخلاف والاول والاخير يتاتى فيهما الكلام الا ان ضعف القول بعدم جواز العمل بالظن مع امكان تحصيل العلم بقبح ترجيح المرجوح على الراجح فى الاخير اظهر اذ غاية الامر احتمال قيام الراجح لا قيام الرّاجح ولا العلم ولا الظنّ بقيامه ثم انه بناء على حجية الظنون

٢٤٧

الخاصّة يجوز العمل بها فى صورة امكان العلم أو لا يمكن القول بالأول نظرا الى اطلاق ادلّة حجية تلك الظنون إلّا ان يقال ان الدليل على اعتبار ظواهر الفاظ الكتاب والسنّة انما هو الاجماع والسّيرة ولا اطلاق لهما والقدر الثابت حجيّة بالاجماع والسّيرة انما هو الظنّ المتحصّل فى صورة عدم امكان العلم فالظن اللفظى لا دليل على اعتباره بحيث يعمّ صورة امكان العلم نعم اطلاق مفهوم آية البناء يقتضى حجية الظنّ المستفاد من خبر العدل باعتبار الصّدور ولو فى صورة امكان العلم اللهمّ الا يقال ان ظواهر الكتاب والسنّة انما كانت معمولة فى ازمنة الحضور من المشافهين مع امكان حصول العلم قطعا بل هو الحال فى امثال زماننا غاية الامر اختصاص حجية تلك الظواهر فى امثال زماننا بالمجتهد إلّا ان يقال ان الظواهر المشار اليها كانت مفيدة للعلم بالنّسبة الى المشافه بل الحق انّها تفيد العلم غالبا لامثالنا وياتى الكلام فيه ولو لا ذلك اعنى افادة الظواهر العلم للمشافه فثبوت طريق يفيد العلم للمشافه غير التشافه مشكل الثّالث انه حكم بعض اصحابنا بان القول بحجيّة مطلق الظنّ انما يقتضى اطراد حجية الظنّ لا اختصاص الحجية بالظن وبعبارة اخرى يقتضى اطراد الحجيّة لا الانعكاس فلا منافاة بين القول بحجية مطلق الظنّ والقول بحجية دليل تعبدا وجعل هذا مهربا لبعض احوال ممن قال بحجيّة مطلق الظنّ حيث جرى على القول بحجية الظنّ النوعى فى باب الحقائق تعبدا حتى مع الظنّ بالخلاف من الظنون التى لم يقم دليل على عدم اعتباره ويضعف كما تقدم بانه لا بدّ على القول بحجية مطلق الظنّ من انكار جعل الطريق والمدار فى اعتبار دليل من باب التعبّد على جعل الطريق فلا مجال للقول بالتعبّد على القول بحجية مطلق الظنّ نعم لا باس بالقول بالتعبّد على القول بعدم كفاية الظنون الخاصّة وان قلت ان الطريق الذى لا بد من انكار جعله على القول بحجية مطلق الظنّ انما هو الطريق الناظر الى الواقع قضية ان الماخوذ فى دليل الانسداد بقاء التكاليف الواقعية فالطّريق المنكر جعله لا بد ان يكون هو الطريق الناظر الى الواقع كيف لا والقائل به انما يقول به حتى فى صورة الظنّ بالخلاف من الظنون التى لم يقم دليل على عدم اعتبارها وقلت لا بد على القول بحجية مطلق الظنّ من انكار جعل الطريق ولو كان من باب التعبّد الصّرف وإلّا فلا ينتج دليل الانسداد حجية مطلق الظنّ ولا مجال للقول به واخذ بقاء التكاليف الواقعية فى دليل الانسداد لا يستلزم ان يكون الطريق المنكر جعله بالنّسبة الى تلك التكاليف ناظرا الى الواقع كيف لا ولو فرضنا ثبوت الطريق من باب التعبّد الصّرف بالنّسبة الى جميع الاحكام فلا مجال للقول بحجية مطلق الظنّ ولا خفاء نعم على القول بعدم كفاية الظنون الخاصّة لا باس بالقول بكون اعتبارها من باب النظر الى الواقع او من باب التعبّد الصّرف الرابع انه قد اشتهر عدم جواز التمسّك بالظن فى مسائل اصول الفقه كما هو مقتضى ما ذكره فى الاستدلال على نفى الحقيقة الشرعية من عدم كفاية النقل عن الحقيقة اللّغويّة بنقل الآحاد وكذا ما ذكره فى الاستدلال على (١) نفى الحقيقة الشرعية من عدم كفاية فقل الآحاد فى المسألة الاصولية وكذا ما ذكره المحقق فى المعارج فى تزييف ما ذكره الشيخ من انه اذا تساوت الروايتان فى العدالة والعدد عمل بابعدهما من قول العامّة من ان الظاهر ان احتجاجه فى ذلك برواية رويت عن الصادق عليه‌السلام وهو اثبات المسألة الاصولية بخبر واحد وكذا ما ذكره العلامة الخوانسارى فى بعض كلماته من الاشكال فى ثبوت اعتبار الاستصحاب بما ورد صحيحا فى الاخبار من انه لا ينقض اليقين بالشك ابدا اشكال فى ثبوت الاصول بخبر الواحد وكذا ما يقتضيه كلام السّيّد الصّدر فى بحث خبر الواحد من عدم جواز التمسّك بالكتاب فى مباحث الاصول وعدم جواز العمل بالظن فيها حتى فى المباحث المتعلقة بالالفاظ بل مقتضى كلام السّيّد الصّدر انه ادعى بعض الضرورة على عدم جواز التمسّك بالظن فى الاصول وكذا ما ذكره العضدى تصريحا كالحاجبى تلويحا ايرادا على الاستدلال بالآيات على حجية خبر الواحد بانها ظواهر لا تفيد الّا الظنّ ولا تكفى فى الاصول وصريح الاول يقتضى عدم اتفاق الايراد المذكور من السّابقين لكن مقتضى كلام صاحب المعالم القول بالجواز حيث انه اورد على ما مر من المحقق بانه ليس بجيّد تعليلا بانه لا مانع من اثبات مثله بالخبر المعتبر من الآحاد وحكم المدقق الشيروانى فى بحث خبر الواحد بان المعنى اللغوى

__________________

(١) عدم حجية مفهوم الوصف

٢٤٨

خرج عن قاعدة اعتبار القطع فى الاصول بالاجماع تعليلا بانه لم يزل العلماء يقولون على نقل الآحاد كالخليل والاصمعى ولم ينكر ذلك احد عليهم من العصر السابق واللاحق فصار ذلك اجماعا واورد فى الوافية فى بحث الفور والتراخى السؤال بان الاجماع المنقول بخبر الواحد لا يفيد الا الظنّ والمسألة من المطالب العلمية التى يجب تحصيل العلم بها واجاب بمنع كون المسألة علمية قال بل هى من المطالب المتعلقة بمقتضيات الالفاظ وقد صرّحوا بالاكتفاء بالظن فيها ولو سلم كونها من غير تلك المطالب فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فى غير المعارف الالهية ولو سلم فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فيما لا يمكن فيه ذلك لانه تكليف بالمحال والمسألة كذلك اذ كل من القول بالفور والتراخى وطلب الماهية مبنى على الادلة الظنية كما لا يخفى وايضا اشتراط القطع فى الاصول مطلقا ولا سيّما فى اصول الفقه كعدمه مبنى على الادلة الظنية كالآيات القرآنية ونحوها والاصل وحكم الفاضل الخوانسارى فى تعليقات الباغنوى فى بحث الحقيقة الشّرعية بان وجوب القطع فى كل مسئلة اصولية محل المنع بل فى المسائل التى تتعلق بوضع الالفاظ واللغة يكفى حصول الظنّ قال كيف لا وانتم تقولون انه اذا دل خبر الواحد على ان المراد من هذا اللفظ هو ذلك المعنى يجب العمل به مع انه لم يحصّل الظن والعقل لا يجد فرقا بين ان يحصل الظنّ بان المراد من هذا اللفظ هو كذا وان هذا اللفظ موضوع لكذا فاذا جاز العمل بالظن فى الاول جاز فى الثانى بلا ريبة وايضا لا فرق بين ان يقول صاحب القاموس مثلا ان هذا اللفظ موضوع لهد المعنى فى اللغة او يرد خبر بانه موضوع له فى الشرع فكيف يعمل بالاول دون الثانى إلّا ان يقال انه ليس العمل بمجرد قول واحد من اهل اللغة بل اذا اخبر جماعة من اهل اللغة بانه موضوع كذلك المعنى فى اللغة (١) ويجب العمل به فتامل فانه انما يتم فى بعض الالفاظ المشهورة واما فى البعض الآخر فلا شك فى ان المدار على الظنّ وحكى السّيّد الصّدر فى بحث خبر الواحد عن استاده فى رسالته انه قال بعد ثبوت جواز العمل بظاهر القرآن تخصيصه بمسائل جزئية فرعية لا وجه له بل ما يدل على جواز العمل به فى المسائل الجزئية الفرعية يدل على الجواز العمل به فى القاعدة الكلية المتعلّقة بالامور الشرعية الفرعية والاصول التى لا تصحّ الاكتفاء فيها بالادلة الظنية انما هى اصول الدين لا اصول الفقه قرب مسائل من اصول الفقه يستدلون عليها بالادلة الظنية وليس لها طريق غير الظنّ مثل الدليل على صيغة الامر والنهى للوجوب والحرمة او غيرهما لكن نقول ان عدم جواز التمسك بالكتاب فى اصول الدّين كما هو مقتضى كلامه محل الكلام بل لا ريب فى جواز التمسّك بالظن مطلقا فى اصول الدّين مع انسداد باب العلم وحكم العضدى فى اوائل بحث الامر بانه يكفى الظنون ونقل الآحاد فى مدلولات الالفاظ قال والا لتعذر العمل باكثر الظواهر اذ المقدور فيها انما هو تحصيل الظنّ واما القطع فلا سبيل اليه البتة واعترض فى بحث مفهوم الوصف على الاستدلال المتقدم على عدم حجية مفهوم الوصف بانا نقطع ان العلماء فى الاعصار والامصار كانوا يكتفون فى معانى الالفاظ بآحاد كنقلهم عن الاصمعى والخليل وابى عبيدة وسيبويه واعترض فى بحث القياس على الاستدلال على حجية القياس بحديث معاذ انى اقيس الامر بالامر بان دلالته واضحة الا ان المتن ظنى لانه خبر واحد والمسألة اصولية مبنية على الاكتفاء بالظن فيها وربّما يقتضى الاستدلال على حجية خبر الواحد بآية البناء والنفى وكذا الاستدلال على حجية الاجماع من العامة بالكتاب والسنّة جواز العمل بالظن فى الاصول إلّا ان يقال انّ غاية ما يتاتى من ذلك انما هى جواز التمسك بالاصول بالظواهر المعتبرة ولا يتاتى منه جواز العمل بمطلق الظنّ فى الاصول لكن نقول ان الاستدلال المذكور وان يمكن ان يكون مبنيّا على التفصيل لكن يمكن ان يكون مبنيّا على القول باطلاق الجواز ويرشد اليه ما اعترض به على الايراد على الاستدلال على حجية الاجماع من العامة بالكتاب بلزوم الدّور لابتناء حجية الظواهر على الاجماع والمفروض الاستدلال على حجية الاجماع بظاهر الكتاب من عدم ثبوت الاجماع على حجية الظواهر فى الاصول بناء على اشتراط القطع فيها وربّما توقف فى الباب شيخنا البهائى فى بحث دلالة الامر على الوجوب حيث انه اورد على اعتراضهم على الاستدلال على دلالة الامر على الوجوب بشيوع استدلال السّلف بالامر على الوجوب بانه ان اريد جميع السلف فهو ممنوع وان اريد البعض مع سكوت الباقين فهو اجماع سكوتى وليس بحجة بان استمرار سكوت الباقين من السّلف على تعاقب

__________________

(١) ووافيا انه مستعمل فيه فى استعمالاتهم يحصل العلم القطعى بانه موضوع له فى اللغة

٢٤٩

الاعصار يوجب الظنّ فقال وسيأتي الاشكال فى اشتراط القطع فى الاصول فقال واما ما فى بعض كلام بعض المتاخرين من ان مسئلة كون الامر للوجوب ام لا ليست من مسائل الاصول بل الاقرب كونها من مسائل اللغة والظن كاف فيها فهو كلام لا يستحق الاصغاء اليه ومقصوده بقوله وسيأتي الاشكال فى اشتراط القطع فى الاصول ما صنعه فى بحث جواز التقليد فى اصول الدين حيث استشكل فيه بقوله واشتراط القطع مرجع الكلام واثباته مشكل وقال فى بعض التعليقات ولا يخفى ان البحث فى هذه المسألة يئول الى ان الاصول هل يجب فيها القطع ام يكفى فيها الظنّ وهذه المسألة من المشكلات فان اوجبنا القطع منعنا التقليد لعدم حصول به وان اكتفينا بالظن فلا ريب فى حصوله بتقليد من يوثق به ثمّ قال لا يخفى ان اشتراط القطع فى الاصول وعدمه عليه دلائل واعتراضات مشكلة من الجانبين فالقوة للمتعرض لضعف الادلّة وكلامه هذا فى المتن والحاشية وان كان ظاهرا فى كون المقصود بالاصول هو اصول الدين الا ان مقتضى حواله الاشكال فى التمسك بالظن المستفاد من احتجاج السّلف على دلالة الامر على الوجوب بما ذكره فى كلامه المشار اليه كما سمعت كون الغرض من الاصول هو اصول الفقه لكنك خبير بعد امكان منع كون جواز التقليد وغيره من مباحث الاجتهاد والتقليد من اصول الفقه لعدم صدق حدّه على مباحث الاجتهاد والتقليد فيها بان جواز التقليد فى الاصول وان كان من مسائل اصول الفقه لكن اصول الفقه محل العنوان واما محل الظنّ فهو اصول الدّين والكلام فى كفاية الظنّ فى اصول الفقه انّما يتاتى لو كان اصول الفقه محل الظنّ فلا يرتبط على جواز التقليد فى اصول الدين بحديث اشتراط القطع فى اصول الفقه بوجه نعم الاستدلال على جواز التقليد بعد كون التقليد مفيدا للظن لا العلم او على عدم الجواز يبتنى صحته على كفاية الظنّ فى اصول الفقه ويمكن ان يقال ان المقصود بالاصول فى كلماته المذكورة اعم من اصول الدين بكون من اشتراط القطع فى الاصول اشترطه فى الاصولين ومن جوزه فيهما ويرشد اليه ان الفاضل الجواد بعد ان ذكر ان المسألة هى اشتراط القطع من اشكل المباحث فصل فى اشتراط القطع فى الاصول باشتراطه فى العقائد الدّينيّة وعدم اشتراطه فى اكثر مسائل الاصول ككون الامر حقيقة فى الوجوب وغيره ويرشد اليه ايضا وهى ارشاد ما حكاه الفاضل المشار اليه فى بحث دلالة الامر على الوجوب فى تزييف دعوى اشتراط القطع فى الاصول بالمنع (١) عن الاشتراط فى اصول الفقه لو تم الدليل على الاشتراط فى اصول الدين مح يصح كلماته لكنك خبير بان اطلاق الاصول على الاعم من اصول الفقه واصول الدّين غير معهود مع ان ما استدل به على عدم كفاية الظنّ المستفاد من التقليد فى اصول الدين يختصّ باصول الدّين فلا مجال لكون المقصود بالاصول فى باب عدم جواز التقليد فى الاصول هو الاعمّ ولا يذهب عليك ان الكلام فى المقام اعمّ من التمسّك بالظن على النفى والاثبات كالتمسّك بما يفيد الظنّ على اعتبار خبر الواحد او عدم اعتباره وايضا الكلام فى المقام مختلف مع الكلام فى حجة الظنّ بالطريق اذ الكلام فى حجية الظنّ بالطريق انّما هو بالنّسبة الى مباحث الادلّة الشرعية وهى شطر قليل من مباحث الاصول مع ان الكلام فى حجية الظنّ بالطريق انما هو فى طريق الحكم الواقعى بشهادة ما استدل به على حجية الظنّ بالطريق من الوجهين المتقدمتين والكلام هنا يعمّ لطريق الاحكام التعبديّة كالاستصحاب وقاعدة الطهارة ومنها ما دل على التخيير فى تعادل الخبرين المتعارضين على ان القول بحجيّة الظنّ بالطريق مبنى على العلم الاجمالى بجعل الطريق والقول بحجية الظنّ فى الاصول امّا باجراء دليل الانسداد فى الفروع من باب الاستلزام او بالاجراء فى مطلق الاحكام الالهية الاعم من الاصول والفروع ولا يبتنى على العلم بجعل الطريق على الاجمال ولو فرضنا امكان القول بحجية الظنّ فى الاصول باجراء دليل الانسداد فى الاصول فلا خفاء فى ان القول بحجية الظن بالطريق مبنى على اجراء دليل الانسداد فى الاصول ولا يمكن للقائل بالحجيّة التعدّى عن الاصول بخلاف القول بحجية الظن فى الاصول فان القائل بالحجية كما يمكنه اجراء دليل الانسداد فى الاصول كذا يمكنه الاجراء فى الفروع او الاعمّ مضافا الى ان القائل بحجية الظنّ بالطريق لا يقول بحجية الظنّ بالواقع لكن القائل بحجية الظنّ يمكن ان يكون قائلا فى الفروع بحجية مطلق الظنّ او بحجية الظنون الخاصّة إلّا ان يقال انه يمكن على القول بحجيّة الظنّ بالطريق القول بحجية الظنّ بالواقع

__________________

(١) عن الاشتراك مطلقا والمنع

٢٥٠

ايضا بناء على ما تقدم من ان حجية العلم بالواقع يقتضى انفتاح باب الظنّ بالواقع كما ان اعتبار الطرق المعلومة من باب المرآتية لانسداد باب العلم بالطريق كما يقتضى اعتبار الظنّ بالطريق كذا يقتضى اعتبار الظنّ بالواقع ايضا وبالجملة فقد يستدل على عدم اعتبار الظن فى المقام بوجهين الاول ان الاصل عدم حجية الظنّ ولا دليل يوجب الخروج عن الاصل اذ دليل الانسداد اما ان يتمسك به على اعتبار الظنّ فى خصوص الاصول كما يتمسّك به على اعتبار الظنّ فى خصوص الفروع او يتمسّك به على اعتبار الظنّ فى مطلق الاحكام الالهيّة سواء كانت اصولية او فروعية فيثبت به اعتبار الظنّ (١) فى الفروع او يتمسّك به على اعتبار الظنّ فى خصوص الفروع لكن يتعدى من الفروع الى الاصول من باب الاستلزام لاستلزام الظنّ فى الاصول للظن فى الفروع ولا يتم الاستدلال بشيء من الوجوه المذكورة امّا الاول فلان باب العلم مفتوح فى اكثر مسائل الاصول كمسألة حجية الظنّ وانسداد باب العلم فى نادر من تلك المسائل لا يوجب حجية الظنّ فيها اذ لا يلزم من الرّجوع فى النّادر الى الاحتياط او اصل البراءة المحذور المتطرق على الرّجوع اليهما فى موارد انسداد باب العلم فى الفروع من الخروج عن الدين فى العمل باصل البراءة ولزوم العسر والحرج ومخالفة الاجماع فى العمل بالاحتياط واما الثانى فلانه لا يثبت عموم حجية الظنّ بالنسبة الى موارد الظن الا بالاجماع المركّب او انتفاء الترجيح وشيء منهما لا يتاتى فى الباب اما الاجماع المركب فواضح لوجود القول بالفصل بين الاصول والفروع اقلا بل المشهور نقلا التفصيل فى البين بل نقل الاجماع عليه واما انتفاء الترجيح فلان المسائل الاصولية اهم بالنّسبة الى المسائل الفرعية لابتناء الفروع على الاصول واما الثالث فتحرير الكلام فيه انه قد يتاتى الظن فى المسألة الاصولية ولا يتعدى الى المسألة الفرعية كما لو ظن بحجية الاستصحاب مع كون البقاء مشكوكا فيه فى المسألة الفرعية وعلى هذا المنوال الحال فى موارد القواعد التعبّدية وكذا الحال فيما دلّ على التخيير فى باب التّعادل وقد يكون الظنّ فى المسألة الفرعية على خلاف ما يقتضيه الظنّ فى المسألة الاصولية كما لو تعارض الظنّ بالطريق مع الظن بالواقع كما لو وقع التعارض بين خبر الواحد والشهرة مع كون الظنّ فى المسألة الفرعية فى جانب الشهرة فالنّسبة بين الظن فى الاصول والظنّ فى الفروع من باب العموم والخصوص من وجه لاجتماع الظنين فيما لو قام الظنّ المظنون الطريقة على حكم مظنون المطابقة مع الواقع وقد يكون الظنّ فى الاصول دون الفروع فيكون الحكم فى الفروع مشكوكا فيه كما فى الاستصحاب وتعارض الخبرين على وجه التعادل او مظنون الخلاف كما فى تعارض الظنّ بالطريق مع الظنّ بالواقع وقد يكون الظنّ فى الفروع دون الاصول كما لو قام الشهرة فى المسألة الفرعية فلو كان الفرض من الاستلزام استلزام الظنّ فى المسألة الاصولية للظن بالحكم الفرعى امّا واقعا كما هو الغالب او ظاهرا كما فى الاستصحاب مع الشك فى البقاء وغيره ممّا ذكر ففيه منع حجية اللازم اغنى الظنّ بالحكم الظاهرىّ الفرعى اذ الماخوذ فى دليل الانسداد انّما هو بقاء الاحكام الواقعيّة وهو لا يقتضى ازيد من الظنّ بالحكم الواقعى فلا يقتضى اعتبار الظنّ بالحكم الظاهرى اقول ان الاعتراضات المذكورة على الوجوه المسطورة محل الاعتراض امّا الاول فلانسداد باب العلم فى مباحث متعلقات الاحكام كالاوامر والنواهى والعموم والخصوص والاطلاق والتقيد والمنطوق والمفهوم وان كان الاظهر غلبة العلم فى باب تشخيص الموضوع له والمراد كما سيظهر إلّا ان يقال ان المقصود بالاصول هو المباحث المتعلقة بالبحث عن الادلّة الشرعية وباب العلم فيها مفتوح لقيام دليل الانسداد على اعتبار مطلق الظنّ دليلا على الاحكام الشرعية لكنّه مدفوع بعدم اختصاص الاصول بهذا المباحث المذكورة بلا شبهة ومن هذا ما تقدم عن جماعة من القول باعتبار الظنّ المتعلق بالمباحث المتعلقة بالالفاظ او يقال ان باب العلم مفتوح فى المباحث المشار اليها لقضاء دليل الانسداد بحجيّة الظنّ فيها قضية عمومه للظن بالحكم الفرعى ابتداء او من باب الاستلزام كما فى تلك المباحث لاستلزام الظنّ فيها للظن بالحكم الفرعى لكنه مدفوع بانه من باب المغالطة لان الغرض انسداد باب العلم بالواقع ودليل الانسداد يفيد العلم بحجيّة الظنّ بالواقع واين احد العلمين من الآخر ومع ذلك الظنّ بوجوب مقدمة الواجب والظنّ بحرمة الضدّ متعلق بالحكم الفرعى ابتداء ولا مجال للقول بعدم

__________________

(١) فى الاصول كما يثبت به اعتبار الظن

٢٥١

حجية الظنّ فيهما على القول بحجية الظنّ فى الفروع واما الثانى فلان الوجه المذكور فى مزية الاصول على الفروع مجرد استحسان لا يمانع عن عموم دليل الانسداد وبهذا ينقدح ضعف الاستدلال على عدم اعتبار الظنّ فى الاصول بلزوم ابتناء الظن على الظنّ اذ لو كان الظنّ حجة خصوصا او عموما فلا باس بابتناء الظنّ عليه واما الثالث فلعدم القول بالفصل بين ما لو كان الظنّ فى المسألة الاصولية مفيدا للظن بالحكم الفرعى وما لو كان الظنّ فى المسألة الاصولية مفيدا للظن بالحكم الفرعىّ ظاهرا وما لو قيل ان المسألة عقلية ولا يجدى فيها الاجماع المركب وعدم القول بالفصل يندفع بما تقدم الثانى ان الشهرة قائمة على عدم حجية الظنّ فى الاصول ونقل الاجماع عليه فلو كان الظنّ فى الاصول حجة يلزم البناء على عدم الحجيّة ويرد عليه اولا انه لا مجال للتمسّك بالوجه المذكور بناء على عدم حجية الظنّ فى الاصول ممن ينكر حجيّة الظنّ فى الاصول او لم يثبت عنده حجية الظنّ فى الاصول وثانيا ان الوجه الظنى المشار اليه يلزم من وجوده العدم فلا مجال التمسّك على عدم الحجيّة وثالثا ان الشهرة ونقل الاجماع لا وثوق بهما عندى غالبا ولا سيّما مع الاستناد من بعض بمدرك فاسد كما فى المقام ورابعا انه يحتمل ان يكون الشهرة والاجماع المنقول من باب عدم اعتبار مطلق الظنّ مطلقا اى لا فى الاصول ولا فى الفروع وقد يورد بان المسألة عقلية والشهرة ونقل الاجماع لا يفيد ان فيها الظنّ وبان حصول الظنّ بعدم الحجية مع تسليم دلالة دليل الانسداد على الحجيّة لا يجتمعان فتسليم دلالة دليل الانسداد يمنع عن حصول الظنّ ويندفع الاول بان كون المسألة عقلية لا يمانع عن حصول الظنّ من الشهرة ونقل الاجماع كيف لا ولو كانت الامر كذلك لما تحصل العلم من الاجماع فى المسائل العقلية وقد سبق تزييف القول به ويندفع الثانى بانه لا بد من تخصيص دليل الانسداد بالظنون التى قام الحجة فيها على عدم الحجيّة فلو كان الظنّ قائما على عدم حجية الظنّ لما يتاتى دليل الانسداد كيف لا ولو لا ما ذكرنا لما صح عنوان قيام الظنّ على عدم حجية الظنّ فى الفروع بناء على حجيّة مطلق الظنّ إلّا ان يقال انّه يتاتى بناء على تعميم دليل الانسداد للاصول والفروع او تخصيصه بالفروع والقول بحجية الظنّ فى الاصول من باب الاستلزام واما لو كان التمسّك به من باب تقرير دليل الانسداد على وجه يختص بالاصول فيتاتى التنافى بين دليل الانسداد والظنّ القائم على عدم حجية الظنّ فى الاصول من باب المباينة ولا مجال للظن بعدم الحجيّة بعد تسليم دليل الانسداد وربّما يقال ان القول بعدم حجية الظنّ فى اصول الفقه من باب اشتباه اصول الفقه باصول الدين وهو بعيد وتحقيق الحال ان يقال ان مسائل اصول الفقه على اقسام احدها المباحث المبحوث فيها عن اعتبار الادلة الشرعية كمباحث الكتاب وخبر الواحد والاجماع والحق عدم اعتبار الظنّ فى هذا القسم ولو كان الظنّ من باب ظواهر الكتاب اذ الدليل اما ان يكون قطعيا او ظنّيا اما على الاول وهو الاستدلال على حجية الاجماع بالكتاب بناء على كون حجية الاجماع من باب افادة القطع كما هو طريقة الخاصة فللزوم الدّور بناء على كون مدرك اعتبار ظواهر الالفاظ هو الاجماع مع ان الظنّ الدّال على الاعتبار ان كان مدرك اعتباره من باب القطع فلا حاجة فى اثبات القطع بالظن المبنى على القطع والا فالظن الدال على الاعتبار حال عن الاعتبار واما بناء على طريقة العامة فالمرجع فيه الى حجية الاجماع من باب التعبّد على ما يقتضيه بعض ادلتهم ومن باب افادة القطع على ما يقتضيه بعض ادلتهم اما على الثانى فالامر كما ذكروا امّا على الاول فانّ افاد الاجماع القطع فالامر فيه ايضا كما ذكر وان افاد الظنّ او افاد الشك فالامر كما ياتى فى باب الاستصحاب واما على الثانى فامّا ان يكون فى البين دليل عام يقتضى حجية كل من الظنّين اعنى الظنّ الدال على الاعتبار والظنّ المدلول على اعتباره أو لا فعلى الاول الدليل العام يكون مقتضيا للاعتبار ولا مجال للاستدلال على الاعتبار بالظن الدال عليه وعلى الثانى ان كان الدليل الخاص هو الظن المدلول على اعتباره يلزم الدّور وان كان دليل الخاص غير ذلك يلزم التّسلسل وبما ذكر يظهر ضعف الاستدلال على حجية الخبر الواحد بالآيات وان قلت ان ظاهر الكتاب من باب القدر المتيقن فى الحجيّة ولا باس بالاستدلال به قلت ان الحال لا يخلو فى الواقع عن الاحوال المذكورة بالاختلال فالحال لا يخلو عن الاختلال على اى حال لكن بقول انه لو

٢٥٢

تكثر الدليل الظنى الى ان تحصل العلم فيتاتى الحجيّة إلّا انه خارج عن العنوان اذ الكلام فى الظنّ فى الاصول وما ذكر من باب العلم فى الاصول ثانيها مباحث الالفاظ ولا اشكال فى جواز التمسّك بالظن فيها بناء على حجية الظنّ فى تشخيص الموضوع له وتشخيص المراد والمقصود بالافادة فلا باس بالتمسّك بالظن فى باب الحقيقة الشرعية وشبهها للوضع إلّا ان يقال انّ القدر الثابت مما دل على كفاية الظنّ فى باب الوضع انما هو الظنّ بالموضوع له لغة والتمسّك بالظن فى باب الحقيقة الشرعية للوضع الجديد لكنّه مدفوع بالقطع بعدم الفرق بين الوضع اللغوى والوضع الجديد وكذا الفرق بين اقسام الوضع ولا باس ايضا بالتمسّك بالظن فى بناء العام على الخاصّ مثلا هذا على القول بكفاية الظنّ فى كل من الموضوع له والمراد والمقصود بالافادة واما لو قيل بكفاية الظنّ بالموضوع له دون الظنّ بالمراد والمقصود بالافادة او بالعكس فيتاتى التفصيل فى المباحث المشار اليها على حسب التفصيل بالمشار اليه واما بناء على عدم حجية الظنّ بالموضوع له وكذا عدم حجية الظن بالمراد والمقصود بالافادة فيتاتى حجية الظنّ فى المقام من باب الاستلزام ثالثها مبحث وجوب المقدمة وحرمة الضدّ والاظهر انه يدخل فى التكاليف الفرعية فيتاتى حجية مطلق الظنّ فيه بناء على اعتبار مطلق الظنّ فى الفروع ولا اعتبار باختلاف الاسم رابعها باب الاستصحاب بناء على ابتنائه على اخبار اليقين والاظهر انه ان تحصل من الاستصحاب الظنّ بالحكم فيتاتى حجية من باب الاستلزام واما فى صورة عدم حصول الظنّ فيمكن القول بالحجية من باب عدم القول بالفصل الخامس فى الظن المستفاد من توثيقات اهل الرجال اقول انه يتاتى الكلام تارة فى ان توثيقات اهل الرّجال عن علم او عن ظن واخرى فى ان حجيتها لنا بناء على كونها عن علم بناء على اعتبار العلم فى الخبر او مطلقا بناء على عدم الاعتبار من باب حجية الشهادة او الخبر او الظن الاجتهادى وامّا دعوى كون حجيتها من باب حجية القطع كما جرى عليه المحدّث الحرفى خاتمة الوسائل فلا اعتداد بها وربما حكى عن الاكثر اعتبار العدالة فى المذكى وان لم يعتبرنا العدد وليس بشيء اما الاول فالظاهر ان مدار التوثيقات على الظنّ كما يرشد اليه ما ذكره السيّد السّند المحسن الكاظمى من ان الذى استقامت عليه طريقة اصحابنا على قديم الدهر كما يظهر من كتب الرّجال هو الاكتفاء فى الجرح والتزكية بالواحد خصوصا اذا كان من الاجلّاء وعن بعض الاواخر انّ الذى يستفاد من كلام النجاشى والشيخ وابن طاوس وغيرهم ان اعتقادهم فى الجرح والتعديل على الظنّ كما يظهر لمن تصفح كتبهم وقد يقال ان الظاهر من سيرة اهل الرجال ان مزكى الرّواة للطبقة اللاحقة غيره عالمين بتحقق العدالة فيمن زكوه بل ولا ظانين بظن العشرة ولو بحسن الظاهر وكذا الجارحون بل نعلم ان بناءهم فى كل منهما على الركون على اقوال من سلف منهم بل ربّما يعللون ترجيحاتهم صريحا بذلك انتهى والظهور المتقدم بالادعاء اقوى فى كلام بعض ارباب الرّجال كالعلامة فى الخلاصة وغيره حيث ان العلامة فى الخلاصة كثير الاخذ من كتاب النجاشى وغيره كما يرشد اليه ما ذكره الشهيد الثانى فى بعض تعليقات الخلاصة عند ترجمة عبد الله بن ميمون من ان الذى اعتبر بالاستقراء من طريقة العلامة فى الخلاصة ان ما يحكيه اولا من كتاب النجاشى ثم يعقبه بغيره ان اقتضى الحال وكذا ما ذكره عند ترجمة حجاج بن رفاعة من ان المعلوم من طريقة العلامة فى الخلاصة انه ينقل فى كتابه لفظ النجاشى فى جميع الابواب ويزيد عليه ما يقبل الزّيادة ومقتضى كلامه (١) فى ترجمة الحسين بن محمد بن الفضل بل ومع للعلّامة فى الخلاصة اشتباهات فى متابعة النجاشى وتفصيل تلك المراحل موكول الى الرّسالة المعمولة فى حال النجاشى وايضا ذكر الشهيد الثانى فى ترجمة ابراهيم بن محمد بن فارس ان الغالب من طريقة العلامة فى الخلاصة متابعة السّيّد جمال الدّين بن طاوس حتى شاركه فى كثير من الاوهام وايضا ذكر فى فواتح المشقى ان العلامة كثير المتابعة لسيّد بن طاوس بحيث يغلب على الظنّ انه لم يتجاوز كتابه وايضا ذكر السيّد السّند التفرشى فى ترجمة حذيفة بن منصور ان العلامة فى الخلاصة كثيرا ما وثق الرّجل بمحض توثيق النجاشى وان كان ضعفه ابن الغضائرى وعدّ جماعة وايضا ابن داود كثير الاخذ من العلامة حيث ان السيّد السّند التفرشى ذكر فى ترجمة حميد بن شعيب وعبد الله بن العلاء وبشر بن الرّبيع ان داب ابن داود الاخذ من العلامة من دون اظهار الماخذ ولا ينبغى التامل فى ابتناء التوثيق الصّادر من مثل الفاضل الأسترآبادي

__________________

(١) فى ترجمة عباس بن معروف البالغة فى متابعة الخلاصة لكتاب النجاشى ولعله مقتضى كلامه

٢٥٣

والسيّد السّند التفرشى على الظنّ بل قد يقال ان المعلوم من حال المتاخرين كالعلامة وابن داود وامثالهما بالاستقراء فى كلامهم ان بناءهم على الاعتماد على مجرد توثيقات السّلف بل نقول ان التوثيق لو كان مداره على افادة العلم بالملكة فالعلم بها لارباب الرجال محل الاشكال بل من المحال فى اغلب الاحوال بل عن العلامة فى موضع من المختلف والشهيد فى موضع من الذكرى دعوى استحالة العلم فى اصل باب العدالة وان جرى كلّ منهما فى موضعين آخرين نقلا على اعتبار العلم فى العدالة (١) هى الاجتناب المستمر كما هو المقصود بالقول بكون العدالة هى نفس الاجتناب وهو الاظهر كما حرّرناه فى محله نعم لو كان المدار على افادة الوثاقة بالمعنى اللغوى فيمكن حصول العلم بالوثاقة ولو تباعد من يوثق فى العصر عن عصر الموثق والاوجه ان يقال ان الظاهر ان التوثيق من قدماء ارباب الرجال كفضل بن شاذان وعلى بن الحسن بن فضال وابن عقده وغيرهم ممّن كان الظاهر ملاقاته مع الموثق او كان عصره مقاربا لعصر بحيث كان حصول العلم بالوثاقة لمن كان يرتكب التوثيق سهلا مبنى على العلم بناء على كون المقصود افادة الوثاقة بالمعنى اللغوى والا فاستكشاف العدالة بالعلم محل الاشكال ولو كان من يرتكب التوثيق يلاقى الموثق ولا اشكال فى الاشكال لو كان العدالة من باب الملكة بل على هذا المنوال الحال لو كان العدالة هى نفس الاجتناب كما سمعت وعلى ما ذكر يجرى ان كان التوثيق فى كلام غير القدماء من المتوسّطين والمتاخرين بالنّسبة الى من كان يعاصرهم او كان بعيدا عن عصرهم لكن كان وثاقته فى غاية القوة من جهة الاشتهار او غيره ولعل من هذا الباب الموثق بتكرار التوثيق اعنى ثقة ثقة كما اتفق كثيرا فى كلام النجاشى وضبطه ابن داود فى آخر رجاله حيث انه ظاهر فى العلم ولو كان الموثق بعيد العصر من عصر من يرتكب التوثيق بل كلما ازداد التاكيد يزداد ظهور استناد التوثيق الى العلم واما بالنسبة الى غيرهم فلا شبهة فى ان التوثيق فى كثير الموارد من كلام المتاخرين كالعلامة البهبهانى مبنى على الاجتهاد والاستدلال واما المتوسّطون فيمكن ان يكون مدار توثيقاتهم فيما لم يعلم كونه مبنيّا على توثيق بعض القدماء كما هو الغالب على العلم ويمكن ان يكون المدار على توثيقات القدماء او الاستنباط من القرائن الخارجة او على الشياع الموجب للظن بل قد سمعت دعوى ان الظاهر من سيرة اهل الرجال ان بناء مزكى الرّواة للطبقة اللاحقة فى التزكية على الركون الى اقوال من سلف منهم من دون علم ولا ظن بظن العشرة ولو بحسب حسن الظاهر والحاصل انه ان كان المقصود بالتزكية والتوثيق هو التعديل بالعدالة بالملكة فالعلم بالعدالة فى كمال الاشكال بل على هذا المنوال الحال لو كان المقصود بالعدالة نفس الاجتناب وان كان المقصود الوثاقة بالمعنى اللغوى فان كان من قدماء ارباب الرّجال فالظاهر كونه مبنيّا على العلم والا فيمكن ان يكون مبنيّا على العلم ويمكن ان يكون مبنيّا على توثيقات القدماء او الاستنباط او القرائن او الشياع الموجب للظن ففيه وجهان البناء على العلم والبناء على الظنّ وان كان من المتاخرين فان كان التوثيق ممن عاصرهم (٢) او بعد عن عصرهم لكن كان فى غاية الاشتهار بالوثاقة فالظاهر كونه مبنيا على العلم والا فالظاهر كونه مبنيّا على الظنّ وعلى منوال حال التوثيق حال الجرح فالظاهر من قولهم فلان ضعيف جدا هو العلم بالحال وان كان الفلان بعيد العصر بالنسبة الى المضعف وكلما ازداد تاكيد الضعف يزداد الظهور المذكور نظير ما مر فى تكرار التوثيق ثم ان نقل التوثيق والجرح كما عليه المدار فى النقد غالبا خارج عما نحن فيه حيث ان نقل التوثيق والجرح غير التوثيق والجرح وامّا التقرير المستفاد من نقل التوثيق والجرح والسّكوت عن التزييف فهو معلوم الماخذ فهو مبنى على الظنّ بلا شبهة الّا ان يكون التوثيق الى حد يوجب العلم واما الثانى فنقول ان التزكية غير داخلة فى باب الشهادة لان المدار فيها على القول والتزكية غالبا لا تخرج عن المكتوب بل الامر ليس من باب كتابة الشاهد بل المكتوب عن المكتوب بوسائط عديدة بل ربما يكون الامر من باب نقل المكتوب بوسائط عديدة بالمكتوب بوسائط عديدة مثلا ما صدر من التوثيق عن النجاشى ليس بخطه فيما بين ايدينا بل ما بين ايدينا مكتوب عن خطه بوسائط عديدة هذا لو كان التوثيق عن النجاشى مثلا دراية واما لو كان من باب الرّواية بان نقل النجاشى التوثيق عن غيره فى كتابة فالامر من باب نقل المكتوب بوسائط عديدة بالمكتوب بوسائط

__________________

(١) والظاهر ان الحال على هذا المنوال لو كان العدالة

(٢) او قارب عصرهم

٢٥٤

عديدة بل المدار فى الشهادة على العلم المستند الى الحسن والتزكية غالبا لا يخرج عن الظنّ إلّا انه انما يتم بناء على اعتبار الاستناد الى العلم فى الشهادة بل لا جدوى فى الدّخول اصلا اذ لو كان اعتبار التزكية من باب اعتبار الشهادة للزم عدالة المزكى ثمّ المزكى للمزكى وهكذا بتزكية عدلين فلا يعتبر من الاسانيد الا ما كان كل واحد من رجاله عدلا بتزكية عدلين ثبت عدالتهما ثم عدالة من زكاهما ومن زكى المزكى بتذكية عدلين وهذا امر غير ممكن الوجود بل اعتبار التزكية من باب اعتبار الشهادة مبنى على اطراد اعتبار الشهادة فى غير فصل الخصومات ولا سيّما بعد موت الشاهد فقد بان ضعف ما جرى عليه المحقق فى المعارج من كون اعتبار التزكية من باب الشهادة واختاره صاحب المعالم فى المنتفى ومن هذا تاسيسه اساس الصحى والصحر وجرى السيّد السّند التفرشى فى ترجمة احمد بن محمد بن يحيى العطار بل ترجمة الحسين بن الحسن بن أبان وصرّح به فى كشف اللثام نقلا وهى غير داخلة فى الخبر غالبا ايضا اذ المدار فيه على القول وهى لا تخرج عن المكتوب بوسائط عديدة كما سمعت بل الظاهر من ادلّة اعتباره على تقدير الدلالة انما هو ما كان مستندا الى العلم وان كان الخبر صادقا على ما كان مستندا الى الظنّ او المدار فى الخبر على الاستناد الى العلم على القول به والمدار فى التزكية على الظنّ غالبا بل لا جدوى فى الدخول فى الخبر لعدم تمامية ادلة اعتبار الخبر فلا يكون اعتبار الشهادة ولا اعتبار الخبر وافيا باعتبار التزكية لكن نقول ان فى المقام ظنونا الظنّ الناشى من تزكية الامامى العدل او الممدوح وغير الامامى العدل او الممدوح والظنّ الناشى من القرائن بل الظنّ الناشى من تزكية المجهول اذ لا منافاة بين جهالة الشخص وافادة تزكيته للظن والاول وان كان هو القدر المتيقن فى الاعتبار والكفاية بل طريقة الفقهاء الا من شذ مستقرة تحصيلا ونقلا على الاكتفاء حتى ان المحقق لم يجر فى الفقه على اعتبار تزكية العدلين وان بنى فى المعارج على تزكية العدلين كما مرّ بل لو لم يكن ذلك كافيا يلزم اهمال الفقه وانهدام الشريعة لكن مقتضى سيرة الاصحاب فى قبول مراسيل ابن ابى عمير واضرابه هو كفاية مطلق الظن اذ الظاهر ان السيرة المذكورة من جهة قضاء الاستقراء فى روايات ابن ابى عمير واضرابه بعدم الرواية الا عن ثقة وليس المتحصّل فى الباب غير الظنّ الناشى عن القرينة بل نقول ان مقتضى عموم حجية الظنّ فى نفس الاحكام حجية الظنّ فى المقام قضية الاستلزام ولو كان الظنّ فى المقام مستندا الى القرينة وان قلت انه ربّما يكون الحديث المظنون سندا مفيد الحكم تعبدى كاخبار الاستصحاب وحجية مطلق الظنّ انما هى بالنّسبة الى الاحكام الواقعية قلت لا فارق فى البين بل الفرق مقطوع العدم وقد تقدم نظير ذلك فى باب حجية الظنّ فى الاصول بل نقول ان العلم بالعدالة متعذر فى المقام ومقتضى الاجماعات المنقولة المتقدمة على قيام الظنّ مقام العلم عند التعذّر حجية الظنّ فى المقام حيث ان الغرض من الاجماعات المنقولة المذكورة اما دعوى الاجماع فيما علم بقاء الحكم فيه من الخارج او الغرض دعوى الاجماع على امرين بقاء التكليف فيما تعذر فيه العلم ولو لم يثبت البقاء من الخارج والاخير وان يتطرق اليه الكلام لكن المفروض فى المقام بقاء التكليف بحكم الضرورة بل نقول ان اعتبار العلم فى العدالة يستلزم التكليف بما لا يطاق لو ابتنى على العدالة حكم وجوبى بل يستلزم تعطيل حقوق الناس وتضييعها فى المرافعات بل يستلزم مشارقة الاحكام المشروطة بالعدالة على الاهمال بالكلية فالمعتبر فى اصل العدالة مطلقا هو الظنّ فيكفى الظنّ بالعدالة الناشى من التصحيح لو قلنا بان المدار فى التوثيق على الوثاقة بالمعنى اللغوى كما هو الاظهر كما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى ثقة لا العدالة بالمعنى المصطلح لوضوح كون المقصود بالتصحيح العدالة بالمعنى المصطلح على حسب الاصطلاح فى الصحة إلّا ان يمنع عن حصول الظنّ بالعدالة من التصحيح بناء على كون المدار فى التوثيق على الوثاقة بالمعنى اللغوى لابتناء التصحيح على التوثيق بثقة غالبا لكن نقول انه يمكن القول باعتبار الظنّ القوى الموجب للوثوق فى اصل العدالة وان اكتفى بتزكية العدل الواحد هنا بمقتضى الاجماع ولزوم اهمال الفقه بل بمطلق الظنّ بمقتضى ما سمعت من سيرة الاصحاب بل ما مر من الاجماعات المنقولة على قيام الظنّ مقام العلم عند التعذر وان امكن ادعاء انصرافه الى

٢٥٥

صورة قوة الظن لكنه ليس بشيء والوجه ان انسداد باب العلم بالعدالة وعدم جواز الرّجوع فى جميع موارد الجهل بها الى اصالة عدمها للزوم بطلان اكثر الحقوق وان يقتضى جواز الرّجوع الى الظنّ كما فى نظائرها من الموضوعات مع فرض ثبوت بقاء التكليف فيها مع انسداد باب العلم بها كما هو المفروض فى المقام الا ان غاية الامر جواز العمل بالظن فى الجملة فيجب الاقتصار على الظنّ القوى المعبر عنه بالوثوق والا من مع انه يمكن استفادة حجية هذه المرتبة من النّصوص مثل قوله عليه السّلم لا تصل الا خلف من تثق بدينه وامانته وقوله عليه السّلم اذا كنت خلف الامام تولاه وتثق به فانه يجزيك قراءته وقوله عليه السّلم اذا كان صاحبك ثقة ومعه ثقة فاشهد له على انه القدر المتيقن من جميع الاطلاقات الدالة على اعتبار حسن الظاهر وكذا الاطلاقات الدالة على كفاية ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق وان امكن القول بان مقتضى هذه الاطلاقات هو اعتبار مطلق الظنّ بناء على ان القدر المتيقن الخروج عن اطلاقها هو صورة عدم حصول الظنّ فيبقى الباقى بل هو مقتضى قوله عليه السّلم من صلى الخمس فى جماعة فظنوا به كل خير وفى رواية اخرى خيرا وفى رواية ثالثة واجيزوا شهادته إلّا انه يمكن القول بان الاطلاقات الدالة على اعتبار حسن الظاهر تنصرف الى صورة الوثوق ولو لم تنصرف اليه لا بد من تقييدها بما يدل على اعتبار الوثوق واما احتمال لزوم الاقتصار على القدر المتيقن اعنى المجمع عليه وهو الظنّ المتحصّل من المعاشرة او شهادة العدلين او الشياع فهو مدفوع بعدم ثبوت الاجماع اذ الظاهر من ارباب القول باعتبار العشرة او شهادة العدلين او الشياع هو اعتبار العلم ولا سيّما بعضهم كالعميدى بل هو صريح العلّامة نقلا فى موضع من المختلف والشهيد فى موضع من الذكرى نقلا الا ان العلّامة فى موضع آخر من المختلف حكم نقلا باستحالة العلم بالعدالة وكذا الشهيد فى موضع آخر من الذكرى نقلا كما مرّ وعن التحرير لتصريح بكفاية الظنّ المستند الى تاكد الصّحبة وكثرة الملازمة والمعاملة اى الاختيار بل نقول انه لو ثبت الاجماع على ما ذكر اى الظنّ الناشى من العشرة فلا فرق بينه وبين غيره مما يفيد الظن للقطع بعدم الفرق بين الظنّ الناشى من العشرة وغيره وربّما يظهر من العلامة المجلسى فى حاشية الخلاصة فى اوائل الكتاب التفصيل بين ما لو كان التزكية بصورة الاجتهاد بان كانت فى مقام ذكر الخلاف من المزكى فلا عبرة بها الرجوع القبول الى التقليد وما لو كان على سبيل الشهادة والاخبار كما لو لم يذكر المزكى خلافا فى المقام فيجب على المجتهد اعتباره والنظر فيه وفيما يعارضه ليستبين حال الرّجال ويترجح لديه الردّ او القبول اقول ان الظاهر بل بلا اشكال خروج القسم الاول عن مورد النزاع لعدم اندراجه فى الشهادة ولا الاخبار فالتفصيل فى غير المتنازع فيه وايضا جعله القسم الاخير من باب الشهادة والاخبار كما ترى لمنافاة الشهادة مع الاخبار وعدم مجيء الفحص عن المعارض والعمل بالراجح فى باب الشهادة هذا لو كان غرضه الفحص والعمل بالراجح وعلى هذا المنوال الحال لو كان غرضه البناء على الرجحان عند الاطلاع على المعارض وان يتاتى الترجيح فى تعارض البيّنتين فى الجملة إلّا انه مقصور على مقام خاص (١) لدليل خاص كما ذكره بعض اصحابنا بل قال بل لو رجح احدى البيّنتين على الاخرى بشهادة جماعة من الفسّاق لكان من منكرات الفقه تذييل انه لو قال الراوى سمعت عن بعض واظنه فلانا وكان الفلان معتبرا يتاتى اعتبار السّند لكفاية الظنّ فى السّند واما لو قال سمعت عن فلان عن فلان عن بعض واظنه فلانا وكان الفلان الثالث معتبرا فيتاتى اعتبار السند ايضا لكنه من باب كفاية الظنّ بالمراد كما ياتى ومن الاول ما اتفق فى اسانيد كما ياتى فى تفسير الراوى للواسطة المبهمة فى المرسل عند الكلام فى الظنّ بالدّلالة ونظير ذلك ما رويه فى الكافى فى نوادر الدواجن بالاسناد عن ابى المغراء عن سليمان بن خالد قال فيما اظن عن ابى عبد الله عليه السّلم اه وكذا ما رويه فى التهذيب فى باب مستحق الفطرة (٢) من اهل الولاية بالاسناد عن محمد بن عيسى قال حدثنى على بن بلال وارانى قد سمعت من على بن بلال قال كتبت اليه اه قوله ارانى على صيغة المجهول بمعنى اظن على ما ذكره السّيد الدّاماد فى بعض تعليقات الاستبصار قال وتصاريف هذا الباب كلّها على المجهول بمعنى الظنّ ومنه

__________________

(١) بمرجح خاص

(٢) واقل ما يعطيه وفى الاستبصار فى باب مستحق الفطرة

٢٥٦

حديث البر ترون بهم اى تظنون بهم برّا وخيرا وفى احاديث الدعاء أفتراك تعذبني وتهليلى لك انتهى ونظير ذلك قول الشّاعر

وتظن سلمى انى ابغى لها

بدلا اراها فى الضّلال تهيم

وقد حكى الفاضل الچلبى فى تعليقات شرح التلخيص عن الفاضل الكاشى ان اراها فعل مجهول من ارى يرى لكن يستعمل بمعنى الفعل المعروف وحقيقة ذلك انّ راى بمعنى ظن متعد الى مفعولين فاذن يصير متعدّيا الى ثلاثة ويكون معنى زيد ارى خالدا عمروا فاضلا انّ زيدا جعل خالدا ظانا عمروا فاضلا ويلزم هذا المعنى ظن خالد عمروا فاضلا وفى المصباح والذى اراه بالبناء للمفعول بمعنى الذى اذهب اليه وفى المجمع وفى الخبر انى لأراه مؤمنا بفتح الهمزة اى اعلمها وبضمها اى اظنه وقال الفاضل الرضى ويستعمل ارى الذى هو ما لم يسمّ فاعله من ارى عاملا عمل ظن الذى هو بمعناه ولم يستعمل بمعنى علم وان كان اريت بمعنى اعلمت اقول او علم يذكر كون الفعل من الرّأي بمعنى الظنّ مجهولا فى الاستعمال فى الصّحاح ولا فى القاموس ولا فى التوضيح ولا فى التصريح وما ذكره الفاضل الكاشى مردود بانه لا مجال لكون ارى فى الشعر من باب الافعال كما هو مقتضى صريح كلامه اذ الغرض الظنّ بضلالتها لا احداث الظنّ بالضّلالة فيها مع انه لو كان من باب الافعال لكان متعدّيا الى ثلاثة مفاعيل مع انه لا يتجاوز المفعول فى الشعر عن مفعولين اعنى الضمير وقوله تهيم اذ الجار والمجرور يتعلق بقوله تهيم وليس من باب المفعول وليس الضمير المستتر من باب النائب عن الفاعل وفى الضّلال بمنزلة المفعول لان المفروض على ما ذكره ان الفعل بمعنى المعلوم على ان ما ذكره لا يقتضى كون الفعل على صيغة المجهول لا فى الشعر ولا فيما ذكره من المثال مضافا الى انتقاض ما ذكره بالراى بمعنى العلم حيث انه لو كان ما ذكره مقتضيا لكون الفعل من الراى بمعنى الظنّ على صيغة المجهول يلزم كون الفعل من الراى بمعنى العلم على صيغة المجهول ايضا ومع هذا قد ذكر الراغب ان الراى فى يرونهم مثليهم راى العين بمعنى الظنّ على صيغة مع ان الفعل من باب المعلوم إلّا ان يقال انه لا باس بكون الراى فى ذلك بمعنى الرؤية بل هو مقتضى كلام البيضاوى وان قلت انه لو كان الراى بمعنى الظنّ فلا بدّ من كون الفعل على صيغة المجهول اذ ما يتحصّل للشخص من الاعتقاد يكون مظنونا من باب اسم المفعول كما فى المكروه حيث انّ الفعل فيه من باب المجهول قلت بعد انه لو كان الامر على ذلك للزوم ان يكون فعل الراى بمعنى العلم من باب المجهول ايضا اذ ما يتحصّل للشخص من الاعتقاد يكون معلوما من باب اسم المفعول ان المكروه لا مجال فيه لغير اسم المفعول لكن لا باس باطلاق الظان وكذا العالم كيف لا واطلاق كل منهما ولا سيّما الثانى كثير ثم ان فى دعاء كميل تارة أتراك معذبى بنارك بعد توحيدك واخرى افتراك سبحانك يا الهى وبحمدك وقد اعرب تراك فى كل من العبارتين فى بعض النسخ بالفتح بالسّواد وبالضمّ بالحمرة واعرب فى بعض النسخ بالسواد فى كل منهما واعرب فى بعض النسخ بالسواد بالفتح فى العبارة الاولى وبالضم فى العبارة الثانية لكن لا مجال للاعراب بالضم فى شيء من العبارتين بعد كون فعل الراى بمعنى الظنّ من باب المجهول اذ لا مجال لحمل الراى فى شيء منهما على الظنّ مع ان فى دعاء الصباح الهى أتراني اتيتك الا من حيث الآمال وترانى فيه بصيغة المعلوم مع ان الراى فيه متحد المفاد مع الراى فى العبارتين والتفكيك المذكور فى باب الاعراب ظاهر الفساد اذ لو كان الراى فى العبارة الثانية بمعنى الظنّ وكان فعل الراى بمعنى الظنّ من باب المجهول فلا بد من الاعراب بالضم فى العبارة الاولى ايضا كالعبارة الثانية وايضا ربما يتوهم ان قوله سبحانه ارانى اعصر خمرا مناف لكون فعل الراى بمعنى الظنّ من باب المجهول وهو واضح الفساد اذ الراى فى ذلك من باب الرؤيا السّادس انه قد اختلف فى حجية الظنّ فى الموضوعات من حيث التحصل مع العجز عن تحصيل العلم لكن الظنّ بالموضوع من حيث التحصل قد يفيد الظن بالحكم كما فى الظنّ بصدور القول او الفعل او التقرير حيث ان المرجع فيه الى الظنّ بالموضوع الا ان الظنّ بالموضوع يفيد الظنّ بالحكم وقد لا يفيد الظنّ بالموضوع من حيث التحصّل للظن بالحكم بل فى حال الظنّ بالموضوع من حيث التحصّل يتحصل الظنّ بالحكم بمقتضى دليل الحكم والكلام هنا انما هو فى القسم الثانى واما القسم الاول فهو خارج عن مورد الكلام كيف لا والكافل للقسم الاول البحث عن اصل العنوان اعنى البحث عن حجية مطلق الظنّ والظنون الخاصّة والبحث عن حجية خبر الواحد و

٢٥٧

هو معروف بحث عن بعض مصاديق القسم الاول وكيف كان فهم فى المقام على القول بطرفى النقيض فيظهر القول بالحجية مما حكى عن جماعة كالحلبى حيث انه حكم بثبوت النجاسة بكل ظن تعليلا بان مناط الشرعيّات الظنّ والمحقق فى المعتبر والعلامة حيث حكما بانه لو اخبر العدل عن علم بوقت ولا طريق له سواه بنى على خبره ولو كان له طريق لا يبنى لان الظنّ بدل العلم فيشترط عدم الطريق اليه وحكم الاخير ايضا بجواز الاعتماد على خبر الفاسق فى القبلة تمسّكا بان الظنّ يقوم مقام العلم فى العبادات والمحقق الثانى فى جامع المقاصد حيث حكم ببطلان كلام الحلبى وحكى فى الرّوض فى بحث وجوب غسل الميت على الكفاية نقلا عن العلامة وجماعة كفاية الظنّ الغالب فى الوجوب تعليلا بان العلم بان الغير يفعل كذا فى المستقبل ممتنع ولا تكليف به والممكن تحصيل الظنّ وبالغ المحقق القمى فى ترويج القول المشار اليه حيث جعل فى بحث الاجتهاد تارة الظاهر من كلام العلماء ان الشارع جعل الظاهر مناطا للحكم واخرى استظهر منهم ان الظاهر اصل من الاصول وثالثة جعله من القواعد المقتبسة من الادلة الشرعية ورابعة جعله ممّا اعتمد عليه الشارع قال وهذا باب مطرد فى الفقه لا ينكره الا من لا خبرة له بطريقتهم وخامسة ذكر ان تنبيهات الشارع فى الاخبار تفيد اعتباره وفى آخر باب الترجيح جعل حجية ممّا لا مناص عنه ومستفادة من تتبع الاخبار لكن اعتبر فى الغنائم العلم فى استفاضة رؤية الهلال واستدل بان الاصل حرمة العمل بالظن ولا دليل على اعتبار الظنّ الحاصل هنا قال ولا ينافى ذلك ما حققناه فى الاصول من ان مطلق ظن المجتهد حجة لابتنائه على الدليل العقلى الذى لا يقبل التخصيص لانّ ذلك انما ذكرناه فى نفس الاحكام الشرعية ومثل مباحث الالفاظ من متعلّقات الاحكام الوضعية الشرعية لكن الذى يكتفى فيه بالظن هو اثبات سببيّة السّبب وشرطية الشّرط ومانعية المانع لا وجود السّبب وتحققه فى الخارج وبما مرّ بان ما فيما ذكره الوالد الماجد ره فى تزييف كلام المحقق القمى فى باب الترجيح من ان القول باعتبار الظنّ فى الموضوع من حيث التحصّل لم يتفق من غيره ولا من نفسه فى غير هذا الموضع ومقتضى كلام جماعة اخرى القول بعدم الحجية فعن المختلف عند الكلام فى بعض الموضوعات انه لا يكتفى بمطلق الظنّ بل الظنّ المستند الى سبب ثبت اعتباره فى نظر الشارع وعن الرّوض فى البحث المتقدم الاشكال فيما تقدم من العلّامة وجماعة من التعليل بان العلم بان الغير يفعل كذا فى المستقبل ممتنع ولا تكليف به والممكن تحصيل الظنّ بان الظنّ انما يقوم مقام العلم مع النص عليه وقال ايضا لان لوجوب معلوم والمسقط مظنون والمعلوم لا يسقط بالمظنون وعن المشارق واما ابو الصّلاح فقد حكى عنه الاحتجاج بان الشرعيات كلّها ظنّية وضعفه ظاهر اذ لا نسلم ان الشرعيات كلها ظنية وان العمل بالظن انما يجب فى مواضع مخصوصة بدلائل خاصّة ولا دليل فيما نحن فيه فالتعدى منها اليه مجرد القياس ويقتضى القول بذلك ما صرّح به فى المسالك فى كتاب البيع والوصيّة والنكاح وكذا فى الرّوضة فى كتاب الحوالة والنكاح من ان الاصل يقدم على الظاهر الا فيما شذ وندر لكنّه فى كتاب اللقطة من الرّوضة قدم الظاهر وعلل بان مناط الشرعيات الظنّ وبغيره وربما ذكر الشهيد فى التمهيد فى تعارض الاصل والظاهر ان الظاهر ان كان حجة يجب قبوله شرعا كالشهادة والرواية والاخبار فهو مقدم على الاصل بغير اشكال وان لم يكن كذلك بل كان مستنده العرف والعادة الغالبة او القرائن او غلبة الظنّ او نحو ذلك فتارة يعمل بالاصل ولا يلتفت الى الظاهر وهو الاغلب وتارة يعمل بالظاهر ولا يلتفت الى الاصل وتارة يخرج فى المسألة خلاف وقد يورد عليه بان الظهور المستند الى العرف والعادة الغالبة مثلا ان كان حجة فلا مجال لتقديم الاصل عليه فلا مجال للخلاف فى الباب فضلا عن الاتفاق على تقديم الاصل وان لم يكن حجة كما هو المفروض فى كلامه فلا مجال لتقديمه على الاصل فلا مجال للخلاف فى الباب فضلا عن الاتفاق على التقديم على الاصل لكن نقول ان المأنوس بكلمات الفقهاء يعلم انه لا بعد فيه وان الوجه عدم اتفاق المسألة واستدل للقول بعدم الحجية بالاصل والعمومات الناهية عن العمل بالظن وظهور اتفاق من عد الحلبى عليه ألا ترى انّ الفقهاء اتفقوا على عدم ثبوتها لحقوق بشهادة الواحد والفساق والصّبيان مع ان الظنّ يحصل منها غالبا وأ لا ترى ان الفقهاء اختلفوا فى اعتبار علم الحاكم ولم يتعرضوا لظنه وأ لا ترى ان الفقهاء قد راعوا الظنّ بصدق المدعى فى باب اللوث

٢٥٨

بالقسامة لورود النص فيه ولم يراعوا ذلك فى غير اللوث فممّا ذكر يظهر اتفاقهم على عدم حجية الظن فى الموضوع الا ما خرج وخلو الرّوايات عن العبارة الى حجية الظن فى الموضوع مع توفّر الدّواعى ومسيس الحاجة اليه وغلبة عدم حجية ظنون قويّة فى موارد كثيرة وان اصالة حجية الظنّ تقتضى الهرج والمرج وفى الكل نظر اما الاول فلعدم اعتبار الاصالة العدم على الاقوم مع ان الكلام فى المقام فى اعتبار الظنّ اجتهادا فلا مجال للتمسك بالاصل إلّا ان يقال ان الكلام فى جواز العمل بالظن فى الموضوع من باب الاجتهاد او العمل لكن نقول ان التمسّك بالاصل فى المقام على ذلك من قبيل الاستدلال بالدليل الاخصّ من المدعى واما العمومات فيظهر الكلام فيها بما تقدم واما الثانى فلان غاية ما يتمشى به منه عدم اعتبار الظنّ فى مقام المرافعات فى حق الحاكم واين هذا مما نحن فيه اذ الكلام فى المقام فى اعتبار الظنّ فى الموضوعات الخارجيّة بالنسبة الى الاحكام العامة لعموم المكلفين فوظيفة الحاكم فى مقام المرافعة خارجة عن مورد الكلام لكن لا خفاء فى ان وظيفته العمل بالتعبديات وكيف وقد وقع الكلام فى اعتبار العلم فى حق الحاكم نعم مقتضى استدلال الشهيد الثانى فى المسالك على حجية الاستفاضة بان الظنّ الحاصل منها اقوى من ادنى مراتب البينة وان كان مساويا لاوسط مراتبها وقاصرا عن اعلى مراتبها وهو ما لو افادت العلم كون المدار على الظن كما ان مقتضى القول بكون اعتبار البينة والاقرار بشرط الظنّ كون المدار على التعبد بالظن الخاصّ لا التعبّد الصّرف واما الثالث فلما ياتى من قضاء الاستقراء فى الاخبار باصالة اعتبار الظنّ فى الموضوع واما الرابع فمرجعه الى ان الاستقراء فى الشريعة يقتضى بعدم اعتبار الظنون القوية فى الموضوعات ومقتضاه عدم اعتبار ما دون تلك الظنون من الظنّ فمقتضى الاستقراء ابتداء عدم اعتبار الظنون القوية وبالأخرة من باب الاولوية عدم اعتبار الظن فى الموضوع راسا لكنّك خبير بانه ان كان المقصود ثبوت عدم اعتبار الظنون القوية فى موارد كثيرة فيندفع بما ياتى من اقتضاء الاستقراء فى الاخبار اصالة اعتبار الظنّ فى الموضوع قضيته تقدم الدّراية على الرّواية وهى من القضايا المعروفة وان كان المقصود عدم ثبوت اعتبار الظنون القوية فى موارد كثيرة فلا يجدى فى المقصود اذ الكلام فى اعتبار الظنّ وعدمه اجتهادا فلا بدّ فيما يفيد عدم اعتبار الظنّ من الدلالة على عدم جواز العمل بالظن فى الموضوع نظير عدم جواز العمل بالظنّ المستفاد من القياس فى باب الاحكام إلّا ان يقال ان الكلام فى المقام فى الجواز وعدمه فى الجملة سواء كان عدم الجواز من باب عدم قيام الدليل على الاعتبار او قيام الدليل على عدم الاعتبار لكن نقول انه لا يساعد هذا المقال جعل العنوان فى الحجية اذ عدم الحجيّة لا يناسب عدم قيام الدليل على الاعتبار بل المناسب له قيام الدليل على عدم الاعتبار إلّا ان يقال انّ العنوان بالحجية لم يقع من الكلّ ولا باس بكون الكلام فى كلام بعض او الاكثر فى جواز العمل بالظن فى الموضوع وعدم الجواز وقد سمعت ان عدم الجواز اعم من عدم قيام الدليل على الجواز او قيام الدليل على عدم الجواز واما الخامس فلمنع استلزام حجية الظن فى المقام للهرج والمرج كيف وطريقة الناس على العمل بالظن فى امورهم ولا يلزم منه الهرج والمرج وان امكن القول كما ياتى بان طريقة الناس انما هى العمل بالظن بالنّسبة الى المستقبل لا الحال والماضى واستدل للقول بالحجية بوجوه احدها ان امر الاحكام اشد من امر الموضوعات والاهتمام بها اكثر وازيد ألا ترى ان الجاهل فى الاحكام غير معذور دون الموضوعات ولما كان مطلق الظنّ حجة فى الاحكام فيتاتى حجية فى الموضوعات بالاولوية اقول ان الاولوية ممنوعة اذ المصالح انما يكون منوطة بترتيب الاحكام على الموضوعات فكل من الحكم والموضوع بمنزلة جزء المركّب وان قلت ان الحكم من باب الجزء الاعظم كالرقبة بالنّسبة الى الانسان قلت لم يثبت الاعظمية بل كل من الحكم والموضوع بمنزلة الجزء المساوى للجزء الآخر واما الاستدلال على كون الاهتمام بالاحكام ازيد بحديث العذر فيمكن القدح فيه اولا بخفاء الوجه فلعلّ الوجه امر آخر غير شدة الاهتمام وثانيا باحتمال كون الوجه سهولة لتشخيص الموضوع دون الحكم وربما يعارض حديث العذر باعتبار خبر الواحد فى الاحكام دون الموضوعات لقيام الاجماع على عدم حجية شهادة العدل الواحد فى المرافعات والمحاكمات وانت خبير بان الكلام فى العمل بالظن فى الموضوعات بالنّسبة الى الاحكام العامة لعامة المكلفين فوظيفة الحاكم فى مقام المرافعة خارجة عن مورد

٢٥٩

الكلام كما مر وبعد هذا اقول ان المدار فى الاولوية على معرفة تشخيص علة الحكم فى الاصل ووجودها فى الفرع وكون اقتضاءها فى الفرع للحكم ازيد وعلة حجية مطلق الظنّ فى الاحكام انما هى انسداد باب العلم وبقاء التكليف وبطلان سائر الاحتمالات المتفرقة على غير العمل بالظن ولا خفاء فى عدم اطراد العلّة المذكورة فى باب الموضوع لجواز العمل بالاستصحاب او اصالة الحلية او اصالة الطهارة او اصالة صحة فعل المسلم او قاعدة الاشتغال إلّا ان يقال انه لا يلزم فى الاولوية تشخيص علة الحكم فى الاصل لامكان انفهام اولويّة الفرع بالحكم من الاصل عرفا مع عدم استنباط العلة ولو قيل انه لا محذور فى العمل بالاصل فى الموضوع فى موضع واحد والمحذور انما هو فى العمل بالاصل فى عموم الموضوعات كما ان محذور الخروج عن الدّين انما يلزم فى العمل بالاصل فى مجموع التكاليف لا البعض قلت انه لا محذور فى العمل بالاصل فى مجموع الموضوعات من خلاف الاجماع او الخروج عن الدين ولا محذور غيرهما ثانيهما انه لو لا جواز العمل بالظن فى الموضوعات فلا يخلو اما ان يعمل فيها بالاحتياط او يتوقف او يعمل فى كل مورد بمقتضى الاصل الذى يناسبه ففى صورة الظنّ بالنجاسة يعمل باصل الطهارة وهكذا اما الاولان فباطلان اجماعا مضافا الى ان الاول يؤدى الى العسر والحرج بل متعذر فى كثير من الموارد والثانى غير ممكن كما لا يخفى واما الثالث فيرد عليه ان تلك الاصول كلّها ظنية وليس العمل بها اولى من العمل بالظن الموضوعى النفس الامرى مثلا فيما كان مظنون النجاسة يكون الاصل فيه الطهارة ولكنه لا يفيد ازيد من الظنّ الحكمى لكن هاهنا تعلق الظنّ النفس الامرى بخلافه فقد اجتمع ظنان ظن بالطهارة الظاهرية وظن بالنجاسة النفس الامرية وليس العمل بالاول اولى ولو قيل ان المفروض ثبوت حجية الظن فى الاحكام وقد خرج عن تحت الاصل والعمومات الناهية من العمل بالظن بخلاف الظنّ الموضوعى فانه لا دليل على خروجه فتعيّن اتباع الظنّ الحكمى فى صورة التعارض قلت ان القدر الثّابت جريان تلك الاصول الجارية فى الموضوعات انما هو فيما لم يكن المظنون خلافها واما فيما ظن بخلافها فجريانها فى حيز المنع مثلا نقول ان الاستصحاب واصل البراءة واصل الطهارة ونحوها انما تجرى فى الموضوعات المشتبهة اذا لم يظن كونها من الصّنف الحرام او النجس ولو قيل ان تلك الاصول مرجعها الى الاخبار والروايات نحو لا تنقض اليقين بالشك وكل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه وكل ماء طاهر ولا يخفى انّها مطلقة بالنّسبة الى الظنّ وعدمه فان مفادها جريان تلك الاصول فيما لم يعلم خلافها سواء كانت هناك ظن أو لا وتعميم العلم للظن الثابت الحجيّة غير قادح لان حجية الظنّ الموضوعى غير ثابتة والاصل والعمومات تنفيها كما لا يخفى قلت ان تلك الاخبار مسلّمة لكن حجيّتها فى صورة الظن بالخلاف ممنوعة ومجرد اطلاقها غير مفيد لان الشأن فى اصل حجّيتها اقول ان محصول الوجه المذكور انه يتاتى التعارض فى صورة الظنّ بالموضوع بين الظنّ المستفاد من اطلاق مدارك الاصول الجارية فى موارد الظنّ الموضوعى والظنّ الموضوعى فيقع والتعارض بين الظنّ بالحكم والظنّ بالموضوع ولا ترجيح للثانى على الاول ويضعف بان غاية ما يقتضيه الوجه المذكور انما هى عدم العمل بالاصل ولا يقتضى العمل بالظن الموضوعى فلا مجال للاستدلال به على اعتبار الظنّ بالموضوع ومع هذا اقول انه ان كان الاصل من باب الاستصحاب او اصالة الطهارة او اصالة الحلية فلا مجال لتقديم الظنّ الموضوعى امّا الاستصحاب فلانه لا يجوز نقض اليقين بالشك ولا يجوز نقض اليقين إلّا بيقين مثله كما فى اخبار اليقين والظنّ لغة من الشك لان الشك لغة خلاف اليقين كما ان الظن ان ثبت اعتباره فهو فى حكم اليقين ويجوز نقض اليقين به وبه ينقطع الاستصحاب واما ان لم يثبت اعتباره كما فى المقام فلا يكون فى حكم اليقين ولا يجوز نقض اليقين به فالظن الموضوعى لا مجال لتقديمه على الاستصحاب واما قاعده الطهارة فلان مدركها المعروف هو الحديث المعروف كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر والظنّ ان ثبت اعتباره فهو فى حكم العلم والا فهو فى حكم الشكّ فلا يجوز تقديم الظنّ الموضوعى على اصالة الطهارة لفرض عدم ثبوت اعتباره فقد بان عدم جواز تقديمه على اصالة الحلية المدلول عليها بقوله عليه السّلم كل شيء لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه ثالثها ان بناء العقلاء وطريقتهم فى الامور المعاشية والدنيويّة على اتباع الظنّ عند الاشتباه فى الموضوعات فى صورة انسداد باب العلم بل الاطاعة الظاهريّة يتحقق بالعمل بالظن فى الموضوعات اقول ان مرجع الوجه المذكور الى التقرير بتقرير غير متعارف بتقريب انّ طباع الناس مستقرة فى امورهم العادية على القناعة بالظنّ

٢٦٠